لقد تراجعت الديمقراطية في دول كثيرة في العالم وذلك بفضل عودة التسلطية والديكتاتورية بالاضافة لصعود الصين وروسيا. لكن الفكرة الديمقراطية ليست قائمة على فرضية التقدم والانحسار الديمقراطي بقدر إرتباطها بتحولات أعمق تسبر غور النفس البشرية. فلولا بحث الانسان الدائم عن الكرامة والعدالة والمساواة، كما وعن الحرية والمشاركة ومحاسبة قادته ونقدهم لما تطورت الديمقراطية بالأساس. لقد كان نشوء الديمقراطية في البداية فعلا إبداعيا في مواجهة الاستبداد والتسلط، ولازال هذا الخيال قائما بين شعوب العالم لأنه مرتبط باحتياجات اساسية للإنسان. لهذا يخطئ من يعتقد من النخب المسيطرة خاصة في العالم العربي أن الفكرة الديمقراطية في طريقها للانهيار، بل في افق الزمن القادم هي في طريقها لتجميع قوتها ولبناء موجة جديدة ستشمل مجتمعات ودولا شتى.
ليست هذه هي المرة الاولى التي تبدو الديمقراطية وكأنها في طريقها للانكماش والانهيار. فبعد الحرب العالمية الأولى ساد الاقتناع بنهاية الديمقرطية التي كانت قد شملت بضع دول في العالم الغربي. ففي البداية تحولت روسيا للاتحاد السوفياتي الشيوعي. فالشيوعية السوفياتية كانت بطبيعتها صاحبة رسالة عالمية معادية للديمقراطية. لكن مع صعود النازية والفاشية في أعقاب الحرب العالمية الأولى، بدا وكأن عصر الديمقراطية قد انتهى لصالح ديكتاتوريات جديدة في المانيا وايطاليا.
لكن انتصار الديمقراطية في الحرب العالمية الثانية واجه تحديات كبرى من خلال انتشار الشيوعية بنفس الوقت، وهذا جوهر الحرب الباردة. لقد نافست الشيوعية النظام الديمقراطي الرأسمالي وهددته في أسس بنيانه الفكري واوشكت على إسقاطه في مواقع كثيرة في العالم. حتى النمسا كانت على وشك أن تتحول للشيوعية. لكن الشيوعية لم تصمد امام الديمقراطية، ففي أواخر ثمانينيات القرن العشرين انتهت المنافسة بين الديمقراطية والايديولوجية السوفياتية الشيوعية لصالح الديمقراطية. لكن انتصار الديمقراطية في بداية تسعينيات القرن العشرين لم ينه المنافسة، فقد صمدت الديكتاتورية وصعدت معها (وفي عقر دار الدول الديمقراطية الغربية) في السنوات القليلة الماضية الأيديولوجيات القومية والشعبوية والعنصرية.
الديمقراطية فكرة قابلة للتأقلم، وهذا جانب أساسي في قوتها. لقد تغيرت الديمقراطية القديمة التي عرفها القرن الثامن عشر والتاسع عشر. فعلى سبيل المثال نجحت الديمقراطية في استيعاب احتجاجات الريف البريطاني في اواخر القرن التاسع عشر ونجحت فيما بعد في ادخال الضمان الاجتماعي وقوانين العمل والتقاعد بفضل احتجاجات عمالية كبرى (تلك سياسات اخذتها الديمقراطية من الفكر الشيوعي). لهذا نجحت الديمقراطية في مواجهة المد الشيوعي من خلال تطوير مبادئها لتشمل الإعتناء بحقوق الطبقات الدنيا.
لولا بحث الانسان الدائم عن الكرامة والعدالة والمساواة، كما وعن الحرية والمشاركة ومحاسبة قادته ونقدهم لما تطورت الديمقراطية بالأساس
الموجه القادمة والرابعة للديمقراطية ستكون ايضا ذات إنتشار عالمي، إذ ستركز على مواجهة الشعبوية وقيم التعصب والتفرقة والعنصرية والحريات بكل اشكالها، ستواجه هذه الديمقراطية الظلم الذي تتعرض له الطبقات الشعبية في معظم دول العالم بما في ذلك في الولايات المتحدة ودول الغرب (الاحتجاجات في فرنسا ومواجهة ترامب في الولايات المتحدة). في الموجة الجديدة للديمقراطية لن يكون مقبولا تمركز الثروات بيد 5٪ من أصحاب النفوذ. في أجواء كهذه من الطبيعي ان نرى صعود للفكر اليساري والفكر النقدي المتصالح مع الديمقراطية.
إن أهم حليف للديمقراطية مرتبط بتطلعات الشعوب نحو الحرية ومساءلة حكوماتهم وقادتهم. ومن حلفاء الديمقراطية الرأي العام العالمي، فهو ذات الرأي العام الذي تبنى قضية جمال خاشقجي، وهو ذاته الذي يتبنى موقفا من سياسات الرئيس ترامب الشعبوية، بل هو نفسه الذي يبرز أصوات تتحدى الصهيونية بسبب احتلالها واضطهادها للشعب العربي الفلسطيني. الرأي العام قوة هائلة ومخزون قادم للديمقراطية وحقوق الانسان.
لو دققنا أكثر في المشهد الملتبس كونيا سنجد أن دولة كبرى كروسيا لا تمتلك فكرا قابلا للانتشار في العالم، فنظامها يقوم بالأساس على فكرة الدولة السلطوية، وهي دولة ينخرها الفساد، ويتحكم فيها مجموعة من كبار المتنفذين والمسيطرين على النفط والغاز. هذا النموذج لا يمكن حمله على أجنحة العالمية وهو لا يصدر قيم الحرية لاحد. الرئيس بوتين معلم للمستبدين في العالم، لكنه ليس مفيدا لحراكات الشعوب والقوى التحررية التي تريد نظاما مسائلا ومختلفا عن النظام الذي يقوده بوتين. بوتين ظاهرة روسية، على أهميتها لروسيا، لا تحمل رسالة عالمية.
بنفس الوقت لم تعد الصين وهي الدولة الكبرى الثانية، صاحبة رسالة عالمية كما كان الامر في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين. لا تمتلك الصين ما تصدره فكريا أمام الأيديولوجية الديمقراطية والحقوقية، كل الذي تستطيع عمله أن تستمر الصين في صعودها الاقتصادي والذي يصاحبه انغلاق سياسي إلى أن تواجه معوقات سياسية واجتماعية، فهي حينها ستقف عاجزة عن مواجهة التحولات الاجتماعية العميقة التي ستقرع ابوابها. النموذج الصيني عاجز عن مواجهة فرضية مغرية عالميا كفرضية «الشعب مصدر السلطات». لهذا تنطلق التجربة الصينية من أن الحزب هو مصدر السلطات، وهذا نموذج يصعب تصديره إلا من خلال الانقلابات الديكتاتورية التي لم تعد الشعوب تتقبلها.
إن فكرة الحرية والظلم والعدالة الاجتماعية وانشاء نظام مساءل وتغير حكومة بواسطة صناديق الاقتراع، وحرية الصحافة وحرية التعبير هي من محركات القرن الواحد والعشرين وهي ليست معزولة عن بناء نظام اقتصادي عادل ونظام اقتصادي حيوي. هذه المنظومة الفكرية ستزداد قيمة بفضل تركيز الحراكات الديمقراطية على العدالة الاجتماعية وحقوق الطبقات المهشمة ومن لا صوت لهم. الديمقراطية قادمة في إطار موجة رابعة، بل إن المواجهة القائمة في الولايات المتحدة حول سياسات الرئيس ترامب الشعبوية ستكون احد مكونات استعادة الديمقراطية بل وتعميقها في العالم. من السودان للقاهرة ومن الولايات المتحدة لليمن وفلسطين ومن الدول العربية من الخليج للمحيط يبحث الانسان عن حق التعبير وعن تقرير مصيره وعن واقع يحترم الانسان ويمنع القمع والانتهاك.
استاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت
الديموقراطية الغربية كانت في مقاصدها خدمة للغربيين دون سيواهم من الشعوب. ولو كان الغرب له نية في نشر نفس هذه الديموقراطية، وبالمعايير الغربية في بلدان الغير وحصريا في بلاد المسلمين،لما احتلت فلسطين وشرد شعبها، وغرس عوضه لقطائ من جميع الصقاع العالم، ولوكانت الديموقراطية الغربية قد انتصرت علئ الاتحاد السوفياتي، لما كان حال افغانستان وشعبها بهذه الدرجة من الفوضى، وكذالك الشعب العراقي، والسوري والليبي….
ولهذا يتاكد ان الدموقراطية الغربية هي خدعة مثلها مثل معادات السامية، وهي سيف يستعمل لاجل ارجاع المسلمين وغيرهم، الئ اوضاع غير مستقرة، تكون غطائا لاستعمار جديد تنهب من خلاله ثروات الشعوب وخيراتها…
نعم لا يمكننا ان نتنكر لتقدم المجتمعات الغربية، علئ الصعيد الاجتماعي والديموقراطي والسياسي والاقتصادي، لاكن لا ننسئ ان هذه المجتمعات يديرها سياسيون هم نفسهم في قبضة لوبيات اقتصادية متعددت الجنسيات، وجدت ظالتها في قوانين هذه الدول التي وفرت لها الاستقرار، والنفوذ الئ العالم عبر القوة الغاشمة التي تستعمل لانقاذ الشعوب من مستبديها كما يعلن، لاكن الحقيقة الغير معلنة، هي وسيلة لنشر الا استقرار والفوضئ لنهب خيرات هذه الشعوب بالمجان، والتي بفصلها تصنع الرفاهية في الغرب،وهذه هي المعادلة الغير عادلة التي يسير بها الغرب النظام الاقصادي العالمي، ولا يعلنها بل كل من يطالب باعادة النظر فيها، يغتال هو او تدمر بلاده. اذن لا ننخدع كنخبة في اوطاننا بالغرب وقيمه وتطوره، لاننا سنتحرر من ظلم الغرب يوم ان نسعئ الئ ان تعي شعوبنا هذه المفارقات الظالمة. والتي اذا ادركتها ستتصدئ للغرب ومكائده، ضدها وتستغل كل السبل الداخلية الذاتية لتطور علئ جميع الاصعدة. وهذا بالطبع ما لا يريده الغرب.
اما عن الصين فهذا البلد العظيم بحضارته وشعبه واقتصاده، من النصف الا نسطح نظرتنا اليه، فالحضارة الصينية سعت عبر العصور الئ الارتقائ بالفكر والقيم وبالجوار وبالعلاقات مع الغير علئ اساس الاحترام المتبادل، وهي حضارة تاخذ ايجابيت الغير ولا تنسر سلبياتها، عكس الحضازت الغربية، التي عملت الئ التضاد مع الحضارت الاسلامية ودمرتها واخذت محاسنها،وتنكرت لها بعد استغلالها لتشهد هذا التطور الخارق، وهي الئ اليوم تعادي العرب والمسلمين ولا تنظر لهم نظرت احترام وتقدير بل تسعئ الئ تدميرهم وخداعهم والسيطر علئ خيراتهم، وكل ما ينتج من فكر في هذا الغربي، لا يظهر منه الا ما يشيطن المسلمين ويخفي مزغياهم الحضارية العالمية، والذين يتعاطفون مع الحضارت الاسلامية، يحاربون في هذا الغرب، ومنذ الثورة الفرنسبة اكتسئ هذا الغرب، عقلية صهيونية، واراد ان يبقئ عدائه للاسلام والمسلمين ولحضارتهم ابدي، ففبركوا تاريخ مزيف، وسيطروا علئ اوطان وشعوب باسم التبشير بالقيم الغربية، وذهبوا الئ اولئ القبلتين وسيطروا علئ فلسطين، وارادوا ان ينشووا كيانا مصطنعا لهم هناك باسم اليهودية الصهيونية المدعومة من المسيحية المتصهينة ليثبتوا بذالك عن هذه النوايا الخبيثة.
وهنا يظهر الفرق بين حضارات الشعوب وقيمها….
اما عن الديمقراطية الترامبية، فهي اقل ما يمكن القول عنها انها سلوك في ظاهره ديموقراطية، لاكن الاصل هو الاستبداد، بمعنئ انا فرعون العالم واوريكم ما ارئ، ولا اقدم خدماتي الامنية للعروش الكارتونية، التي صنعها الغرب الاستدماري في العالم العربي والاسلامي او غيره، اي ان الديموقراطية الامريكية قبل ترامب كانت تدعم مصالحها في هذه الدول، بدعم القائمين علئ الحكم فيها، اي ان المصلحة التي تستفيد منها امريكا هي نهب خيرات الشعوب، وتامين الامن لمن يقوم اي الحاكم، حتئ وان كان هو والديموقراطية عاملين متضادين، ونستنتج ان هذه الديموقراطية التي تدعيها امريكا لا اخلاق لها اي انها زائفة، اما اليوم في عهد ترامب فهذه الديموقراطية استبدادية ومتسلطة، وغير اخلاقية، لانها تسير بعقلية الغزات الاوائل لامريكا، فاليوم من يستفيدوا من هذه الديموقراطية المزعومة، تنهب خيرات شعوبهم، ويدفعون الجزية للبقائ علئ عروشهم، ولهذا فان هذه الديموقراطية لا تغير اوضاع غلسودان ولا غيره، ولا يغير الله ما بقوم حتئ يغيروا هم انفسهم ما بهم، دون الخارج…
اخي اسامة :اذاكان هذا هو بيت القصيد، فان من حكموا الجزائر، هم ابنائ الشعب، مجاهدون، كلفوا ولم يشرفوا، وهم خدام لدئ الشعب وليس العكس، وهذا ربما ما لا ينطبق علئ اللذين تقصدهم. باراك الله فيك.