الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة

 الجزائر ـ “القدس العربي”:

أقدم الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بصفته وزيرا للدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلحة على إقالة كل من قائد الناحية العسكرية الأولى الحبيب شنتوف، وقائد الناحية العسكرية الثانية سعيد باي، وتعيين كل من اللواء علي سعدان مدير الأكاديمية العسكرية بشرشال قائدا للناحية العسكرية الأولى، واللواء مفتاح صواب قائدا للمنطقة العسكرية الثانية، بحسب ما نقلته وسائل إعلام جزائرية عن مصادر برئاسة الجمهورية.

وتتثير إقالة قائدي الناحيتين العسكريتين الأولى والثانية، تماما مثلما كان عليه الأمر بالنسبة إلى التغييرات التي وقعت قبل أيام، وشملت أيضا مناصب أمنية وعسكرية مهمة، الكثير من التساؤلات.

فهناك عدة أسباب تجعل هذه التغييرات غير طبيعية ومثيرة للانتباه، أولا لأنها جاءت دون مناسبة، علما أن التغييرات على مستوى الجيش تتم بمناسبة ذكرى الاستقلال المصادفة للخامس من تموز/يوليو من كل سنة، ثانية الأمر يتعلق بقائدي ناحيتين مهمتين، وخاصة الأولى التي تشمل العاصمة ومدن وسط البلاد، فضلا عن الناحية الثانية التي تشمل غرب البلاد، بما في ذلك المناطق الحدودية مع المغرب، وثالثا هذه التغييرات تأتي بعد أيام وأسابيع من تسريبات تتحدث عن إقالة كل من سعيد باي الذي يعتبر أقدم لواء في الجيش الجزائري، والذي يصنف على أنه من أكفأ الضباط، وكذا الأمر بالنسبة للواء شنتوف الذي لعب دورا بارزا في عمليات مكافحة الإرهاب، علما أن موقع “فلاش ديسك” الذي يديره الإعلامي سعيد بن سديرة المقيم في لندن تحدث منذ بضعة أسابيع عن إقاله باي وشنتوف.

أما السبب الثالث والأهم الذي يصعب تجاهله أو القفز عليه في أي تحليل يخص هذه التغييرات هو أنها تأتي في جو تخيم عليه تداعيات فضيحة الكوكايين، ومحاولة إدخال 701 كيلوغرام من هذه المادة، وهي العملية التي أحبطها الجيش الجزائري نهاية شهر أيار/مايو الماضي، على مستوى ميناء وهران (400 كيلومتر غرب البلاد) لتليها سلسلة توقيفات وإقالات واستدعاءات للتحقيق، بدأت بالمتهم الرئيسي كمال شيخي المعروف باسم « البوشي » ( الجزار) وهو تاجر لحم تحول بقدرة قادر إلى أهم مستورد للحوم المجمدة، وإلى صاحب مشاريع عقارية بالعاصمة ومدن أخرى قيمتها مليارات الدولارات، قبل توقيفه من طرف قوات الأمن بعد العثور على 701 كيلوغرام من مادة الكوكايين وسط شحنة لحوم كانت قادمة من البرازيل.

بمجرد ذكر اسم كمال “البوشي” في وسائل الإعلام بدأ الحديث عن شخص لديه شبكة علاقات ونفوذ لم يتح لأحد من قبله، وقد اعترف وزير العدل الطيب لوح أنه تم العثور داخل مكتبه لأرشيف من تسجيلات كاميرات المراقبة التي كان يصور بها كل من يدخل إلى مكتبه، وقالت الصحافة أن الكثير من المسؤولين والقضاة وأبناء كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين تم تصويرهم وهم يتقاضون رشاوى من طرف « البوشي » وعلى خلفية هذه القضية أقيل كل من اللواء عبد الغني هامل المدير العام للشرطة وتلاه اللواء مناد نوبة قائد الدرك الوطني، حتى وإن لم يتسرب أي شيء إلى الصحافة فيما يخصه، فضلا عن جنرالات آخرين في المؤسسة العسكرية، ومنذ البداية ذكر اسم اللواء الحبيب شنتوف، واستدعاء أولاده للتحقيق بسبب الاشتباه في وجود علاقة بينهم وبين كمال البوشي، علما أن وزير العدل قال إن كل من تورط مع صاحب شحنة الكوكايين سيساءل ويحاسب.

الملاحظ هي أن السلطات تعاملت مع القضية بكثير من التكتم، فالإقالات التي تمت على أهميتها لم تفسر ولم تقدم لها أسباب، وتركت الصحافة والمحللين يربطون بينها وبين قضية “البوشي” دون أن تكذب، وقد بدا منذ البداية أن هناك أسماء كثيرة متورطة مع المتهم الرئيسي في القضية، لكن السلطات تكون قد اختارت طريق الإقالات “بالتقسيط” بدل إقالة العشرات أو ربما المئات من المسؤولين على مختلف المستويات مرة واحدة، حتى تتفادى تبعات زلزال سياسي كهذا، وهو ما يوحي أن أسماء أخرى مازالت في انتظار بيان ينهي مهامها، ريثما تكتمل التحقيقات في قضية كمال « البوشي » الذي جزر العشرات من المسؤولين وربما المئات!.