القاهرة ـ ‘القدس العربي’ يأبى الحزن ان يحمل عصاه ويرحل عن سماء المصريين، فمع كل طلعة شمس يحمل اليهم بعضا من اثاره، يدفع بهم نحو مزيد من الكآبة، وهم من كانوا على مدار التاريخ اكثر شعوب الارض تفاؤلا، يواجهون الفقر بابتسامة والظلم بنكتة. بالامس سقط 11 مجندا في هجوم ارهابي قاده تتار العصر في شبه جزيرة سيناء.. لتحيا مصر في المتاهة مجددا كتلك التي عاشتها في ثمانينيات القرن المنصرم، حيث يتجول الموت بحرية هذه الايام موزعا هداياه بنصيب عادل بين المدن، وان كانت ارض الفيروز’سيناء’ حصلت على نصيب الاسد من تلك الهدايا.. وقد اتشحت صحف الجمعة بالسواد وعلتها الكآبة. وجاء عنوان جريدة ‘المصري اليوم’ مؤلما: ‘الخونة قتلوا خير اجناد الارض’. اما ‘الوطن’ فعنونت صفحتها الاولى بـ: ‘مصر الحزينة في موكب الشهداء’. اما صحيفة ‘التحرير’ فبكت الشهداء مطالبة بالقصاص، وعلى هديها سارت صحيفة ‘اليوم السابع’، وعلى نفس المنوال ‘الاهرام’.. نطلب من المولى عز وجل ان يقي مصر سوء الطالع في قادم الايام.
اما ‘الحريه والعدالة’ فدعت عبر عدد من كتابها الجماهير لاستئناف المسيرات حتى استعادة الشرعية، فيما ذهبت صحيفة ‘الشعب’ الى ان حكم العسكر الى زوال وان طالت الايام. ودعت صحيفة ‘الجمهورية’ الى الانتقام من قتلة الجنود. واتهمت ‘الوفد’ الاخوان بانهم يسفكون الدماء ويريدون لمصر ان تسقط في فلك الفوضى. واعتبرت ‘الشروق’ استمرار حوادث القتل سوء طالع لا بد من التعامل معه بحسم. اما ‘الاخبار’ فاشارت الى ان ما جرى في سيناء دليل على ان الارهاب لازال حيا وقادرا على السفك والقتل. فيما تنبأت صحيفة ‘المصريون’ بقرب اقالة وزير الداخلية، ولمحت الى حالة من الغضب الواسع بين اوساط الجنود بسبب تكرار قتل زملائهم، متهمة الوزير بانه لا يوفر الحماية لهم.. وباتت الجماهير على موعد مع القلق يلازمها الخوف من مستقبل محفوف بالمخاطر، فالمشاكل تزداد تعقيدا والانسداد يهيمن على الافق السياسي والوضع الاقتصادي يزداد تدهورا وقد تركت. والى التفاصيل:
الخونة يجمعون المال
على جثة مصر
نبدأ بالمعارك الصحافية التي يشعلها رئيس تحرير جريدة ‘الاهرام’ عبد الناصر سلامة على اثر الهجوم الذي تعرض له من قبل كتاب واعلاميين استهجنوا موقف الجريدة من تبني وجهة النظر الامنية في الكثير من القضايا: ‘كنت ادرك تماما، مع كتابة مقال الاسبوع الماضي مثلث الرعب، الذي يجمع بين المال الغامض، والاعلام الفاسد، والطابور الخامس، انني اقتحم عش دبابير من الوزن الثقيل، حيث سيتكالب المرتزقة بالردح وكيل الاتهامات وليس ذلك فقط، بل وصل الامر الى تسيير مظاهرات من بعض الصبية، مستغلين حاجتهم الي اجور زهيدة، ومستعينين في ذلك ايضا باعوانهم من الطابور الخامس في مؤسساتنا، التي كانت طوال تاريخها مثالا للوطنية والانتماء وتقديس العمل، وليس الغوغاء والبلطجة والانفلات، الا ان ردود الفعل هذه دللت على اننا لسنا امام ثالوث مرعب، بقدر ما هو قذر، الى الحد، الذي اصبحت الدولة الرسمية تخشى مواجهته، وهو ما بدا واضحا في التناول الاعلامي لاحداث الثلاثاء الماضي، واولئك يدركون ان استمرار الاوضاع في مصر، بهذا الشكل المنفلت، سوف يحول دون فتح ملفات ذلك المال المشبوه، او ذلك الفساد المستشري، فهم يسعون الى اشعال المزيد من الفتن ونشر الفوضى، الا ان ما يجب ان يدركه الجميع هو ان اي تطور او تقدم او استقرار، لن يحدث الا مع فتح هذه الملفات، التي اصبحت بمثابة السرطان.’
ويتساءل سلامة: ‘ما الذي يمنع الدولة من التنقيب في حقيقة المال الغامض، الذي دخل البلاد على مدى عشرة اعوام مضت؟ وما الذي يمنع الدولة، الان، وعلى وجه السرعة، من البحث في حقيقة تمويل الاعلام الفاسد، ومراقبة ذلك التمويل؟ وما الذي يمنع الدولة من التعامل بحسم مع ذلك الفساد في الاداء الاعلامي في حد ذاته؟ والاجابة، بكل وضوح، هي ذلك الطابور الخامس، الذي يحكم البلاد الان، ويستشري في مفاصلها’.
المواطنون مطالبون بالمشاركة
في مكافحة الارهاب
ونبقى مع ‘الاهرام’ ومفتي الديار المصرية الدكتور محمد مختار جمعة الذي يتحدث عن واجب شرعي على المواطنين المشاركة فيه وهو: ‘اجتثاث الارهاب الاسود من جذروه، والتعاون في استئصاله، فاي شريعة تلك التي تبيح قتل النفس بغير حق، لقد اجتمعت الشرائع السماوية على حرمة قتل النفس التي حرم الله (عز وجل) الا بالحق، بل ان القرآن الكريم قد اكد انه من قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا، وعندما كان النبي يطوف بالكعبة قال: ‘ما اطيبك واطيب ريحك، ما اعظمك واعظم حرمتك، والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن اعظم عند الله حرمة منك ماله ودمه وان نظن به الا خيرا’. اما من يعيثون في الارض فسادا ويروعون الامنين وينتهكون الحرمات، ويسفكون الدماء بغير حق من الارهابيين التكفيريين الذين لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ولا يعرفون للوطن ولا المجتمع حقا، فجزاؤهم في قوله تعالى: ‘انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا ان يقتلوا او يصلبوا او تقطع ايديهم وارجلهم من خلاف او ينفوا من الارض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الاخرة عذاب عظيم’. فالواجب الكفائي ان تتضافر كل قوى المجتمع في مواجهة تلك القوى الظلامية الغاشمة حتى تستأصل الارهاب الاسود من جذوره’.
ويشير مفتي الديار لدور الدعاة: ‘دور العلماء والمفكرين في مواجهة الفكر التكفيري وبيان خطورته على الفرد والمجتمع فهو الرافد الفكري للعمليات الاجرامية الارهابية، ونبين للناس ان الاسلام ابعد ما يكون عن منهج التكفير والتخوين والتنقيب عن القلوب بلا بينة ولا دليل’.
مصر كبيرة عليك يا سيسي
هذا التصور يتبناه رئيس تحرير جريدة ‘المصريون’ جمال سلطان: ‘شيئا فشيئا يدرك الفريق عبد الفتاح السيسي الحقيقة، يوما بعد يوم يكتشف ما كنا نحذر منه من اشهر، البلد كبرت عليك كما كبرت على من سبقك، وان الاستخفاف بتلك الحقيقة سينتهي بك للغرق في مستنقع وقعر مظلم، كما غرق من سبقك، مصر بعد يناير 2011 ليست هي مصر بعدها، والحقيقة ان ملامح الفريق السيسي في بيانه القصير امس تعطي الانطباع الكافي عن عمق الاحباط الذي يشعر به، وهو احباط يكتسي بالحزن ايضا على الشباب الابرياء الذين استشهدوا امس في شمال سيناء، وهي الفاجعة التي عمقت احزان الوطن كله، معارضة وموالاة، والمحنة الان ان القتل اصبح في كل اتجاه وفي كل مكان، والدماء تسيل من كل الاطراف، كل يوم قتيل او اكثر، جنود او ضباط او طلبة او عمال او ناشطون، كل يوم تقريبا، ومن الواضح ان الجهاز الامني اصبحت لديه عقيدة جديدة باسترخاص الدم المصري او ان اعصاب الجنود والضباط اصبحت اكثر برودة تجاه الدم من فرط الايغال فيه يوميا، لا يمكن ان تمر مظاهرة تقريبا من غير قتيل او اكثر، سواء كان المتظاهر اخوانيا او يساريا، او من الشباب الليبرالي الجديد، لم يعد رصاص الشرطة يفرق، بدأ الحصد بشباب الاخوان والتيار الاسلامي، ثم اعتادت آلة الحصد الدموية على القتل، فاصبح لا يفرق معها من في الشارع او الميدان، الرصاص في كل اتجاه، والقتل في كل مكان، وهناك بعض المجانين والمختلين عقليا وفلول نظام مبارك يطالبون الشرطة بالمزيد من القتل بدعوى الحسم’.
الناصريون باعوا العمال والفلاحين
ومن الحرب على وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي الى الحرب على لجنة الاعداد للدستور الجديد، الذي يواجه اعتراضا واسعا قبل ان يظهر للحياة، حيث اعترضت عليه معظم القطاعات وبات كل فصيل يرفض ما له علاقة به، فقد اعترض عليه التيار الاسلامي وكذلك الكنيسة، كما اعترض على بعض بنوده الاطباء والمحامون وفصائل من القضاة، وكذلك العمال والفلاحون، وهو ما يلقي عليه الضوء في جريدة ‘المصريون’ خفيف الظل محمد حلمي: ‘الغت عصابة الخمسين لتعجين الدستور نسبة الـ50’ عمالا وفلاحين في المجالس النيابية، ولم ينبس اي ناصري ولا يساري ببنت شفة، وهم الذين تاجروا بها لعهود طويلة، باعتبارها دُرَّة مكتسبات المطحونين من الحقبة الناصرية.. ابتلعوا السنتهم بعد ان غرقوا في اجولة الدولارات، والخوف من الضرب بالنعال..اتساءل ويتساءل الناس معي أين حمدين صباحي والسناوي واحمد حسن وعبد الحليم قنديل؟.. والاخير هو ما سلط الناس عليه الضوء، لانه صار للاسف بلا قضية، سوى العداء الفاجر للدين والمتدينين، الامر الذي يدفعني الى معاتبته لعله يفيق. على اي حال لقد انتهى الامر ياعبد الحليم، ولا عزاء للعمال والفلاحين الذين لم يعد لهم ظهر.. وكما قال الاولون ‘اللي له ظهر ماينضربش على بطنه’..’واللي مالوش ظهر يهرش في ظهر كريمة’!.
الاسلاميون اتفقوا على ألا يتفقوا
ونتحول نحو جريدة ‘المصري اليوم’ وداء يلازم الاسلاميين يفصله الدكتور ناجح ابراهيم: ‘تأملت احوال الحركة الاسلامية المصرية في هذه اللحظة فوجدت ان معظم فصائلها في حالة خصومة مع اطياف كثيرة من المجتمع المصرى، وبعضها في حالة حرب مفتوحة مع قوى ومؤسسات في الدولة المصرية.. فهناك حالة خصومة شديدة بين بعض فصائل الحركة الاسلامية والمؤسسة العسكرية والشرطة والمؤسسات الامنية السيادية الثلاث، وصلت الى مرحلة العداء السافر، ووصلت الى الحرب بالمتفجرات مع التكفيريين وهم محسوبون، شئنا ام ابينا، على الحركة الاسلامية وهناك حالة خصومة مع مؤسسة الازهر الرسمية وجامعة الازهر وادارتها.. وحالة احتقان وعداء مع مؤسسة الكنيسة، واغلب شعبها الذي يؤيد صراحة او ضمنا قيادتها.. وخصومة كبيرة مع قطاعات واسعة من الاعلاميين والصحافيين.. فضلا عن عداء سافر مع مؤسسة القضاء الرسمية ومعظم القضاة.. مع خصومة كبيرة مع كل كوادر الحزب الوطني السابق ومعظم عائلاتهم، باستثناء القليل منهم.. فضلا عن الخصومة الشديدة والعداء الكبير مع كل القوى المدنية. وهناك حالة عداء مستترة مع رجال الاعمال الكبار والمتوسطين لاسباب كثيرة يصعب حصرها، فضلا عن الخصومات بين التيارات الاسلامية المختلفة التي تنتهي بالتراشق المدفعي بالسنة حداد يوميا.. تارة بين الاخوان والجماعة الاسلامية من جهة والمدرسة السلفية السكندرية وحزب النور المنبثق عنها من جهة اخرى.. وتارة بين الاخوان والصوفية.. وامام كل هذا العدد الضخم من الخصوم الذين يحتشدون يوما بعد يوم في مواجهة الحركة الاسلامية، اسأل نفسى دائما: من المسؤول عن صنع كل هذه العداوات؟.. وعن حشدها الحالي النادر الحدوث؟ ومن الذي تفنن في جمع كل هؤلاء الخصوم الذين لم يجتمعوا يوما.. من الذي جمع اقصى اليسار مع اقصى اليمين؟.. ومن الذي اغراهم بعداوة الاسلاميين؟ وهل حدث هذا صدفة، أم ان بعض الاسلاميين ساهم بقصد او بغير قصد في صنع وتجميع هذه العداوات’.
من وراء اغتيال
الضابط مبروك؟
والى قضية اغتيال ضابط أمن الدولة محمد مبروك، التي اثارت حالة من الحزن والخوف من حمامات دم مقبلة يعبر عنها في جريدة ‘المصري اليوم’ عبد اللطيف المناوي: ‘خرجت بعض الاطراف تدافع عن ‘الاخوان’ وتبرئها من اغتيال مبروك، لكن يقف تاريخ الجماعة وتهديدات رجلهم مرسى لتشير الى العكس، فمنذ سقوط الاخوان والتوقعات تشير الى انهم سيصلون الى هذه المرحلة. ‘الاخوان’ عبر تاريخها ارتكبت جرائم اغتيال والكثير من جرائم الارهاب، وهذه المسائل مؤكدة ولم ينكروها على الاطلاق، وان حاولوا تحميلها والباسها مسوح الوطنية، ولديهم نوعان من الاغتيالات، وهما اغتيال توقيفي واغتيال انتقامي، على حد وصف ثروت الخرباوي، الكاتب المعروف، الذي كان عضوا في الاخوان، واغتيالهم النقراشي كان انتقاميا لانه حل الجماعة وصادر اموالها، اما المقدم محمد مبروك فهو اغتيال توقيفي لانه كان سيشهد على خروج مرسي من وادي النطرون، وكان الشاهد الوحيد على ما يتعلق بقضية تخابر مرسي مع اجهزة استخبارات خارجية ومع حماس، فكان لابد من توقيفه بضربة توقيفية وليست انتقامية حتى لا يدلى بشهادته عملية اغتيال محمد مبروك تمت بطريقة احترافية شديدة ولم يترك المرتكبون اثرا في مكان الجريمة، ومن الواضح ان من قام بها ارتكبها من قبل لانه مدرب عليها، وهناك تشابه بين اغتيال محمد ابوشقرة ومحمد مبروك. وكان الاثنان غير معروفين ولهما اسماء حركية والمفترض انه لا احد يعرفهما من الاخوان الا قياداتهم ومن تمكن من الغوص في ملفات امن الدولة منهم وقت ان كانوا يسيطرون على البلاد’.
وهل ساهم الاخوان في قتله؟
ولازلنا مع قضية المقدم مبروك وهذه المرة يحقق فيها سليمان جودة في جريدة ‘المصري اليوم’: ‘ربما لم يتوقف البعض، من بين هؤلاء الكثيرين الذين اتهموا الاخوان بالمسؤولية الكاملة عن الجريمة، عند حدود الاتهام وحده، وانما اتجهوا مباشرة الى ادانتهم، اي ان هذا البعض، وهو معذور على كل حال، كما سوف نرى حالا، قفز فوق مرحلة التحقيق في الواقعة، وفوق مرحلة محاكمة الذين يثبت التحقيق مسؤوليتهم عنها، وذهـــب الى الادانة بشكل مباشر. وهو، اي هذا البعض، معذور، لانه نظر الى المسألة برمتها بالمنطق الذي يقول ان مرتكب اي جريمة، هو غالبا الطرف المستفيد من وقوعها، ولان المقدم مبروك كان مسؤولا عن ملف الاخوان، ولانهم يمكن ان يكونوا اول مستفيد من غيابه، فلابد انهم، وفق المنطق المشار اليه، هم قاتلوه! من ناحيتي، لا احب التعميم في الاحكام، اولا، ثم انني ثانيا، طالبت واطالب الاخوان بان يتوقفوا عن الدعوة الى خروج مظاهرات، حتى لا يأتى من يشاء، في ظل الاجواء التي تشيعها المظاهرات في العادة، ويرتكب ما يشاء من عنف، ثم يكون الاخوان مسؤولين عنه، لانهم هم الطرف الظاهر امامنا على الاقل، ولانهم، لسبب غير مفهوم بالمرة، لا يريدون ان يقطعوا الطريق على كل من قد يرتكب جرائم باسمهم وتحت ستار مظاهراتهم، لقد قالوا مرارا ان المظاهرات او المسيرات التي يدعون اليها سلمية تماما، ولا تجنح الى ممارسة عنف، ولا تحرض عليه، وقد كان الرد الجاهز على مثل هذا الكلام منهم، اننا نصدقكم فعلا، ولكن المشكلة ان كل مظاهرات ‘سلمية’ تخرج من جانبكم تنتهي في الغالب بالعنف، وليس هناك سوى احد احتمالين، اذا ما بحثنا عن المسؤول عن العنف في مثل هذه الحالة’.
ثقة المصريين في العسكر تتراجع
هذا ما يؤكده استطلاع يقرأ تفاصيله مصطفى النجار عضو البرلمان السابق في جريدة ‘الشروق’: ‘الاستطلاع الاخير لمؤسسة زغبي ــ وهي مؤسسة ذات مصداقية عالمية في اجراء الاستطلاعات والبحوث ــ الذي اجرته في سبتمبر مع عقد مقارنة بشهرى مايو ويوليو الماضيين، ترسم النتائج النهائية له صورة جديدة وخطيرة تنبأ بها العقلاء. الاستطلاع تم عبر عينة منهجية وممثلة للمصريين شملت مناطق مدنية وريفية حيث تم عمل المقابلات في مناطق القاهرة ــ الجيزة ــ الاسكندرية ــ بورسعيد ــ السويس ــ المنصورة ــ طنطا ــ شبرا الخيمة ــ اسيوط ــ المنيا ــ بنى سويف، الواقع الذي كشفه الاستطلاع يقول ان الثقة في المؤسسة العسكرية انخفضت من 93′ في يوليو الى 70′ في سبتمبر. اما القضاء فانخفضت الثقة فيه من 67′ في مايو الى 54′ في سبتمبر، اما عن الشرطة فتعتبر النسبة مستقرة نسبيا بـ52′ في مايو مقابل 49′ في سبتمبر. اما نسبة الثقة في الحكومة الانتقالية فهناك 42′ فقط لديهم ثقة في الحكومة الانتقالية، بينما فقد 52′ من المصريين الثقة في الحكومة. اما القادة السياسيون فالسيسي يحتل اعلى نسبة تأييد 46’ بينما يرفضه 52 ‘. اما الرئيس المؤقت عدلي منصور لم تتجاوز نسبة الثقة فيه 39’ بينما يرفضه 58 ‘ . اما الرئيس المعزول محمد مرسي فبلغت نسبة تأييده 44’ بينما رفضه 54 ‘ من المصريين! اما القوى السياسية فبلغت نسبة مؤيدي الاخوان في سبتمبر 34′ (26′ في مايو و24’ في يوليو) بينما رفضهم 59 ‘ من المصريين.. اما حزب النور فانخفضت نسبة تأييده الى 10 ‘ مقابل 86′ لا يثقون فيه، ومثله جبهة الانقاذ التي تدنى تأييدها الى 13’ مقابل رفض 84 ‘ من المصريين لها وعدم ثقتهم بها، ايضا تراجعت شعبية حركة تمرد، حيث قال 62′ من المصريين انهم لا يثقون بحركة تمرد مقابل 35′ يؤيدونها، اما نسبة المصريين الذين ليس لديهم ثقة في اي حزب فبلغت في سبتمبر 17′ بعد ان كانت في مايو 39′. اما الجزء الاخطر من الاستطلاع حول تقييم المصريين لعزل مرسي بعد مرور3 شهور على العزل، حيث ابدى 46′ من المصريين تأييدهم لعزل مرسي بينما رأى 51′ ان قرار عزله بهذه الطريقة لم يكن صوابا بعدما تبعه من نتائج. ورأى 35′ ان مصر احسن حالا بعد 30 يونيو و46′ قالوا انها صارت اسوأ، بينما رأى 18′ انه لم يتغير شيء’.
حكومة الببلاوي رومانسية..
تغني تحت شجر الليمون
ونتحول نحو الهجوم على الحكومه التي تحصد المزيد من الناقمين عليها ويقود الهجوم دندراوي الهواري في جريدة ‘الشروق’ : ‘الدكتور حازم الببلاوي، رئيس مجلس الوزراء، ورفاقه يسيرون على نفس نهج سالف الذكر في هذا المنصب الدكتور عصام شرف، المؤسس الاول لاسقاط هيبة الدولة، ويتشابه معه الى حد التطابق في ادارة البلاد برومانسية وهيام و’نحنحة’ عجيبة، ويزيد الببلاوي على سلفه الاسبق في انه يدشن الان لـ’الرخاوة الادارية’، وميوعة القرار.
نعم حكومة الببلاوى تدير البلاد برومانسية ونحنحة تفوق المعتاد، فنجد نائبه الدكتور زياد بهاء الدين، الرومانسي الهائم، يجلس تحت شجرة الليمون، ويسرح هيامًا وعشقًا في ملكوت السماوات، ويسأل نفسه دائما: ماذا نفعل مع الارهابيين الوحشيين؟! وترسل له العصافير زقزقتها من فوق الشجرة، وتطالبه بالصبر والتسامح، لان العشاق والمحبين متسامحون، ولديهم مخزون من الصفح والعفو لا ينضب ابدًا، فيقرر ان يتصل باستاذه ومعلمه عالم النحنحة والعشق المحرم الدكتور محمد البرادعي، الجالس على مقاعد كافيهات اوروبا، ويرد عليه وعيناه تتجول بين شقراوات العاصمة النمساوية فيينا، ويقول له: سامح يا زياد، لابد للرومانسي ان يكون متسامحًا، فتنفرج اسارير زياد، ويبدأ في ادلاء التصريحات الوردية عن العفو، وضرورة الجلوس مع جماعة الاخوان المحظورة. الرومانسيون والحالمون دائمًا لا يرون عيوبًا ولا اخطاء في الاخرين، ولا يرون ما يراه الناس عيانًا جهارًا وعلى عينك يا تاجر، هم هائمون وعاشقون، فتفجير اتوبيس يحمل خير اجناد الارض بالنسبة لهم قدر، وان اجلهم قد حان، ‘واللى مات مات’، ولابد ان نحلم بالغد. وعندما يأتى هذا الغد بأسوأ من سيناريو الامس، فلا يُغير في الامر شيئًا في نفس وعقيدة الحالم الرومانسي زياد بهاء الدين’.
جنينة يتعرض لمؤامرة بسبب
ملاحقته رموز الفساد
ولا يمكن ان نغض الطرف عن الظروف العصيبة التي يعيشها المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات الذي احيل للقضاء وهو ما دفع عدد كبير من زملائه لدعمه، من بينهم المستشار زغلول البلشي، مساعد وزير العدل لشؤون التفتيش القضائي ونائب رئيس محكمة النقض، الذي وصف المستشار هشام جنينة في جريدة ‘الشعب’ ذات التوجه الاسلامي والناطقه بلسان حزب العمل بانه حصن للحق، وانه مثال الشرف والامانة والنبل والنزاهة وتاريخه يشهد على ذلك، مشيرا الى ان قيامه بفتح ملفات عدد من المسؤولين في الدولة يعتبر من اداء واجبه وصميم عمله واحساسه بالمسؤولية التي يتطلبها موقعة، سواء كان قاضيا او رئيسا للجهاز. واكد ان ‘المستشار جنينة لا يتهم احدًا من فراغ، وكشفه لملفات فساد متورط فيها مسؤولون بالدولة يأتي استنادًا الى تقارير تقدم له’.
وقال زغلول البلشي ان ‘جنينة يتعرض لمؤامرة كبيرة لانه يفتح النار على ذيول النظام البائد، واوضح ان ما قام به من كشف الغبار حول اتهام عدد كبير من المسؤولين في الدولة كان له صدى كبيرا، وما فعله كان لزامًا عليه وفي اطار واجبه وصميم عمله واحساسه بالمسؤولية التي يتطلبها موقعه، سواء كان قاضيًا او رئيسا للجهاز من كشف كل قضايا الفساد واهدار المال العام’. واضاف البلشي انه ‘يعرف المستشار جنينة معرفة جيدة فهو ابن القاضي العظيم احمد جنينة رئيس نادي القضاة الاسبق، وانا على ثقة تامة من نزاهة هذا الرجل’، لافتًا الى انه ‘سيظل في عمله لانقضاء مدة ولايته وهي اربع سنوات من تاريخ قرار صدور تعيينه رئيسًا للجهاز، ولكن ذلك لا يمنع مساءلته اذا احيل للمحاكمة لاي سبب من الاسباب فهذا يكون شأنه شأن اي مسؤول’.
بهذه الطريقه نثأر ممن اغتالوا الرئيس عرفات
ومن مأساة المستشار جنينة الى قضية الزعيم الراحل ياسر عرفات وكيف يمكن القصاص من قتلته، كما نقرأ في جريدة ‘الشعب’ : اخيرا تأكد العالم ان ياسر عرفات قتل بالسم، لانه وقف حائلا كبيرا، في وجه مسلسل التنازلات الفلسطينية لقوات الاحتلال، حيث انتهت التحاليل الطبية لملابسه الى انه قتل بالسم، والغريب ان قادة فتح يطالبون بعرض التقرير على الجميعة العامة للامم المتحدة، لكي تصدر قرارا ليس له صفة الالزام ولم ينفذ مضمونه يتمثل في ادانة قتل ياسر عرفات، مع العلم ان المفروض قانونا ان يطالب مجلس الامن باحالة هذا الموضوع الى المحكمة الجنائية الدولية، باعتبارها جريمة حرب، وحال اصطدام ذلك بالفيتو الامريكي الجاهز، يمكن اللجوء الى الاتحاد من اجل السلم بالجمعية العامة الذي ينص في مادته الاولى على انه في حالة فشل مجلس الامن عن اداء مهامه طبقا للمادة (24) من ميثاق الامم المتحدة فان اختصاصات المجلس تنقل للجمعية العامة، اما طلب قادة فتح باصدار قرار ادانه فقط، فيدل على انهم ضالعون في مقتل عرفات او على الاقل يعرفون القاتل ويريدون حمايته، وليس ذلك لوجه الله ولكن بمقابل، ويمكن لاحدى الدول العربية والاسلامية المصدقة على النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية ان تطلب من المحكمة تحريك الدعوى الجنائية وعمل تحقيق جنائي حول الجريمة، لكي تصل للفاعل الاصلي في الجريمة وشركائه في الجريمة، وليس كما تطالب فتح، فياسر عرفات عاش زعيما وقتل زعيما حتى وهو في قبره مازال زعيما، هو رمز رغم الاختلاف معه وعليه، عاش مقاوما وكانت حياته نضالا ومقاومة سواء عسكريا او سياسيا، رغم اختلاف الكثير معه، الا انهم كانوا يدركون حقيقة وقيمة الرجل الرمز، حتى وهو في قبره مازال يثير الخلاف والاختلاف حوله’.
المؤامرة على مصر
تدار من الداخل
كثيرة هي المشاكل التي تواجهها مصر، حيث اصبح المواطنون لا يثقون في حكومة الدكتور الببلاوي في التعامل مع الازمات، وهو ما دفع عبد المنعم المشاط يتحدث في ‘الشروق’ عن مؤامرة تدار من الداخل: ‘لا شك ان اشرس الحروب التي تواجهها مصر اليوم هي الحرب التي يشنها عليها الارهابيون، ونظرًا لخطورة الارهاب على الامن القومى للدول، بما فيها الدول الكبرى والعظمى؛ فقد اتفق المجتمع الدولى على اعتباره ظاهرة دولية، وصار هناك اجماع حول حتمية التعاون الدولي ضده، والارهاب الموجود في سيناء والذي يتسلل الى الوادي يستهدف كيان الدولة المصرية والمجتمع المصري لتحقيق هدفين رئيسيين: الاول، هدم اقدم دولة في التاريخ وتحويلها الى كيانات ضعيفة متناحرة معرضة للخطر، والثاني، تسليمها الى القوى الخارجية بابخس الاسعار، واذا كانت قوى الاسلام السياسي، وعلى رأسها الاخوان، يقومون بشن تلك الحرب او تمويلها وحمايتها؛ فان عبء مواجهتها واستئصالها يقع على المؤسستين الشرطية والعسكرية وحدهما، ولم يتم اشراك الشعب والمجتمع المدني في ذلك، على الرغم من ان الارهاب يستهدفهما بالاساس. ولما كان الارهابيون يتمركزون في بعض الاحيان في اماكن سكنية؛ فلا بد من تدريب فرق مقاومة شعبية على اوسع نطاق لتطويق بؤر الارهاب ومتابعته وحصاره والتبليغ عنه’.
المشروع النووي المصري
السعودي لابد ان يولد الان
والى شأن اخر هو بمثابة حلم بعيد المنال حول المشروع النووي المصري السعودي، غير ان طلعت المغربي في جريدة ‘الوفد’ يراه حلا لا بديل عنه: ‘بات الحديث عن المشروع النووي المصري – السعودي الان ضرورة استراتيجية ملحة وليس ترفا، في ظل فشل مبادرات مصر والدول العربية في اخلاء منطقة الشرق الاوسط من اسلحة الدمار الشامل، بعد ثبوت امتلاك اسرائيل نحو 200 قنبلة نووية على الاقل، كافية لابادة العالم العربي والشرق الاوسط عدة مرات وليس مرة واحدة. كما بات المشروع النووي المصري – السعودي خيارا وحيدا في ظل التفاهمات الامريكية – الايرانية وبدء حوار شامل بينهما، يتم خلاله تقليل طهران نسبة تخصيب اليورانيوم الى 20’ فقط يتم بمقتضاها الافراج عن الارصدة الايرانية المجمدة في البنوك الغربية وتخفيف حدة الحصار الاقتصادي على ايران، تمهيدا لالغائه بشكل شامل، واذا لم يتم انجاز النووي المصري – السعودي خلال الفترة القادمة سيجد العرب انفسهم امام ايران النووية واسرائيل النووية، من دون وجود اية اسلحة ردع لديهم تحميهم من خطر الفناء الشامل.
لقد كثر الحديث حاليا حول شراء السعودية صواريخ طويلة المدى من الصين تصل الى طهران وتل ابيب ومع التقارب الامريكي – الايراني والغاء الضربة الامريكية لمشروعات ايران النووية، وتردد اسرائيل اكثر من مرة في القيام بالمهمة خوفا من الانتقام الايراني، سوف تجد السعودية نفسها وحيدة امام ايران النووية خلال عدة سنوات، فالتفاهمات الاخيرة بين واشنطن – طهران ادت الى تأجيل اطلاق البرنامج النووي الايراني وليس الغاءه، وزاد الحديث عن تفكير الرياض في شراء قنبلة نووية من باكستان التي مولت مشروعها النووي بـ 2 مليار دولار كما تردد، الا ان ذلك امر صعب في ظل القيود الشديدة التي تفرضها الوكالة الدولية للطاقة الذرية على الدول النووية’.
علماء الازهر يطالبون
باسقاط الجنسية عن حارق العلم
اكد علماء الازهر الشريف، ان احراق العلم جريمة تستوجب العقاب، ووفقا لـ’الاهرام’ قال الدكتور احمد عمر هاشم، رئيس جامعة الازهر الاسبق، ‘ان العلم المصري هو رمز وطني للامة، وعلامة بارزة للايمان الصادق في القلوب، وكان العلم في الحروب له اهمية كبرى يتمسك بها المسلمون منذ عهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عندما فتح الله عليه مكة المكرمة وحمل الصحابة امامه (العلم) فكان الذي في يده العلم يوم فتح مكة يقول اليوم هو يوم (الملحمة) تستباح الكعبة، فما ان سمع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، منه هذا، الا وامر ان تؤخذ الراية منه وان تعطى لغيره’.
من جانبه يشير الدكتور احمد محمود كريمة، استاذ الشريعة الاسلامية بجامعة الازهر الى ‘ان حرق العلم جريمة لا تغتفر، لانها رمز للوطن والمواطنين، وكان للنبي، صلى الله عليه وسلم، رايات، وعرف المسلمون الاوائل الرايات وعظموها، ففي غزوة مؤتة، حينما استشهد جعفر بن ابي طالب وهو يحتضن الراية بعضديه، يدل ذلك على احترام العلم والسلام الوطني وما اشبه من رموز وغيرها، تدل على احترام المسلمين الاوائل وفهمهم لدلالات الرايات والشارات وسائر الرموز’. واضاف ان ‘الذين اقدموا على حرق العلم قدموا البراهين لبني وطننا وللعالم اجمع انهم يعقون وطنهم ويمتهنونه بالاساءات لرموز البلاد، ويجب انزال اقصى واقسى العقوبات عليهم واسقاط الجنسية المصرية عنهم لانهم لا يستحقونها، وان تسلب منهم المواطنة’. ويؤكد الدكتور مصطفى عرجاوي عميد كلية الدراسات الاسلامية والعربية للبنات بجامعة الازهر ان ‘الراية التي ترفع ينبغي ان تحترم من الجميع، طالما اننا ارتضينا ان تكون الراية رمزا لوطننا’.