تنطلق فعاليات الدورة التاسعة لمهرجان مالمو للسينما العربية في الرابع من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وتستمر لغاية الثامن منه، وسوف يُعرض خلال أيام المهرجان 47 فيلمًا بواقع 25 فيلمًا روائيًا ووثائقيًا طويلاً و22 فيلمًا قصيرًا، ويُعدّ هذا المهرجان أكبر منصة لعرض الأفلام العربية خارج العالم العربي.
يتضمن المهرجان الذي يرأسه المخرج محمد قبلاوي ثلاث مسابقات رئيسة وهي: «الأفلام الروائية الطويلة، والوثائقية الطويلة، والأفلام القصيرة» إضافة إلى برنامج «ليالي عربية» الذي يحتفي بأكبر الإنتاجات السنوية، وقد انتقت لجنة الاختيار لهذا العام ثلاثة أفلام عربية وهي، «تراب الماس» للمخرج المصري مروان حامد، والفيلمان التونسيان «بورتو فَرينا» لإبراهيم اللطيف، وفيلم «دشرة» للمخرج عبد الحميد بوشناق. كما ينظم المهرجان عروضًا خاصة بالعائلات وطلبة المدارس.
الهجرة إلى الداخل والخارج
في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة هناك فيلمان مصريان، لكننا سنكتفي بتسليط الضوء على فيلم «ليل خارجي» للمخرج أحمد عبدالله السيّد. تتمحور الأحداث في هذا الفيلم على ثلاثة أشخاص وهم «مو وتوتو ومصطفى» حيث يلعب «مو» دور المخرج الذي يكافح من أجل إنجاز فيلمه الجديد، أما «توتو» فتجسّد دور الغانية، فيما يؤدي مصطفى دور سائق التاكسي الذي يطوف في أرجاء القاهرة ويشتبك مع «مو» في منافسة قوية، وصراع حاد يحاول كل منهما أن يثبت قدرته على القيادة، بينما تحاول «توتو» أن توازن بين الطرفين المتنافسين. لا يخلو الفيلم من نفَس فكاهي رغم بحثه العميق في أعماق المجتمع المصري وحارات القاهرة. أنجز أحمد عبدالله السيد عددًا من الأفلام المهمة من بينها «هليوبوليس» و«ميكروفون»، و«فرش وغطا». تشترك تونس بفيلم «فتوى» للمخرج محمود بن محمود في مسابقة الأفلام الروائية. يسلِّط هذا الفيلم الضوء على إبراهيم ناظور الذي يعود من فرنسا إلى تونس لدفن جثمان ابنه الوحيد مروان، الذي توفي في حادث مروري، لكن الوالد تراوده الشكوك في وفاة ولده، فيقرر البحث عن الحقيقة مهما كلّفه الثمن، ثم يكتشف أن ابنه كان منتميًا إلى إحدى الجماعات الإسلامية المتطرفة، وأن طليقته اليسارية مهددة بالاغتيال، وأن الموت ينتظره شخصيًا عند عتبة المطار إذا ما أقفل عائدًا من رحلته الاستقصائية المريرة. أنجز محمود بن محمود عددًا من الأفلام نذكر منها «عبور» و«شيشخان» و«قيلولات متفجرة».
للخليج حصته في مهرجان مالمو للسينما العربية، حيث تشترك عُمان بفيلم «زيانة» للمخرج خالد الزدجالي. تتمحور فكرة هذا الفيلم على زيانة التي تترك بلادها وتغادر إلى الهند، إثر حادثة مروّعة فتختفي هناك وتنقطع أخبارها، الأمر الذي يدفع زوجها «عادل» للسفر إلى هناك والبحث عنها. الفيلم من بطولة علي العامري ونورة الفارسية وشريفة الصابري 2019. أنجز خالد الزدجالي فيلمين مهمين، الأول يحمل عنوان «ألبوم» 2006 الذي يُعد أول فيلم روائي طويل في السلطنة، ثم أردفه بفيلم «أصيل»، و«زيانة» هو فيلمه الروائي الطويل الثالث. كما تشترك أفلام أخرى في المسابقة من بينها «طفح الكيل» لمحسن البصري، و«صباح الخير» لبهيج حجيج، و«مفكّ» لبسّام الجرباوي. تتألف لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة من الممثلة ليلى علوي، والمخرج التونسي رضا الباهي، والناقد السينمائي العراقي قيس قاسم.
لمسات تجريبية
لا يفرّق القائمون على المهرجان بين المسابقات الرسمية الثلاث، فكل مسابقة لها حصتها من الأفلام المهمة التي تستقطب جمهورها الخاص. فمسابقة الأفلام الوثائقية تتضمن حتى الآن 8 أفلام، ومن المرجح أنها تزداد خلال الأيام القليلة المقبلة، وسوف نتوقف عند فيلمين وثائقيين وهما «طرس.. رحلة الصعود إلى المرئي» للمخرج اللبناني غسان حلواني وفيلم «الكيلو 64» للمخرج المصري أمير الشناوي.
أما الفيلم الوثائقي الثاني فهو «الكيلو 64» للمخرج المصري أمير الشناوي الذي يسلّط الضوء فيه على شاب طموح تخرّج في كلية الصيدلة، لكنه قرر أن يغيّر مجال عمله وينشئ مزرعة في الكيلو 64 على طريق القاهرة – الإسكندرية الصحراوي
يُصنّف «طرس» كفيلم وثائقي تجريبي لا يخضع لاشتراطات وعناصر الفيلم الوثائقي المألوفة التي نعرفها، فالمخرج يتحدث عن رجل تمّ اختطافه قبل 35 سنة، لكننا كمتفرجين لا نعرف هذا الشخص المخطوف، ولكن الراوي لمح صورته على الحائط في معرضٍ للصور منذ عشر سنوات وهو يسير في الشارع، غير أنه لم يقطع شكّه باليقين إن كانت الصورة تعود للمخطوف ذاته، فثمة أجزاء ممزقة من وجهه تثير شكّ الراوي وريبة المُشاهدين معًا، صحيح أن ملامح المخطوف لم تتغيّر كثيرًا، إلاّ أن هناك شيئًا مختلفًا في معالم وجهه وكأنه ليس الرجل الذي عرفه الراوي. يعتمد مخرج الفيلم على تقنية المفاجأة والإدهاش في هذا الفيلم، فقد خبّأ هذه المعلومة على مدى 76 دقيقة ليفاجئنا في خاتمة المطاف بأن الشخص المخطوف هو والده زياد حلواني!
أما الفيلم الوثائقي الثاني فهو «الكيلو 64» للمخرج المصري أمير الشناوي الذي يسلّط الضوء فيه على شاب طموح تخرّج في كلية الصيدلة، لكنه قرر أن يغيّر مجال عمله وينشئ مزرعة في الكيلو 64 على طريق القاهرة – الإسكندرية الصحراوي، لكنه يصطدم بالكثير من الصعوبات التي لم تخطر في البال. ومن بين الأفلام الوثائقية الأخرى المشاركة في هذه المسابقة نذكر «طريق البيت» للسوري وائل قدلو، و«أوفسايد الخرطوم» للسودانية مروة زين، و«أرواح صغيرة» للأردنية دينا ناصر. تتألف لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الوثائقية من الناقد والمبرمج طارق شعبان، والمخرجة والمنتجة مي مصري، والمخرج المغربي عبد الإله الجوهري.
أفلام جريئة وحميمة
تضمّ مسابقة الأفلام القصيرة 22 فيلمًا، هنا نماذج محددة منها مثل «شوكة وسكّينة» لآدم عبد الغفّار الذي يتناول العلاقات العاطفية لشخصيات الفيلم الرئيسة، منطلقًا من فكرة «أنّ الوحدة تقصِّر الأعمار» كما يدّعي بعض العلماء وأنّ على الجنسين، رجالاً ونساءً، أن ينفتحوا على بعضهم بعضا ويقيموا علاقات عاطفية تُنقذهم من أزماتهم النفسية التي يعانون منها في المجتمع المصري المعاصر، كما يركِّز الفيلم على الخيانات الزوجية للطرفين، وثمة لقطات ومشاهد حميمة لا تخلو من الجرأة والرومانسية المفرطة. «شوكة وسكينة» هو الفيلم الأول للمخرج آدم عبد الغفّار.
أما الفيلم الثاني فهو «بطّيخ الشيخ» للمخرجة التونسية كوثر بن هنية وبطولة أحمد الحفيان وبلال سليم، تدور أحداثه حول شيخ مسجد يحظى باحترام الجميع تقريبًا، لكنه يتعرض للخديعة من قِبل مساعده الذي يخطط لإزاحته والحلول محلة. يتوفر الفيلم على نفَسٍ كوميدي خفيف من دون أن يضحي بعمق الفكرة الجدية، التي تتمثل بالصراع على السلطة في كل الوظائف والمناصب الحكومية. تتألف لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة من الناقد المصري وليد سيف، وملاك دحموني مديرة مهرجان المغرب، والناقد الجزائري نبيل حاجي.
جدير ذكره بأنّ مهرجان مالمو للسينما العربية سوف يُفتتح بفيلم «في عينيا» للمخرج التونسي نجيب بلقاضي، الذي تدور قصته حول مهاجر تونسي مقيم في فرنسا، يضطر للعودة إلى بلده للعناية بولده المصاب بمرض التوحّد. أما فيلم الاختتام فسيكون بالفيلم المصري «يوم وليلة» للمخرج أيمن مكرم، وبطولة خالد النبوي، وأحمد الفيشاوي، ودرّة، وحنان مطاوع. كما يحتفي المهرجان بالسينما التونسية كضيف شرف وسوف يُعرض لها خمسة أفلام روائية طويلة وأربعة أفلام قصيرة بضمنها فيلم الافتتاح.
٭ كاتب عراقي