الجزائر: دعا الرئيس الجزائري الانتقالي، عبد القادر بن صالح، مساء الأربعاء، إلى حوار “تقوده شخصيات وطنية مستقلة” ولا تشارك فيه الدولة أو الجيش وذلك بهدف “أوحد” هو تنظيم انتخابات رئاسية في أقرب الآجال، في عرض يُنتظر أن يردّ عليه المحتجّون في التظاهرات المقرّرة يوم الجمعة في الذكرى الـ57 للاستقلال.
ظهر ابن صالح وقد فقد شعره، وذلك بسبب خضوعه لعلاج كيميائي جرّاء إصابته بسرطان بحسب الصحف المحلية
وقال ابن صالح في خطاب إلى الأمّة بثّه التلفزيون الحكومي: “أدعو، مرة أخرى، جميع الفاعلين السياسيين (…) إلى الانخراط في مسار الحوار الوطني الشامل الذي تعتزم الدولة إطلاقه لمناقشة كل الانشغالات المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي المقبل، ومن ثم تقديم إسهامهم في تنظيم هذا الاقتراع”.
وظهر ابن صالح (77 عاماً) وقد فقد شعره، وذلك بسبب خضوعه لعلاج كيميائي جرّاء إصابته بسرطان بحسب الصحف المحلية.
وهذه ثاني دعوة للحوار يعرضها ابن صالح في أقلّ من شهر، وهي تأتي قبل أسبوع من نهاية فترة الرئاسة الانتقالية في التاسع من تموز/يوليو الجاري، حيث كان يفترض أن تجري انتخابات رئاسية في الرابع من الشهر لكنّها ألغيت لعدم وجود مترشحين.
وسبق للحركة الاحتجاجية غير المسبوقة أن رفضت العرض الأول للحوار الذي قدّمه ابن صالح في 6 يونيو/حزيران من أجل الوصول إلى توافق على تنظيم انتخابات رئاسية، وذلك بتنظيمها تظاهرات حاشدة طالبت برحيل كل رموز النظام قبل الدخول في أي حوار حول الانتخابات.
ويطالب المحتجون برحيل كلّ رموز النظام، بدءاً بابن صالح ومروراً برئيس الوزراء نور الدين بدوي ووصولاً إلى رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح الذي أصبح عملياً الرجل القوي في الدولة منذ استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 2 نيسان/أبريل.
“مقاربة عقلانية”
وأوضح ابن صالح أنّ الحوار الذي “سيتمّ إطلاقه من الآن، ستتمّ قيادته وتسييره بحرية وشفافية كاملة من قبل شخصيات وطنية مستقلّة ذات مصداقية”.
وأضاف أنّه بغية “إبعاد أي تأويل أو سوء فهم” فإنّ “الدولة بجميع مكوّناتها، بما فيها المؤسسة العسكرية، لن تكون طرفاً في هذا الحوار وستلتزم بأقصى درجات الحياد طوال مراحل هذا المسار”.
واعتبر الرئيس الانتقالي أنّ مبادرته هذه تُمثّل “مقاربة عقلانية وسليمة” لذلك فهو ينتظر أن “تحظى بقبول جميع مواطنينا، كونها تعتبر الخيار الوحيد القادر على منحهم الكلمة الأخيرة لاختيار بكل سيادة وحرية وشفافية الشخصية التي يرغبون في تكليفها بمهمة قيادة هذا التغيير الرامي إلى إرساء نظام جديد للحكامة”.
وكما فعلت قيادة الجيش في العديد من المناسبات عاد ابن صالح للتحذير من “المقترحات المحفوفة بالمخاطر وإفشال المخطّطات المريبة التي تهدف إلى جرّ البلاد نحو الفراغ الدستوري وتغييب دور الدولة والزجّ بها في دوامة الفوضى واللااستقرار”.
دعوات للتظاهر الجمعة
وأتى خطاب الرئيس الانتقالي بعيد ساعات على توجيه شخصيات عدّة دعوات للمواطنين للمشاركة بكثافة في تظاهرات ضدّ النظام في يوم الجمعة العشرين على التوالي، والذي يصادف الاحتفال بالذكرى الـ57 للاستقلال.
وجاء في نداء مسجّل في شريط مصور بثّ على الانترنت: “ندعو كافة فئات الشعب الجزائري للخروج جماعياً وبكثافة يوم عيد الاستقلال المصادف للجمعة العشرين من الحراك لنجعل من 5 جويلية (تموز/يوليو) تجسيداً لتحرير الإنسان بعد تحرير الأرض” من الاحتلال الفرنسي في 1962.
وشارك في تصوير الشريط أكاديميون ودبلوماسي سابق ومحام وقيادي في حزب صغير، تعاقبوا على دعوة الشعب إلى “الحفاظ على سلمية ثورته وشعبيتها ووحدتها ووطنيتها”.
وندّد هؤلاء بـ”الاعتقالات” التي طاولت متظاهرين في الأسابيع الماضية، كما طالبوا “السلطة القائمة باتخاذ كل الإجراءات والقرارات في اتجاه التهدئة، كتعبير حقيقي في فتح الحوار للخروج من الانسداد السياسي السائد”.
وتزايدت النداءات، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، للخروج في “أكبر مسيرة في التاريخ” وجعل يوم الجمعة الـ20 على التوالي منذ بدء الاحتجاجات في 22 شباط/فبراير، “جمعة التحرير”.
وهذا هو يوم الجمعة الأخير قبل تاريخ 9 تموز/يوليو، المحدّد لنهاية فترة الرئاسة المؤقتة التي بدأت بعد استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 2 نيسان/أبريل، تحت ضغط حركة احتجاجية غير مسبوقة أصبحت تطالب برحيل كل رموز السلطة السابقة وقيام نظام سياسي جديد.
وتأتي نداءات التظاهر في وقت شدّدت فيه السلطة من لهجتها ضدّ المحتجين خلال الأسابيع الأخيرة.
وتم اتّهام أكثر من ثلاثين من هؤلاء بـ”المساس بوحدة الوطن” وتم حبسهم في انتظار محاكمتهم لأنهم رفعوا الراية الأمازيغية خلال التظاهرات خلافاً لأوامر رئيس الأركان الفريق أحمد قايد صالح الذي دعا إلى رفع العلم الجزائري فقط.
(أ ف ب)