الخبير اللبناني السياسي – الاقتصادي سامي نادر الاتجاه لـ«حرب مضبوطة الإيقاع» حتى الانتخابات الأمريكية لكن الحسابات الخاطئة ممكنة

حاورته: رلى موفّق
حجم الخط
0

لا يرى الخبير اللبناني السياسي – الاقتصادي د. سامي نادر أن توسُّع الحرب بين إسرائيل و«حزب الله» حتمي، بل هو مرتفع جداً. ويعزو ذلك إلى سببين رئيسيين: أولهما أن مساحة الاتفاق بين الطرفين غير موجودة، إذ تطلب إسرائيل تغيير «الستاتيكو» الذي كان قائماً قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر2023، فيما يريد «حزب الله» العودة إلى ما كان عليه الوضع في 6 تشرين الأول/أكتوبر، كما أن لا محاولة جدية لإدخال إيران في التسوية. وثانيهما أن الأكثرية الشعبية الإسرائيلية تريد الحرب، بعدما أصبحت هناك مشكلة وجودية في شمال إسرائيل، حيث إن عقيدة إسرائيل قامت على تأمين الأمن للمضطهدين من اليهود في العالم، وهذا تحوُّل لا يمكن أن تقبله، إضافة إلى تَحَكُّم اليمين المتطرف بالقرار بعدما أصبح بنيامين نتنياهو رهينته، وفي وضع يراهن على إطالة أمد الحرب بانتظار تغيُّر في الإدارة الأمريكية.
ويعتبر نادر، الذي يشغل منصب مدير معهد العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف في بيروت، أن الخيار الإسرائيلي قد يكون إبقاء الحرب مضبوطة الإيقاع إلى حين الانتخابات الأمريكية، لكن أي حسابات خاطئة أو حصول حدث ما قد يحوّلها إلى حرب شاملة. وتوقف عند المسيّرة التي اخترقت للمرة الأولى أجواء العاصمة الإسرائيلية لما يشكله هذا الحدث من نقطة تحوُّل في المعادلة، متوقعاً أن نشهد مزيداً من التصعيد في المرحلة المقبلة.
وفي قراءاته أن الجميع يجمع أوراقه؛ إيران تستعد للانخراط وتنتظر لترى مع أي رئيس أمريكي تريد أن تنخرط، فقد جاءت برئيس إصلاحي يُعبِّر عن سياسة الانفتاح على الجميع بما فيهم الولايات المتحدة الأمريكية. وهي تهدف إلى تصعيب، قدر الإمكان، أي قرار بضربة استباقية وامتصاص أي سياسة عدائية حيالها إذا جاء دونالد ترامب، والعودة إلى المفاوضات للتوصل إلى تسوية دبلوماسية في ما خص الاتفاق النووي وملفات أخرى إذا بقي جو بايدن.
يُعرب عن اعتقاده أن مقاربة بايدن – إن عاد – ستكون أكثر حضوراً بالنسبة لإيران ومحاولة للضغط على إسرائيل للذهاب باتجاه تسوية مستدامة في غزة، فيما لدى ترامب مقاربة مختلفة لم تتضح بعد، وليست بالضرورة الذهاب إلى حرب أو تصعيد. ويقول نادر إن ترامب هو رجل الصفقات. ويريد صفقة مع إيران ويحب أن تكون بطرق دبلوماسية ولكنه أيضاً لن يتردد باستخدام الضغط العسكري للوصول إلى مآربه وإلى صفقة تؤمن المصالح الأمريكية إنما لا تكون على حساب شركائه الاستراتيجيين كما فعل باراك أوباما. فترامب واضح في التزامه بالدفاع عن إسرائيل وواضح في علاقته مع دول الخليج.
ولفت إلى اعتماد «حزب الله» ثنائية تكتيكية مع الدولة اللبنانية حين يصل الأمر إلى المفاوضات ليبقى لديه هامش من المناورة يسمح لـ«الحزب» أن يفاوض من دون أن يلتزم. ورأى أن الوضع سيبقى على حاله من الجمود لأن «حزب الله» لن يقدّم ورقة انتخاب رئيس الجمهورية من دون ثمن. وموازين القوى لا تسمح له بفرض رئيس يكرّس نفوذه، فيما المعارضة اللبنانية مشتتة وغير قادرة على كسر «الستاتيكو»، ما يدفع إلى الاستنتاج أن الرئيس لن يصل إلا من خلال تسوية خارجية كما حصل في العام 2008.
