طرابلس – «القدس العربي»: ما زال الصراع بين الحكومتين في ليبيا هو السائد على سطح الوضع السياسي الليبي حالياً، ويطغو على كافة الكلمات التي تلقيها القوى السياسية في كل المناسبات، كل يروج للفكرة التي يتبناها.
حيث وبمناسبة عيد الفطر، ألقى رئيسا الحكومتين المتصارعتين في البلاد، كلمات حملت وجهات نظر ورسائل سياسية تخص كل منهما، فقال رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبد الحميد الدبيبة، إنه لا يوجد طريق أو مسار في ليبيا سوى الذهاب إلى انتخابات برلمانية ورئاسية حقيقية.
وقال الدبيبة إن الانتخابات البرلمانية سهلة وقوانينها موجودة، مؤكداً أن الأبواب والطرق قد أقفلت أمام من يريدون التمديد لأنفسهم وأن ليبيا ستصل إلى الانتخابات مهما كاد الكائدون حسب قوله.
وأوضح الدبيبة أن الحكومة وقفت مع الفقراء ومحدودي الدخل، وأنهم مستمرون في دعم الفقراء، وصندوق دعم الزواج، مؤكداً أنه ستصرف الزيادات للمتقاعدين بعد العيد، مشيراً إلى تحسن الكهرباء في المدة الماضية قياساً بالسنوات السابقة.
ودعا الدبيبة إلى الوقوف مع الوطن ضد مشاريع التقسيم والحروب حسب وصفه، كما طالب بدعم إجراء الانتخابات، كي يختار الناس من يريدون، مذكراً بشعار حكومته أنه لا حرب ولا قتال في ليبيا مرة أخرى.
فيما أعلن رئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب فتحي باشاغا عن إطلاق حوار وطني للتواصل المباشر مع كافة الأطراف والوصول إلى توافق وطني حقيقي يرسخ مبدأ المشاركة الوطنية الواسعة.
وأضاف باشاغا في كلمة له بمناسبة عيد الفطر المبارك أن هذه المرحلة الحساسة تتطلب تضافر كل الجهود، مؤكداً استمرار الاتصالات مع الجميع وأن بناء دولة محترمة وقوية يسودها الرخاء لن يتحقق إلا بالعدل وفق تعبيره.
وقال إنهم لن يرفضوا الجلوس مع أي طرف يعتقد أن حكومته أتت ضده أو جاءت لمواجهته ومحاربته، موضحاً أن حكومته هي حكومة مشاركة وقد التزمت بمبدأ حقن الدماء والحفاظ على أمن العاصمة واستقرارها ورفضت الاقتتال.
وقبل أسبوع، قال الناطق باسم حفتر، أحمد المسماري، إن تشبُّث رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد الدبيبة، بالسلطة يهدد بعودة لغة السلاح في ليبيا محذراً من انفلات الوضع جراء محاولات بعض الجهات التي لم يسمِّها نقل الصراعات الإقليمية إلى ليبيا.
وقال المسماري في تصريح لجريدة البيان الإماراتية، إن قواتهم تحاول قدر المستطاع الحفاظ على وقف إطلاق النار الموقَّع برعاية الأمم المتحدة في جنيف يوم 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2020 على الرغم من الانسداد الذي يواجه لجنة (5+5) في إشارة إلى اللجنة العسكرية المشتركة. وأشار المسماري إلى أن قواتهم تراقب الوضع بشكل عام ولا تسمح بالانفلات الأمني والقرارات تصدر في حينها، داعياً إلى عدم العبث بإنجازات اللجنة العسكرية المشتركة التي قادت البلاد لوقف إطلاق النار.
وفي سياق آخر، وبمقال جديد نشرته صحيفة التايمز الأمريكية، تحدث باشاغا عن التواجد الروسي في البلاد، قائلاً إنه يطالب، القادة البريطانيين بمساعدة ليبيا في إخراج عناصر مجموعة فاغنر الروسية من ليبيا، معلناً رغبته في شراكة استراتيجية مع بريطانيا قائمة على الأعمال والأمن والاستخبارات المشتركة.
وأوضح باشاغا في مقال نشره في جريدة تايمز البريطانية، الثلاثاء، أن حاجة ليبيا إلى دعم بريطانيا في مواجهة التدخل الروسي، مثلما هي حاجة أوكرانيا، قائلاً تواجه بلادي اليوم واحدة من أصعب المعارك حتى الآن. بينما تقاتل القوات الأوكرانية روسيا بالصواريخ البريطانية، فإننا في ليبيا نخوض المعركة نفسها.
وأضاف: “كرئيس للوزراء، لقد وعدت بإعادة فاغنر إلى وطنهم، لكني بحاجة إلى مساعدة بريطانيا. ستكون المملكة المتحدة حليفاً لا يقدر بثمن في حرب ليبيا ضد المرتزقة الأجانب”.
وتابع باشاغا: “أصدقائي البريطانيين، إذا كنتم تريدون أن يقاوم شريك في إفريقيا روسيا، فإن حكومتي مستعدة للعمل معكم – إنها شريككم الوحيد القادر على ذلك”.
وعبر رئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب عن حاجة ليبيا إلى مساعدة رجال الأعمال البريطانيين في إعادة بنائها وتقديم الخدمات للشعب الليبي، مؤكداً أن الليبيين “لا يريدون رؤية عقد آخر من الحرب الأهلية. كما أنهم لا يريدون أن يروا جنود مشاة فاغنر ينهبون مدنهم وقراهم، بعد كل هذه السنوات”.
وأضاف: “إنهم متعبون، لكن هذا لا يعني أنهم يستسلمون، وإنهم يريدون العيش في بلد عادي، بلد بحكومة واحدة، مع انتخابات حرة ونزيهة، وأرض خالية من المرتزقة”.
وتعهد باشاغا بالعمل على إعادة الديمقراطية إلى ليبيا، وكذلك العمل مع مجلسي النواب والأعلى للدولة لإجراء الانتخابات في أسرع وقت ممكن.
ووعد باشاغا بمشاركة ليبيا في جهود إبعاد العالم عن النفط الروسي، وقال موضحاً: “بلدي لديه الكثير من الإمكانات. لدينا أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في إفريقيا، وبمجرد أن نعيد تشغيل المضخات، سنساعد في إبعاد العالم عن النفط الروسي”.
وأضاف: “يمكن أن يساعد النفط والغاز الليبي في تعويض النقص العالمي والمساعدة في خفض أسعار الوقود في بريطانيا”.
كما تعهد رئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب بالعمل على وقف تدفقات المهاجرين غير الشرعيين عبر البحر الأبيض المتوسط، وقال: “لسنوات، صدمتني مشاهد الأشخاص الذين يغرقون بشكل جماعي وهم يحاولون الوصول إلى أوروبا. لا يمكن حل هذه المشكلة إلا بمساعدة ليبيا – فنحن ملتزمون بمطاردة المتاجرين بالبشر والعصابات- ولكن مرة أخرى، نحتاج إلى مساعدتكم” .