من بين دوائر الغموض التي ما زالت تكتنف ما يعرف بتنظيم «الدولة الاسلامية» او «داعش»، يبرز «لغز» تكاثر المقاتلين الاجانب بين صفوفه كأحد الاسئلة الاكثر اثارة للحيرة بل والصدمة احيانا.
وحسب تقرير أشرف على تحضيره الدبلوماسي ورجل الاستخبارات البريطاني السابق ريتشارد باريت مؤخرا، يبلغ عدد المقاتلين الأجانب الذين دخلوا سوريا؛ خلال السنوات الثلاث الماضية؛ اكثر من اثني عشر ألفا، وهو ما يتجاوز الذين وفدوا إلى أفغانستان؛ طوال فترة احتلالها من قبل الاتحاد السوفييتي السابق الذي استمر 10 سنوات.
واذا كان هذا الاحصاء دقيقا، فان الاجانب الذين اتوا من 81 دولة حول العالم، يمثلون نسبة مهمة من تركيبة التنظيم، في ضوء ما أعلنته وكالة المخابرات المركزية الامريكية مؤخرا، ان عدد أعضائه يتراوح بين عشرين الفا وواحد وثلاثين الفا، بل إننا امام تنظيم دولي يجسد « عصر عولمة الارهاب» بشكل غير مسبوق.
وحسب احد الاعضاء المنشقين عن داعش الذين تحدثوا الى شبكة «سي ان ان» امس، فان الاجانب وخاصة الفرنسيين، هم الأكثر تطرفا في التنظيم، كما ان بعضهم يتولى مراكز قيادية.
وبينما تتبارى دول اوروبا في تشديد الاجراءات الامنية والقانونية لمواجهة تدفق «الداعشيين الجدد» على سوريا والعراق، بدأت في مدينة انتويرب البلجيكية أمس الاثنين محاكمة 46 شخصا، بينهم 38 غيابيا، من مجموعة «شريعة فور بلجيوم» الاسلامية المتطرفة بتهمة تجنيد شبان وارسالهم للقتال في سوريا. وكان لافتا للانتباه ان النائبة العامة البلجيكية آن فرنسين اعتبرت خلال الجلسة «هناك ادلة مهمة على ان هذه الحركة «شريعة فور بلجيوم» حضت على العنف من خلال بثها رسائل الكراهية».
وكان منسق مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي فيليس دي كيرجوف قدّر في نيسان/ أبريل الماضي عدد الذين ذهبوا من دول الاتحاد الأوروبي؛ للقتال في سوريا بألفي شخص (تقديرات اخرى تشير الى نحو ثلاثة آلاف)، في حين كان تقديره للعام الفائت لا يتجاوز الخمسمئة فقط، ما يشير الى زيادة مضطردة في اعداد «الداعشيين الاجانب»، وهو ما يطرح اسئلة صعبة بشأن الأسباب الحقيقية لتلك الظاهرة، ونجاعة الاساليب المتبعة حاليا لمواجهتها.
وهنا ينبغي التوقف عند نقاط محددة في محاولة لالقاء نظرة متأنية على تلك الظاهرة.
أولا: ان المتحولين الجدد الى الاسلام يمثلون نسبة مهمة (يقدرها البعض بعشرين في المئة) من «الداعشيين الاجانب»، وهو ما يلقي الضوء على دور ما يعرف بـ «المراكز الاسلامية» في الغرب، ونوعية الفكر الديني الذي تلقنه لاولئك، خاصة ان بعضهم اما مجرمون سابقون أسلموا في السجون، او جاءوا الى تلك المراكز من مواقع ليست بعيدة عن عالم الجريمة بغية الحصول على فوائد مادية لمواجهة ظروف صعبة.
ثانيا: لعب الفيسبوك دورا غير مسبوق في هذه الحرب، سواء من جهة التجنيد او التوثيق، بل ان سوريا قد تكون الصراع الاول في التاريخ الذي وثقت اغلب وقائعه وتفاصيله على وسائل التواصل الاجتماعي. ووجد المقاتلون الاجانب في الفيسبوك ضالتهم، اما لتبادل المعلومات او تسجيل خبراتهم القتالية يوميا، وهو ما يشجع زملاءهم للانضمام اليهم في ارض المعركة، مستفيدين من «مرجعيات دينية في العالم الافتراضي» تشجعهم وتساعدهم لوجستيا، وتؤكد لهم «شرعية» ما يفعلون، عبر تزويدهم بـ «الأدلة الفقهية» من امهات الكتب السلفية، لتبرير اعمال يراها العالم الخارجي، بمن في ذلك اغلب المسلمين، جرائم بشعة او مثيرة للاشمئزاز.
ثالثا: ان الغرب يتحمل مسؤولية جزئية عن هذه الظاهرة، اذ غض نظره لنحو عامين، فيما كانت المجازر تتحول الى «حدث اعتيادي» على الشاطئ الاخر من المتوسط.
واخيرا فان ظاهرة «الداعشيين الاجانب» تمثل دليلا جديدا على أهمية مواجهة الارهاب عبر «استراتيجية دولية» لا شرقية ولا غربية، تقوم على اقتلاع جذوره الثقافية والاجتماعية، ولا تكتفي بقصف ذيوله بالطائرات والصواريخ.
رأي القدس
الغريب أن أكثرنا بقوم (لا يقيم ) داعش من منظور أميركي غربي وننسى لماذ يترك هؤلاء الشباب نعيم أوربا ليموتوا ويدفنوا في صحارينا ؟؟أأغبياء هم ؟؟؟أم جبلوا من طينة صماء كالصخور .وإن لمن الصخور من يسجد لله ،فلمن يسجد ون .