خانت السياسة حد السلاح، هذه هي باختصار قصة دراما حرب أكتوبر 1973، التي حقق فيها جيش مصر العظيم نصرا خارقا بالعلم والإرادة والمقدرة والتوكل على الله، ثم جاءت السياسة البائسة فخذلت النصر العزيز، وأورثت مصر عارا وضياعا في تيه الأربعين سنة الأخيرة، وإلى أن قامت ثورة مصر الأخيرة بموجاتها المتلاحقة إلى الآن، التي تفيق بها مصر من الغيبوبة، وتستعيد اليقظة والانتباه لما جرى ويجري، وتسعى لتهجي حروف اسمها الخالد له المجد في العالمين.
بدت القصة في البداية كمفارقة ظاهرة في الصورة المزدوجة للرئيس السادات، فقد توفي القائد جمال عبد الناصر على نحو مفاجئ، وانتقل إلى جوار ربه، وكان لايزال في عمر الاثنتين والخمسين سنة، وتولى نائبه السادات الرئاسة خلفا له، وكان البلد كله معبأ في اتجاه جبهة الحرب، فقد أعيد بناء الجيش من نقطة الصفر، ونشأ لمصر جيش حديث جبار، وبتنظيم عصري، وباستنفار كامل لطاقة الشعب والدولة والصناعة المصرية البازغة وقتها، دفع الشعب من قوته وأعصابه، وأرسل خير بنيه إلى جبهة الحرب التي لم تتوقف يوما منذ هزيمة 1967، كانت ملاحم حرب الاستنزاف متصلة، وكان تكتيك عبد الناصر في التظاهر بقبول مبادرة روجرز قد أتى أكله، فقد جرى في شهور وقف إطلاق النار الثلاثة، بناء حائط الصواريخ على خط قناة السويس، وترك عبد الناصر لمصر جيشا قادرا على النصر، ووجد السادات نفسه حبيسا في قيد عبد الناصر، وملزما بخوض الحرب التي بدا أنه يسعى للتهرب منها، وبقصص ساذجة من نوع ‘عام الحسم’ و’عام الضباب’ في 1972، وكان ضغط الشارع والجيش مؤثرا بشدة، فقد كان الجيش جاهزا لعبور قناة السويس كمانع مائي، وجاهزا لاقتحام خط بارليف، وكانت خطط الحرب كلها جاهزة للتنفيذ قبل أن يرحل عبد الناصر، ولم تفلح مناورات السادات إلا في تأخير موعد الحرب، لكن الحرب جاءت في النهاية، وتبدت في وهج نيرانها ووقائعها المتلاحقة صورة مزدوجة للرئيس السادات. فقد كان السادات في موقع القائد الأعلى للجيش الذي بناه عبد الناصر، ووقع قرار الحرب بهذه الصفة، وبعد أن هدأت الحرب وتوقف إطلاق النار، ظهر الوجه الآخر لصورة السادات، وبدأت عملية خيانة النصر، وتفكيك تعبئة المجتمع والدولة، وباتفاقيات فض الاشتباك الأولى والثانية، وإصدار قانون استثمار رأس المال العربى والأجنبي، وبدء سياسة ‘انفتاح السداح مداح’ بتعبير الكاتب الراحل أحمد بهاء الدين، ووصولا إلى مبادرة زيارة القدس المحتلة، ومفاوضات كامب ديفيد برعاية الأمريكيين، وإلى ما سمي بمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، التي أعادت سيناء شكلا، وأضاعت مصر حقيقة، وعلى طريقة الذي أعادوا له قدما وأخذوا عينيه، فظل يمشى في التيه، وينزلق إلى القاع.