ويتخوف نادر من أن يتم إدراج لبنان على «اللائحة الرمادية»، ذلك أن بقاء الوضع في لبنان كما هو من دون الإصلاح المصرفي ومع تنامي الاقتصاد غير النظامي (الاقتصاد الأسود) هو أمر لن تقبل به الولايات المتحدة والدول الأوروبية، لأنه يُشكّل منصة لتبيض الأموال، مشيراً إلى أن لبنان لا يمكنه أن يتحمل إدراجه على «اللائحة السوداء» وسيتلقى الاقتصاد النظامي ضربة قوية.
وهنا نص الحوار:
○ ثمّة مَن يعتبر أن السؤال المطروح ليس ما إذا كانت الحرب على الجبهة الشمالية الإسرائيلية – الجنوبية اللبنانية ستتوسع إنما متى؟ بعد شهر، بعد سنة، بعد خمس سنوات؟ هل برأيك أن حرباً بين إسرائيل و«حزب الله» باتت حتمية؟ وإذا كان كذلك، ففي أي ظرف؟
• لا أقول إن الحرب باتت حتمية، إنما ممكنة جداً. هي غير حتمية، لأنه يمكن على المستوى النظري أن يصل الطرفان إلى تسوية، تماماً كما وصلوا إلى تسوية في ما خص ترسيم الحدود البحرية اللبنانية – الإسرائيلية، وهناك أمثلة أخرى. الترسيم البحري هو اتفاق دبلوماسي كان يمكن أن يكون مستحيلاً لكنه حصل. بناءً على الماضي البعيد والقريب هناك تسويات بين الطرفين حصلت لتلافي المواجهة. ولكن احتمال اندلاع الحرب هذه المرة مرتفع جداً، رغم أن أحد من الأطراف لا يريدها، أقله الولايات المتحدة وهي لاعب وازن، وإيران وهي لاعب وازن أيضاً ومن خلفها «حزب الله». ويعود احتمال الحرب إلى سببين: الأول، هو أن مساحة الاتفاق أو التفاهم غير موجودة، ما يطلبه كل من الطرفين (إسرائيل وحزب الله) بعيد كل البعد عن بعضهما البعض. من جهة تطلب إسرائيل تغيير قواعد الاشتباك و«الستاتيكو» الذي كان قائما قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر، ومن جهة ثانية، يريد «حزب الله» العودة إلى ما كان عليه الوضع في 6 تشرين الأول/أكتوبر. وإضافة إلى ذلك، ليس هناك محاولة جدية حتى الساعة لإدخال إيران في التسوية. وكان ملفتاً أن إيران رفضت مقترح الرئيس الأمريكي جو بايدن حول وقف إطلاق النار في غزة بعد إعلانه مباشرة، ما يؤشر على أنها لم تكن منخرطة في المفاوضات وشريكة في إنجاز هذا الاتفاق، على عكس مصر والمملكة العربية السعودية وقطر الذين كانوا في جو المفاوضات. أما السبب الثاني لارتفاع منسوب الحرب، فهو مرتبط بالطرف الإسرائيلي، إذ هناك أكثرية شعبية إسرائيلية تريد الحرب وتعتبر أن المشكلة في الشمال لا تُحل بالطرق السلمية التي سبق أن جُـرّبت من قبل. وكذلك أصبحت هناك مشكلة وجودية في شمال إسرائيل، فعدا عن الهزيمة الاستراتيجية الإسرائيلية بمعنى أن المنطقة العازلة التي كانوا يريدون تثبيتها في جنوب لبنان أضحت عملياً في شمال إسرائيل، فإن إسرائيل التي قامت على عقيدة تأمين الأمن للمضطهدين اليهود في العالم، لا يمكنها أن تبقى مكتوفة أمام هكذا تحوُّل. هذا فضلًا عن تَحَكّم اليمين المتطرف بالقرار الإسرائيلي بعدما أصبح بنيامين نتنياهو رهينته، وفي وضع يعمل فيه على إطالة أمد الحرب ويراهن على تغيُّر في الإدارة الأمريكية. قد يكون الخيار الإسرائيلي في هذه المرحلة هو إبقاء الحرب منخفضة السقف وعلى ضوئها يمكن مقاربة الملف الإيراني ككل، وهذا يدخل فيه من موضوع «حماس» و«حزب الله» والملف النووي. لكن حتى في حرب مضبوطة الإيقاع، لا أحد يمكنه معرفة كيف تتوسع وما يمكن أن يحصل من حسابات خاطئة أو حصول حدث ما قد يحوّلها حرب شاملة.
○ هل استهداف الحوثي تل أبيب بمسيّرة يمكن اعتباره حدثاً أم خطوة تصعيدية غير محسوبة؟
• المسيّرة التي خرقت الأجواء الإسرائيلية من دون اعتراضها هي خطوة تصعيدية كبيرة غير مسبوقة. صحيح أنها ليست المرة الأولى التي تخرق فيها مسيّرة الأجواء الإسرائيلية، لكنها المرة الأولى التي تصل فيها مسيّرة إلى العاصمة تل أبيب. وهذا الخرق غني بالدلالات، وقد نشهد مزيداً من التصعيد في المرحلة المقبلة لما يُشكّل نقطة تحوُّل في المعادلة.
○ «حزب الله» يُعلن أنه يربط وقف جبهة الجنوب بوقف الحرب في غزة، هل العودة إلى تنفيذ القرار 1701 يمكن أن يكون هذه المساحة المشتركة إذا توقفت الحرب، أم أن الأمر مرتبط بمصالح إيران وبوجودها على الطاولة؟
• تكمن المسألة في الجزئية الأخيرة من السؤال، أي ما إذا كانت إيران على الطاولة أم لا؟ حتى الآن لم يأتِ أحد ليتكلم معها. لذا أقول إن مساحة الاتفاق غير موجودة. كان هناك رهان من الطرف الأمريكي وربما الفرنسي، وهو ما كان يحاول المبعوث الأمريكي آموس هوكستين الحصول على إجابة عنه: هل إذا انتقلت إسرائيل في غزة من المرحلة الأولى المتمثلة بالعمليات العسكرية الكبرى التي انتهت إلى المرحلة الثانية وهي العمليات المضبوطة والمستهدِفة، يمكن عندها أن يُعطي ذلك تبريراً لحزب الله لوقف جبهة الجنوب؟ ولكن اتضح أن المرحلة الثانية لا تقل دموية عن المرحلة الأولى، والأهم أن إيران غير منخرطة في المفاوضات. الحديث عن القرار 1701 هو للإخراج، إنما علينا اليوم أن نرى من هم اللاعبون على الطاولة وما هي شروطهم.
○ ماذا قصد الأمين العام لـ«حزب الله» عندما قال إن الدولة اللبنانية هي المعنية بالتفاوض بعد وقف إطلاق النار؟
• حزب الله لا يريد أن يأخذ أي التزام على عاتقه، عندما تكون الدولة هي الجهة التي تفاوض، فهذا يعطيه هامشاً من المناورة، تماماً كما حصل في القرار 1701، حيث فاوضت الدولة والتزمت، وعندما تصل إلى التطبيق، لا يكون لديه التزام مباشر. وبالتالي، إذا كان هناك إخفاق، فالدولة تتحمله، ويبقى هو على هامش من المناورة. هذه الثنائية التكتيكية أو حتى الاستراتيجية تسمح لـ«الحزب» بأن يفاوض من دون أن يلتزم.
○ لماذا ليس هناك قبول لانخراط إيران في المفاوضات وليست موجودة على الطاولة ما دامت مؤثرة ولاعباً، مع الإشارة إلى أن ثمة مَن يعتبر أن سياسة التخادم بين أمريكا وإيران لم تتوقف يوماً، كما لم تتوقف سياسة الأبواب الخلفية؟
• إيران تستعد للانخراط وتنتظر لترى مع أي رئيس أمريكي تريد أن تنخرط. لا يمكن القيام بشيء الآن. الرئيس الحالي جو بايدن لا يستطيع إجراء أي اتفاق مع إيران لأن ذلك يلقى اعتراضاً في الداخل الأمريكي، وإيران لن تأخذ مخاطرة وتُقدم على أي اتفاق قبل 3 أشهر من الانتخابات الأمريكية، وقد تأتي نتائج الانتخابات وتطيح به. إيران جمعت أوراقها وتنتظر. إذا نظرنا إلى المستوى المصغّر، فإن الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل تم تمريره قبل أن يأتي نتنياهو إلى رئاسة الوزراء. واليوم تُحضِّر إيران نفسها قبل أن يصل الرئيس الأمريكي المقبل. جاءت برئيس إصلاحي يُعبِّر عن سياسة الانفتاح على الجميع بما فيهم الولايات المتحدة الأمريكية. وهي تهدف إلى تصعيب، قدر الإمكان، أي قرار بضربة استباقية واحتواء أي سياسة عدائية حيالها إذا جاء ترامب، والعودة إلى المفاوضات للتوصل إلى تسوية دبلوماسية في ما خص الاتفاق النووي وملفات أخرى إذا جاء بايدن.
○ سياسة الانتظار تنطبق أيضاً على الأطراف الأخرى، لماذا يعطي نتنياهو إنجازاً لرئيس قد يغادر البيت الأبيض بعد أشهر… هذا يعني أن الأمر مرتبط بالتوقيت غير الملائم وليس لأن لا مكان لإيران على الطاولة؟
• صحيح، التوقيت غير ملائم. في فترة الانتخابات لا يمكن فعل شيء. الآن تعيش السياسة في الشرق الأوسط على وقع الانتخابات الأمريكية وما يمكن فعله في أول سنتين أو ثلاث سنوات من مجيء الرئيس وهي فترة سماح قبل دخول أمريكا مجدداً في فترة الانتخابات، إما لتجديد ولاية جديدة أو وصول رئيس جديد. وبالتالي، آخر سنة من كل ولاية تصبح الأمور شبه جامدة باستثناء بعض الإنجازات التي توظّف في الحملات الانتخابية. في ما خص غزة، نرى أنّ هناك اليوم سعياً لوقف إطلاق النار. أما الذهاب في اتجاه تسوية على غرار وبحجم توقيع الاتفاق النووي 2015، أو قمة مدريد للسلام 1991، أو انطلاق الاعتراف الأحادي بدولة فلسطينية، فهذا أمر مُرحَّل إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية. أعتقد أنه إذا جاء بايدن، فسنرى مقاربة أكثر حضوراً بالنسبة لإيران ومحاولة للضغط على إسرائيل من أجل تسوية مستدامة في غزة رأينا ملامحها. أما إذا وصل ترامب، فسنرى مقاربة مختلفة لم تتضح معالمها بعد، وليس بالضرورة الذهاب إلى حرب أو تصعيد.
○ هناك من منظري المحور مَن يعتقد أن ترامب بنسخته الثانية قد لا يكون يشبه ترامب بنسخته الأولى، ولا سيما بالنسبة للعلاقة مع إيران؟
• هم يحبّون أن يفكّروا هكذا. ترامب هو رجل الصفقات. يريد صفقة مع إيران ويحب أن تكون بطرق دبلوماسية، ولكنه أيضاً لن يتردد باستخدام الضغط العسكري للوصول إلى مآربه، وفي هذا الإطار تصفية قاسم سليماني (قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني). لم يأتِ على خلفية أنه مجنون حرب بل على خلفية القيام بضغط مخابراتي وعسكري من أجل الضغط على إيران التي كانت مستمرة بمشروعها التوسعي في المنطقة على حساب المصالح الأمريكية وشركاء أمريكا في المنطقة سواء دول الخليج أو إسرائيل. غير أن ذلك لا يمنع أنه رجل صفقات يصل إلى مآربه من خلال صفقة، ولكن صفقة تؤمن المصالح الأمريكية، إنما لا تكون على حساب شركائه الاستراتيجيين كما فعل باراك أوباما، وهذه نقطة مهمة، فترامب واضح في التزامه بالدفاع عن إسرائيل وواضح في علاقته مع دول الخليج.
