الرئيس العراقي يدعم استقلالية القضاء… الحكيم والخزعلي يدعوان لمحاكمة علنية في «سرقة القرن»

مشرق ريسان
حجم الخط
0

بغداد ـ «القدس العربي»: يضغط سياسيون لمنح القضاء العراقي، الفرصة في التحقيق وكشف ملابسات قضايا «سرقة القرن» و«شبكة التجسس» التي تقودها شخصيات تعمل في مكتب رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، محذّرين من اللجوء إلى الإعلام للحديث عن تفاصيلها، وفيما انضمّ زعيم حركة «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي، إلى دعوة رئيس تيار «الحكمة الوطني» عمار الحكيم، بشأن جعل المحاكمة في قضية سرقة الأمانات الضريبية علنية، يرى مستشارون في مكتب السوداني إن الهدف من إثارة هذه القضايا ضد الحكومة تهدف إلى إرباك العلاقة بين السلطات الثلاث (التنفيذية، والتشريعية، والقضائية).
وجدد رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، دعمه لاستقلالية القضاء العراقي، داعيا إلى الالتزام بمقرراته وإجراءاته وتجنب استغلال الإعلام في التعاطي مع القضايا المطروحة أمام المحاكم صونا لمبدأ الفصل بين السلطات.
وقال في «تدوينة» له، إن «علينا جميعا الاحتكام إلى الدستور والقانون والنأي عن التصعيد الإعلامي في معالجة الخلافات».

خلط الأوراق

في الأثناء، أكد فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، إن الحكومة تحترم قرارات المؤسسة القضائية وما يصدر عنها.
وأفاد في تصريح تلفزيوني، إنه «منذ أسبوعين هناك أكثر من ملف اُثير، وتوجد إرادة لخلط الأوراق وإرباك للمشهد بدأت منذ ظهور نور زهير المتلفز».
وسبق أن تحدث المتهم الأبرز بقضية «الأمانات الضريبية» نور زهير، عن تعرضه لابتزاز من قبل شخصيات سياسية لم يسمّها، بشأن قضيته، ورغم إنه أكد حضوره جلسة محاكمته في بغداد التي كانت مقررة في 28 من الشهر الماضي، غير إنه تخلّف عن الحضور، الأمر الذي دفع القضاء إلى إصدار مذكّرة اعتقال بحقه.
وبين الشمري «أطرافاً سياسية (لم يحدّدها) يهمها إرباك العلاقة بين السلطات، وهناك قوى سياسية تتمنى مغادرة السوداني السلطة» مجدداً تأكيده بالقول: «نحترم قرارات المؤسسة القضائية وما يصدر عنها، ومؤسسة القضاء هي صمام الأمان للدولة العراقية».
وحسب المسؤول المقرب من السوداني فإن «إثارة الأحداث خلال الأسبوعين الماضيين يهدف إلى ضرب العلاقة بين السلطة التنفيذية والقضائية وإرباك المشهد السياسي» مشدداً على ضرورة «التعاون بين السلطتين التنفيذية والقضائية لمكافحة الفساد».
وينشغل السياسيون العراقيون بتداعيات القضية المعروفة بـ«سرقة القرن» إذ دعا رئيس «تحالف قوى الدولة الوطنية» عمار الحكيم، أول أمس، إلى أن تكون محاكمة «سرقة القرن» علنية وببثٍ مباشر.
وذكر في مقطع مصور، «كما إنها وصفت بسرقة القرن يجب أن تكون محاكمتها محاكمة القرن، وأن تكون محاكمة علنية وواضحة وببث مباشر» مستدركاً بالقول: «يقولون إن هناك أسماء ستذكر فيها فليكن. يجب استدعاؤهم للمحكمة».
وعقب تصريح الحكيم بساعات، سارع الأمين العام «للعصائب» قيس الخزعلي، بإعلان تأييده لدعوة رئيس تحالف «قوى الدولة الوطنية» المنضوي في «الإطار التنسيقي» الشيعي.
وقال في «تدوينة» له، «حَسماً للنِزاع وقطعاً للفتنة وإحقاقاً للحق وإبطالاً للباطل، نُعلن تأييدنا لدعوة (عمار الحكيم) إلى إجراء مُحاكمةٍ علنيّة وكبرى في قضية (سرقة القرن) تَبُثها القنوات الفضائية ووسائل الإعلام بشكل مباشر».
وأضاف: «ليطّلعَ شعبنا العراقي العزيز، على الحقيقة كما هي، ولكي يقوم قضاؤنا العادل، بدوره المهم في حماية حقوق العراق والعراقيين».
الضربة الثانية التي تعرضت لها حكومة السوداني خلال الأسابيع القليلة الماضية، تمثلت بالكشف عن شبكة «للابتزاز والتنصت والتجسس» يديرها المسؤول في مكتب رئيس الوزراء، محمد جوحي.

