بغداد ـ «القدس العربي»: استذكر العراقيون، أمس الخميس، مرور ثلاثة أعوام على إعلان «النصر النهائي» على تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق، وسط دعوات لتجفيف «منابع الإرهاب» وإبعاد البلاد عن الصراعات الإقليمية، وإجراء انتخابات «حرّة ونزيهة» تلبي طموحات الشعب.
وفي مثل هذا التوقيت قبل ثلاثة أعوام، أعلن رئيس الوزراء العراقي حينها، حيدر العبادي، «تحرير كافة الأراضي العراقية» من سيطرة التنظيم، بانتهاء القوات المسلحة المشتركة من «السيطرة بالكامل على طول الحدود مع سوريا» بمساحة تُقدّر بـ183 كم مربعا.
رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، عدّ «النصر» المتحقق على التنظيم أنه «عراقي» لافتاً إلى أن «الأصدقاء حول العالم ساعدوا العراق في هذا النصر» في إشارة إلى قوات «التحالف الدولي» بزعامة واشنطن.
وقال الكاظمي، خلال كلمته مع القيادات الأمنية والعسكرية وجمع من المنتسبين، في مدينة الفلوجة في الأنبار التي وصلها أمس الخميس، بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة للنصر، «في مثل هذا اليوم أيها الأبطال. سواعدكم وإيمانكم وجذوركم الوطنية العراقية انتزعت النصر على تنظيم داعش الظلامي».
وأكد أن «الانتصار على داعش ليس مجرد انتصار عسكري، بل هو انتصار الحضارة أمام التخلف، التقدم أمام الرجعية، الإنسانية أمام الوحشية، العراق الواحد الموحد أمام التقسيم».
وتابع: «كل مقاتلينا، ضباط ومراتب، في الجيش والشرطة الاتحادية وجهاز مكافحة الإرهاب والحشد الشعبي والبيشمركه، وكل من قاتل هذا التنظيم الإرهابي صاغوا قلادة النصر وأهدوها إلى شعب العراق بتضحياتهم وبطولاتهم».
«لا يقبل القسمة»
وخاطب الحاضرين بالقول: «اسمعوا يا شباب. النصر عراقي. الدم الذي سال من أجل الشرف والأرض عراقي. التضحيات التي قُدمت عراقية. نعم ساعدنا الأصدقاء حول العالم، لكن النصر تحقق بجهود وتضحيات عراقية، وانتصرنا أخيرا».
وزاد بالقول: «هذه المناطق هنا الفلوجة والخالدية والأنبار، حاول داعش اختطافها من العراق. لكن العراق لا يقبل القسمة، والعراق أبيُّ الضيم. والعراق كرامة. داعش حاول الإساءة إلى كرامة العراقيين، فوجد أمامه أبطالاً وصناديد علّموا الإنسانية معنى الكرامة الوطنية».
وأردف قائلا: «نفتخر بهذا اليوم العظيم، ونفتخر بهذا الإنجاز الكبير ونفتخر بكم. أنتم فخرنا ورمز صمودنا. وأنا أصرّيت أن أكون هنا بينكم، لنقول لكل من يحاول المساس بكرامة العراق أو وحدة أراضيه أو سلامة العراقيين. إننا هنا والعراق أكبر منكم».
تخفيف التوترات
إلى ذلك، أكد رئيس الجمهورية، برهم صالح، أن موقف العراق «ثابت» في النأي عن الصراعات الإقليمية، لافتا إلى أهمية العمل الحثيث من أجل تخفيف التوترات في المنطقة.
وقال في بيان له بمناسبة «يوم النصر» «في مثل هذه الأيام نستذكر بإجلال وتقدير بطولات وتضحيات قواتنا الأمنية الباسلة في انتصارها على الإرهاب الداعشي، وتحرير المدن والقرى من براثنه. ونستحضر قصص الصمود والتحدي التي جسدتها تضحيات أبطالنا، واصطف معهم الشعب العراقي بكل أطيافه، مؤازرين وداعمين من أجل الكرامة والحرية والسلام».
الكاظمي يشيد بدعم الأصدقاء… والخزعلي يريد «حشّداً» بعيداً عن التجاذبات السياسية
وأضاف: «في هذه الذكرى الخالدة، نستحضر بإجلال وامتنان الفتوى الجهادية للمرجع الأعلى سماحة السيد السيستاني (دام ظله) التي حشدت طاقات الشعب في مواجهة داعش، وكان لها كبير الأثر في دحر الإرهابيين وتحقيق النصر الناجز، فتحية شكر وعرفان لمن نادى من أجل التحرير ولمن لبى النداء».
ولفت إلى أن «كما لا يمكن نسيان الدور المساند للأصدقاء في التحالف الدولي ولدول المنطقة ممن وقفوا مع العراق في حربه العادلة ضد العصابات الإرهابية الظلامية».
الحفاظ على «النصر»
وأكد أن «الوفاء للتضحيات وللدماء الزكية التي أُريقت في طريق التحرير، يستوجب الحفاظ على الانتصارات المتحققة وعدم التفريط بها، وقطع الطريق أمام الجماعات الإرهابية التي ما زالت تحاول زعزعة الاستقرار في بعض المناطق والمدن، وذلك من خلال مواصلة الحرب على الإرهاب وعدم التهاون فيها».
وزاد: «يستوجب ذلك أيضا، اتخاذ خطوات شجاعة وحاسمة في مكافحة الفساد، وتعزيز سلطة الدولة وترسيخ سيادتها في فرض القانون وحماية أمن واستقرار المواطنين، والشروع في تحقيق الإصلاح البنيوي، وتلبية استحقاق الانتخابات الحرة النزيهة، وبما يضمّن الإرادة الحقيقية للناخبين بعيداً عن الضغوط والتزوير والتلاعب، وعودة النازحين إلى مدنهم، ومعالجة كل الآثار التي خلفتها الجماعات الإرهابية».
وتابع: «في هذا الصدد، نشير أيضاً إلى أن الجماعات الإرهابية التكفيرية تتغذى وتستغل الأوضاع الإقليمية غير المستقرة، وهذا ما يستوجب العمل الحثيث من أجل تخفيف التوترات في المنطقة، ونؤكد هنا موقف العراق الثابت في النأي عن الصراعات الإقليمية، ورفض انعكاساتها على أمنه واستقراره الداخلي، وفي أنه مرتكز أساسي للتعاون الإقليمي والدولي لإرساء السلام والحد من النزاعات التي تعمل على تقويض الاستقرار في المنطقة وتكون ارتداداتها إلى الداخل العراقي».
أما رئيس الوزراء الأسبق، زعيم ائتلاف «النصر» حيدر العبادي، فاستغل المناسبة للتأكيد على أهمية قيام عملية انتخابية حرة ونزيهة معبرة عن إرادة العراقيين وتطلعهم نحو الإصلاح والتغيير.
وقال، في بيان صحافي، «إنني إذ أُحيي عزيمة هذا الشعب وتضحيات مقاتليه الأبطال، أُؤكد بهذه المناسبة، على أن معارك التحرير التي خضناها ضد الإرهاب كانت معارك وجودية للدولة، وقد كسبنا معركة استعادة الدولة ووحدة الشعب من فم الإرهاب والاستلاب، وأجهضنا خيار سقوط العراق».
وأضاف: «لم تكن معارك التحرير معارك بندقية وحسب، بل كانت في العمق حروب إدارة فعّالة للدولة بإقتصادياتها ومخابراتها وتوازنات سياستها الداخلية والإقليمية والدولية، وقد أثبتنا قدرة الإدارة والإرادة العراقية بكسب الحروب الشاملة المعقدة» مؤكدا أن «الانتصار على داعش أسقط خيار الإرهاب والتوحش من أن يفترس المنطقة والعالم، وعلى المنطقة والعالم رفع القبعة للعراق وشعبه ومقاتليه، وتسديد الدين له».
مساعدات مدفوعة الثمن
وتابع أن «الانتصار على الإرهاب كان عراقياً، ومن الحيف وهب النصر إلى الأجنبي أياً كان. لقد ساندنا العالم، وتقدمنا له بالعرفان، لكن أكدنا ونؤكد، أنَّ الدم والنصر كان عراقياً بامتياز، وأنّ مساندة العالم لنا كانت دفاعاً عن دولهم ومصالحهم أن تنهار على يد الإرهاب، وكانت مساعدات مدفوعة الثمن ولم تكن بالمجان» منوها «بانتصارنا على الإرهاب خرجنا بدولة موحدة وشعب متماسك واقتصاد أفضل وسيادة متعافية، وكسبنا ثقة العالم بنا كدولة وإدارة سياسية قادرة على كسب الرهانات الكبرى رغم الصعوبات والمعوقات الهائلة».
وأشار إلى أن «المنجزات التي تحققت بالأمس بإرادتكم وتضحياتكم يجب أن لا تتراجع، لقد أسقطنا خيارات الإرهاب والطائفية والتجزئة والفوضى، وعلينا اليوم تطبيق مسطرة الإدارة نفسها والسيادة بالتعاطي مع الدولة وملفاتها لنضمن تراكم المنجزات وتكامل الدولة، يجب أن لا نسمح للإرهاب من الاستيطان مجدداً، كما يجب أن نقف صفاً واحداً لإعادة البناء وعودة النازحين وإعمار المدن وإشاعة التعايش وتحقيق العدالة، وعلينا أن نتوحد ونقف بالضد من إعادة إنتاج الطائفية وفوضى السلاح وانفلات الجماعات وارتهان الإرادة للأجنبي».
ونوه إلى أن «كسب رهان الدولة ووحدتها وسيادتها ورفاه مواطنيها رهن الوحدة الوطنية والحكم الفعّال والإدارة الكفؤة للدولة، وكلي أمل أن تشهد الانتخابات القادمة ولادة معادلة حكم فّعال قادر على إنقاذ البلاد من أزماتها» مشددا على «وجوب قيام عملية انتخابية حرة ونزيهة معبرة عن إرادة العراقيين وتطلعهم نحو الإصلاح والتغيير وتحقيق طموحات الشعب».
أما زعيم تيار «الحكمة» عمار الحكيم، فكتب معلقاً على ذكرى «النصر»: «بهذه المناسبة نحمل الجميع مسؤولية الحفاظ على النصر من خلال تجنب أسباب ومبررات عودة الإرهاب وإحكام الخطط الأمنية وتجفيف منابعه الفكرية والمالية».
وطالب بـ«إعمار المدن المحررة ومدن المحررين وإعادة جميع المهجرين إلى ديارهم».
في حين، دعا الأمين العام لحركة «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي، إلى تحمل المسؤولية في الحفاظ على «الحشد الشعبي» قویاً موحداً بعيداً عن التجاذبات السياسية. وقال في تدوينة له، إن «للنصر أياما ورجالا وميادين، والنصر على زمرة داعش التكفيري كان أبطاله العراقيون في أرض العراق ويوم هزيمتهم يوم عراقي بامتياز توحدوا فيه جميعا لدحر الأعداء ومن يدعمهم».
واضاف أن «في هذا اليوم العظيم ندعو الجميع إلى تحمل المسؤولية في الحفاظ على الحشد قویا موحدا بعيدا عن التجاذبات السياسية».