كان لمصر وقت وقف الحرب ثمانون ألف جندى وألف دبابة في سيناء، ثم جاءت المعاهدة المشؤومة، وأنزلت عدد قواتنا إلى اثنين وعشرين ألف جندى في المنطقة (أ) شرق قناة السويس، وبعمق 59 كيلومترا، وفي منطقة وسط سيناء، وبعمق 109 كيلو مترات، التي سميت بالمنطقة (ب)، لم تسمح المعاهدة المشؤومة لمصر سوى بأربع كتائب حرس حدود، وفي المنطقة (ج)، وبعمق 33 كيلومترا غرب الحدود المصرية الفلسطينية التاريخية، لم تسمح المعاهدة المشؤومة سوى بقوات شرطة مصرية، كانت هذه الترتيبات الأمنية المهينة جوهر المأساة، وكانت حسابات السلاح تتيح لمصر ما هو أفضل كثيرا، فلم يكن ممكنا لإسرائيل أن تبقى طويلا في سيناء، وهي شبه جزيرة تزيد مساحتها على ثلاثة أمثال ونصف مثل مساحة فلسطين المحتلة كلها، وكانت مستوطنة ‘ياميت’ في سيناء شيئا هزليا، وكان بقاء مصر على جبهة الحرب حتى بدون حرب كافيا لإرغام إسرائيل على ترك سيناء بكاملها، وقد سبق أن احتلت إسرائيل سيناء في حرب 1956، ثم خرجت منها بالكامل، وبوجود قوة طوارئ دولية محدودة عند خليج تيران، وكان وضع السلاح المصري أفضل بمراحل عام 1973 قياسا إلى أوضاع 1956، وكان التوازن الدولي لصالح مصر وحقوقها البديهية، لولا أن الرئيس السادات كان قد قرر أن يبيع كل شيء، وأن يخون الحرب التي خاضها مرغما، وأن يخون النصر الذي دفعت فيه مصر دم أبنائها، وأن يحول حرب التحرير إلى حرب تحريك على رقعة شطرنج، نقول ذلك حتى نتذكر كيف وقعت المأساة، التي حاولوا التغطية عليها بحديث كاذب عن استعادة سيناء بالسلم، وبزعم أن عودتها بالحرب كانت مستحيلة، وهذا حديث خرافة لا أكثر، والأدلة الواقعية لا تحصى من قبل ومن بعد، فقد خرجت إسرائيل من جنوب لبنان تحت ضغط المقاومة المسلحة، وخرجت إسرائيل من غزة، وجرى تفكيك مستوطناتها تحت ضغط الانتفاضة الفلسطينية الثانية، ومن دون أن يوقع المقاومون اللبنانيون أو الفلسطينيون اتفاق سلام وتطبيع مذل مع إسرائيل، ولا يستطيع عاقل بالطبع إجراء مقارنة بين قوة المقاومتين الفلسطينية واللبنانية وقوة الجيش المصري الهائلة، والمعنى ظاهر جدا، فلم يكن لزاما علينا أبدا أن نقبل بالهوان، ولا أن نقبل بعودة سيناء منزوعة السلاح في غالبها، ومع تجريدها من أي مطارات أو موانئ حربية بحرية مصرية، فهذه ليست عودة لأرض، بل رهنا لها لمصلحة العدو، الذي أراده السادات صديقا، ثم اتخذ من أمريكا كفيلا، وحطم المقدرة المصرية الذاتية بالانقلاب الكامل على اختيارات ثورة عبد الناصر، كان التاريخ كأنه يعيد نفسه، فقد تحطمت نهضة محمد علي في القرن التاسع عشر باتفاقية لندن سنة 1840، وتحطمت نهضة مصر المعاصرة بمعاهدة 1979، وكما زحف الاحتلال الأجنبي السياسي فالعسكري بعد اتفاقية لندن، فقد زحف الاحتلال السياسي لمصر بعد ما جرت تسميته ‘معاهدة السلام’، ومع فارق ظاهر جدا، وهو أن مصر أرغمت على الركوع زمن محمد علي، وبحد السلاح الأوروبي الزاحف المتحالف مع خيانة الخلافة العثمانية المريضة، بينما لم تكن مصر مرغمة بعد حرب 1973 على تكرار الركوع نفسه، وكان يمكن الاستطراد في عملية بناء الجيش وتطوير صناعة السلاح، والضغط السياسي لإعادة سيناء على وجه الحقيقة لا على وجه المجاز، فلم تعد سيناء إلى مصر إلا في أغنية شادية ‘سينا رجعت كاملة لينا.. ومصر اليوم في عيد’، فقد عادت سيناء كأنها لم تعد، وانتقلنا بخيانة السياسة من نزع سيادة السلاح في سيناء بترتيبات المعاهدة المذلة، انتقلنا من نزع سيادة السلاح إلى نزع سيادة قرار السياسة والاقتصاد في القاهرة، وكان دور المعونة الأمريكية الضامنة للمعاهدة جوهريا، فقد وضعت مصر وأقدارها تحت رحمة الاحتلال والانتداب السياسي الأمريكي، وخرجنا من سباق الأمم الناهضة، وسقطنا في ‘الثقب الأسود’ الذي جاءت الثورة الأخيرة لتنتشلنا منه.
