ليس الامر أمر الاولاد الذين يصعب عليهم النوم بسبب هجوم التهديدات الليلي من تسفيكا يحزقيلي في القناة العاشرة، مع مختلف الصور المخيفة التي تظهر فيها رايات سوداء، وأسرى أذلاء ورؤوس مقطعة في أنحاء الشرق الاوسط. يبدو ايضا أن حكومة اسرائيل مذعورة شيئا ما، وإلا فانه يصعب أن نفهم معنى الاجتماع العاجل الذي عقده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يوم الاربعاء للتباحث في خطر اقتراب تنظيم «الدولة الاسلامية» من حدود اسرائيل.
ربما حسد نتنياهو رئيس الولايات المتحدة براك اوباما الذي سيخطب في الفجر في الأمة الامريكية بعد أن صاغ في نهاية المطاف استراتيجية لمحاربة التنظيم المتطرف. وربما أراد ببساطة أن يملي برنامج العمل الاخباري بواسطة عنوان أمني آخر مقلق يصرف الانتباه عن صعوبات الاقتصاد والمجتمع. فاذا كان ذلك ما أراده رئيس الوزراء فانه يستطيع أن يسجل لنفسه انجازا. وقد تم اقناع محررو نشرات الاخبار ايضا في قنوات التلفاز بأهمية البحث وأدخلوا الانباء عنه في مكان مناسب في أولها.
ليس ما يدعو الى الاستهانة بالخطر الآتي من قبل التنظيم الجديد، فقد نجحت «الدولة الاسلامية» في غضون بضعة أشهر في أن تقلب برنامج العمل الاستراتيجي للشرق الاوسط.
ويسيطر التنظيم الآن على مساحات واسعة من غرب العراق وشرق سوريا، ويهدد بالدخول الى لبنان بل الى الاردن ودول الخليج بعد ذلك. وإن الحركة السريعة المفاجئة لقوافل سيارات التندر في أنحاء الصحراء واستعداد ارهابييها لبذل مهجاتهم واستعمالهم الناجع العجيب للشبكات الاجتماعية في الحرب النفسية – كل ذلك يترك أثرا عميقا على المنطقة كلها.
إن القيادات في الدول السنية المعتدلة قلقة جدا، والامريكيون مستعدون للتعاون مع ايران ايضا في جهد لصد تقدم التنظيم الذي يخلف وراءه سلسلة طويلة من الفظاعات واعمال القتل. حتى إن نظام الرئيس السوري بشار الاسد أكبر مجرمي الحرب في الشرق الاوسط في العقد الحالي يبدو اذا قيس بقتل المتطرفين الاسلاميين الجدد المجنون، يبدو مثل بديل سليم العقل تقريبا لم يعد الغرب يتمنى سقوطه.
إن اسرائيل، كما أبلغ الاعلام الدولي في الايام الاخيرة، تتيح للتحالف المتشكل على «الدولة الاسلامية» معلومات استخبارية. وهذا عمل ضروري في نضال عدو يتشكل، لكن العدو غير موجود بين أظهرنا الى الآن. فعلى حسب ما تقوله منظمات الاستخبارات الاسرائيلية لا توجد في هذه المرحلة أية اشارات على وجود جوهري لـ «الدولة الاسلامية» بين العرب في اسرائيل أو الفلسطينيين في المناطق.
إن الزيادة في تطرف بعض التيارات الاسلامية ظاهرة مقلقة في حد ذاتها وتندمج فيها هنا وهناك ايضا مظاهر تأييد لحملات قتل اللاعبة الجديدة في الميدان الاقليمي، لكن المنظمة غير موجودة هنا الى الآن – لا في جبل الهيكل ولا في أم الفحم ولا في غزة، حتى لو شوهدت هنا وهناك رايات سوداء في مظاهرات.
وفي مقابل ذلك توجد معلومات عن عشرات معدودين من الشباب العرب من اسرائيل سافروا الى سوريا للانضمام الى حرب المتمردين لنظام الاسد، لكنه لا يُعلم هل انضموا بالضرورة الى صفوف «الدولة الاسلامية» نفسها.
يوجد شيء هائل تقريبا في الافلام المخيفة التي تنشرها المنظمة التي يصر قادتها على أن يسلكوا سلوك وولد مورت الساحر الشرير الذي ينبغي ألا يُذكر اسمه في سلسلة كتب «هاري بوتر«. والاعلام في اسرائيل والعالم يخدمهم خدمة مباشرة لأن مسلسل البث المكرر الوسواسي لتلك الصور في قنوات التلفاز يُذكر بادمان افلام عنف. ولا سبب يدعو الى أن تُجر القيادة الاسرائيلية ايضا الى هذا السيرك الذي يدور حول تنظيم لا يتجه اهتمامه الى الآن صوبنا. وقد واجه المجتمع الدولي في الماضي تحديات كبيرة وليست «الدولة الاسلامية» عدوا لا يمكن أن يُهزم. ولا تعوزنا أخطار امنية في المنطقة حتى من غيرها. فقد مر على اسرائيل صيف فظيع في ظل الحرب في غزة ولا يوجد يقين ألبتة من أن المواجهة العسكرية مع حماس لن تُجدد قبيل نهاية هذا الشهر. ولم يزل ايضا تهديد المشروع الذري الايراني في حين التفاوض بين طهران والقوى العظمى بعيد من أن يعبر عن مواقف حكومة نتنياهو.
يوجد بيقين ما يمكن فعله في الاستعداد لمواجهة الدولة الاسلامية، ويبدو أن الاكثر تم فعله من قبل وهو تقوية الجهد الاستخباري ومتابعة التطورات على الحدود مع سوريا ومصر. والاستعداد المعزز لحماية الحدود والاستمرار على مساعدة التدبيرات الدولية لكن مع التقليل من الظهور. ويمكن أن يتم كل ذلك دون قدر مبالغ فيه من الذعر ودون تضخيم لا حاجة اليه لمقدار الخطر. ويبدو وبين أيدينا الانباء الدراماتية عن الاجتماع الليلي لوقف العدو الجديد يبدو أنه يمكن أن نوجه الى الوزراء ذلك الطلب الذي يوجه الى محرري نشرات الاخبار في التلفاز وهو: «تفضلوا علينا وسكّنوا جأشنا«.
هآرتس 11/9/2014
عاموس هرئيل