«الداعشيون الاجانب»… وعصر «عولمة الارهاب»

حجم الخط
25

من بين دوائر الغموض التي ما زالت تكتنف ما يعرف بتنظيم «الدولة الاسلامية» او «داعش»، يبرز «لغز» تكاثر المقاتلين الاجانب بين صفوفه كأحد الاسئلة الاكثر اثارة للحيرة بل والصدمة احيانا.
وحسب تقرير أشرف على تحضيره الدبلوماسي ورجل الاستخبارات البريطاني السابق ريتشارد باريت مؤخرا، يبلغ عدد المقاتلين الأجانب الذين دخلوا سوريا؛ خلال السنوات الثلاث الماضية؛ اكثر من اثني عشر ألفا، وهو ما يتجاوز الذين وفدوا إلى أفغانستان؛ طوال فترة احتلالها من قبل الاتحاد السوفييتي السابق الذي استمر 10 سنوات.
واذا كان هذا الاحصاء دقيقا، فان الاجانب الذين اتوا من 81 دولة حول العالم، يمثلون نسبة مهمة من تركيبة التنظيم، في ضوء ما أعلنته وكالة المخابرات المركزية الامريكية مؤخرا، ان عدد أعضائه يتراوح بين عشرين الفا وواحد وثلاثين الفا، بل إننا امام تنظيم دولي يجسد « عصر عولمة الارهاب» بشكل غير مسبوق.
وحسب احد الاعضاء المنشقين عن داعش الذين تحدثوا الى شبكة «سي ان ان» امس، فان الاجانب وخاصة الفرنسيين، هم الأكثر تطرفا في التنظيم، كما ان بعضهم يتولى مراكز قيادية.
وبينما تتبارى دول اوروبا في تشديد الاجراءات الامنية والقانونية لمواجهة تدفق «الداعشيين الجدد» على سوريا والعراق، بدأت في مدينة انتويرب البلجيكية أمس الاثنين محاكمة 46 شخصا، بينهم 38 غيابيا، من مجموعة «شريعة فور بلجيوم» الاسلامية المتطرفة بتهمة تجنيد شبان وارسالهم للقتال في سوريا. وكان لافتا للانتباه ان النائبة العامة البلجيكية آن فرنسين اعتبرت خلال الجلسة «هناك ادلة مهمة على ان هذه الحركة «شريعة فور بلجيوم» حضت على العنف من خلال بثها رسائل الكراهية».
وكان منسق مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي فيليس دي كيرجوف قدّر في نيسان/ أبريل الماضي عدد الذين ذهبوا من دول الاتحاد الأوروبي؛ للقتال في سوريا بألفي شخص (تقديرات اخرى تشير الى نحو ثلاثة آلاف)، في حين كان تقديره للعام الفائت لا يتجاوز الخمسمئة فقط، ما يشير الى زيادة مضطردة في اعداد «الداعشيين الاجانب»، وهو ما يطرح اسئلة صعبة بشأن الأسباب الحقيقية لتلك الظاهرة، ونجاعة الاساليب المتبعة حاليا لمواجهتها.
وهنا ينبغي التوقف عند نقاط محددة في محاولة لالقاء نظرة متأنية على تلك الظاهرة.
أولا: ان المتحولين الجدد الى الاسلام يمثلون نسبة مهمة (يقدرها البعض بعشرين في المئة) من «الداعشيين الاجانب»، وهو ما يلقي الضوء على دور ما يعرف بـ «المراكز الاسلامية» في الغرب، ونوعية الفكر الديني الذي تلقنه لاولئك، خاصة ان بعضهم اما مجرمون سابقون أسلموا في السجون، او جاءوا الى تلك المراكز من مواقع ليست بعيدة عن عالم الجريمة بغية الحصول على فوائد مادية لمواجهة ظروف صعبة.
ثانيا: لعب الفيسبوك دورا غير مسبوق في هذه الحرب، سواء من جهة التجنيد او التوثيق، بل ان سوريا قد تكون الصراع الاول في التاريخ الذي وثقت اغلب وقائعه وتفاصيله على وسائل التواصل الاجتماعي. ووجد المقاتلون الاجانب في الفيسبوك ضالتهم، اما لتبادل المعلومات او تسجيل خبراتهم القتالية يوميا، وهو ما يشجع زملاءهم للانضمام اليهم في ارض المعركة، مستفيدين من «مرجعيات دينية في العالم الافتراضي» تشجعهم وتساعدهم لوجستيا، وتؤكد لهم «شرعية» ما يفعلون، عبر تزويدهم بـ «الأدلة الفقهية» من امهات الكتب السلفية، لتبرير اعمال يراها العالم الخارجي، بمن في ذلك اغلب المسلمين، جرائم بشعة او مثيرة للاشمئزاز.
ثالثا: ان الغرب يتحمل مسؤولية جزئية عن هذه الظاهرة، اذ غض نظره لنحو عامين، فيما كانت المجازر تتحول الى «حدث اعتيادي» على الشاطئ الاخر من المتوسط.
واخيرا فان ظاهرة «الداعشيين الاجانب» تمثل دليلا جديدا على أهمية مواجهة الارهاب عبر «استراتيجية دولية» لا شرقية ولا غربية، تقوم على اقتلاع جذوره الثقافية والاجتماعية، ولا تكتفي بقصف ذيوله بالطائرات والصواريخ.

رأي القدس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول د. اثير الشيخلي -العراق:

    ناسف لعدم النشر بسبب طول التعليق

    1. يقول د. اثير الشيخلي- العراق:

      للاسف االتعليق حذف ولا يمكن استعادته بامكانك ارساله الى منبر القدس على ايميل الجريدة وشكرا
      [email protected]

    2. يقول د. اثير الشيخلي- العراق:

      خالص الشكر و التقدير حقاً لهذه المهنية العالية و المتابعة الدؤوبة لكم كجنود مجهولين خلف الكواليس

  2. يقول سامى عبد القادر - الولايات المتحدة:

    أود أن أعق فقط على آخر فقرة بالمقال والتى جاء فيها “أهمية مواجهة الارهاب عبر استراتيجية دولية تقوم على اقتلاع جذوره الثقافية والاجتماعية”” … وأقول, أن اقتلاع جذور التطرف بكل أنواعه يبدأ أولاً وثانياً وعاشراً باقتلاع النظم القمعية الفاشية التى جثمت وتجثم على صدر الأمة العربية المنكوبة بهم منذ ما يزيد عن نصف قرن أو يزيد, هذه النظم الإستبدادية الدموية التى تستبيح دماء شعوبها وتصادر أشواقهم إلى حياة حرة كريمة هى الحاضن الطبيعى والمفرخ الأول لأى أفكار أو حركات مسلحة لم تجد سوى العنف المضاد وسيلة للرد على تسونامى العنف الرسمى الذى انتهجه الطغاة المستبدين ضد شعوبهم المضطهدة المستباحة … هذا هو الحل الوحيد الناجع, أما غير ذلك فهو مضيعة للوقت ودعوة مفتوحة لسفك المزيد من أنهار الدماء البريئة بكل أسف

  3. يقول عبدالله عايض القرني:

    ان تنظيم الدولة الاسلامية ( داعش ) حديث المولد وا لمنشأ ، تكون في غفلة العالم ، وتعنتر ، واستأسد ، وكان ذكيا ، ومؤثرا على كثير من الشباب ، العربي او الاوروبي ، ادخل في اذهانهم فكرة الجهاد وانه على الطريق الصحيح ، وهو يملك القوة والعتاد ، لمواجهة من امامه ، وعدده يزداد يوما بعد يوم ، ولكن السوال الذي يطرح هنا واذا امعنا التفكير فيه ، هوا اين الاستخبارات الدولية ـ الاستخبارات لكل دوله ؟ الم تشعر بالتحركات التي تحدث في بلدانهم ‘ والخروج المتكرر من الشباب ، الذي يذهب ويعود ، وخط سيره ، وبهذا تكون داعش ، وحقق مكاسبه البشرية ، ولم يقتصر على ذلك بل لديه القوة العسكرية ، والمادية التي يغري بهال الشباب للانظمام له ، فداعش وضع قدما قوية وراسخة في وتأجذر بقوة في المنطقة ، واصبح حوتا ضخما ، يبتلع من حوله ، فاللوم هنا يلفى على جميع الدول واستخباراتها التي لم تلحظ الحركات الغريبة والمريبه ببلدانهم ، وقلة الرقابه ، وبعد ما وقع المحظور تحركوا الدول لابادته ، وها هم الان يقاومون فئة قوية ، وصلبة ، متمرسة ومتدربه على اعلى مستوى قتالي ، وافضل في التدريب من جيوش بعض الدول ، فداعش حيزول وحيختفي من المنطقة بعد جهد وتعب ، بقوة التحالف التي استفاقتة مؤخرا ، ولكن سيأتي بعده فئة جديدة اذا العالم لم يستوعب الدرس المرير ، ويضع حدا لها بالمراقبة والتتبع للحركات الارهابية وقطع جذور الارهاب من منابته.

  4. يقول Hassan:

    تخلف العرب في شتى المجالات يقابله محافظة الغرب على فارق حيز الزمن بين أولئك وهؤلاء بإستعمال جميع الطرق عبر نشر الفوضى بترسيخ الإستبداد وتأسيس بساطة فكر عربي لا تقوم عليه مجتمعات صراعها مزمن مع من سلاحهم الأول كان التبشير بالمسيحية حيث لاقت نجاحا هائلا في إفريقيا التي لم تستقر إلى الآن منذ حملات التخريب الإستعمارية. تلك التجربة قد نقلت إلى الوطن العربي فكانت العراق هي المخبر ثم سوريا هي التطبيق لتلك التجربة فانبثق عنها سلاح فتاك ألا وهو التكفير الممزوج بالطائفية. أدوات الإتصال مثل الأنترنت فتحت الباب على مصرعية لأعداء الأمة العربية. ويأتي من يدعي الحكمة وقد فشل في الحكم ويقول لا مستقبل للشرق الأوسط إلا بالبعد عن الطائفية وهو باسم الدين قد ساهم في خراب أمة عرب.

  5. يقول م . حسن . هولندا:

    العنصرية المدمرة في بعض دول الغرب لها دور عدم إندماج بعض الشباب من المسلمين في المجتمعات التي ولدوا فيها , والتي قد تؤدى الي شعورهم بالضياع وفقدان الهوية . الحروب المتواصلة للغرب علي الدول الإسلامية تجعلهم لقمة سائغة للمتطرفين الذين يستغلون ضعفهم الفكرى ووجدانهم المشوة وإقناعهم بالإنتماء لوهم دولة مثالية يحققون فيها ذواتهم هو وراء إنجرارهم للسفر لمناطق النزاع , ثم يقعون في مصيدة التطرف والهوس الديني ..

  6. يقول عادل غرس الله:

    تلوثت كلمة “جهاد” هذه اﻷيام لدى المسلمين وغير المسلمين الذين أصبحوا في وسائل إعﻻمهم المكتوبة والمرئية يربطون مفهوم الجهاد بالوحشية والقسوة والدموية والدين اﻻسﻻمي بالتأخر والعدوانية حتى ان بعض السياسيين منهم (الهولندي خرت فيلديرز ) يعمل حاليا داخل البرلمان الهولندي على مشروع قانون ﻻجبار المسلمين القانطين بهولندا على إمضاء بيان مناهض للشريعة اﻻسﻻمية !أليس اﻻسﻻم دين اﻷخوة اﻻنسانية والتسامح والمساواة بين الناس بقطع النظر عن بشرتهم وملتهم؟ اليس الجهاد هو جهاد النفس المتواصل في حياتنا اليومية كي نتسامح مع بعضنا بعضا ونتعارف ونتفاهم ونتواصل بالحسنى مع كل البشر؟ اي جهاد هذا الذي ينشر العداوة بين
    الشعوب فتقطع رؤوس اﻷبرياء على شاشات الحواسيب واﻷلواح الذكية ويهدر دم النساء وتغتصب الفتيات القاصرات؟

  7. يقول Palestinian:

    This is what the Arab Spring left us with,and we believed that it is a spring,it is actually a tornado that will send us back to the stone ages.

  8. يقول غادة الشاويش:

    متشوقة الى سماع تعليق الدكتور اثير الشيخلي ارجو ان تختصره ان امكن دكتور

    1. يقول د. اثير الشيخلي- العراق:

      الأخت العزيزة غادة الشاويش ، شرفني اهتمامك حقاً

      سأحاول قدر الأمكان هنا إن تبقى وقت لذلك او سأرسله الى صفحة المنبر عسى أن ينشر

      و شكراً جزيلاً.

  9. يقول S as:

    Assad♡100%♡♡

  10. يقول أ.د. خالد فهمي - تورونتو - كندا:

    شكراً لرأي القدس الذي يكشف – بتقديري – عن أهم الامور الواجب التعمّق في بحثها وصولاً الى الحقائق عن العناصر الاجنبية المنخرطة في داعش…وأهم ما جلبوه لهذا التنظيم بأعتقادي هو الخبرة العسكرية والتدريب والعمليات والتخطيط الحربي..وبذلك فأنهم متقاعدين عسكريين ” قد أسلموا ” من أجل الحصول على المال الوفير للرجوع الى مسارح القتال…ليس النظامي وأنما عبر حرب العصابات والفر والكر!!!

    أما عن الاستراتيجية الدولية ” لمواجهة ودحر” داعش وكل من لف لفهم وبالاضافة الى التحرك لأقتلاع جذوره الثقافية والاجتماعية … فلابد – بتقديري – من وجود أسترتيجية ” دينية أسلامية حنيفية وسطية ” يقوم بها ثلة من العلماء والفقهاء العاملين من السعودية ومصر وغيرها من الدول العربية تهدف الى كشف وتعرية فكر ومعتقدات هؤلاء ” الاوباش ” الخارجة عن الدين الاسلامي الحنيف الذي أنزل على قلب الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية