القاهرة ـ «القدس العربي»: من باريس للخرطوم تضع الحكومة في القاهرة يدها على قلبها، كلما تسللت رائحة ثورة ما في الأفق.. ومع اقتراب أجواء الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني، تقف قرون استشعار السلطة تلقائياً، خشية أن يدفع الفقر الممتد بين الدلتا والقاهرة والصعيد والمحافظات الساحلية، الجماهير للجوء للحل الأخير، بأن تستعيد زمام ثورتها كي تحقق مبادئها التي دفنت، بعد أن تم السطو عليها.
رياح يناير تداعب أشواق الثوار والجماهير عيونها على الحرية والخبز والميادين في قبضة السلطة
حتى ذلك الهامش الضئيل من الحريات الذي تمت مصادرته، باتت رائحته تغوي الثوار على التفكير من جديد في البحث عن وسائل أكثر جدوى في التعامل مع اللحظة الراهنة، خاصة بعد أن باتت كافة الميادين في قبضة السلطة. وبينما يفصلنا عن العام الجديد يومان فقط، تبدو مصر أمام خيارات شتى، أبرزها ما يعد له أعوان السلطة من محاولات لتعديل بعض مواد الدستور، من أجل تمديد فترات الرئاسة. وفيما قوى تنتمي للمعارضة المدنية تسعى لجمع شتاتها، يظهر الإخوان المسلمون خارج إطار أي معادلة تعد لها القوى المدنية المناوئة للسلطة..
أمس الجمعة 28 ديسمبر/كانون الأول، باتت معظم الصحف المصرية على قلب رجل واحد تسير حسب ما هو مرسوم لها سلفاً، وإن كان هناك بعض مؤشرات تسمح للكتاب بانتقاد الحكومة وفق خطط معدة سلفاً، غير أن الواقع على الأرض بات على حاله، حيث تكميم الأفواه وحجر حرية التعبير هو المبدأ المعتمد، وفي هذا المضمار تم تحويل العالم الدكتور محمد علي فهيم، رئيس مركز التغيرات المناخية، لمجلس التأديب، لأنه نشر مقالا بعنوان «لفحة الأرز يهدد بنقص المحصول». وورد في نص خطاب التحويل: لخروجه على ما تقتضيه منه واجبات وظيفته، بأن سلك مسلكا لا يتفق واحترام الوظيفة». واهتمت صحف أمس الجمعة بالتأكيد على نشاط القصر الرئاسي والمشروعات التي يفتتحها الرئيس، التي باتت زاد تلك الصحف الأول. وانشغل كتاب الصحف الحكومية بالهجوم على الإخوان ومختلف قوى المعارضة.
يعلم أنه حرامي
الكلام عن محاكمة الديكتاتور المخلوع لا ينتهي ومن المساهمين فيه عمار علي حسن في «المصري اليوم»: «ترك حسني مبارك في شهادته، أمس الأول، الخيارات مفتوحة، ويبدو أن خبرته السياسية جعلته يرى أن المشهد السياسي الحالي مفتوح على احتمالات عدة، ومن ثم لم يشأ أن يوصد الباب أمام نفسه وولديه. حتى مبارك يدرك أن ثورة يناير/كانون الثاني التي خلعته قد فتحت قوسها الأول، ولم تضع بعد قوسها الثاني، بينما هناك من لا يريد أن يدرك هذا. وحول السؤال الذي يتردد على الألسنة: مصر رايحة على فين؟ يجيب الكاتب: مصر ستذهب في الطريق الذي يريده المصريون في النهاية، فهل نسيتم هتافكم الخالد: «الشعب يريد؟». إن بلدنا العريق قد توالت عليه المحن، لكنها لم تكسر ناسه الصبورين، الذين إن غفلوا فإنهم سرعان ما يستيقظون. ويؤكد عمار أن من يتخلى عن حريته من أجل ما يتوهم أنه أمنه، لا يستحق أمنا ولا حرية. ومن يفرط في جهد بُذل في سبيل كسر قيودنا مكانه الطبيعي زنزانة باردة ضيقة، أو ضيعة ينحنى فيها عبدا ذليلا، أو حفرة يرقد فيها ويهيل على نفسه التراب».
حتى يأذن الرئيس
لفت عباس الطرابيلي الأنظار لقضية مهمة حول دور الرئيس في الحرب على الفساد مؤكداً في «المصري اليوم»: «لا ندري لماذا لا نتحرك إلا إذا تحدث رئيس الدولة.. فهل كل مسؤول ينتظر الضوء الأخضر لكي يتحرك ويحاول استرداد مال الدولة؟ وعلى كل حال، وبسبب حاجة الدولة إلى أموال تنفذ بها مشروعات إعادة البناء.. جاء الرئيس السيسي ليطلق النفير- لكل مسؤول- لكي ينطلق ويسترد أموال الدولة. والبداية: في الحديقة الدولية في الإسكندرية.. هي إذن صيحة حكومية، من أعلى سلطة في الدولة، بالتحرك السريع لاسترداد أموال الدولة، ولتطبيق القانون الذي نسيناه طويلاً.. وشدد الرئيس السيسي على أهمية احترام القانون وتفعيله. وكل صاحب حق يحصل على حقه وبالقانون. ولا نقول ذلك تحت مقولة «عندما يفلّس التاجر.. يبحث في دفاتره القديمة»، ولكن من منطق تفعيل القانون.. وكل طرف يحصل على حقه، وبالقانون. نقول ذلك لأن الدولة غنية بأصولها.. ويمتد هذا الكلام حتى إلى الأوقاف، التي هي الباب الملكي للتربح بعد البحث في وثائق هذه الأوقاف.. وهي بمليارات الجنيهات. الآن جاء وقت استرداد الدولة لكل أموالها، وهنا كان الرئيس السيسي حاسماً، بل متشدداً للغاية، لأن الدولة وهي تحاول توفير خدمات أفضل تستند في ذلك إلى حقها في استرداد ممتلكاتها، هنا سوف تختفى مقولة: مال الحكومة السايب.. وتلك هي مهمة المسؤولين في المحليات، وفي الوزارات، في كل أنحاء.. بر مصر».
من حقهم الخبز
حالة من التجاهل للثورة السودانية بينما تعامل معها عماد الدين أديب في «الوطن» بحالة من عدم الثقة: «هكذا تبدأ حركات الاحتجاج باعتراض يمكن أن يكون مشروعاً على قرارات حكومية صعبة، تجعل حياة الناس أكثر صعوبة. ويتظاهر ذوو النوايا الطيبة والمطالب المحقة في بدء الأمر بشكل تلقائي وسلمي، من أجل إبداء حقهم في الاحتجاج، ولكن تأتي قوى شريرة مخرِّبة ومدرَّبة ومسيَّسة ذات أهداف خبيثة لتسرق من الناس حقهم الطبيعي في الاحتجاج النبيل، وتحول الاحتجاج إلى تخريب، والغضب المشروع إلى طاقة تدمير شريرة، والرغبة الصادقة في الإصلاح إلى رغبة في إسقاط الدولة الوطنية. إنه نموذج تعلمناه من تاريخ حركات الاحتجاج والثورات منذ الثورة الفرنسية حتى ثورات الربيع العربي، وصولاً مرة أخرى إلى مظاهرات السترات الصفراء في فرنسا وبلجيكا والمجر.
وها هي عدوى السترات الصفراء تهدد شوارع الخرطوم وبيروت وعمان وبغداد وتونس والجزائر. بدأت حالة الغضب في السودان بقيام طلاب مدرستين في أم درمان بالتظاهر، لأنهم استمروا أكثر من 24 ساعة بلا ربطة خبز، وتحولت حالة الغضب في عدة مدن، وسارت بشكل سلمي، في بادئ الأمر، ثم تحولت إلى مصادمات وتخريب، وهو النموذج نفسه الذي حدث في عمان منذ أسابيع، وفي بيروت خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي. تبدأ هذه الحركات بالاحتجاج على قرار محدد بعينه وتطالب بتعديله ثم تتوسع وتتمدد في مطالبها حتى تطالب برأس النظام وتهتف «إرحل.. إرحل»، وتدعو لإسقاط النظام ككل. ولا يمكن اتهام هؤلاء بقلة الوعي والثقافة السياسية، فالمتظاهرون في باريس هتفوا «إرحل.. إرحل» وطالبوا بإسقاط الجمهورية الخامسة».
في انتظار الخرطوم
من بين من اهتموا بثورة السودانيين عمار علي حسن في صحيفة «المشهد»: «في هذه الأيام، يكافح السودانيون في عزلة واكتفاء واستغناء عن العالمين، يواجهون، كشعراء حالمين، آلة قمع رهيبة بنيت على أكتاف التحالف الذي كان بين التيار الديني والعسكريين هناك، وانتهى بتصارعهم لكنه لم ينه عند السلطة الحاكمة الشعور الزائف بالاستعلاء، والنهم الدائم إلى التوحش والاستئثار بكل شيء، والبقاء في السلطة إلى الأبد.
فبعد ما يقرب من ثلاثين سنة في الحكم، أوعز البشير لحزبه بأن يبدأ مسار تعديل الدستور، ليرشح نفسه لفترة رئاسية أخرى في انتخابات 2020، فانطلقت دعوة إلى جمع مليون توقيع لمنع هذه الخطوة، فصنعت نواة للثورة الحالية، التي كان رفع الأسعار شرارتها، لكن حطبها تراكم في سنوات الاستبداد والفساد الطويلة. مع نزول أهلنا في السودان الشقيق محتجين على نظام البشير، مطالبين بإسقاط النظام تحت لافتة «الثورة خيار الشعب» رحت أستعيد صور النساء المتراصات على شاطئ النيل في الخرطوم، وكل منهن قد جلست أمام «نصبة شاي» بسيطة، وحولها مقاعد بلاستيكية ذات ألوان متنوعة، تغرف من المياه المنسابة في وداعة، وتحبس ما غرفت في براد كبير يتأرجح فوق وشيش «وابور الجاز» ثم ترمى ملاعق الشاي في جوف الأكواب وتصب الماء المغلي على مهل حتى يمور ويحمر ويسود ويروق، فتعطيه للجالسين، ظهورهم إليها ووجوههم إلى نهر بكر ينساب في وداعة نحو الشمال. كل واحدة من هؤلاء النسوة تحمل في السودان اسم «ست الشاي»، وهن أرامل الرجال الذين أرسلهم البشير إلى الحرب في الجنوب فعادوا جثثا هامدة، ووزع النظام فجيعتهم على نسائهم الباكيات، فسمح لهن ببيع الشاي للعابرين والمتنزهين من فتية وفتيات هاربين من حياة مقبضة وقوانين مقهرة ومزاعم فارغة، إلى براح النهر. كل شيء في زمن البشير جالس مثل تلك النسوة، لكنه يفتقد وداعتهن وطيبتهن ورضاهن بالقليل».
داهية ام مغفل؟
نتحول نحو ذكرى مئوية صاحب قرار العبور، الذي يثني عليه بشده ناجح إبراهيم في «الوطن»: «يعد السادات أكثر حكام مصر دهاءً وأفضلهم إنجازاً، انتصر في حرب أكتوبر/تشرين الأول وهو أول نصر حقيقي للعرب على إسرائيل، وانتصر في معركة السلام وحرر أرضه، بينما فشل الآخرون مثل سوريا في تحرير الجولان سلماً أو حرباً. ولو لم يكن للسادات من فضل سوى نصر أكتوبر لكفاه وأغناه، فهذا النصر نقل مصر والعرب جميعاً نقلة غير مسبوقة إلى الأمام في كل الميادين، وكان سبباً في غنى الخليج. تحولت مصر وقتها إلى المدينة الفاضلة، حيث لم تسجل الشرطة في ربوع مصر كلها حادثاً واحداً، وتلاحم الشعب بشكل رائع خلف أبنائهم في الجبهة، ولكن السادات ظُلم من معظم الأطياف السياسية، من اليساريين والاشتراكين والناصريين الذين حرقوا الأرض تحته وحولوا حسناته إلى سيئات، وحوّل بعضهم نصر أكتوبر إلى هزيمة سياسية، وحولوا هزيمة يونيو/حزيران إلى نصر سياسي، مع أن ذلك لا يحدث إلا في خيالاتهم. أما الظلم الأكبر للسادات فقد جاء من الإسلاميين الذين أعطاهم قبلة الحياة فمنحوه قبلة الموت، ووهبهم حرية الحركة والدعوة، فإذا بهم ينساقون خلف خصومه بدون تبصر، ويهيلون التراب على إنجازاته. تذكر الجميع للسادات خطأ التحفظ الذي طال معظم رموز المجتمع المصري، غافلين عن أهم إنجازاته، فهو الوحيد في تاريخ مصر بعد ثورة يوليو/تموز الذي ألغى التعذيب وقانون الطوارئ، الذي جثم فوق رؤوس المصريين سبعين عاماً».
نهاية تليق بمؤامراته
«لم تكن محض مصادفة، أو سوء تقدير، كما يصفها عبد الله السناوي في «الشروق»، أن حملة الاعتقالات التي شنها السادات في سبتمبر/أيلول (1981). الضيق بالمعارضة اعتراف عملي بحجم التنازلات التي قدمت والاعتقالات الواسعة بدت علامة نهاية. توقفت رحلة السادات في حادث المنصة الدموي، غير أن خياراته حكمت مصر بعده لأزمان طويلة تالية، لم يكن الرجل هو الموضوع بقدر ما كان مشروعه المضاد. لم تكن لدى عبدالناصر نفسه ثقة كبيرة في ما قد يحدث بعده. في رواية لافتة لرجل التصنيع الدكتور عزيز صدقي بتاريخ 4 يوليو/تموز (2005) فإن عبدالناصر قال له عام 1968: «إحنا مش هنعيش كتير.. واللي جاي بعدنا معرفش هيعمل إيه.. واللي أنت بتعمله مش هيقدروا يهدوه». لم يكن ممكنا لثورة بحجم يوليو أن تستمر في التطور والتجديد والإضافة، إذا لم يكن هناك نظام أكثر انفتاحا على قواعد دولة القانون والمؤسسات والتعددية السياسية المستقرة على دستور يضمن أهداف الثورة ويصونها. عند نهاية رحلة السادات تبدت مفارقتان، الأولى أن الذين اغتالوه في حادث المنصة هم من راهن عليهم لضرب التيارين الناصري والماركسي. بتعبير وزير داخليته النبوي إسماعيل: «الجماعات الأصولية عفريت أخرجه السادات من القمقم ولم يعرف كيف يصرفه». والثانية أن الذين شاركوا في جنازته هم أنفسهم الذين حصدوا جوائز الحرب، والذين رتبوا للأوضاع من بعده لم يكونوا أصحاب البلد. في مطلع يناير/كانون الثاني 1981 أشارت صحيفة «الجيروزاليم بوست» الإسرائيلية إلى أن هناك تقريرا جديدا للاستخبارات الأمريكية يوصى بالنص: «يكفي السادات عشر سنوات». بعد عشرة شهور قتل السادات في حادث المنصة. بغض النظر عن أي أسرار وخفايا في قصة اغتياله، فإنه كانت هناك مصلحة إسرائيلية وأمريكية في التخلص منه للوصول إلى نقطة استقرار مستدامة، بدون أي اضطرابات تتسبب فيها شخصيته».
لهذا خسر نوبل
ما حقيقة غضب يوسف إدريس من حصول نجيب محفوظ على جائزة نوبل؟ نسمة ابنة إدريس روت لـ«الوطن» أصل المشكلة: «الحكاية تتلخص في أنه قبل جائزة نوبل التي حصل عليها نجيب محفوظ عام 1987 كان والدي مرشحا لها، وقد عرفنا ذلك عن طريق صحافيين من السويد جاءوا إلينا في المنزل وطلبوا من والدي إجراء حوار، وقالوا له نحن نجري معك الحوار لأنك مرشح للفوز بجائزة نوبل هذا العام، وأكدوا له ذلك مرارا وتكرارا، ولم يكن هذا الأمر يشغل بال والدي كثيرا، لكن بكل أمانة بعد لقائه بهؤلاء الصحافيين دخله إحساس كبير بأنه الفائز بجائزة العام وأصبح مهتما بالأمر، حتى تم إعلان اسم نجيب محفوظ فائزا بالجائزة، وقتها أصيب أبي بصدمة وإحباط شديدين ودخل في حالة اكتئاب، وبات هناك شيء غامض، وهو ماذا حدث فكيف يؤكد لنا أشخاص قريبون جدا من لجنة نوبل أن يوسف إدريس اقترب من حصد الجائزة، وعند الإعلان نكتشف شخصا آخر؟ وظلت الشكوك والأسئلة بداخلنا حتى عرف أبي التفاصيل كاملة بعد فترة لم تتجاوز شهرين، حيث اتصل به مسؤول من القائمين على إدارة الجائزة وأبلغه أنه بالفعل كان مرشحا للجائزة، لكن حدث اعتراض من شخصين داخل لجنة التحكيم أحداهما رئيس اللجنة بسبب موقف أبي الواضح من اليهود، ورفضه لاتفاقية كامب ديفيد، وقالوا يتضح من كل مواقفه عداؤه الصارخ لإسرائيل، ولا يمكن أن يحصل على نوبل، ونعرف جميعا أن إسرائيل لها يد طولى في لجان تحكيم نوبل، وهذا ما حدث بالتحديد، وبعد أن علم السبب بات أفضل نفسيا عن ذي قبل وإن ظل فترة طويلة متأثرا بما وصفه بالخيانة التي جاءت بواسطة من أبلغوه، ومن القائمين على اللجنة جميعهم».
مستشفى سوهاج
«حالة من الارتباك تُصيبنا لدى مرض أقاربنا أو محبينا، لا ندري ماذا نفعل، نهرول سريعاً للمستشفى في محاولات منا لإنقاذه، إذا كان مرضه من النوع الخطير، أو نخفف عنه الآلام إذا كان يعاني من بعض الأمراض البسيطة، حسب راي محمود عبد الراضي في «اليوم السابع». وللأسف بعدما هجر معظم الأطباء مستشفيات الحكومة في سوهاج، وانشغلوا بعياداتهم الخاصة، وارتفع سعر «الفيزيتا»، لم يتبق لـ«الغلابة» سوى مستشفى سوهاج الجامعي، الذي يستقبل يومياً نحو ألف شخص يترددون على العيادات الخارجية، فضلاً عن وجود المئات محجوزين في عنابره. ورغم الجهود المخلصة التي يقدمها فريق العمل في المستشفى بإشراف الدكتور أحمد عزيز رئيس الجامعة بقيادة الدكتور حمدي سعد مدير المستشفى، ومعهم خلية نحل من الأطباء، الذين يعملون لساعات عديدة لإنقاذ حياة مريض أو تخفيف الألم عنه، يبقى ضعف الإمكانيات حائلا دون مساعدة المواطنين بالشكل الكافي. لك أن تتخيل أن مستشفى سوهاج الجامعي تم إنشاؤه فى سبعينيات القرن الماضي، ولم تطرأ عليه تغييرات إلا بعض الأمور الطفيفة، فضلاً عن افتقاره للأجهزة الطبية الحديثة والمتطورة، وضعف الدعم المادي له، وعلى الرغم من ذلك يستقبل الجميع، يأتي إليه المرضى من أقاصي قرى طما شمالاً حتى قرى البلينا جنوباً، فلا يرد أحدا حتى مثوله للشفاء الكامل، يتحايل الأطباء على الإمكانيات الضعيفة في المستشفى ببذل مزيد من الجهد والوقت لعلاج الجميع. أتمنى أن يزور الدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالي المستشفى، ليرى بنفسه مدى معاناته من ضعف الإمكانيات، أعتقد أنه سيبادر بتوفير الدعم اللازم له، خاصة أنه رجل ينتمي لمهنة الطب، ويدرك أهمية إنقاذ حياة نفس من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً. لا أدري لماذا لا يعقد المجلس الأعلى للجامعات، إحدى جلساته فى جامعة سوهاج، ليشاهدوا المستشفى على أرض الواقع، حيث يحاصره آلاف المرضى يومياً، يزحفون إليه فلا يردهم رغم ضعف إمكانياته. أتوقع أنه فور مثول هذا المقال للنشر، ستكون هناك متابعة وفحص ودراسة ودعم من الوزير النشيط الدكتور خالد عبد الغفار، وعندها سينال دعوات الآلاف من الغلابة الذين يترددون يومياً على المستشفى».
استيراد التقاوى
علاء عريبي يتساءل في «الوفد»: «هل توجد مافيا بالفعل تتحكم فى سوق البطاطس؟ هل بعض التجار شكلوا مافيا احتكار استيراد التقاوى وتصدير البطاطس؟ هل هذه المجموعة هي التي تتحكم في المساحة المزروعة وفي سعر الكيلو الذي يصل للمواطن؟ في بداية هذا الشهر نشر الزميل عز النوبي تحقيقاً عن مافيا تقاوى البطاطس في «اليوم السابع»، على قدر كبير من الخطورة، توقعت بعد نشره أن تتحرك الحكومة أو أضعف الإيمان وزارة الزراعة، خاصة أن سعر تقاوى البطاطس قد وصل 37 ألف جنيه، بزيادة ثلاثة أضعاف عن الموسم الماضي، لكن للأسف فوجئت بتصريح لوزير الزراعة عزالدين أبوستيت يتجاهل ما نسب إلى هذه المافيا، وبرر ارتفاع أسعار التقاوى بالمناخ والرطوبة في بلدان المنشأ، ويشير إلى أن الوزارة تفكر في إنتاجها محلياً بالهندسة الوراثية، متى؟ ومن أي صنف؟ وماذا عن مافيا التقاوى؟ وهل سيترك المستورد يتحكم في الأسعار وفي الزراعة وفي السوق؟ ما نشره الزميل يتضمن معلومات يجب أن تتوقف أمامها الحكومة، والرقابة الإدارية، وجميع أجهزة الدولة والتحقق من مدى صحتها، قيل إن طن تقاوى البطاطس يباع في بلاد المنشأ بحوالي 200 جنيه إسترليني، بالمصري 4 آلاف و500 جنيه، يباع في السوق المحلي بين 20 و40 ألف جنيه حسب جودة الصنف. مصر تزرع البطاطس في ثلاث عروات، عروة نيلية في أواخر أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول، وعروة شتوية فى أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني، عروة صيفية في أواخر ديسمبر/كانون الأول وحتى أواخر فبراير/شباط، وتزرع بتقاوٍ مستوردة من الاتحاد الأوروبي، معظمها من هولندا وفرنسا والدنمارك وأسكوتلندا وبلجيكا، على مساحة 400 ألف فدان، تنتج حوالي 5 ملايين طن. هذه المساحة تحتاج تقاوى بين 120 و180 ألف طن، تقدر بحوالي 2 مليار جنيه، يدخل البلاد ضمن هذه الكمية آلاف الأطنان دون المواصفات، وتباع بأسعار مرتفعة، أغلب الشكائر تصل ناقصة عدة كيلوات، ويقال إنها تتسبب فى خسائر للمزارعين في 12 محافظة، أغلب الظن التي حظرت روسيا وغيرها استقبال محصولها. وقيل إن وزارة الزراعة، وعلى رأسها أبوستيت، تعلم بجميع هذه التفاصيل، لماذا لم تتدخل الوزارة؟ لماذا لم تفد لجنة لاستيراد التقاوى وبيعها بهامش ربح متزن للفلاح؟ ولماذا لم تفرض سعراً مناسباً للسوق المصري؟ لماذا لم تتصدَ للمستوردين؟ الأهم من كل هذا: لماذا برر أبوستيت بالمناخ والجفاف؟ حكومة الدكتور مدبولي مطالبة بوقفة حقيقية مع ملف التقاوى، والبحث عن آلية تمنع الاحتكار والتلاعب بالأسعار، والعمل بأسرع وقت على إنتاج تقاوى الخضراوات بشكل عام محلياً لوقف نزيف الاستيراد، ترشيداً للإنفاق الدولاري، وتخفيفاً على المزارعين، ورحمة بجيوب المواطن الكادح».
الخير على الأبواب
«موسم أعياد الميلاد المجيدة يستقطب، كما يرى جلال عارف في «الأخبار» أعدادا متزايدة من السياح العرب والأجانب. شتاء مصر الجميل يستقطب الباحثين عن الدفء والبحر في منتجعاتنا السياحية. بينما الحياة تعود أيضا للسياحة الثقافية مع أعظم آثار العالم في القاهرة والأقصر وأسوان. الخير مقبل بإذن الله، والمهم أن يكون موسم أعياد الميلاد تجربة جديدة لنا، لكي نستكمل كل شيء، ونستعد للأفضل في إجازات نصف العام أو في موسم الصيف المقبل، والمواسم التالية. الجوانب الأمنية – والحمد لله- في أيد أمينة، وإجراءات السلامة في المطارات أصبحت في أعلى مستوى عالمي. وإذا كان البعض مازال يتلكأ في إلغاء قرارات عودة السياح (مثل الأصدقاء الروس) فهذا قرار له حساباته الأخرى التي لا علاقة لها بالأمن المستقر. وبالقطع سوف يعود السياح الروس إلى وجهتهم السياحية التي يفضلونها. وسوف يجدون السياح من كل أنحاء العالم يستمتعون بإقامتهم في مصر. المهم الآن أن نستكمل باقي الاستعدادات، وأن نساعد بكل الوسائل على أن تكون فنادقنا في أفضل حالة، وأن تكون مزاراتنا السياحية مصدر بهجة ومتعة لا تنسى، بعيدا عن كل ما يزعج الزائرين وأن تنتهي للأبد مضايقات سائقي التاكسي للزوار والمغادرين للمطارات. والمهم أن تنتشر ثقافة السياحة لدى الجميع، وأن يكون هناك تدريب مستمر لكل العاملين في ميدان السياحة، وأن يتم رصد المبالغ الكافية لذلك. وأيضا أن تكون هناك اعتمادات لنشر ثقافة السياحة بين المواطنين العاديين ليدركوا أننا أمام مصدر مهم للدخل القومي، وأن دورهم كبير في تنميته بتقديم الوجه الأجمل لمصر».
عذاب الوتين
يصرخ الناس بالشكوى من بطء إجراءات توثيق العقود، وهو الأمر الذي يلقي عليه الضوء طايع الديب في «المشهد»: «الذاهب إلى الشهر العقاري كالذاهب من الدار إلى «الزار»، ففور دخولك لعمل توكيل قضايا مثلا، عليك أولا شراء النموذج من البنت صاحبة كشك تصوير المستندات في صمت، وانتظار دورك لملئه بمعرفة الموظف المختص، ثم تذهب به إلى موظف آخر لتسجيله في الدفاتر، وبعد ذلك تقوم بعملية «تقدير الرسوم» عند موظف ثالث – مختص- يليها الدفع للصرّاف في الخزينة، ثم تحمل النموذج إلى موظف الميكروفيلم، فيأخذ منك رسوما أخرى، ويتعطف عليك في عظمة وكبرياء بإمضائه الكريم، مثل ملك يوقع وثيقة تنازله عن العرش. وعليك العودة مرة أخرى إلى الموظف الثاني «ماسك الدفاتر»، لاستيفاء ما جد على النموذج من كتابات غير مفهومة وإمضاءات «فورمة» وتقديرات وأرقام، بحيث أصبح أكثر تعقيدا من لوحات بيكاسو! وقديما قال أجدادنا الحكماء «من بره الله الله.. ومن جوّه يعلم الله». وهذا هو – بالضبط – حال مكتب الشهر العقاري في منطقة الدقي، الذي تتصدر بابه لافتة كبيرة مكتوب عليها «مكتب التوثيق المطور»، ولكن إذا دخلت من الباب فلن تجد أي تطور، بل ستجد فوضى ضاربة في كل مكان، ومئات المواطنين الجالسين على مقاعد الانتظار «نافدي الصبر» بعد أن رمت بهم مصالحهم إلى هذا المكان رغما عنهم! تدخل المكتب في العاشرة صباحا لعمل «توكيل» مثلا، فتجد «قائمة انتظار» من 45 شخصا جاءوا قبلك، ومثلهم عددا ينتظرون دورهم. 90 شخصا يا مواطن أمامك، مع العلم أن احتمالية عمل توكيلات لهذا العدد حتى انتهاء وقت العمل تُعد ضربا من الخيال، بمعنى أنك قد تنتظر حتى مواعيد الانصراف ولا يأتي دورك، و«انت وحظك».
سنة سعيدة
«في ختام كل موسم.. يقوم صاحب الدكان، كما فعل جمال الشاعر في «الأهرام» بجرد للبضاعة، ممكن لو سمحت تجرد معايا الأفكار والحكم والعبرات التي كتبتها، عندما تلعب مع الأطفال أنت تكافئ نفسك وعندما تلعب مع الكبار أنت تُضيع نفسك، مجالسة الصالحين استغفار غير مباشر، ومصاحبة اللاهين يؤكد أن في داخلك مشروع خلبوص كبيرا، إضاءتك الداخلية هي التي تجعل ابتسامتك مشعة، وفّر فواتير كهرباء فرح العمدة إذن، تغيير اسمك ورسمك لن يغير النحس غير دماغك ربما، نحن نثرثر كثيرا.. ومع ذلك لم يتغير أي شيء. إصمت واترك يديك تتكلم، إلى هذه الدرجة أنت ساذج؟ إنهم فقط يجيدون التمثيل، لا تنخدع، البلياتشو عبارة عن ذئب متنكر، صاحبي أخيرا حصل على صديق وفي، وصفّر ونادى عليه فجاء (روكي) يهز ذيله، قال لها ما أروع أن يبقى كل منا ضد الآخر. ليس جميلا أن يتوحد ضدان فارتبكت، وقالت الله يخرب بيت البلاغة؟ لا تحدثني عن التفاؤل، إعطنى باكو شوكولاتة، عندما يتحول البَوَس إلى بؤس.. إعلم أن رصيد النفاق قد نفد، كن كتوما حتى لا تندم ، فمن أَسرّ بسر لم يُسَر، الأنانية نيران صديقة. والإيثار حرمان نبيل، الغضب حزام ناسف لصاحبه، أن كانت الأوضاع دوما هكذا عند العرب.. فلا تلوموا العبقري إذا هرب، أصابع أمي حرير حين ترضى ومسامير حين تغضب وأصابع زوجتي دائما ضابط مباحث، لا تسأل..أصفق أولا أصفق؟ صفق من أجل ذاك الذي لا يصفق، تجدد أو تبدد.. فإن السبق معقود على عقل تمرد، يفوز الأغبياء إذا استماتوا.. ويهزم عبقري لو تردد، لا تطالبهم بصحوة الضمير..أرهم عين القانون الحمراء وسوف تنتهي».
في علم الغيب
يبدو عبده مباشر من اشد الناس تفاؤلاً بالمستقبل كما يوضح في «الأهرام»: «بما أن القاهرة أصبحت في دائرة اهتمام الرئيس السيسي، فإن ذلك يعني أنها ستخرج من محنتها التي استمرت لأكثر من نصف قرن، هذه العاصمة التي كانت الأكثر جمالا وأناقة وتنسيقا عام 1925، عندما فازت بالمركز الأول متفوقة على كل العواصم الأوروبية. وبدايات الانهيار كثيرة، فالمدينة التي كانت شوارعها تغسل بالماء والصابون يوميا ابتداء من منتصف الليل وحتى الساعة الخامسة صباحا، وكانت عربات رش الماء ترش هذه الشوارع مرتين يوميا، والمناطق التي لا يوجد فيها كهرباء تضاء بمصابيح غاز الاستصباح، رأى المسؤولون وقتذاك أن هذه الميزانية يجب توجيهها إلى أوجه إنفاق أجدى من هذا التبذير! واستجابة لمطلب سوفييتي تقرر بناء مصنع الحديد والصلب في حلوان بدلا من بنائه بجوار مناجم الحديد في أسوان مع بناء مساكن للعمال القادمين من الريف والصعيد وبما يؤدي إلى ترييف المنطقة. لتتحول حلوان إلى منطقة عشوائية ضمت عشرات الآلاف من المقيمين الجدد. وكما تم ترييف الجنوب، تم ترييف شمال القاهرة عندما أقيمت عشرات المصانع في منطقة شبرا الخيمة، لتشكل ضغطا على قلب العاصمة وبما أفقده طابعه الجميل، وجعل الشوارع أسيرة العادات الريفية. وعندما تقرر تخفيض إيجارات المساكن، توقف المستثمرون عن بناء المباني السكنية، ولأن الحكومة أعجز من أن تلبي الطلب على المساكن نشأت أزمة الإسكان، وبدأت تتفاقم، فلجأ الناس إلى بناء مناطق عشوائية أحاطت بالعاصمة من الشرق والغرب، وكان من نتيجة تخفيض الإيجارات توقف أصحاب العمائر عن صيانتها».
كش ملك
فراج إسماعيل يذهب إلى تغييرات تشهدها السعودية، كما يوضح في «الشبكة العربية»: «في قواعد لعبة الشطرنج.. لا بد للاعب من أن يحمي «الملك» بتغيير موقعه أو حمايته بقطعة أخرى تمنع تهديد الخصم، وهو ما يعبر عنه بـ«كش ملك». التغييرات الوزارية الأخيرة في السعودية اعتبرتها أبرز الشبكات الإعلامية الدولية، بمثابة زلزال كبير من توابع قضية جمال خاشقجي، لكنني لا أعلم حتى الآن ما إذا كانت تماثل نظرية «كش ملك» في قطع الشطرنج؟ أم لعبة خلفية مزدوجة بأسلوب كرة القدم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من سمعة ولي العهد والإبقاء عليه، بعد أن هددت الفضيحة مستقبله في العرش؟ الواضح أن رجال ولي العهد يجري التضحية بهم واحدا بعد الآخر. قد تمثل هذه التضحية دخولا مباشرا وقويا من الملك سلمان في صناعة القرار بعد فترة طويلة من تركها في يد نجله الشاب. وقد تمثل خطوة لإبعاد العيون عن ولي العهد، وتقديم قرابين أخرى للمجتمع الدولي، كما قالت بعض التعليـــقات في الصحافة الأمريكية والبريطانية. اللافت أن الملك ظهــــر قويا ونشيطا ممتلئا بالحيوية في الأيام الأخيرة. لوحظ ذلك في لقائه مع شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وفي ترؤسه لمجلس الوزراء، وفي تصريحاته عن القضية الفلسطينية. فهل هناك صحوة للمملكة التي نعرفها، والتي كان جمال خاشقجي يناضل من أجلها، وفقد حياته ثمنا لها. القرارات الأخيرة جاءت بعد ما يظنها البعض صحوة. الذين دافعوا عن ولي العهد باستماتة وقبلها تنكروا لوقوع الجريمة قبل الاعتراف بها، هؤلاء شملتهم قرارات الإزاحة، بعضهم إلى مناصب في الظل تشبه تحويل المغضوب عليهم إلى مستشارين بلا استشارة، ثم ينساهم الناس إلى الأبد! رئيس الدبلوماســــية عادل الجبير ظل 18 يوما صامتا بعد مقتل خاشقجي في أحد أماكن إدارته ـ القنصلية في إسطنبول ـ أزيح فجأة من وزارة الخارجية».