القاهرة القدس العربي من كمال القاضي: مسلسل الزوجة الثانية هو الذي يحتلا لمساحة الأوسع من النقد على صفحات الجرائد والمجلات والمواقع الالكترونية ليس لكونه الأهم بين الأعمال المعروضة، ولكن لأن المقارنة تتم بينه وبين الفيلم الذي أخرجه الراحل صلاح أبو سيف وقام ببطولته صلاح منصور وسعاد حسني وشكري سرحان وسناء جميل، هذا هو مربط الفرس.
الجمهور لا يتقبل بسهولة فكرة استنساخ الأفلام الكبرى ونقلها من شاشة السينما إلى شاشة التليفزيون، خاصة إذا كان أبطالها من النجوم الكبار المفضلين لديه، حدث هذا الأمر مع فيلم رد قلبي والعار والإخوة الأعداء والباطنية ولم ينسجم الجمهور مع الأبطال الجدد ولم تروق له حكاية الريبورثوار التليفزيوني!
المشكلة نفسها تتكرر مع مسلسل الزوجة الثانية حيث لا توجد استساغة لإعادة التشكيل الدرامي على النحو المغاير للفيلم، كما لم ترضى الغالبية العظمى من المشاهدين عن استبدال سعاد حسني بأيتن عامر أو شكري سرحان بعمرو واكد وصلاح منصور بعمرو عبدالجليل برغم الشعبية التي يتمتع بها الأبطال البدلاء، ولكن هذه قضية أخرى، فالرفض لم يأت لضعف في هؤلاء الأبطال، وإنما هو ناتج عن عدم القبول لعملية الإحلال والتبديل وأن يتقمص ممثل شخصية ممثل آخر له خصوصية وطبيعة أداء مختلفة.
على سبيل المثال يرى كثير من الناس صعوبة أن تملأ أيتن عامر فراغ سعاد حسني أو تشابهها في الأداء والدلال والحركة، وقد حدث نفس الشيء مع منى زكي عندما لعبت دور سعاد أمام عبدالحليم حافظ في أحد الأعمال التي جسدت سيرته الذاتية، أي أن الرفض ليس مقصوراً فقط على أيتن، وكذلك هوجمت نيرمين الفقي ورفضت بشدة حين قامت بدور إنجي في الفيلم المذكور رد قلبي، ولم يسلم أيضاً محمد رياض من سهام النقد الجارحة لأن أحداً لم يقبل أن يكون بديلا لشكري سرحان.
الأزمة إذن لا تخص فنان بعينه وإنما تتعلق بثقافة جيل ورؤية خاصة جدا تتحكم في الذوق الشخصي لكل متفرج بشكل فردي، لذا لم يحدث تقريباً أن نال عمل مكرر مأخوذ عن فيلم ما الرضا الكامل وهذه تكاد تكون قاعدة ولنا فيما ذكرنا من مسلسلات العظة والمثل، لا سيما العار والإخوة أعداء فقد فشلا الإثنان فشلاً ذريعا.
نأتي إلى عيوب الزوجة الثانية بعيداً عن أوجه الاختلاف والشبه، ولنبدأ بالمسحة الكوميدية التي يفرضها عمرو عبدالجليل ‘العمدة’ خارج السياق العام لروح وجو العمل في محاولة منه لدغدغة مشاعر المتلقي وجذبه الى أرضيته الفكاهية كما يفعل في بعض بطولاته السينمائية، ناهيك عن الافتعال والاستظراف وحيلة قلب الكلمات والأحرف لخلق الإفيهات بدون مناسبة وهو ما لا يمت لروح وشخصية العمدة ‘عتمان’ بصلة، الأمر الثاني تلك الإضافات الزائدة كإصابة أبو العلا ‘عمرو واكد’ بكسر في ساقه وهي الحدوتة التي استغرقت مساحة أطول مما ينبغي، ما بين ألم الرجل وتعاطف زوجته بكلام مرسل وعبارات لا محل لها من الإعراب في البناء الدرامي، غير أن هناك حواديت ملفقة لم ترد في السيناريو الأصلي ومنها تعرض العمدة للقتل على يد فلاح حاول إطلاق الرصاص عليه، وبرغم عدم وقوع الجريمة هرب الجاني واستمر البحث عنه عدة حلقات مع انه كان لحظة محاولته قتل العمدة في بيت العمدة نفسه وبين رجاله وخفراءه!
وبالنظر إلى شخصية حفيظة ‘علا غانم’ زوجة عتمان نجدها في حالة استنفار دائم وكره لكل من حولها، علماً بأن الشخصية كما ظهرت في الفيلم كانت متوازنة بشكل ما إلى أن ظهرت في حياتها فاطمة الزوجة الثانية فتحولت وبدأت في الشراسة مدفوعة بعقدة أنها عاقر وغير قادرة على الانجاب وكانت نقطة ضعفها تكمن في هذه الجزئية.
شخصية عبدالمنعم إبراهيم شيخ الخفراء حسان غائبة تماماً عن المشهد وما يجسدها ليس لديه خفة ظل ولا مهارات الممثل الراحل القدير، أما أن أيتن عامر وسعاد حسني فالمسئولية على أين جد خطيرة والمقارنة ظالمة للفنانتان، النجمة الكبيرة والممثلة الشابة، فهذا الدور من أهم وأصعب أدوار السندريلا، وبالتالي ليس منطقياً أن تتم المقارنة، اللهم إذا اكتسبت أيتن عامر خبرات سعاد حسني وعادت بعد سنوات لتعيد تمثيل الدور.
الاجتهاد في الأداء من جانب أيتن أشبه بما قامت به صابرين في أداء دور ‘ريم’ بمسلسل يوميات نائب في الأرياف قبل ربع قرن تقريباً وقتما كانت صابرين في بداية مشوارها الفني وأسند إليها الدور المهم وحينها كتب النقاد ما ينصفها، بينما انسلت السيوف اليوم لتُشهر في وجه فنانة صغيرة في السن والخبرة أضعف من أن تقارن بسعاد حسني، لكنه التعسف في الحكم يؤدي عادة إلى الظلم وإعمال الأدوات النقدية بقسوة.
المسلسل له ما له وعليه ما عليه ولكنه ليس تجربة فاشلة تماماً.