الدبلوماسية الإثيوبية أقوى مما يتصور المصريون

آدم جابر
حجم الخط
4

باريس-“القدس العربي”:بين اتهام القاهرة لها بالتعنت في مفاوضات سد النهضة وتكثيف السودان لجهودها من أجل التوصل إلى اتفاق حول السد، تواصل إثيوبيا بكل ثقة خطواتها لملء بحيرة السد عبر اتفاق أو من دونه، كما شدد على ذلك وزير خارجيتها غيدو آندراغاشو الجمعة.

هذا الأخير، شدد على أن بلاده ملتزمة بالجدول الزمني لملء سد النهضة مهما كانت العواقب وأنها ليست ملزمة بالتوصل إلى أي اتفاق مع مصر والسودان، معتبرا أن من حق بلاده استخدام مياه النيل من أجل تنميتها الاقتصادية، وأن السّد حاجة ضرورية بالنسبة إليها لتحقيق التنمية وتوليد الطاقة الكهربائية، في حين ترى مصر والسودان أنه تهديد لمواردهما المائية.

 وتقول الحكومة الإثيوبية أنها ماضية قدما لتحقيق مصالح الشعب العليا المتمثلة في ملء الخزان في تموز/يوليو المقبل، وأنها ستثبت بأنها لن تعتدي على أحد وستراعي كل الجوانب في العلاقات مع بين البلدان الثلاثة، كما صرح بذلك رئيسها أبي أحمد في بداية الأسبوع، أمام النواب، موضحا أن بلاده ستبدأ كما هو مرتقب بملء خزان السد في يوليو/يوليو المقبل معززا بذلك ضرورة تسريع المفاوضات.

 ويقول الباحث والمحلل السياسي الأثيوبي محمد العروسي لـ”القدس العربي” إن: “أبلغ توصيف للحالة والمشهد الراهن أن مصر تريد كل شيء وتطلب كل شيء بينما هي لا تقدم كل شيء” معتبراً أن مصر هي المسؤول الأول عن فشل وتعثر المفاوضات، التي تتحرك السودان بقوة اليوم من أجل استئنافها بعد توقفها مجدداً، قبل أسبوعين من بدء تشغيل السد كما هو مفترض. وأيضا عقب فشل الوساطة التي قادتها الولايات المتحدة في وقت سابق من العام.

ويضيف العروسي أن “الرأي العام الإثيوبي بكافة أطيافه وعرقياته مع سد النهضة جملة وتفصيلا، لإن السد ملك لهم وأكثر من 60 في المئة منهم يعانون من عدم استخدام نهر النيل لأغراض التنمية المتبادلة”. وأضاف: “ما نسمعه من خلال بعض أصوات النشاز لا يصدقه أي مواطن إثيوبي. والأسطوانات المشروخة التي تكرر بأن هناك أصواتاً ضد سد النهضة هي كذب وبهتان، لأن غالبية الأفارقة مع إثيوبيا على عكس العديد من المواقف العربية التي تتبنى الموقف المصري بشكل يفتقر إلى الحيادية والمنطق. والشعب الإثيوبي ينظر إلى هذه التغييرات في المنطقة بعين من الحذر”.

ونقلت وكالة “فرانس برس” في وقت سابق عن وليام ديفيسون من مجموعة الأزمات الدولية، وهي منظمة لمنع النزاعات، قوله إنه “من الضروري أكثر من أي وقت مضى تقديم تنازلات لكي يمكن التوصل إلى اتفاق للحد من التوتر الذي قد يكون خطيرا” معتبراً أنه قد يرتسم حلّ في حال اقترحت الحكومة الإثيوبية برنامجا مفصلا لإدارة الجفاف يأخذ بالاعتبار مخاوف مصر والسودان، ولا يفرض التزامات على قدرات أسد النهضة بشكل غير مقبول. ويرى الاتحاد الأوروبي أن استئناف المحادثات يشكل فرصة مهمة لاستعادة الثقة بين الأطراف، والمضي قدما على أساس التقدم الذي تم التوصل إلى اتفاق يقدم حلا مفيدا للجميع.

