بورسودان ـ «القدس العربي»: أعربت الخارجية السودانية، الجمعة، عن تطلعها بشأن إيجاد مجلس الأمن الدولي مخرجا يعالج أزمة سد «النهضة» الإثيوبي, وفيما تحشد أديس أبابا قواتها على الحدود بين البلدين، أكد مصدر عسكري سوداني أن «هذه الحشود خاصة بالنزاع الداخلي في إثيوبيا وربما لمنع جبهة تحرير تيغراي من السيطرة على الحمرا الحدودية مع السودان».
وتبعاً لبيان لوزارة الخارجية السودانية، عقب عودة الوزيرة مريم المهدي من زيارة إلى روسيا بحثت خلالها أزمة السد، فإن السودان يأمل بأن يصل مجلس الأمن إلى مخرج خلال الأيام المقبلة، يعزز الاجتماع ويعالج الموضوعات المتعلقة بشواغل الخرطوم.
وأوضح أن «انعقاد اجتماع في مجلس الأمن يعد انتصارا للسودان من حيث الاعتراف بوجود قضية تستحق المناقشة، والنأي عن الخطوات الأحادية أو القيام بأي أعمال من شأنھا تقويض عملية التفاوض».
«ليست قضية مياه»
ووفق البيان «شارك وفد سوداني في اجتماع مجلس الأمن حول التطورات الأخیرة لملف سد النھضة الإثیوبي، الذي انعقد في نیویورك في الثامن من یولیو/ تموز الجاري، والذي جاء استجابة للطلب الذي تقدم به السودان ودعمته جمھوریة مصر العربية. وأجرى الوفد لقاءات مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن، بما في ذلك فرنسا، رئیسة المجلس، حیث شرح باستفاضة، موقف السودان من تطورات الملف وأوضح الأسباب التي تقف خلف إعادة المسألة إلى المجلس مرة أخرى، كما بيّن الوفد أن ھذه المسألة لیست قضیة میاه ولا قضیة تدویل، وطلب دعم موقف السودان، استناداً إلى الدور الوقائي للمجلس في حفظ الأمن والسلم والاستقرار في الإقلیم».
وحسب البيان، التقت مريم الصادق المهدي «بالأمین العام وتحدثت معه في عدة قضایا تھم السودان في الأمم المتحدة، كما شرحت له موقف السودان في مسألة سد النھضة وطالبته بلعب دور أكبر في المسألة».
وزاد البيان: «فیما یتعلق باجتماع المجلس، دعا الاجتماع الأطراف الثلاثة إلى استئناف التفاوض تحت مظلة الاتحاد الأفریقي، بغرض الوصول لاتفاق خلال إطار زمني محدد، كما دعا إلى ضرورة النأي عن الخطوات الأحادیة أو القیام بأي أعمال أو تصریحات من شأنھا تقویض عملیة التفاوض. وھذه العناصر ھي العناصر ذاتها التي تضمنھا خطاب السودان في الجلسة، وبذلك فإن المجلس قد دعم موقف السودان».
وأوضحت «جدد السودان بأنه لا یعترض على حق إثیوبیا في استغلال مورد النیل الأزرق، إنما یدعو فقط لأن یكون ذلك في إطار اتفاق ُیمكن إثیوبیا من الاستفادة من سد النھضة ويجنب السودان مضاره عند الملء والتشغیل».
زيارة روسيا
وعن نتائج زيارة مريم الصادق المهدي إلى روسيا، قالت الخارجية «لقد غطت هذه الزيارة جميع مجالات التعاون الثنائي، وأكدت من خلال نشاطاتها المتنوعة منهج السودان الكلي في التعاطي مع روسيا وحرصه على أن يشمل ويغطي التعاون كل المجالات بما يخدم المصالح العليا لشعبي البلدين الصديقين».
مصدر سوداني: التحشيد العسكري على حدودنا مرتبط بالصراع في إثيوبيا
وأضافت «وضعت الزيارة الإطار السياسي الصحيح لتعزيز العلاقات بتأكيد رغبة الطرفين في أن يتم تطوير التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية فضلا عن التعاون العسكري. واتفق الجانبان على عقد لجنة التشاور السياسي خلال الأشهر القليلة المقبلة».
وتابعت «استعرضت المباحثات التطورات الإقليمية ذات الأهمية المشتركة للجانبين خاصة فيما يتعلق بسد النهضة والتأكد من فهم الجانب الروسي لموقف السودان على أثر التطورات الأخيرة في مجلس الأمن. وأكد الجانبان استمرار التنسيق السياسي في المحافل الدولية إزاء التطورات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. كما رحبت الوزيرة بالموقف الروسي إزاء إعفاء ديون السودان ضمن نادي باريس. كما تم الاتفاق على تفعيل آليات العمل الاقتصادي المشترك بين البلدين وتحديدا اللجنة الوزارية المشتركة للتعاون الاقتصادي، كما قدمت الوزيرة الدعوة للجانب الروسي لانعقادها في الخرطوم قبل نهاية العام الحالي 2021».
وقال مصدر حكومي، دون ذكر هويته، لـ«القدس العربي»: «نحن مطمئنون وراضون عن جهودنا وموقفنا الذي طرحناه في غرف مجلس الأمن، وفي موسكو أيضا، ونتوقع أن يكون موقف مجلس الأمن الذي سيصدر خلال اليومين المقبلين قريبا من الأفكار التي طرحناها، حول كيفية استئناف المفاوضات، وموقفنا من الملء الأحادي الثاني الذي شرعت فيه إثيوبيا مؤخرا».
الحدود بين البلدين
في هذه الأثناء، تشهد الحدود السودانية ـ الإثيوبية توتراً، مع نشر أديس أبابا قوات لدعم العمليات العسكرية، لكن مصدرا عسكريا سودانيا نفى لـ«القدس العربي» أن «يكون هذا الحشد موجها نحو السودان. وقال، دون ذكر هويته : «لا أعتقد أن الحشود المتواترة من الأقاليم الإثيوبية، مقصود بها السودان، ولكنها متعلقة بشكل أساسي بالحرب الداخلية في إثيوبيا بعد أن بدأت (جبهة تحرير تيغراي) هجوم، فيما يبدو أن هدفه طرد قوات الأمهرة من الأراضي المتنازع عليها في غرب وجنوب تيغراي القريبة من الحدود مع السودان، وردا على ذلك فيما يبدو حشدت قوات الأمهرة من الأمن والميليشيات بأعداد كبيرة».
وفي سياق ذي صلة، تصدى الجيش السوداني لهجوم شنته قوات إثيوبية الخميس على منطقة جبل طيارة شمال شرق معسكر الأنفال، في محلية القلابات الشرقية في ولاية القضارف شرقي السودان.
وحسب ما نقلت صحيفة «سودان تربيون» الجمعة فقد «تصدت القوات المسلحة السودانية وقوات الاحتياطي في الفرقة الثانية مشاة للقوات الإثيوبية التي نفذت الهجوم على بعد كيلومترين من منطقة شرق سندي لإسناد المزارعين الإثيوبيين في الفشقة الصغرى لفلاحة الأراضي السودانية».
ونقلت الصحيفة عن مصادر قولها إن «القوات السودانية دحرت القوات المهاجمة وكبدتها خسائر فادحة لتفر هاربة إلى داخل الأراضي الإثيوبية. ولقد تفاجأت القوات الإثيوبية باستعداد الجيش السوداني وتمركزه».
وأشارت إلى أن «عددا من المزارعين الأمهرة ما زالت لديهم أطماع ونوايا لزراعة الأراضي السودانية بدعم من القوات الإثيوبية».
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قال المدير التنفيذي لمحلية باسندة الحدودية في ولاية القضارف، مأمون الضو عبد الرحيم، إن ميليشيات إثيوبية توغلت مجددا في أراض سودانية استعادها الجيش لإسناد كبار المزارعين الإثيوبيين في مناطق أم دبلو وحسكنيت بالقرب من خور سنط وجبل أبو دنقل.
وبدأ الجيش السوداني فرض سيطرته على غالب أراضي الفشقة التي استولت عليها ميليشيات إثيوبية منذ عام 1994 بتطهير جبال استراتيجية والتمركز فيها مثل جبل أبو طيور. ومنذ تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي يقود الجيش السوداني حملات لإعادة أراض استغلتها ميليشيات إثيوبية في الزراعة لعقود بعد طرد أصحابها من المزارعين السودانيين بقوة السلاح.
وأدت هذه العمليات إلى توتر ملحوظ في علاقات السودان وإثيوبيا التي ترفض تحركات القوات السودانية على الحدود وتعدها «اعتداء» على مواطنيها، بينما تقول الخرطوم إن القوات السودانية تعيد الانتشار داخل حدودها كـ»حق مكفول».