○ قلت في سياق الحديث إن أحد الخيارات قد يكون الذهاب إلى حرب مضبوطة بانتظار طرح الملف الإيراني ككل مع سيد البيت الأبيض المقبل، هذا يعني مقاربة ملفات المنطقة، كيف يمكن أن تكون صورة المنطقة عندها وموازين القوى التي تحكمها؟
• من الصعب التكهن كيف ستكون عليه صورة المنطقة لأن المعركة لم تنتهِ بعد، ولا نعلم مَن سينجو من اللاعبين، ومن سيجلس إلى طاولة المفاوضات. لا نعلم بعد ما إذا كان نتنياهو سينجو ويبقى خلف طاولة المفاوضات، وهل يستطيع أن يتغلب على كل العقبات في الداخل؟ وهل يمكن أن تحصل مفاوضات قبل الانتخابات الإسرائيلية وما سينتج عن تلك الانتخابات؟ نتنياهو يمكنه أن يربح وقتاً عبر الاستمرار بالحرب. لا يمكنه أن يستمر هكذا. ستكون هناك معركة إنتاج للسلطة عبر الانتخابات.
○ في 28 تموز/يوليو، هناك عطلة 3 أشهر للكنيست، وهذا يعطي نتنياهو مساحة من المناورة وستكون لديه فترة استراحة داخلياً، وبعد 28 تشرين الأول/أكتوبر بأيام ستجري الانتخابات الأمريكية وقد ندخل مرحلة جديدة بالكامل، كما أن نتنياهو ذاهب لإلقاء كلمة في الكونغرس في 24 تموز/يوليو، هل يمكن أن نراه أكثر تصميماً على المضي في الحرب؟
• نتنياهو يجمع أوراقه من أجل أن ينجو على المستوى السياسي في إسرائيل، ومن أجل أن يكون هو مَن يفاوض عن الجانب الإسرائيلي. سيراكم عناصر إضافية إذا كان قادراً على أن يُعيد الرهائن، أو أن يُعيد أبناء المستوطنات إلى الشمال أو أن يُوجّه ضربة موجعة لـ«حزب الله».
على كل، شكْل المنطقة يتطلب الانتظار لنرى مَن سيصل في أمريكا، ومَن سيكون في إسرائيل، ومَن سيمثل الفلسطينيين، هل هي حماس؟!
○ لا تتوقع أن تبقى حماس جزءاً من السلطة في غزة أو لا نعلم بعد ما إذا كانت ستكون جزءاً منها؟
• من الصعب أن تبقى حركة حماس في السلطة. في العرض الأخير الذي وافقت عليه حماس، من الواضح أن هناك قوى لن تكون مستلمة السلطة، وهناك نوع من القبول الضمني لدى حماس بأن لا يكون لها دور في إدارة السلطة الفلسطينية. هل هذا قرار تكتيكي كي تتحول إلى حرب عصابات؟ ربما. أيضاً، لا نعرف مَن سيكون عربياً من داعمي حماس، حتى هناك علامات استفهام بالنسبة لإيران إذا كانت ستبقى على نفس المستوى من الدعم. مجيء بزشكيان مؤشر على تحسين أوراقها بمنطق الدفاع وامتصاص الأزمات وليس منطق الهجوم.
○ كيف قرأت تسريب «سي إن إن» أن واشنطن تلقت معلومات استخباراتية عن مؤامرة إيرانية لاغتيال ترامب، وليس المقصود هنا محاولة الاغتيال التي تعرَّض لها في بنسلفانيا؟
• يمكن قراءاتها على أوجه عدة، لكني لا أرى أن طهران قادرة على القيام بمثل هكذا عمل، ولا سيما اليوم بعدما أصبحت الأعين على ترامب. على كل، كانت هناك ضغوط على إدارة بايدن لزيادة الحماية على ترامب نظراً إلى وجود هكذا معلومات استخبارية، لكن الإدارة كانت ترفض، واليوم تعدّل موقفها بعد محاولة الاغتيال.
○ كيف يمكن أن تكون عليه حرب أوكرانيا مع الرئيس الأمريكي، وهل تنتهي الحربان (حرب أوكرانيا في أوروبا وحرب غزة في الشرق الأوسط) سوياً؟
• هناك مساران مختلفان لكل من حرب أوكرانيا وحرب غزة. قد يحاول ترامب، إذا جرى انتخابه، التوصل إلى تسوية في حرب أوكرانيا وقد يوظفها لصالحه، ويمكن أن يجاريه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن يوقف الحرب حيث هو موجود اليوم، وأن يقول لمجتمعه بأن الحرب لم تكن من دون فائدة، وقد اقتطعنا بعض الأقاليم من أوكرانيا وكذلك القرم. وترامب يمكنه أن يضغط على الأوروبيين، وقد يلقى آذاناً صاغية بأن الحرب كلّفت الكثير على المستويين الأمني والاقتصادي، وأن الوقت قد لا يكون لصالحنا، وقد تذهب الحرب باتجاه حرب استنزاف تُفيد بوتين أكثر مما تفيدنا. هنا يوجد هامش لتسوية دبلوماسية.
بالنسبة لروسيا ودورها، من الملفت التحييد الذي حصل لسوريا خلال حرب غزة بمباركة ودعم روسيين. هذا التحييد هو جزء من العلاقة الروسية – الخليجية والروسية – العربية. ليس هناك صفقة نهائية إنما هناك «اتفاق جنتلمان». وقد شهدنا أن روسيا اتخذت مسافة من سياسات واستراتيجية «حزب الله» في سوريا.
○ هل الوضع القائم اليوم سياسياً في لبنان باق على حالة ستاتيكو؟
• الوضع سيبقى على حاله من الجمود لأن «حزب الله» لن يقدِّم ورقة انتخاب رئيس الجمهورية من دون ثمن. موازين القوى لا تسمح له بفرض رئيس يُكرِّس نفوذه، بل تسمح له بعرقلة الإتيان برئيس. «حزب الله» فقد الأكثرية التي كانت لديه بين 2018 – 2022 والمعارضة اللبنانية مشتتة وغير قادرة على كسر «الستاتيكو» وتغيير موازين القوى. بالتالي هذا سيدفعنا إلى استنتاج أن الرئيس يفترض أن يصل من خلال تسوية خارجية كما حصل في 2008 مع انتخاب ميشال سليمان رئيساً. حين جرى انتخاب الرئيس ميشال عون في 2016، كانت تمريرة داخلية قبل أن يصل ترامب إلى الرئاسة الأمريكية.
○ لماذا لا نتوقع تكرار نفس السيناريو قبيل الانتخابات الأمريكية والتي يمكن أن يصل فيها ترامب مجدداً؟
• الوضع مختلف اليوم. هناك حرب غزة، وإيران لا تجلس إلى الطاولة، و«حزب الله» ليس لديه أكثرية، وغير قادر على إجراء صفقة مع سعد الحريري.
○ يمكن أيضاً القول إن «حزب الله» ينتظر لأن لبنان ورقة من أوراق القوة بيد إيران ولم يأتِ أوانها أو تريد ثمنها…
• صحيح، ممكن أن يكون ثمنها إحياء الاتفاق النووي.
○ هل هناك مخاوف على لبنان اقتصادياً أم أننا في حالة جمود؟
• المخاوف من أن يتم إدراج لبنان على اللائحة الرمادية. نحن حصلنا على فترة سماح لمعالجة الثغرات في النظام المالي والمصرفي. وهو أمر لم يحصل. ما أعتقده أن بقاء الوضع في لبنان كما هو من دون الإصلاح المصرفي ومع تنامي الاقتصاد غير النظامي (الاقتصاد الأسود) هو أمر لن تقبل به الولايات المتحدة والدول الأوروبية، لأنه يُشكّل منصة لتبييض الأموال. وإذا أصبح لبنان على اللائحة الرمادية، فهذا سيؤثر على كثير من القطاعات وإلى زيادة صعوبة عمل المصارف المراسلة مع المصارف اللبنانية. ولبنان لا يستطيع أن يتحمّل هكذا وضع، ذلك أن الاقتصاد النظامي سيتلقى ضربة وسيتنامى أكثر الاقتصاد غير النظامي. الاقتصاد النظامي هو الذي يخلق الوظائف ويجذب إليه أصحاب الأدمغة والمعرفة، وهو الذي يُموِّل المالية العامة عبر دفع الضرائب، وسيشكل ضربة للعمال، حيث إن الاقتصاد غير النظامي لا يؤمن أي من أنواع التغطية الاجتماعية والصحية.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية