لندن ـ ‘القدس العربي’ مع اعلان مجموعة اصدقاء سورية يوم السبت في الدوحة عن ضرورة دعم المقاتلين السوريين من اجل تحقيق ‘توازن’ في الميدان قبل الذهاب الى جنيف الثانية، والتقارير المتكررة عن وصول شحنات من الاسلحة الفتاكة التي قامت دول الخليج بشرائها للمقاتلين، واحاديث عن تدريبات للمقاتلين في الاردن، يضاف الى هذا حديث عن عودة عكسية للاجئين السوريين من مخيم الزعتري في الاردن لبلادهم.
كل هذا بعد ان تعهدت مجموعة اصدقاء سورية الداعمة للمعارضة تقديم الدعم الضروري والطارىء المادي والاجهزة للمقاتلين ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد، ومع ان الاتفاق لم يحدد طبيعة الاسلحة التي ستزود بها المعارضة وترك الامر لكل دول كي تقرر طبيعة الدعم الا ان المؤتمر اكد على نهاية ‘الفيتو’ الامريكي على تزويد المعارضة. ونقل عن مشاركين في المؤتمر قولهم ان السعودية وقطر جاهزتان لتزويد المقاتلين بصواريخ مضادة للطائرات وقذائف قادرة على اختراق الدبابات.
تعهدات اقوى
وتقول صحيفة ‘واشنطن بوست’ ان التعهدات الجديدة تختلف عن سابقتها التي اتسمت بالخلافات وعدم التنسيق، فهذه المرة هناك تصميم من الداعمين، وسيكون الدعم نوعيا وهو ما عبر عنه وزير الخارجية الامريكي جون كيري الذي اعترف بحدوث خلافات احيانا وربط بين الدعم الجديد، ودخول حزب الله للمعركة في سورية واتهامات واشنطن للنظام باستخدام السلاح الكيماوي. وتضيف الصحيفة ان قرار الدوحة ما هو الا تأكيد لاستمرارية الدعم والتنسيق وخضوعها لاجراءات بحيث يمنع وقوعها في يد المقاتلين الاسلاميين، فقد حصل المقاتلون على دفعات جديدة من الصواريخ (ارض- جو) من ليبيا عبر قطر. ووصف مسؤول غربي شارك في المؤتمر بأنه ‘رد جماعي’ للدعوات التي اطلقها اللواء سليم ادريس، رئيس هيئة اركان الجيش الحر في الاسابيع الاخيرة بعد هزيمة معركة القصير. وجاء اجتماع اصدقاء سورية (المكون من 11 دولة) وهو الرابع منذ 11 شهراب بعد اجتماع في العاصمة الاردنية عمان حيث تراجعت فيها حظوظ المعارضة السورية على الارض. ويرى مراقبون ان تأخر انعقاد مؤتمر جنيف جاء بسبب خسائر المقاتلين والانجازات التي حققتها القوات السورية التابعة للنظام في الاشهر الاخيرة.
وعلى الرغم من الاجماع الذي اتسم به اجتماع الدوحة الا ان المانيا عارضت تسليح المعارضة حتى لا تتأثر جهود الاغاثة الانسانية وحتى لا يتصاعد التوتر الطائفي الذي زادت حدته بسبب دخول حزب الله لسورية، والدعوات للجهاد التي نادى بها علماء السنة من القاهرة، العاصمة المصرية.
هجرة عكسية
وجاء التطورات السياسية في الوقت الذي اشارت فيه الصحيفة الى نزعة نزوح من مخيم الزعتري نحو سورية من جديد، وقالت ان عدد اللاجئين الذين يعودون الى بلادهم اكثر من الداخلين للاردن الذي يعيش فيه اكثر من 500 الف سوري منذ اندلاع الازمة قبل اكثر من عامين. ونقلت عن سوريين في مخيم الزعتري الذي يعيش فيه اكثر من 150 الف لاجىء انهم يخططون للعودة والسبب هو خوفهم من تراجعات المعارضة السورية ومن امكانية سيطرة القوات الموالية للنظام على اخر منطقة آمنة بين الاردن وسورية مما سيتركهم عالقين على الجانب الاخر.
وتقول الصحيفة ان الرحيل العكسي يأتي في الوقت الذي يعيش فيه الهاربون من جحيم الحرب والمقاتلون على حد سواء حالة خوف سببها تحول ميزان الحرب ضدهم. وفي مقابلات مع مقاتلين وقادة للمعارضة اجرتها معهم في مخيم الزعتري قالوا ان الجيش السوري وبدعم من ايران والعراق وحزب الله يحقق تقدما. ويصف المقاتلون حالة زملائهم الذين يواجهون القوات السورية بانهم يعيشون على الماء وقطع الخبز وما يعثرون عليه في الاسواق والحقول.
ويقولون ان بعض المقاتلين يأكلون اوراق الشجر. ويقولون ان النقص في الطعام شيء والذخيرة شيء اخر حيث لا يحمل المقاتل معه سوى رصاصات. ويضيفون ان الطرق التي كانوا يسيطرون عليها استعادتها قوات الاسد. وتضيف ان اللاجئين ايضا يعيشون وضعا صعبا في المخيم حيث الحر الشديد ويقول احدهم انه قرر العودة بعد ان ما تبقى من توفيره الفي دولار ‘افضل الموت بكرامة في سورية على ان اتسول في الاردن’، وقال ممثل المفوضية العليا للاجئين اندرو هاربر انه شاهد اعدادا كبيرة من السوريين يعودون في الايام القليلة الماضية. ولاحظ تراجعا في اعداد القادمين لللاردن ففي الوقت الذي كان يدخل فيه خمسة الاف في اليوم اصبح معدل القادمين لا يتجاوز الـ 250 لاجئا.
ويقول انه لا ينصح السوريين بالعودة ‘صحيح ان الاوضاع في المخيم صعبة لكن الاوضاع في سورية اسوأ’. ويضيف ان اعداد العائدين احيانا تتفوق في بعض الايام على القادمين، ويتأثر عدد العائدين بالاوضاع في سورية ففي نهاية الاسبوع الماضي تراجع عدد المسافرين الى الصفر. ومع ان اجتماع الدوحة وقبله باراك اوباما تعهد بدعم المعارضة الا ان سكان المخيم تلقوا الاخبار بنوع من الشك. ونقلت عن عقيد سابق في الجيش يعمل الان مع الجيش الحر ‘لماذا انتظروا طويلا، لحين هزيمتنا تقريبا’.
تدريب المعارضة
وتشير الصحيفة الى ان الادارة الامريكية تقدم الدعم اللوجيستي للمقاتلين فعادة ما يتسلل المقاتلون من داخل سورية للاردن لتلقي دورات تدريبية على ايدي خبراء امريكيين والتي تتراوح مدتها من يومين الى اسبوعين حيث يعودون للقتال مرة اخرى.
وتقول الصحيفة ان دور الامريكيين في برنامج تدريب المقاتلين يشمل ايضا الاشراف على التعاقد مع الموظفين والمدربين الاجانب الذين يقومون بالجزء الاكبر من البرنامج التدريبي. وتقول التقارير ان عملاء الاستخبارات الامريكية وضباط القوات الخاصة يقومون بتدريب جماعات مختارة من المقاتلين السوريين في الاردن وتركيا ومنذ العام الماضي حسب ما اوردت صحيفة ‘لوس انجليس تايمز’. ويقول خمسة من قادة المعارضة العسكريين انهم تدربوا في المعسكرات او يعرفون عن وجودها في الاردن، ووصفوا الدورات التي تستمر 10 ايام والتي يتلقى فيها المقاتلون تدريبات على الاسلحة الخفيفة والاساليب القتالية، وانهم تلقوا تدريبات على استخدام اي كي -47 والقنابل اليدوية والاساليب القتالية الحديثة والقديمة. ونقل عن قائد فصيل للمعارضة حول دمشق قوله ان التدريبات الاخيرة لم تكن ميدانية بل حصص وتمارين وامتحانات حول معاملة اسرى الحرب، وطرق حماية الاسلحة الكيماوية. وعادة ما يتم نقل الاسلحة الجديدة من خلال المجلس الاعلى للثورة السورية ورئيس اركانه سليم ادريس حيث يهدف من هذا منع وصول الاسلحة للجهاديين.
وقد ناقشت مجموعة اصدقاء سورية سبلا لمنع وقوع الاسلحة في ايديهم حيث تضمنت الخيارات وضع رقاقات الكترونية في الاسلحة وتصوير عمليات تسليم السلاح بالفيديو واعادة قاذفات الصواريخ قبل ان يتم توزيع الشحنات الاخرى من الصواريخ.
الدفاع عن العرض
وهناك سبب اخر لعودة اللاجئين وهو استجابة الدعوة للجهاد والدفاع عن قراهم بعد دخول حزب الله، حيث يقول احمد السعيد انه انضم وثلاثة من ابناء عمه للجيش الحر بعد دخول ‘المقاتلين الاجانب الى وطننا حيث يريدون قتل الثورة’ فقد ‘حان الان وقت الدفاع عن ارضنا وعرضنا’. ويقول احمد الزعبي انه يخطط للانضمام لاحد الفصائل الاسلامية المقاتلة خاصة ان ‘مقاتلي حزب الله والايرانيين يذهبون من بيت لبيت ويغتصبون نساء ويقتلون الاطفال ويدمرون المساجد’. وهي مزاعم ولعل الدافع الاكبر للاجئين الشباب العودة لسورية هي توارد التقارير عن الخسائر الكثيرة التي يتكبدها المقاتلون هي الدافع الرئيسي للعودة. ويأمل الجيش الحر الذي اعلن عن وصول شحنات جديدة من الاسلحة حرف ميزان الحرب مع ان خالد صالح المتحدث الاعلامي باسم الائتلاف الوطني السوري انها ليست كما طلب المقاتلون ولكنها ‘تعني انه بامكاننا الرد على الهجمات الجوية والمدفعية’. وتشير التقارير الميدانية ان الاسلحة الجديدة تركت اثرها على ساحة المعركة حيث نقل عن قيادي عسكري في حلب قوله ان المقاتلين اطلقوا صواريخ ‘كونكورز’ الاسبوع الماضي من مواقعهم على الجيش السوري ودمرت اليات له مشيرا ان ‘الوضع في حلب ساخن جدا’. ويقول المقاتلون انه مع رفع امريكا الفيتو على نقل الاسلحة لهم فهم يأملون بوصول شحنات من الاسلحة الثقيلة تم شراؤها عبر تجار سلاح ليبيين.
عامل حزب الله
وربطت صحيفة ‘لوس انجليس تايمز’ الدفع نحو نقل الاسلحة بتزايد دور حزب الله في سورية والذي ادى لحالة من الغضب العارم في العالم العربي خاصة دول الخليج بمن فيها السعودية التي تتنافس مع ايران على التسيد في المنطقة.
وتقول ان الحرب الطائفية تعتبر من اقوى واكثر الحروب خطورة الناجمة عما يسمى بالربيع العربي مما اثار لتحول سورية الى ساحة حرب طائفية بين السنة والشيعة. وتنقل الصحيفة عن باحثة في مركز الاهرام للدراسات قولها ان الدول العربية ‘تنظر الى سورية كساحة لانهاك ايران مما يحرف نظرها عن قضايا اخرى قد تهم العالم العربي’، مضيفة ان ‘دخول حزب الله للمعادلة زاد من الخطاب الطائفي وحول النزاع الى صراع بين السنة والشيعة’.
وتضيف ان دخول حزب الله الى جانب النظام السوري زاد من مخاوف الدول السنية من ان ايران تستخدم الحرب الاهلية في سورية لزعزعة الاستقرار. واضاف ان سورية لم تعد صراعا فقط بين الاسد والمعارضة المسلحة بين شبكات السنة والشيعة التي جاء مقاتلون من اماكن بعيدة من طهران والقاهرة.
ويقول مصطفى العاني الباحث البارز في مركز الدراسات الاستراتجية في دبي ان ‘حزب الله هو جزء من المؤامرة الايرانية ذات الاهداف الاستراتيجية في المنطقة’، مع ان حسن نصر الله زعيم حزب الله يقول ان دخول قواته جاء بعد دخول المقاتلين الاجانب لسورية والذين شكلوا تهديدا على حليفه في دمشق. وتقول الصحيفة ان فكرة وجود القوات التابعة لحزب الله في سورية ادت الى حملة ونداءات الى القتال في سورية. ويرى خبراء نقلت عنهم ان دول الخليج التي ترى القتال في سورية مواجهة مع ايران كانت ترغب بدور امريكي اوسع اي قيادة المعركة ضد النظام في دمشق من الخلف تماما كما فعلت في ليبيا. ويعتقد باحثون ان الدور الخليجي في سورية جاء من اجل حرف الانتباه عن القضايا الداخلية في تلك البلاد وهذا امر يحدث الان في مصر.