تونس: أدى أعضاء المجلس الأعلى المؤقت للقضاء اليمين الدستورية اليوم الإثنين، أمام الرئيس قيس سعيد وسط انتقادات من المعارضة.
ودفع الرئيس بالمجلس الجديد، المكلف بإدارة القطاع والتصرف في الترقيات المهنية للقضاة، بعد أسابيع من قراره حل المجلس القديم ووضعه مرسوما ينظم أعمال المجلس الجديد، بدعوى إصلاح الأجهزة القضائية ومكافحة الفساد.
وقال سعيد: “نعمل على تحقيق الاستقلال الفعلي للقضاء. من بين عناصر النجاح لكل مجتمع ودولة هو القضاء العادل والمستقل”.
وأضاف سعيد “اليوم نخوض حربا بلا هوادة ضد الفاسدين والمفسدين وضد كل من يريد إسقاط الدولة والتنكيل بالشعب”.ويتكون المجلس المؤقت من ممثلين عن القضاء الإداري والمالي والعدلي كما يضم قضاة متقاعدين دفع بهم الرئيس إلى المجلس.
واحتج أعضاء المجلس القديم وجمعية القضاة التونسيين ضد قرار الرئيس ونفذوا في وقت سابق وقفات احتجاجية، وقالوا إنهم لن يعترفوا بالمجلس الجديد المعين.
وقال محمد عفيف الجعايدي المستشار بمحكمة التعقيب لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): “الوضع بكل بساطة هو أننا كنا أمام مجلس أعلى منتخب ،فأصبحنا أمام مجلس أعلى معين. هذا المجلس اختاره الرئيس على المقاس”.
وترفض أحزاب من المعارضة ومنظمات خطوة الرئيس لتقويض استقلالية السلطة القضائية بعد تجميده البرلمان ،وتعليقه العمل بالدستور،وتجميعه السلطتين التشريعية (عبر المراسيم) التنفيذية.
وقال غازي الشواشي أمين عام حزب التيار الديمقراطي: “الرئيس يعتبر آلية التعيين أفضل من آلية الانتخاب ثم يتحدث عن الديمقراطية”.
وتابع الشواشي قائلا: “من المفروض أن يكون المسار التشاركي هو الأساس ،لكن الرئيس ذهب نحو الانفراد بالسلطة. لقد أثبت الرئيس أنه لاعلاقة له بالديمقراطية وبالتشاركية وهو غير قادر أن يستمع للآخر”.
ويمنح المرسوم المؤسس للمجلس الأعلى المؤقت للقضاء صلاحيات للسلطة التنفيذية بتعيين أعضاء المجلس.
ومن بين الصلاحيات الأخرى الممنوحة للرئيس قيس سعيد هو نظره في حركة نقل القضاة والإمضاء عليها والاعتراض على بعض الترشيحات في مناصب سامية في أجهزة القضاء. كما يتمتع الرئيس التونسي أيضا بسلطة إعفاء أي قاض “أخل بواجباته” وفق المرسوم، بعد تقديم رئاسة الحكومة تقريرا معللا في ذلك.
(د ب أ)
عن أي استقلاليّة يتحدث ذاك الرئيس الفريد ؟ كيف لقاضي القضاة أن يكون مستقلاً أمام من اختاره وعيّنه وهو يعرف أن رفضه لتنفيذ الأوامر السامية قد يفقده منصبه بل قد يعرّضه إلى الإهانة والزجر والانحياز لأعداء الوطن والخونة والمتآمرين والفاسدين والذين باعوا ضمائرهم… (إلى آخر الأغنية القيسيّة). إن اردتم قضاء عادل، قدّموا لجهاز القضاء ماينقصه من إمكانيات ماديّة ولوجستيّة، وفكروا بخطة عقلانية لتحديثه. وإن ما ينطبق على القضاء ينطبق على التعليم وعلى الصحة وعلى المواصلات… القرار السياسي لامعنى له إن لم تدعمه ميزانية استثنائية وحلول جذرية. وفي تلك الأحوال، سيحتاج الأمر إلى عمل دؤوب وصبر، فتراجع عمل المؤسسات هو تهافت مزمن عمره نصف قرن ونيّف. تطورت العقول، والأبنية والفنادق وبعض الأحياء السكنية والملاهي والمصارف والجامعات الأهلية والمدارس الخاصّة… لكن مؤسسات الدولة تراوح في مكانها منذ رحيل الاستعمار.