 وبات سد النهضة الإثيوبي الكبير مصدرًا للتوتر في حوض نهر النيل منذ أن بدأت إثيوبيا بناءه في عام 2011 بكلفة 6 مليارات دولار، لتدخل القاهرة والخرطوم وآديس آبابا في دوامة مفاوضات للاتفاق حول الحد من تأثير السد على كل مصر والسودان. وبعد مرور تسع سنوات على هذه المفاوضات الماراثونية، ما زال الجمود هو سيد الموقف، رغم دخول الولاياتُ المتحدة الأمريكية والبنك الدولي على الخط ورعايتهما للمحادثات منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2019 لكن مساعيها فشلت هي الأخرى بعدما دفعت الولايات المتحدة في اتجاه توقيع اتفاق اعتبرته مصر “عادلا ومتوازنا” وتحفظ عليه السودان، فيما رفضته إثيوبيا، متهمة واشنطن بـ”عدم التحرك بشكل دبلوماسي”.

وخلال الأسبوع، أعلنت أدیس أبابا أنها تريد الحد من دور المراقبين في المفاوضات المتعلقة بسد النهضة، ما يدل على امتعاضها من التدخلات الخارجية. ودعا وزير الري الإثيوبي سيليشي بيكيلي الأطراف الأخرى إلى “عدم الذهاب أبعد من مراقبة المفاوضات ومشاطرة الممارسات الحسنة حين تطلب بشكل مشترك من الدول الثلاث”.

وانتقد الوزير الإثيوبي دعوة مصر مجلس الأمن الدولي إلى التدخل من أجل استئناف المحادثات حول سد النهضة، معتبراً أن الخطوة محاولة تهدف إلى “ممارسة ضغط دبلوماسي” على بلاده. وفي هذا السياق، يقول محمد العروسي إنه من الواضح أن “الضغوط ستستمر على إثيوبيا، ومعها حملات تشوه موقفها وتحاول أن تصطاد في المياه العكرة. لكن الدبلوماسية الإثيوبية أقوى مما يتصوره الأشقاء في مصر”.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول نوفل ماليزيا:

    عندما كان الأثيوبيين يعملون في صمت; برزانة وبجد للرقي ببلدهم ونحن نرى قفزتهم النوعية حيث أصبحوا يحققون أرقاما محترمة في كل المجالات. في ذالك الوقت كان السيسي وأذنابه مشغولين لتدبير المؤامرات لاهية قلوبهم بتدبير المصائد للمعارضين في الداخل والخارج وصارفين الأموال الطائلة لتخريب ليبيا. لو أن أثيوبيا لم تكن متأكدة أنها ستجاري وتقف الند للند مع مصر لما تشجعت للمضي قدما في مشروع سدها الذي سيقوض لا محالة مصر وسيكشف ظعفها. فهاهم الآ لم يجدوا المساندة حتى من أولائك الذين كانوا يخدموا أجندتهم…

  2. يقول سامى عبد القادر:

    وحتى لو لم تكن الدبلوماسية الإثيوبية أقوى مما يتصور المصريون, فإن الدبلوماسية المصرية تحت حكم مغتصب السلطة السفاح السيسى أضعف مما يتصور أى بشر (end of text)!!! … ثم ما حاجة إثيوبيا إلى القوة الدبلوماسية, وقد وقَّع لها السفاح الخائن السيسى على بياض لتفعل ما تشاء, بعد أن أمره أسياده الصهاينة بذلك, توطئة لنقل مياه نهر النيل إلى الكيان الصهيونى
    .
    الصهاينة جاءوا بهذا “الدمية” السيسى لكى يحركوه كما يشاؤون, وما التنازل عن جزيرتى تيران وصنافير, واتفاقية ترسيم حدود مصر البحرية, وتوقيع ورقة الخنوع فى إثيوبيا, ومحو مدن بأكملها فى شمال سيناء, وغيرها من كوارث هذا السفاح الأشأم لتى لا تنتهى, إلا أوامر صهيونية مباشرة لبطل إسرائيل القومى, وابنها المخلص البار, عدو مصر اللدود السفاح السيسى!! … ما أحقر الخيانة وبيع العرض والشرف

  3. يقول إبن كسيلة:

    بفضل …” الأزهر ” المصريون لا يتصورون إلا شيئا واحدا………” مصر أم الدنيا “

  4. يقول alaa:

    نعم ..لأن مصر تحت حكم عسكري جاهل .

إشترك في قائمتنا البريدية