ماكرون يبدأ زيارة محفوفة بالرهانات إلى الجزائر

حجم الخط
2

باريس- “القدس العربي’’: بين مسألة الذاكرة والحرب في أوكرانيا والغاز الجزائري والتأشيرات والأمن في الساحل، يبدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم زيارة إلى الجزائر محفوفة بالرهانات، وهذه أبرزها:

مسألة الذاكرة

منذ وصوله إلى السلطة في عام 2017، لم يتوقف إيمانويل ماكرون، أول رئيس فرنسي ولد بعد الحرب الجزائرية، عن محاولة تطبيع العلاقات بين الشعبين الفرنسي والجزائري. فحتى قبل وصوله إلى السلطة، ضرب على وتر حساس، عندما وصف الاستعمار بأنه “جريمة ضد الإنسانية”، وذلك خلال حملته الانتخابية.

منذ ذلك الحين ضاعف من مساعيه الرامية إلى مصالحة الذاكرة، لكنه لم يلقَ تجاوباً من الجانب الجزائري، الذي أعرب عن أسفه لعدم إعراب الرئيس الفرنسي عن “النّدم” على 132 عاماً من الاستعمار الفرنسي. بعد أشهر من التوتر، انتقد ماكرون النظام “السياسي العسكري” الجزائري لاستغلاله “ريع الذاكرة” لحرب الاستقلال للحفاظ على شرعيته، وشكك في وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار.

تجدر الإشارة إلى أنه منذ زيارة الرئيس الفرنسي الأسبق فاليري جيسكار ديستان إلى الجزائر في عام 1975، لم تكن هناك قط فترة طويلة من الاستقرار في هذه العلاقات المضطربة بين البلدين. ولن يفلت الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون من هذه القاعدة.

الغاز.. مصدر قوة رئيسي للجزائر

منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، أصبحت الجزائر إحدى أكبر عشرة منتجين للغاز في العالم، وباتت مُحاورا مرغوبا فيه للغاية بالنسبة للأوروبيين المتحمسين لتقليل اعتمادهم على الغاز الروسي. في هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي الجزائري عبد الرحمن مبتول لوكالة “فرانس برس” إن “الرئيس الفرنسي سيطلب من الجزائر بذل جهد لمحاولة زيادة إنتاجها من الغاز”.

واعتبر الخبير الاقتصادي الجزائري “أن الفرنسيين إذا أرادوا المزيد فعليهم الاستثمار في صناعة الغاز والطاقات المتجددة في الجزائر”، التي أضحت المورد الرئيسي للغاز لإيطاليا في الأشهر الأخيرة، عن طريق خط أنابيب يمر عبر تونس. ويبدو أن فرنسا ترغب في التحقق من قدرتها أيضا على الاعتماد على الجزائر، وفق مراقبين.

إعادة إطلاق التبادلات الاقتصادية

بحصة سوقية تصل إلى 10 في المئة، خسرت فرنسا مكانتها الاستثمارية في الجزائر لصالح الصين، التي تبلغ حصتها السوقية في الجزائر اليوم 16 في المئة، حيث أضحت المورد الرئيسي للبلاد. فمثلا، خسرت Suez للمياه، إدارة المياه في الجزائر العاصمة، وكذلك الحال بالنسبة لشركتي RATP ومطارات باريس، التي خسرت إدارة مطارات الجزائر. وأيضا، مصنع مجموعة سيارات رينو مُعرقل أيضا بحصص الدولة للأجزاء المستوردة.

ملف التأشيرات

خفضت باريس بنسبة 50 في المئة عدد التأشيرات الممنوحة للجزائر، كما هو الحال في المغرب، للضغط على الحكومات التي تعتبر غير متعاونة للغاية في إعادة قبول مواطنيها المطرودين من فرنسا. وقال كزافييه درينكور، السفير الفرنسي السابق لدى الجزائر، لوكالة فرانس برس: “تقليص عدد التأشيرات له آثار كبيرة في الجزائر. وهذا يضغط على السلطة الجزائرية”.

يشير الإليزيه إلى أن العاصمتين تريدان “التقدم” في هذا الموضوع. في هذا الإطار، أصدرت السلطات الجزائرية منذ شهر مارس الماضي، “300 تصريح (للعودة) مقابل 17 خلال نفس الفترة في 2021 و91 في 2020”.

المغرب والصحراء الغربية

وتنطوي زيارة الرئيس ماكرون إلى الجزائر أيضا على مخاطر إثارة التوتر، إن لم نقل الانتقادات في المغرب، المنافس الإقليمي الأكبر للجزائر والذي توترت علاقاته مع باريس.

وقال كزافييه درينكور: “هناك دائما منافسة بين الجزائر والمغرب. بهذه الزيارة تريد الجزائر تسجيل نقاط”. بالمقابل، تتوقع الرباط أن تُظهر فرنسا دعمها “بشكل أوضح” لخطة الحكم الذاتي المغربية لتسوية نزاع الصحراء الغربية.

القضايا الإقليمية

يرى مراقبون أن فرنسا سيكون من الصعب عليها تحقيق أدنى اختراق في ملفي الساحل وليبيا من دون التعاون مع الجزائر، بما في ذلك في مالي التي تمر علاقاتها مع باريس بأسوأ أوقاتها. ولعبت الجزائر مع جارتها الجنوبية دورا فعالا في اتفاقية السلام الموقعة عام 2015 مع حركة التمرد على الاستقلال لإنهاء الحرب في مالي، رغم أن لم يتم تطبيقها حتى الآن.

حقوق الإنسان

تستنكر المنظمات غير الحكومية دور النظام الجزائري في خنق حركة الاحتجاج الشعبي في بداية سقوط الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عام 2019. وحثّت عشرات المنظمات من الشتات الجزائري إيمانويل ماكرون على “عدم إخفاء” موضوع الحقوق والحريات خلال زيارته.  فعلى الرغم من الإفراج عن المعتقلين في الأشهر الأخيرة، ما يزال حوالي 250 شخصا محتجزين في السجون الجزائرية، وفقا للجنة الوطنية لتحرير المعتقلين.

في مواجهة ذلك، طالبت الجمعيات الجزائرية المقربة من الحكومة “رئيس الجمهورية الفرنسية بوضع حد للجمعيات المتطفلة التي تنشط تحت غطاء الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان وحرية التعبير، وتستغل وجودها في فرنسا لنشر خطاب الكراهية والعنف والتحريض على الإرهاب بين الجزائريين ومؤسسات الدولة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول مصطفى- الجزائر الحبيبة:

    لا ادري متى يتم التخلص من ربقة هذه الدولة المارقة هي وشعبها والتي هي سبب ماسي بلادنا قديما و حديثا

  2. يقول متابع:

    ألن يطلب الرئيس الجزائري من ماكرون تجميد أنشطة الماك في فرنسا ؟ باعتبار الحركة تدعو سلميا الى استقلال منطقة القبايل … بالمقابل ألن يطلب ماكرون من الجزائر تجريد البوليساريو من أسلحتها و جعل مطالبها سلمية كما الماك ؟

إشترك في قائمتنا البريدية