رئيس الجمهورية، رئيس البلاد والعباد قضى أكثر من شهرين مُعالجا لنفسه في ليزانفاليد أفخم المستشفيات العسكريّة الفرنسيّة، ولا أدري إن كان موجودا في فرنسا التي احتلّت وطني أكثر من قرن وثلاثين سنة ؟! أم في فرنسا الجمهورية والحرية وحقوق الإنسان والعدالة الدولية ونصرة المستضعفين في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللّاتينيّة؟! وقد ترك الدولة تعاني من كلّ الأمراض المزمنة من روماتيزم وسلّ أعظمها سرطان الفساد الشامل! وفي هذه الفترة مُنع الجزائريون من التكلّم عن صحّة رئيسهم، فكلّ المعلومات الشحّيحة كانت مُتضاربة ومُتناقضة وكلّ الآراء التي حاولت أن تحشر أنفها في المسألة خرجت الكلاب النبّاحة والذئاب العاوية حتى تمنع أيّ فرد من مُواطنيّ البلاد في أن يقترب من صحّة رئيس الوطن حتّى تقول له في النهاية أنّ فخامة رئيس الجمهورية المُفدّى لا بأس به وإن هو مريض، وفي الحقيقة هؤلاء السياسيون قدّموا أنفسهم كمعارضين لأكبر معارض سياسي في العالم النائم في التخلّف أو السائر في النوم الذي هو ‘المرض’، وبما أنّهم يعملون مباشرة ككلاب حراسة للسلطة القائمة بمبالغ وأجر باهض بطبيعة الحال ومهمتهم عضُّ لحم كلّ من يُغرّد سياسيّاً خارج سربهم، وبما أنّ المرض ظهر لهم كأكبر مُعارض للرئيس وبرنامجه الطويل والعريض، فقد هجموا عليه وحاولوا نفيه من جسم الرئيس إلى أجسام النّاس الآخرين، سواء مواطنيين أو رؤساء أحزاب أو محللين سياسيين ! وإذا حار البعض في ما قاله الديموقراطيّ والجمهوريّ جدّاً رئيس حزب الحركة الشعبية عمارة بن يونس من أنّ زمن قال الله، قال الرسول انتهى.. فإنّني أرى بأنّه معذور عن موقفه هذا بما أنّه ما يزالُ يعيش في عصر قال الرئيس.. قال الجنرال، وكيف له أن يخرج من عصره الحجريّ الجاهليّ وقد منحه وزارة، والوزارة أسمى منصب يطلبُه المعارضون المزيّفون في بلادنا حتى يمدحوا الأمير والإمارة ويرقصوا على ألحان القيثارة ! وبما أنّه أصبحت موضة جزائريّة خالصة أبدعها المسؤولون في نقل أجسامهم العليلة إلى الخارج للتداوي والهروب من مستشفياتنا التي قُدّرت على مصاف أبناء الشعب وبناته، وإن كان رمز الوطن فخامة الرئيس المفدّى في ليزانفاليد مريضا فوق العادة على وزن سفير العادة، فإنّ الذين يُطالبون وضع جهاز الأفلان في المتحف أن يُعيّنوا له من الآن مكانا لائقا به في اللوفر الفرنسي كهدية مقابل مدفع بابا مرزوق على الأقلّ حتّى يُعيد لنا ذكريات الجزائر التي كانت تتحكّم في حركة أمواج البحر الأبيض المتوسّط وتتحالف مع أسماك القرش في الهيمنة على هذا المجال البريّ العظيم! أمّا ما عدا الأفلان فإنّ باقي الأحزاب التي تُلقّب بالسياسية فإنّ مكانها الحالي مستشفى دريد حسين للأمراض العقليّة.. كيف لا؟ وهي تحاول تمارس لعبة السياسة بالفساد في بلاد لم تُمارس فيها أبدا السياسة على الأقلّ في خمسين سنة الماضية !!ربمّا أنا المجنون.. اعذروني!