القاهرة ـ ‘القدس العربي’ أخيراً انتهى موسم ضرب الودع وقراءة الفنجان التي باتت اللعبة الاكثر قبولاً بين كتاب مصر ومحرريها على حد سواء.. فقد قبل ‘المنقذ’ وفق قواميس اهل السينما أو ‘المهدي المنتظر’، كما هو الحال عند أهل التصوف أن يقوم بالمهمة الانتحارية، من اجل انقاذ مصر التي تواجه اختيارات صعبة ومخاطر جمة تستهدف زوالها من فوق الخريطة ‘هكذا يقول أنصاره’.. غير ان اقناع وزير الدفاع، الذي خلع بدلته العسكرية أخيراً، لم يكن سهلاً بأي حال، فقد تطلب الأمر استهلاك ملايين الاطنان من الورق والاحبارعلى مدار اشهر متتالية، كي يتحول المنقذ من طور ‘البشر’ إلى ‘الملهمين’، كان لابد من ماكينة النفاق ان تعمل بكامل طاقتها طيلة الشهور الماضية كي تتم المهمة بسلام، ولو كان الامر على حساب سمعة المهنة التي تحول كثير من افرادها، في خضم الصراع المحموم لتتويج الرجل، الى منشدين ومداحين في مولد سيدي ‘السيسي’ الذي اختتمت فعالياته قبل يومين، وأغلب الظن ان أذرع النظام التي يلعب فيها المكون الامني والاعلامي دور الريادة ستواصل دفع صاحبة الجلالة للمضي في حفلات التتويج، والسيرك الجماعي، خشية ان يستيقظ النائمون على الخريطة بعد تثاؤب طويل على الحقيقه التي لن تسعد احداً سوى من اشرفوا على ‘الفيلم ‘، منذ المشهد الاول وحتى النهاية. وفي خضم الترحيب البالغ من قبل الصحف بقرار السيسي كان لزاماً ان يشارك في اخراج الحدث كل الوان الطيف، في ما يشبه عروض الاوركسترا، لذا لم يكن من قبيل المدهش ان نرى نجوما من فصائل شتى يصفقون لقرار المشير.
نرى في الصورة سياسيين لهم ماض كبير في الهجوم على اسرائيل والدعوه لاقامة جسور صلبة في مواجهة الهيمنة الامريكية، قبلوا ان يختزلوا تاريخهم في الترويج لمولد الترشح، مثل عمرو موسى الامين الاسبق للجامعة العربية، وبجواره يقف الداعية السلفي ياسر برهامي، الذي اثنى على القائد الذي تخلى عن بزته العسكرية، فيما تناست الممثلة زينة مأساتها مع الفنان احمد عز وهرولت للتصفيق للسيسي. وفي نفس المشهد الاوبرالي وقفت فيفي عبده ورجل الدين سعد الهلالي، فيما تعرض كل من ابدى اعتراضه على الترشح لمزيد من اللعنات، فها هو الاعلامي باسم نور يُتهم بالاساءة لرموز الدولة، ومن قبله عمرو حمزاوي يمنع من السفر، لأنه وصف ما جرى بالانقلاب. في صحف الامس تواترت المعارك ضد الرئيس المعزول وجماعته وانتابت انصار وزير الدفاع السابق حالة من الهوس الجماعي دفاعاً عنه، فيما غضت الطرف الصحف المؤيده للنظام الجديد عن النجاح اللافت لأمير قطر في مؤتمر القمة العربية الذي انهى فعالياته مؤخراً، حيث نجح في ان ينجو ببلاده من مؤامرة كان الغرض منها عزل قطر عن العالم، وفق ما يرى بعض الكتاب. والى التفاصيل:
قطر ربحت القمة وأعداؤها عادوا بخفي حنين
حول أهم التجليات من القمة العربية، التي انهت اعمالها مؤخراً، ووفق حسابات الربح والخسارة، كما يراها جمال سلطان رئيس تحرير جريدة ‘المصريون’ نبدأ رحلتنا: ‘الحقيقة أن نجاح القمة وعبورها لتلك الأزمات العنيفة، يجعل الكويت الرابح الأول والأهم في هذه القمة، لأن انعقاد القمة واستضافتها واستيعاب كل تفاصيلها وفخاخها وهمومها ومشكلاتها هي مسؤولية الدولة المستضيفة بالدرجة الأولى. أيضا يمكن القول بأن دولة قطر كانت الرابح الثاني من هذه القمة، لأن كثيرين راهنوا على أنها ‘دولة معزولة’ وأن القمة العربية ستثبت عزلتها، وتم تصوير الخلاف السعودي معها بأكثر من حجمه كثيرا، من دون إدراك لطبيعة الشخصية العربية في الخليج والنسيج الاجتماعي الذي يحفظ الخلافات عادة في سقف محدد وعائلي يسهل استيعابه ولا يقطع خطوط الرجعة، لأن الشعور بإحساس الأسرة الواحدة يغلب على العلاقات الخليجية الخليجية، وبدت كلمة أمير قطر متجاهلة تماما الضغوط التي حاولت ممارستها بعض الدول من أجل أن تغير موقفها من الخريطة السياسية العربية بعد الربيع العربي، فبدت الكلمة منحازة تماما للربيع العربي وثورات شعوبه، وكانت الكلمة أقرب إلى مخاطبة الشعوب منها لنظم الحكم، وأكد على ضرورة بناء التوافق الوطني بالحوار في الدول العربية التي تشهد انقسامات وصراعات عنيفة، ملمحا لمصر، وأن خير الحكام من يحبهم شعبهم ويحبون شعبهم، كما أتت كلمة السعودية لتكون متطابقة بدرجة كبيرة مع ما طرحته قطر في كلمتها في أكثر من ملف، مما أظهر قربا في مواقف الدولتين أكثر مما كان يتصور أحد، وبدا أن الحديث عن عزلة قطر محض هراء سوقته دعاية إماراتية مراهقة، وصدقها مع الأسف الإعلام المصري المخترق على نطاق واسع من الدوائر الإماراتية’.
الرئيس لن يتراجع عن ضرب
سد النهضة إذا لم يكن هناك بديل
لازالت المشاكل الكبيرة التي تعيشها مصر تدفع بالعديد من الكتاب العقلانيين الى الا يفرطوا في التفاؤل، ومن بين هؤلاء طلعت المغربي في جريدة ‘الوفد’ الذي يرى ان ‘هناك ملفات عديدة واهدافا كبرى تحتاج لمجهود جماعي، غير انه يرى في السيسي مواصفات القائد الضرورة الذي سيسعى لاستعادة دور مصر لمكانتها الإقليمية التي تأثرت بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011، مما جعل دولة مثل إثيوبيا تتحرك فعليا لبناء سد النهضة الذي اكتمل نحو 32′ منه، ويرى ان مصر تتحرك الآن على عدة جبهات لحل قضية السد بالطرق الدبلوماسية والسياسية، ولو فشلت كلها جميعاً حتماً ستضرب مصر سد النهضة الإثيوبي، لان المسألة بالنسبة لها مسألة حياة أو موت. ومن القضايا الكثيرة التي تواجهها، مكافحة الإرهاب واستعادة الأمن في الشارع المصري، مع مواجهة حاسمة لمشكلات خطيرة مثل البطالة والعشوائيات والتنمية بمفهومها الشامل في الصعيد وسيناء والنوبة ومطروح’. ويخشي المغربي على السيسي من البطانة المحيطة به كما حدث مع مبارك ومرسي وعبدالناصر والسادات لإنهم مشكلة كل حاكم في كل العصور.. ‘لقد كانت الشّلة المحيطة بالرئيس الراحل جمال عبدالناصر هي السبب الرئيسي في هزيمة 1967، رغم ان قرار الحرب قراره، فإن وزير الدفاع المشير عبدالحكيم عامر أفهمه ان قواتنا جاهزة لامتصاص صدمة الضربة الأولى والرد في الثانية، وهو ما لم يكن صحيحا بالمرة حتى وقع ما وقع. أما بطانة السادات فهي التي دفعته إلى إصدار قرارات سبتمبر/ايلول الشهيرة 1981 التي كانت المقدمة الحتمية لاغتياله، وتكرر نفس الشيء مع مبارك الذي اختار أحمد عز أميناً لتنظيم الحزب الوطني، فزور انتخابات 2010 ولم ينجح معارض واحد، وأدى هذا إلى اشتعال الثورة في يناير 2011، أما مرسي فقد كان مسلوب الإرادة أمام مكتب الإرشاد فتورط في أحداث الاتحادية وفي إصدار الإعلان الدستوري الشهير الذي كان القشة التي قصمت ظهر البعير’.
السيسي ليس ملطف جو جاء ليخدع الجماهير
ومع قراءة لخطاب السيسي عبر محمد عبد الهادي علام رئيس تحرير صحيفة ‘الاهرام’: ‘تربط الرؤية التى يقدمها السيسي بين ثلاثة أركان رئيسية (جهاز الدولة القوي ـ عجلة إنتاج تدور بانتظام وكفاءة ـ استعادة ملامح الدولة وهيبة الحكم)، وهي ثلاثة مكونات لا يمكن أن تتحقق ما لم يكن لدى المرشح الأقوى للرئاسة برنامج واضح يقدم رؤى واقعية وليس الكلام الأجوف، وبرامج المئة يوم، وغيرها من الأفكار الفارغة التي أفقدت المصريين الثقة في السلطة السابقة، وشكلت انتكاسة خطيرة كادت تعصف بالدولة وبنيانها، هذا هو ما تجلى فى توضيحه لاحقا في خطابه ‘ما شهدته مصر خلال السنوات الأخيرة، سواء على الساحةِ السياسيةِ أو الإعلاميةِ، داخليًا أو خارجيًا، جعل من هذا الوطن في بعضِ الأحيانِ أرضا مستباحة للبعض، وقد آن الأوان ليتوقف هذا الاستهتار وهذا العبث، فهذا بلد له احترامه وله هيبته، ويجب أن يعلم الجميع أن هذه لحظة فارقة، وأنّ الاستهتار في حق مصر مغامرةٌ لها عواقِبها، ولها حسابها، مصر ليست ملعبا لطرف داخلي أو إقليمي أو دولي’.
لماذا نهوى استخدام أفعال
التفضيل عند وصف زعمائنا؟
من الظواهر الغريبة التي تحتاج منا التوقف أمامها على حد رأي علاء عريبي في جريدة ‘الوفد’ ‘ظاهرة إسرافنا في استخدام أسماء التفضيل، سواء في أحكامنا السياسية أو الثقافية أو الاجتماعية. حتى بين العامة من الناس أصبحت أسماء التفضيل تستخدم بشكل مسرف لدرجة التطرف، على سبيل المثال في الحكم على خطاب لأحد السياسيين أو كلمة أو قرار، يقال: قرار أو كلمة أو خطاب تاريخي، في الأدب يستخدم النقاد اصطلاح أفضل رواية أو قصة أو قصيدة، بين الصحافيين يقولون أحسن كاتب أو مقال أو تقرير. والمدهش أننا نمنح صاحب الأفضلية العديد من الألقاب، مثل: الزعيم والقائد والعبقري والمحنك والشاعري وغيرها من الألقاب التي تضعه في مصاف القديسين، والذي يتابع الحياة السياسية هذه الأيام يكتشف بسهولة ظاهرة أو مرض أسماء التفضيل، والذي يقلب في ذاكرته قليلا ويستدعى بعض المشاهد المخزنة عن المخالفين لخطابنا الديني، يجد أننا حكمنا عليهم بالتشدد والتطرف والشذوذ الفكري، في الوقت الذي وصفنا فيه خطابنا بالمتسامح والوسطي، وبمؤسساتنا الدينية الممثلة في الأزهر بأنها تمثل الإسلام الوسطي.. بالطبع لو قمنا بالمقارنة بين الموقفين يتضح أننا نعيش ازدواجية فكرية، حيث ندعي وسطية خطابنا الديني، وفي نفس الوقت نتطرف في أحكامنا على الشخصيات والقرارات والوقائع فى حياتنا اليومية، بمعنى آخر اننا نسرف بشكل متطرف جدا في استخدام أسماء التفضيل في حياتنا اليومية، أما ما يمس خطابنا الديني أو يشذ عما نعيش عليه ونمارسه نثور ونرفض ونصف من يخرجون على الخطاب السائد بالمتطرفين والمتشددين والإرهابيين’.
الكتاب المصريون بحاجة للعلاج النفسي
ما الذي فعله احمد زويل حتى يشوه الإعلام المصري صورته امام وطنه وشعبه.. ما هي الجرائم التي ارتكبها احمد زويل ضد مصر والمصريين منذ عاد حاملا لهم اكبر جائزة عالمية؟ هل تولى منصبا ونهب المال العام، هل اخذ قروضا من البنوك المصرية وهرب بها.. هل استولى على اراضي الدولة وباعها في المزادات وكسب منها البلايين.. هل كان ذيلا من ذيول السلطة في اي عهد.. هل حمل ابواقا ومباخر لعهود ادمنت البطش والاستبداد.. تلك الاسئلة يطرحها في ‘الاهرام’ فاروق جويدة الذي يتابع: ‘كل هؤلاء كرمتهم الدولة المصرية من هرب منهم ومن اقام .. وكل هؤلاء حمل لهم الإعلام المصري المباخر في كل العصور.. وكل هؤلاء سجدت لهم اقلام وابواق كثيرة وهي تعلم انها تساند الباطل.. ولهذا أتعجب كثيرا من الحملات الإعلامية التي تعرض لها احمد زويل طوال الفترة الماضية ودفعت بالرجل مريضا بالسرطان وهو في عنفوان عطائه ونجاحاته.. ان زويل لم يكن منافسا إعلاميا حتى يقال انها غيرة اصحاب المهنة.. ولم يكن صاحب منصب في هذا البلد حتى يقال انها تصفية حسابات.. ولكن ما هي الدوافع التي تجعل البعض من الإعلاميين ينصب سيركا لتشويه مسيرة الرجل حتى في ايام مرضه.. هل أدمن المصريون قتل رموزهم وتشويه كل صاحب قيمة في هذا المجتمع.. إن هذه القصة تحتاج الى عالم كبير مثل د. احمد عكاشة ليحلل لنا ما اصاب الشخصية المصرية من العوار والدمار والترهل حتى وصلت بنا الأحوال ان نهدم رمزا بهذه الرغبة المتوحشة في التدمير..’.
انتهى شهر العسل ياسيادة المشير
بعد ان حزم امره وقرر الترشح للرئاسة، سيواجه السيسي اياماً صعبة على حد رأي عماد الدين اديب في ‘الوطن’: ‘انتهى شهر العسل للمشير عبدالفتاح السيسي كبطل قومي، وبدأت رحلته مع الصبر والألم والنقد والمحاسبة الشعبية، التي لا ترحم، سواء من الخصوم أو المؤيدين.. بدأت رحلة الاختبار الصعب، وبدأ المشوار شبه الانتخابي لرجل يدرك تماماً أن مصلحته الشخصية كإنسان أن يبقى في منصبه وزير دفاع، وأن ألمه وشقاءه سيكون في تحمل مسؤوليات رئاسة مصر في حال فوزه المتوقع. خصوم السيسى هم الإخوان وأنصارهم و6 أبريل وبعض ثوار يناير الذين يرون في المؤسسة العسكرية – إذا حكمت- الشر المطلق. أما أزمة السيسي الأكثر إيلاماً فستكون مع أنصاره الذين يزغردون الآن في الشوارع والميادين فرحاً وابتهاجاً بالرجل الذي يعتقدون أنه سوف يحقق كل الأحلام دفعة واحدة في شهور قليلة.. الألم الأكبر عند السيسي لن يكون حينما يعارضه خصومه التقليديون، ولكن حينما يخرج الذين أيدوه بجنون، ليرفضوه بجنون؛ لأنه لم يوفر لهم كل شيء بضغطة زر وباستخدام عصا المارشالية السحرية!
أكبر أخطاء الحاكم، وهنا نتحدث عن أي حاكم في مجتمع مأزوم في الداخل والخارج ويعاني متاعب جسيمة في كل الملفات، هو ارتفاع سقف التوقعات والأمنيات، وأفضل ما فعله المشير السيسي في كلمته المعبرة والصادقة هو أنه لم يعد الناس بالسمن والعسل والأمن والأمان، من دون أن يدفع معه الشعب تلك الفاتورة الباهظة. لا حل سوف يهبط على أهل المحروسة من السماء، ولكن الحلول يجب أن تأتي من قلب أرض الواقع الذي يحتاج إلى عرق ودموع وأحياناً دماء’.
لميس أهانت زوجها من غير أن تدري
ونتحول الى الكتاب الساخرين ونختار منهم محمد حلمي في جريدة ‘المصريون’ الذي يتنبأ بنهاية العمر الافتراضي لمن دأبوا على النهش في اعراض الرئيس المعزول وجماعته، والدعاية لنجوم النظام الجديد: ‘ألم أقل لكم إن العمر الافتراضى لشراشيح الفضائيات قد انتهى.. وانتهى أيضاً دورهم بعد أن أصبحوا عبئاً ثقيلاً على السلطة الانتقالية، بسبب التلويش والتلطيش الذي يأتي بنتائج عكسية.. أجهزة السلطة الحالية تدرك ذلك تماماً، وصار التخلص منهم مسألة وقت.. وهم في انتظار مصيرهم المحتوم في مقلب زبالة البشر والتاريخ.. دليلي يا سيدي هو أن المذيعة التي لا تنضح إلا السم لميس الحديدي أطلقت على زوجها وصفاً بالغ السوء، من دون أن تدري، وربما وهي تدري.. الله أعلم؟ قالت لميس على تويتر: (حقير من يجعل من موت الآخرين مجرد فرصة للمزايدة، إيه الكفر ده؟!)..لميس تعلم أن بعلها عمرو أديب ، كان قد زايد بشكل خسيس ورخيص على موت ضحايا الحوادث أيام مرسي.. وهي كما ترون أساءت بذلك إلى الإعلام المساند للنظام وإلى زوجها، وإلى النظام نفسه.. أكرر لقد انتهى عمرهم الافتراضي، ولم تعد هناك فرصة للترقيع، سوى الترقيع على الاصداغ.. انتهوا وليس لهم قطع غيار.. ولا حتى غيار داخلي!’.
نصيحه للسيسي: لا تسرف
في وعود لا يمكن إنجازها
وإلى الحديث عن المرشح المحتمل للرئاسة المشير عبد الفتاح السيسي والبداية مع نصيحة يقدمها له عماد الدين حسين رئيس تحرير ‘الشروق’: ‘المشكلة ان الكثيرين من انصار السيسي لديهم يقين انه يملك عصا سحرية وان كل مشاكل مصر سوف تختفي في اللحظة التي سيفوز فيها بالمنصب الأرفع في مصر. وربما تكون تلك هي اكبر المشاكل التي تواجه السيسي وليس جماعة الاخوان وانصارها. كيف يستطيع السيسي ان يقنع انصاره ومعهم بقية الشعب انه انسان طبيعي وليس سوبرمان يحقق المعجزات؟ كيف يستطيع ومساعدوه وكبار مخططي حملته ان يخفضوا سقف طموحات الناس وان الازمة الاقتصادية سوف تتفاقم لو لم نبادر فورا بإعادة النظر في الكثير مما نعتقد انه بديهيات؟’. يرى عماد ان ‘السيسي سيتقدم ببرنامج انتخابي طموح يتوجه بالاساس إلى محدودي الدخل، لكن ربما كان مهما جدا ان يتنبه الرجل ومساعدوه إلى نقطة جوهرية وهي، الا يسرفوا في تقديم الوعود الانتخابية البراقة، لأن الثمن سيكون فادحا حال عدم القدرة على تنفيذها، وفي هذا الصدد لن ننسى لفترة طويلة ما حدث لمحمد مرسي وجماعته بعد وعود المئة يوم، وانه سيقضي خلالها على خمس مشاكل اساسية، وبالطبع نعرف جميعا ما حدث بعدها. الافضل للسيسي ولمصر ان يقول للناس انني سأبني مئة الف شقة في السنة بدلا من ان اعدهم بأنني سأبني مليون شقة، لانني لو لم اتمكن من بناء ما اتفقت عليه سيكون الاحباط كبيرا ومأساويا، وعندما ابني شقة واحدة زيادة عما وعدت سوف يرفعني الجميع على الاعناق. المصريون لا يتحملون الآن أي إخلاف للوعود، لكنهم مستعدون لتحمل أي شيء عندما يصلون إلى قناعة بأن من يحكمهم صادق ويريد ان يجعل حياتهم افضل’. ويحذر الكاتب المرشحين من خداع الشعب ببرامجهم : ‘استعطفهم وابوس ايديهم الا يخدعوا الشعب بأي وعود براقة وان يتحدثوا فقط عما يستطيعون تحقيقه’.
الحكم بإعدام الإخوان سيزيد مساحة الكراهية
والى تداعيات الحكم المثير للجدل حول اعدام 529 اخوانياً، الذي صدر مؤخراً عن محكمة جنايات المنيا، والذي يعتبره كثيرون من بينهم نادر بكار في ‘الشروق’ انه سيفتح باب الشر على المجتمع: ‘المثير للدهشة أن قرار المحكمة بإحالة خمسمئة متهمٍ دُفعةً واحدة إلى المفتي تمهيداً لإعدامهم مخالفٌ أصلاً لعرف القضاء المصري، في أي حالةٍ مشابهة تقتل فيها جماعةٌ من الناس شخصاً واحداً؛ وهو العرف المستند إلى رأي فقهي معتبر رغم وجود مخالفة؛ فلمَ يشذُ هذا القرار عن العرف المستقر؟ ناهيك عن كون القرار الصادم قد خرج بعد جلستين فقط، وتعليل الحكم من قبل البعض أنه تهديدي لإجبار المتهمين على تسليم أنفسهم تعليل غير قانوني ولا يمكن أن تورده المحكمة في حيثيات حكمها، وبالتالي لم يعهد في القضاء المصري (وأقصى ما يلجأ إليه القضاة الامتناع عن استعمال مبدأ الرأفة في حالة المحاكمة الغيابية).. لسنا مجتمعاً بدائياً متوحشاً كي نتعامل بمنطق استباحة فصيلٍ كامل من البشر حتى إن كان منهم من قتل صراحة أو حرّض على استخدام عنفٍ أو روّع الآمنين؛ بل نحن مجتمعٌ يعقل عن الله سبحانه قوله: (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا)’.
المصريون يقارنون بين حكمين قضائيين
وحول الموضوع نفسه كتب مصطفى النجار في الجريدة: ‘لم تكن مصر بحاجة إلى مزيد من الانتقاد السياسي والحقوقي الخارجي ضدها ولكن ما صنعه تأثير هذا الحكم سيبقى مستمرا لفترة ليست بالقصيرة، فقد جعل الناس تقارن في كتاباتهم وتعليقاتهم بشكل تلقائي بين هذا الحكم وبين الحكم على قتلة 37 معتقلا في سيارة ترحيلات أبوزعبل، الذين حُكم على شخص واحد فيهم بعشر سنوات فقط، والباقون صدرت لهم أحكام سجن مع ايقاف التنفيذ، كما استدعى الناس مقارنات بين قضايا قتلة المتظاهرين في ثورة يناير وأحداث محمد محمود ومجلس الوزراء، التي انتهت من دون إعدام أي شخص أو سجنه حتى الآن’.
إنهم يتسلقون على أكتاف
المشير بحثاً عن النجومية والثروة
والى صوت يشعر بالاسى بسبب ما يتعرض له السيسي من بعض خصومه وكثير ممن ينافقونه على حد سواء.. محمد الشماع في ‘الاخبار’ يتأمل ما يجري: ‘فور انتهاء المشير عبدالفتاح السيسي من إلقاء خطابه بالبدلة العسكرية معلنا عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية، انطلقت التحليلات والتفسيرات والتوجهات لمؤيدي واعداء السيسي، من دون أية موضوعية او مهنية إعلامية أو حتى وطنية، مع وضوح طغيان النوازع الشخصية المغالى فيها للمؤيدين وايضا المغالاة عن جهل للكارهين.
اول الرافضين طالب بأن تمنح للمرشح حمدين صباحي الذي أعلن ترشحه في العشرات من وسائل الاعلام المرئية والمكتوبة والمسموعة والمؤتمرات والندوات والبرامج، وحيدا بغير منافس، مؤكدا انه سيترشح بمجرد انتهاء خطاب السيسي الذي انتظره الملايين في ارجاء الارض، طالب بمنح حمدين 14 دقيقة في تلفزيون الدولة مثل السيسي، وتناسى كإعلامي محترف ان مجرد إعلان ترشح السيسي هو خبر عالمي تناقلته كل او معظم وسائل الاعلام الاجنبية والاقليمية والمحلية والفضائية. لكنه يرى خطأ كبيرا للتلفزيون المصري الذي اذاع هذا الخبر قبل ان يعطي الاخ حمدين 14 دقيقة يقول فيها ما يشاء!! لذلك فإنه يجب عقاب المسؤولين عن اذاعة الخبر في التلفزيون المصري لانه يجب ان يكون محايدا!’.
اما المؤيدون او المزايدون او المتاجرون الجدد كما يصفهم الشماع فمنهم من بدأ تجهيز المقالات والموضوعات التي كتبوها من قبل لانظمة سابقة وانهم فقط سيقومون بتغيير الاسم فقط والشعار الجديد الخاص بالسيسي، ومنهم من يدعي او تصور انه الوحيد الذي تم تفويضه للحديث عن السيسي والبعض يحاول احتكار الحديث لنفسه عن السيسي ومشروعاته وافكاره وبرامجه القادمة، ومنهم من نعت بالكذب كل من تحدث عن السيسي.. فات كل هؤلاء ان الرجل له رؤية واستراتيجية مختلفة وتفكير وعمل مغاير لكل من سبقوه وكل ما كتبوه ونقلوه عنه على غير الحقيقة التي ستظهر خلال الايام القادمة’.
أنشودة حزن في وداع ضحية الأطباء
وانتقلت المعارك الصحافية من الهجوم على الاخوان للهجوم على الاطباء المهملين الذين يرتكبون اخطاء جسيمة تودي بضحاياهم للموت ومن احدث اولئك الضحايا مؤلفة سينمائية شابة رثاها زياد العليمي في جريدة ‘المصري اليوم’: ‘نادين شمس، سيناريست شابة تعدت الأربعين من عمرها بشهور قليلة، عرفها المحبون لفنون السينما والدراما من أعمالها المميزة التي تنبئ بمستقبل مبهر لمبدعة شابة، في أيام ضنت علينا فيها بلادنا بالمبدعين والمتميزين، ما إن تقابلها في أي مكان حتى ترتسم ابتسامة على وجهك تلقائيًا، كيف لا وأنت أمام شخصية آسرة، بابتسامة دائمة، تحترف توزيع البهجة والأمل والتفاؤل! فجأة، تعاني نادين من أزمة صحية، فيكتشف الأطباء ورماً يلزم استئصاله بعملية تجرى يوميًا مئات المرات، لتدخل نادين على قدميها أحد المستشفيات الاستثمارية الكبرى من أجل إجراء العملية، فلا تخرج منه مرة أخرى على قدميها! لا، لم ينل منها المرض، بل قتلها طبيب بخطئه، ومستشفى بإهماله. أخطأ الطبيب وجرح قولون نادين بالمشرط، أثناء استئصال الورم بالقرب منه، ولم ينتبه لما حدث، فأنهى عمليته وأغلق الجرح الذي فتحه لإجراء العملية. وبعد يومين من إهمال المستشفى لمريضة تتلوى من الألم غير المبرر، حتى دخلت في غيبوبة..’. ونبقى مع نفس الضحية التي ودعها مدحت بشاي في العدد نفسه: ‘ماتت ‘نادين’ السيناريست الشابة المبدعة لأن الدكتور المعالج الجراح في مستشفى خاص كبير خرم القولون فاختلطت المخرجات بدماء الضحية، وكمان تركوا الثقب بإهمال بشع حتى لفظت أنفاسها الأخيرة.. فين المستشفى دي من مستشفياتنا الحكومية الرائعة اللي ماكنش فيها مشكلة غير هش القطط زي ما قالت وزيرة الصحة السابقة’.
مطلوب استنساخ تجربة
المصالحة من جنوب أفريقيا
لماذا كلما نادى احد الراغبين في الحفاظ على الوحدة بين قوى المجتمع المختلفة بضرورة المصالحه بين الاخوان وخصومهم تعرض لهجوم واسع .. علاء عبد الهادي في ‘اليوم السابع’ يرى ان ‘الامر يحتاج لتأمل: من يجرؤ من السياسيين أو المهتمين بالشأن العام على أن يطرح، مجرد طرح، إمكانيات دخول المجتمع المصري في حالة مصالحة، فهو بالتأكيد يضع يده ورأسه مكشوفة عارية في عش الدبابير وعليه أن يتحمل اللسع الذي في بعض الأحيان يكون مميتا لأنه بالتأكيد إما خلية إخوانية نائمة وظهر على حقيقته، أو أنه أداة في يد الغرب يستخدمونها لإيقاف تقدم المجتمع المصري نحو الأمام. ظهر ذلك جليا في ما سمي بمبادرة د. حسن نافعة لمصالحة الإخوان مع الحكومة في فبراير الماضي، ورغم أن د. نافعة يتمسك دائما بكونه أستاذا للعلوم السياسية، إلا أنه نال ما نال من الطرفين، ولم يسلم من هجوم حزب الشتامين أنصار ‘خالف تعرف’ فهم ضد كل شيء وأي شيء، المهم أن يبقوا في المشهد، وانتهت المبادرة بالموت الإكلينيكي، وتكررت مبادرات مماثلة من م. طارق الملط من حزب الوسط ضمن ما يسمى بتحالف دعم الشرعية، ثم مبادرة البديل الحضاري’. ويرى الكاتب
أن ‘مصر في حاجة إلى كل يد تبني، وكنت أعتقد أن هذه رسالة وزارة العدالة الانتقالية التي يتولاها المستشار أمين المهدي، وكنت أعتقد أنه مشغول ومهموم بدراسة التجارب الناجحة التي خاضتها دول سبقتنا في حالة المصالحة الشعبية، وكنت أعتقد أيضا أنه سيدعي وفدا من رجال وزارته للذهاب إلى جنوب أفريقيا لدراسة تجربتها الرائعة في المصالحة الشعبية بعد فترة مريرة ومشينة من التفرقة العنصرية بين البيض والسود’.