وليس القصد مما نقول أن نلوم الرئيس السادات مجددا، فالرجل في رحاب ربه، وقد أنقذته عناية الأقدار باغتياله المبكر، أنقذته من أن يرى بأم عينيه نتائج ما اقترفت يداه، وترك لنا الهوان والتيه مع خلفه حسني مبارك، وقد خلعته ثورة الشعب وألقته إلى مزبلة التاريخ التي يستحقها بامتياز، ثم خلعت الثورة حكم الإخوان ‘القرين’ لحكم مبارك، وعادت المواجهة محتدمة كما كانت عقب نصر أكتوبر 1973، فالبلد الآن على مفترق الطرق الحاسم نفسه، وجيشنا العظيم يخوض حرب سيناء مجددا، وبهدف الاستعادة الحقيقية الكاملة، وتحطيم معادلات نزع السلاح المهين، وعلينا ألا نكرر المأساة، وألا نتبنى سياسة تخذل أو تخون حد السلاح، فقوة الجيش هي عنوان لعافية البلد، ولا برؤ لمصر من مرض الهوان بغير إجراءات سياسة عاجلة، أول الأمر فيها هو الاستغناء عن المعونة الأمريكية وحل هيئاتها في القاهرة، وفرض سيطرة السلاح على سيناء بكاملها، وهو ما تستطيعه مصر الآن.
*كاتب مصري
ومن خانوا الديمقراطية وطبلوا لإنقلاب السيسي!!!!!
لفت نظرى فى أوروبا وامريكا ان اليمين المتطرف والمحافظين الجدد يجمعهم ويوحدهم هدف واحد ألا وهو كراهية الإ،سلام والمسلمين دون غيرهم من الأقليات على تنوعها, مما يجعل الإنسان يتوجس ويبحث عما وراء الهدف وعن الأيدى الخفية التى تحرك هؤلاء وهؤلاء. المفلت للنظر ان العلمانيين واللبراليين واليساريين فى مصر يسيرون على نفس خطى اليمين الأوروبى بل هم اكثر تطرفا اذ يختبئون تحت عباءات متنوعة ولكن الهدف والعدو واحد وهو الاسلام والمسلمين وليت المسألة تنحصر فى الاخوان المسلمين وحسب, بل الى كل ما يمت لشرع الله بصلة. ربما اختلف مع السادات اكثر من الكاتب بعد معاهدة السلام او سمها معاهدة الاستسلام. لكن يظل أنور السادات صاحب قرار العبور وقائد الانتصار وشقيق الشهيد البطل عاطف السادات. انتصر جيشنا, يوم ان كان جيشنا, بفعل الايمان والارادة والكرامة ليمسح عار الهزيمة المريرة التى لحقت بنا بأيدى عبد الناصر وقيادة جيشه المهترئة والمتهورة وعديمة الرؤية والكفاءة وهذه حقائق تاريخية دفعنا وندفع ثمنها كشعب ولن تغيّر الحقائق بعض الكتابات المليئة بالعواطف والانفعالات التى تشبه فقاعات الهواء الفارغة من كل محتوى. على نفس القدر الذى اختلف فيه مع السادات اختلفت بل وتصادمت مع الاخوان المسلمين ولكن الحق أحق أن يٌتّبَع فقد عرفتهم نظيفى اليد وليسوا من لصوص الحقبة الناصرية او فترة مبارك والسادات وهم ليسوا من الارهاب فى شئ وانما هى نفس التهمة التى يتشدق بها الغرب ويمينه المتطرف لتبرير الأكاذيب والمغالطات. أما عن جيشنا فى الوقت الراهن فأنا أصلى وادعو الله مخلصا ان ينجى جيشنا من كل سوء ومن سوء القيادة. شئنا أم ابينا أو غالطنا فالحقيقة المؤلمة ان جيشنا فى الوقت الراهن قد دخل نفقا مظلما لا يعلم مداه الا الله. لقد مضى الزمن الى غير رجعة عندما كانت آلة عرّاب الهزيمة الاعلامية قادرة على غسيل العقول. نحن لسنا فى زمن هيكل والصحّاف, نحن فى زمن الفضاء المفتوح والعقول المستنيرة. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون
مصر لم تخض الحرب لوحدها يا استاذ ليبيا شاركت بفرق وطائرات والجزائر بالمشاة اما صدام حسين فقد دفع بمئات من الجنود و 56 طائرة حربية زائد تمويله للحرب بالمال والجيش المصر رد الجميل لصدام بمباركتة غزو العراق وقتل زعيمها.. الجيش وسيناء ومصر كانو لما كان عبد الناصر
معلومة مهمة: كان للعرب جيشان الاول مصري ناصري والثاني عراقي صدامي للاسف تم اغتيال الزعيمين وتحول الجيشين من جبهات القتال الى صناعة الاواني .
دورتموند
كانت حرب الإستنزاف التي عانى الجنود الإسرائيليون كثيرا من وطأتها بالقنابل التي تتساقط عليهم يوميا (تحقيق مصور من مجلة لايف الأمريكيه آنذاك) هي المدخل لحرب 73 و قد كان السادات ( رحمه الله) قبل ذلك يحدد مواعيدا لبدء الحرب ثم ينقضها حتى أصبح محل التندّر و كانت هناك نكته في ذلك الوقت تسأل متى سيبدأ السادات الحرب إذا مر موعد 31 ديسمبر و الجواب 32 ديسمبر! و لكنه نجح أخيرا على نمط قصة الراعي و الذئب و أتى الذئب الإسرائيليين فعلا و هم في غفلة يوم كيبور و رأى العالم صور الجندي المصري و هو يمزق العلم الإسرائيلي عبر القناه و يدوسه بقدمه و انتفخ الصدر العربي تشفيا و نشوة بالنصر و لكن الرجل توقف فجأة و أعلن أن الحرب حققت أهدافها بدلا من تكملة المسيره و انتهاز الفرصه الذهبيه ثم فاجأنا بالضربة القاضيه بالذهاب إلى القدس ليلقي كلمة السلام في الكنيست ثم نراه يصطحب في سيارته التي يقودها بنفسه في ربوع مصر الإرهابي الصهيوني مناحيم بيجن رئيس وزراء إسرائيل آنذاك و سفاح دير ياسين و أصبح نجم وسائل الإعلام و قال في مقابله تلفزيونيه بعد معاهدة “السلام” : ” لقد ارتحنا من هذا العناء” أي محاربة إسرائيل و دخلت مصر بعد ذلك في عهد أمّن لإسرائيل حدودها و وفّر عليها المليارات من الدولارات علاوة على حصولها على الغاز المصري بسعر بخس و استغلت هذه الأموال في بناء المستوطنات و توسيع رقعتها و العناء ليس له نهايه و الفصل الكبير القادم سوف يكون في القدس
مقالك هو المقال الوحيد اللذى يحتوى على حقائق كثيره سلبيه عن السادات ومبارك والخيانه فى حرب أكتوبر وما تلاها من خيانات حقيقيه لمصر ومصالحها وحريتها وسيادتها الكامله على كل أراضيها ومنع تقدم حقيقى لها.هذا هو الواقع والحقيقه المؤلمه وأنت تحافظ عليها بمقالك ..لهذا تحيتى لك ولشجاعتك الآتيه فى الوقت المناسب واللازم .. لعل العيون تقرأ والعقول تفهم !!
السماء صافية و العصافير تزقزق
مع انني ضد حكم العسكر لكني سؤيدهم فورا اذا اعلنوا الغاء كل اتفاقيات العار مع العدو
الكاتب المحترم تحية وبعد
لقد ذكرت كثيرا من الحقائق عن (حرب العبور) كما يسميها الاخوه الاشقاء في مصروحرب (يوم كيبور) كما يسميها الاعداء في اسرائيل ولكنك نسيت او تناسيت دخول القوات الاسرائيليه( في اقل من اسبوع على بداية الحرب) بقيادة شارون الاراضي المصريه غرب القناه وما عرف وقتها بثغرة( الدفرسوار) وبنيت بعدها خيمة ال 101للتفاوض على انهاء الحرب بما فيه تقرير مصير سيناء.
مادامت مصر محاذية لمن طال وجوده على أرض فلسطين فالإختراق وارد وممكن
وبطرق شتى ومهما قامت أي حرب فإنه يصور على أنها نصر وهي هزيمة نكراء مثل حرب أكتوبر وما قبلها. سؤال هل مصر تتحررت تماما من عدوها الداخلي والخارجي؟
لم ولن تجن مصر من وراء اليسار المصرى على مر التاريخ سوى النكبات والهزائم فاليسار المصرى لا يؤمن لا بدين ولا بالديمقراطية.