نواكشوط- «القدس العربي»: بينما يلتزم القضاء الموريتاني صمته حتى الآن إزاء ملف الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز المحال للمحاكمة بتهمة الفساد، يواصل الرئيس السابق إبرام تحالفاته السياسية مع المواطنين الموريتانيين المقيمين في أوروبا، حيث أعلن اليوم عن إبرامه لحلف سياسي مع حركة “أفلام” (المشعل الأفريقي)، وهي حركة تناضل من أجل حقوق الأقليات الزنجية الموريتانية، ويتهمها خصومها بـ “العنصرية”.
وأعلن الحلف المذكور، في بيان، اليوم: “أننا، نحن المواطنين الموريتانيين، بثراء تنوع أجناسنا، وإيمانا منا بضرورة الحفاظ على وحدتنا الوطنية، وتطلعا منا إلى بناء موريتانيا قوية ومزدهرة، ثرية بتنوع مكوناتها، متصالحة مع ذاتها وموحدة، وحرصا منا على خلق إطار تعاضدي للسير معا لترسيخ القيم الجامعة من مصالحة ومساواة من أجل العدالة والإنصاف، اجتمعنا، يوم السبت 12 نوفمبر 2022، في باريس، تحت إشراف الرئيس السابق السيد محمد ولد عبد العزيز، رفقة وفد من إخوتنا في حركة أفلام، لتكوين منصة للتشاور والمتابعة تسمى : ملتزمون من أجل موريتانيا موحدة”.
ودعا الحلف “جميع المواطنين الموريتانيين المؤمنين بالحرية والعدالة والسلام إلى الانخراط بصدق في هذا المسار من أجل إعادة تأسيس موريتانيا وبنائها موحدة وديمقراطية، موريتانيا التي سيجد فيها كل مواطن الحقوق والطمأنينة والأمل والازدهار”.
ووجه الحلف انتقادات شديدة لنظام الرئيس الغزواني، مؤكدا أن تأسيسه جاء “وقوفا ضد الانتكاسات الخطيرة والمتتالية التي شهدها النظام الديمقراطي في موريتانيا، في الآونة الأخيرة من تراجع لمستوى الحريات الفردية والجماعية ومن انتهاكات متكررة للقانون”.
وأوضح البيان “أن تأسيس الحلف يأتي بسبب المضايقات والقيود المفروضة على الصحافة والإعلام الحر في ظل انتشار الفساد والمحسوبية والزبونية وسوء الإدارة وتدهور الحالة المعيشية للمواطنين وتسارع التضخم وازدياد الفقر، ونظرا لتوغل النزعة الجهوية والقبلية والعشائرية والطائفية وتصدرها بشدة، للمشهد السياسي الوطني”.
ونقل موقع “بوين شو” الإخباري المستقل عن مصادر مقربة من الرئيس السابق “أنه سيعلن قريبا عن جبهة سياسية مضادة لنظام الرئيس الغزواني تسمى تحالف قوى التغيير”. وأوضح المصدر “أن الجبهة ستضم في صفوفها عددا من الموريتانيين المقيمين في الخارج، وبخاصة في أوروبا وأمريكا، وأن هدفها هو فرض تغيير سياسي سلمي في موريتانيا”.
وأكد موقع “بوين شو” أن الرئيس السابق سيعود إلى موريتانيا يوم 21 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، بعد أسابيع قضاها بين الفحوص الطبية واللقاءات السياسية مع الجاليات الموريتانية في الخارج.
ويراقب الموريتانيون تطورات ملف رئيسهم السابق، ويطرحون في مقاهي السياسة ومجموعات “الواتساب”، أسئلة حائرة حول ما يسميه بعضهم التناقض بين إحالة الرئيس السابق للمحاكمة بتهم ثقيلة، والسماح له في نفس الوقت بالسفر وحرية التحرك، وهو المتهم بنهب المال العام، وتعاطي الرشوة وتبييض الأموال، واستخدام النفوذ للتربح والانتفاع، وممارسة أنشطة تتعارض مع منصب رئيس الدولة.
فهل للسماح بهذا السفر، يتساءل البعض، علاقة بتفاهمات حول هذه القضية التي ينتظر الموريتانيون نهاية لها تعاقب من خانهم، وتعيد لهم أموالهم المنهوبة، وتردع من يتولون مناصب الدولة في قابل الأيام؟
أم أن السماح بهذا السفر مجرد إظهار بالتزام القضاء ببراءة المتهم حتى يدان، وأن مصير الرئيس السابق مهما سافر وتنقل، هو المحاكمة والمحاسبة؟
ذلك ما ستكشف عنه قريبا التطورات المنتظرة لهذه القضية التي تتفاعل في موريتانيا، المقبلة على استحقاقات انتخابية ساخنة، هذه القضية المثيرة التي يسعى الرئيس السابق ومحاموه، بمهارة كبيرة، لتحويلها من ملف قضائي إلى ملف سياسي.