طلب برلماني للمشاركة في التحقيق في قضية شبكة التجسس داخل مكتب رئيس الوزراء

وتشير معلومات جديدة حول القضية، إلى تورط ثلاثة موظفين في مكتب السوداني بها، حسب إبراهيم الصميدعي، أحد مستشاري السوداني، والذي بين أن رئيس الحكومة بريء من أفعال الشبكة.
وذكر أيضاً في لقاء تلفزيوني لإحدى المحطّات المحلية، أن «المتهم الثالث الذي تم اعتقاله بسبب تجاوزات لموظفين بمكتب رئيس الحكومة، هو مصور ويعمل منذ 12 سنة برئاسة الوزراء ولديه أعمال خيرية في جمعية لمعالجة السرطان».
وأضاف أن «اثنين من المعتقلين الثلاثة تم إلقاء القبض عليهم دون علم رئيس الوزراء، فيما الأخير تم اعتقاله بقسوة».
وجدد الصميدعي تأكيده على «عدم وجود شبكة تنصت» مردفا بالقول: «هذه المجموعة من موظفي مكتب رئيس الحكومة ربما شكلوا مجموعة ضغط وربما حدثت بعض التجاوزات» لافتاً إلى أنهم «لا يمتلكون القدرة الفنية، أو التخويل، أو الموافقة القضائية في التنصت على أي مسؤول».
ونفى المستشار «امتلاك مكتب رئيس الوزراء حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي لدعم الحكومة» مستدركاً: «نحن أغلقنا التعليقات في مواقع تدعم الجسور ومنجزات الحكومة لأننا لا نستطيع منافسة الذباب الإلكتروني لدى جهات أخرى، ونتعرض للسب والشتم».
وكشف عن «وقوع الحكومة تحت الضغط بسبب عدة ملفات، منها قضية سرقة القرن، ثم الاتهامات على وجود شبكة تجسس، وأخيراً مؤتمر رئيس النزاهة القاضي حيدر حنون».
وعلى المستوى ذاته، عُرض على هيئة رئاسة مجلس النواب، طلب نيابي بشأن المشاركة في التحقيق بقضية «التجسس» بهدف معرفة الجهات المرتبطة بها وإمكانية وجود تدخل خارجي.
ويقول النائب هادي السلامي إن «التجسس على أعضاء مجلس النواب موضوع بالغ الخطورة، والقضاء العراقي يجري تحقيقات مكثفة في اتجاهات متعددة وفق المعلومات، وتم اصدار مذكرات اعتقال بحق البعض، ونحن نتابع مجرى التحقيقات من أجل الوقوف على ملابسات ما جرى».
وأضاف: «تم تقديم طلب رسمي إلى رئاسة مجلس النواب من أجل المضي في إجراء تحقيق نيابي لكشف طلاسم قضية التجسس، وماهي الجهات المتورطة وهل هناك بعد خارجي في القضية أم لا؟». وأشار إلى أن «ملف التجسس يحمل في طياته 3 مخاطر أمنية، هي تجاوز الصلاحيات والقوانين، وخطورة التسريبات وعمليات الابتزاز، بالإضافة إلى أن ما حدث غير قانوني» لافتا إلى أهمية «نتائج التحقيقات في إعطاء صورة واضحة عما جرى».
في حين، اعتبر القاضي والوزير السابق وائل عبد اللطيف، ممارسات محمد جوحي وفريقه خرقا واضحا لمركز قرار الحكم الإداري.
وذكر في تصريح صحافي أن «انتقال هذه الممارسات إلى مستويات عالية داخل مؤسسات الدولة يشكل خرقا خطيرا للنظام الإداري ويهدد سلامة هذه المؤسسات خاصة إذا كانت سيادية وعلى رأس هرم السلطة».
وزاد: «ننتظر التحقيقات القضائية حول شبهات محمد جوحي وشخصيات أخرى بتداول ملفات واتصالات حيث من الممكن أن تصل عقوبة هذه الأعمال وفق القانون إلى الإعدام».

تفاصيل القضية

وكان النائب المستقل مصطفى سند، قد كشف قبل نحو أسبوعين، عن قيام محكمة تحقيق الكرخ المختصة بقضايا «الإرهاب» باعتقال شبكة من القصر الحكومي لمكتب رئيس الوزراء وعلى رأسهم المقرب (محمد جوحي) وعدد من الضباط والموظفين.
وذكر حينها أن «الشبكة كانت تمارس عدة أعمال غير نظيفة ومنها التنصت على هواتف عدد من النواب والسياسيين، وكذلك توجيه جيوش إلكترونية وصناعة أخبار مزيفة وانتحال صفات لسياسيين ورجال أعمال ومالكي قنوات».
وبين أن «الشبكة اعترفت على أعمالها وتم تدوين أقوال عناصرها» كاشفا أن «من ضمن الاعترافات الكثيرة انتحال رقم سعد البزاز (مالك قناة الشرقية الفضائية) وإرسال صورة مفبركة لقناة الشرقية تحتوي صورة أربع نواب (سند وعدي ومحمد نوري وهيثم الزهوان) لخبر كاذب وإرسال الصورة على أرقام هواتف جميع النواب على الخاص».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية