بيروت- “القدس العربي”: على الرغم من مسارعة الدولة اللبنانية إلى عقد اجتماع وزاري أمني للتداول في خطورة تهريب المخدرات إلى المملكة العربية السعودية وتأكيد حرص لبنان على عدم تعريض سلامة الدول العربية لأي خطر، إلا أن هذا الاجتماع لم يُشِر إلى الجهة التي تقف وراء عمليات التهريب سواء إلى السعودية أو إلى اليونان، ولم يُجِب المدير العام للقصر الجمهوري أنطوان شقير على سؤال حول صحة وقوف حزب الله وراء هذه العمليات وإدخال المواد من سوريا إلى البقاع ومنها إلى مرفأ بيروت، مكتفيا بالقول “هذا الأمر رهن التحقيق وإن رئيسي الجمهورية والحكومة أصرا على السير بالتحقيق حتى النهاية”.
واللافت أن الاجتماع كلف وزير الداخلية العميد محمد فهمي التواصل مع السلطات السعودية لمتابعة البحث في الإجراءات الكفيلة بكشف الفاعلين ومنع تكرار مثل هذه الممارسات المُدانة.
وكان الرئيس اللبناني ميشال عون خصص اجتماعا في قصر بعبدا للبحث في قرار المملكة العربية السعودية الشقيقة بمنع إدخال المنتجات الزراعية اللبنانية إلى أراضيها أو العبور فيها، شارك فيه رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ووزراء الدفاع والداخلية والبلديات والمال والخارجية والمغتربين والزراعة والاقتصاد والتجارة والصناعة والمدعي العام التمييزي وقادة الأجهزة العسكرية والأمنية والجمارك وعدد من المعنيين في القطاع الزراعي من مزارعين ومصدرين.
واستهل الرئيس عون الاجتماع بالإشارة “إلى خطورة تهريب المخدرات والمحروقات وغيرها من المواد، لأن ذلك يكلف لبنان غاليا، وما حصل مؤخرا من عملية تهريب إلى السعودية يؤكد على ذلك، علما أن لبنان حريص على عدم تعريض سلامة الدول العربية وأبنائها لأي خطر”، واستوضح “عن أسباب التأخير في شراء أجهزة “سكانر” لوضعها على المعابر، برغم القرار المتخذ منذ تموز 2020 لشراء الأجهزة وصدور مرسوم بذلك”، داعيا “إلى إتمام عملية الشراء في أسرع وقت لمساعدة المراقبين في الجمارك على القيام بالمهام المطلوبة منهم”، مؤكدا “ضرورة أن تتشدد الأجهزة العسكرية والأمنية والجمارك في مكافحة عمليات التهريب ومن يقف وراءها”، مشددا “على حرص لبنان على المحافظة على أفضل العلاقات مع الدول كافة ولا سيما منها الدول العربية الشقيقة وحماية الأمن والاستقرار فيها”.
اجتماع بعبدا يشدد على مكافحة تهريب المخدرات لكنه تجاهل تسمية الجهة الفاعلة
وأكد الرئيس حسان دياب “حق المملكة العربية السعودية بحماية مواطنيها من الآفات الاجتماعية، ومن بينها المخدرات”، معتبرا أن “هذا حق كل دول الخليج والدول العربية ودول العالم”. ورأى أن “تهريب المخدرات قضية عالمية، تعاني منها كل الدول بمواجهة عصابات ومافيات وشبكات عالمية. ولبنان أيضا يواجه هذه المافيات، ومجتمعنا يعاني، والدولة تكافح انتشار المخدرات. وهذا الموضوع يحتاج لتعاون بين كل الدول لمواجهة خطر انتشار تجارة وتهريب وتعاطي المخدرات”، وأشار إلى أن “الأشقاء في المملكة العربية السعودية فاجأونا بقرار التوقف عن استيراد المواد الزراعية من لبنان”، مضيفا “طبعا، الدولة اللبنانية، واللبنانيين، لا يقبلون أي أذى للأشقاء السعوديين، ونحن حريصون على أفضل العلاقات مع المملكة. ونحن بالتأكيد مع المملكة في محاربة شبكات التهريب بفروعها اللبنانية والسعودية وخيوطها الممتدة بالعديد من الدول، ومع ملاحقة المتورطين، سواء كانوا لبنانيين أو سعوديين، أو من أي بلد”. وختم “نحن على ثقة أن المملكة وكل دول الخليج يعرفون جيدا أن التوقف عن استيراد الزراعات اللبنانية لا يمنع تهريب المخدرات الذي يعتمد طرقا مختلفة، وأن التعاون بيننا يساعد على ضبط هذه الشبكات”.
وجاء في البيان الذي تلاه مدير عام القصر “عرض المجتمعون الملابسات التي رافقت القرار السعودي والإجراءات الواجب اتخاذها لمعالجة تداعياته، وخلصوا إلى سلسلة مقررات أبرزها:
– أولا: تأكيد حرص لبنان على متانة العلاقات الأخوية مع المملكة العربية السعودية، وإدانة كل ما من شأنه المساس بأمنها الاجتماعي أو بسلامة الشعب السعودي الشقيق، لا سيما تهريب المواد الممنوعة والمخدرة إلى أراضيها، خصوصا أن لبنان يرفض رفضا قاطعا أن تكون مرافقه البرية والبحرية والجوية، طريقا أو معبرا لمثل هذه الجرائم المشينة والمضرة بحق الإنسانية.
– ثانيا: الطلب إلى المدعي العام التمييزي استكمال ومتابعة ما يلزم من تحقيقات لكشف كل ما يتصل بعملية تهريب المواد المخدرة في شحنات الخضار والفاكهة التي دخلت الأراضي اللبنانية، والجهات التي تقف وراء تصديرها إلى المملكة العربية السعودية، وإنزال وفقا للقوانين والأنظمة المرعية الإجراء أشد العقوبات بالفاعلين والمخططين والمنفذين والمقصرين، على أن يصار إلى إطلاع المسؤولين السعوديين عن نتائجها في أسرع وقت ممكن.
– ثالثا: الطلب إلى القوى العسكرية والأمنية والجمارك والإدارات المعنية التشدد وعدم التهاون إطلاقا في الإجراءات (..) لمنع التهريب على أنواعه من الحدود اللبنانية وإلى أي جهة كانت، لا سيما منها الشحنات المرسلة إلى دول الخليج، والتأكد من خلوها من أي بضائع ممنوعة.
– رابعا: الطلب إلى المصدرين اللبنانيين الالتزام بقواعد التجارة الخارجية المبنية على مصداقية البضاعة المصدرة لجهة منشئها ونوعها وكمياتها بالإضافة إلى المعلومات المتعلقة بها والتدقيق في المنتجات التي يتم تصديرها حفاظا على سمعة لبنان من جهة ومن جهة أخرى على نظافة منتجاتهم الزراعية والصناعية وخلوها من أي مواد تعاقب عليها القوانين المرعية الإجراء.
– خامسا: الطلب إلى وزير المالية متابعة تنفيذ المرسوم رقم 6748 تاريخ 30/7/2020 المتعلق بالنظام الإلزامي لمعاينة ومراقبة الحاويات والبضائع والمركبات في المرافق الحدودية اللبنانية، لا سيما إطلاق مناقصة عمومية لإنشاء هذا النظام تحت الأوضاع الجمركية كافة بعد أن تم إعداد دفاتر الشروط اللازمة.
– سادسا: تكليف وزير الداخلية والبلديات التواصل والتنسيق مع السلطات المعنية في المملكة العربية السعودية لمتابعة البحث في الإجراءات الكفيلة بكشف الفاعلين ومنع تكرار مثل هذه الممارسات المدانة.
وأخيرا، تمنى المجتمعون من المملكة العربية السعودية إعادة النظر في قرار منع دخول المنتجات الزراعة اللبنانية إلى السعودية أو عبور أراضيها وشدد المجتمعون على أن لبنان كان وسيبقى الشقيق الحريص على سلامة أشقائه العرب”.
وكانت البيانات الأمنية توالت حول موضوع مكافحة المخدرات، وبعد بيان الجيش حول ضبط معمل كبتاغون في حي الشراونة في بعلبك، وبيان قوى الأمن الداخلي حول ضبط مخدرات في حي السلم، تم الإعلان عن توقيف شعبة مكافحة المخدرات في الجمارك شخصين من آل سليمان على صلة بشحنة الرمان إلى السعودية والتي احتوت على حبوب الكبتاغون.
تزامنا، رفضت “جمعية الصناعيين اللبنانيين” تشويه “سمعة المنتجات اللبنانية التي هي نتاج أجيال متعاقبة من اللبنانيين الأصيلين والمبدعين”، ولفتت في بيان تحت شعار “منتجاتنا هويتنا وسفيرتنا إلى العالم”، إلى أن “المنتجين اللبنانيين ناضلوا وكدوا وتعبوا في أقصى الظروف وأصعبها لعقود من الزمن، لجعل المنتج اللبناني محط افتخار واعتزاز اللبنانيين، وذات شهرة عالمية واسعة، حيث تصل المنتجات الصناعية اللبنانية إلى معظم دول العالم وأهمها، ونحن لن نسمح لحفنة من المخربين والخارجين عن القانون بضرب أعمالنا وإنجازاتنا وتاريخنا”.
واعتبرت الجمعية أن “ما يحصل اليوم من استغلال للمنتجات اللبنانية لتصدير المخدرات من لبنان وعبره بالغ الخطورة وخصوصا أنه يصيب بالصميم تاريخنا وإرثنا وسمعتنا ويقضي على ما عملنا عليه لأعوام طويلة لبناء أفضل العلاقات مع شركائنا في مختلف دول العالم”. وأعلنت “استنكارها الشديد لإدخال المخدرات إلى المملكة العربية السعودية عبر المنتجات الزراعية المصدرة من لبنان”.