بيروت- “القدس العربي”:
يستمر تسجيل اللوائح الانتخابية في وزارة الداخلية حتى منتصف ليل الاثنين الثلاثاء في 4 نيسان/إبريل الحالي بالتزامن مع اشتداد النبرة الخطابية بين الخصوم وتحديدا بين فريق حزب الله وحلفائه وفريق السياديين.
واغتنمت القوات اللبنانية ذكرى معركة زحلة في مواجهة الجيش السوري في نيسان 1981 ليتوعد رئيسها سمير جعجع من سماهم “مخلفات أرنب الجولان” بإخراجهم في أقرب فرصة. وقال في احتفال أقيم في زحلة “لا يمكننا نسيان هذا “الأرنب في الجولان” فكم وكم من أرنب صغير “فقس” في لبنان، أرانبه تستمر بالتنقل هنا وهناك لتضييع “شنكاش” المعركة الأساسية بحركاتهم ويأكلون الغلة والمحصول ويعيثوا الأرض فوضى وفسادا، وكما أخرجت زحلة أرنب الجولان الكبير، حان الوقت لإخراج مخلفاته الصغار في أقرب فرصة، وتاريخها في 15 أيار”.
كذلك، تذكر النائب الكتائبي المستقيل نديم الجميل تفجير مرفأ بيروت ومعركة زحلة وقال في احتفال في الأشرفية: “نخوض معارك في كل لبنان لكي يبقى حرا لأن القضية والمبادئ التي حملتموها نحن نحملها اليوم لأن المخاطر ليست فقط على وجود لبنان بل الخطر الأساسي على هوية لبنان”، مضيفا “حاولوا كسر إرادتنا وثقتنا بلبنان كما يفعلون اليوم، فجروا بيروت والجميزة والمدور والرميل والجعيتاوي والأشرفية وساسين ووقع أكثر من 200 قتيل وتدمرت المنازل وسقط أكثر من 30 ألف جريح، لكن رغم الصعوبات سنواجه، والرميل والأشرفية والمدور عادت وتعمرت كما وعدنا وسنكون أقوى مما كنا وهذا الشعب لا يركع ولا يعيش مذلولا”.
جبل الكرامة
بدوره، استغرب رئيس “اللقاء الديمقراطي” النائب تيمور جنبلاط “كيف أن المسؤول الأول الذي أقسم اليمين على حماية الدستور وصون المؤسسات، يستمر عوض ذلك في خلق المبررات تارة والتلميحات المختلفة طورا للهروب من الواقع المؤلم الذي أغرق هذا العهد لبنان فيه، ومن ذلك التلميح لتطيير الاستحقاق الانتخابي الذي يشكل محطة أساسية في طريق تحصين الدولة واستعادة سيادتها”، مشيرا إلى أن “الناس ينتظرون الانتخابات لتحديد خيارهم بأي دولة يريدون، وهي فرصة محاسبة من قاد بلدهم نحو جهنم ودمر مؤسساته”. وتوجه للقائلين بأن الجبل سيشهد أم المعارك الانتخابية بالقول: “لم يعتد جبل الكرامة والعنفوان والوطنية أن ينحني يوما بوجه العواصف مهما كان نوعها ومصدرها، وسيخوض أبناؤه المواجهة الوطنية المشرفة، حفاظا على كيان الدولة ودفاعا عن التنوع والحرية ونهج التلاقي وقيم الاعتدال، وعن سيادة لبنان وحقوق المواطنين ومطالبهم دون أي تمييز”.
في المقابل، حاول رئيس حزب التوحيد وئام وهاب التقليل من أهمية تدخل حزب الله في انتخابات الجبل في مواجهة الزعامة الجنبلاطية، ولم ينف وجود تباينات حول تشكيل اللائحة في دائرة الشوف عاليه بينه وبين الأمير طلال أرسلان من جهة وبين التيار الوطني الحر من جهة أخرى، إذ يتمسك أرسلان ووهاب بترشيح الوزير السابق ناجي البستاني من دير القمر على لائحتهما في مقابل تمسك رئيس التيار جبران باسيل بترشيح النائب الحالي فريد البستاني الذي يبدي رفضه ليكون مع البستاني الآخر على اللائحة ذاتها. ويدرك باسيل أن أي فك للتحالف مع أرسلان ووهاب سيضعف مرشحي التيار في الدائرة لافتقارهم إلى قيادات درزية وازنة. أكثر من ذلك، فقد علم أن أرسلان ووهاب لن يكونا ضمن “تكتل لبنان القوي” في حال فوزهما في الانتخابات إلا إذا حصلا على تعهد بأن تكون وزارة الداخلية من حصة الدروز ووزارة العدل من حصة ناجي البستاني كما أوضح وهاب في حديث تلفزيوني.
استهداف “المقاومة”
أما حزب الله، فهو “الأكثر شعبية” كما أعلن عضو المجلس المركزي الشيخ نبيل قاووق “على الرغم من الحملات الإعلامية والسياسية الأشرس ضد المقاومة”. ورأى قاووق “أن التدخلات الأمريكية والسعودية فاضحة، لكن كل هذه التدخلات مع أدواتها في الداخل لن تستطيع أن تتجاوز حقيقة أن حزب الله هو الأكثرية الشعبية التي ستبقى شوكة في عيون المعادين والحاسدين، وسيثبت جمهور المقاومة مجددا للقريب والبعيد أنه أهل الوفاء وأهل أن يحمل المسؤولية ليحمي الكرامة والمقاومة، ويوجه ضربة سياسية كبيرة لكل المشاريع الخارجية لاستهداف المقاومة”.
ولفت قاووق إلى “أن الجميع يتحضر للاستحقاق الانتخابي، وأمريكا تنتظر النتائج، لذا نقول للأمريكيين ولأدواتهم في المنطقة، إن لبنان قبل الانتخابات وبعدها لن يكون ساحة أمريكية في خدمة الأهداف الإسرائيلية. هم يريدون لبنان منطلقا لشرق أوسط جديد يقوم على مقربة من تحالفات إسرائيلية – خليجية تغير وجه المنطقة. وما دام حزب الله على سلاحه وجمهور المقاومة على وفائه، فلن يأتي اليوم الذي تكون فيه كلمة أمريكا هي العليا، وسيبقى لبنان يشهد للمقاومة أنها الحصن الحصين في الدفاع عن الكرامة والسيادة”.
تزامنا، وجه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي رسائل ضمنية حول ضرورة إحداث تغيير في الانتخابات، وقال في عظة الأحد من بكركي “قيمة الانتخابات في المجتمعات الديموقراطية أنها مناسبة للشعوب لتغيير واقعها نحو الأفضل. أن ننتخب يعني أن نغير. أن نقترع يعني أن نختار الأفضل. وإذا كانت الانتخابات ركيزة الديمقراطية، فلا يجب أن تكون الشعبوية ركيزة الانتخابات. وجدير بالمرشحين أن يحدثوا اللبنانيين عن مشاريعهم الإصلاحية الممكنة، بدلا من التراشق باتهامات تزيد في الانقسام والضغينة، وقد شبعنا منها. فليبادر الشعب بكليته إلى انتخاب الأفضلين، إذا أراد حقا التغيير وإصلاح الواقع. وهذا لا يتم إذا ظل المواطنون في منازلهم والانتخابات جارية”.
رئيس جديد
وأكد “أن انتخابات نيابية ناجحة في إجرائها ونتائجها هي ضمانة لنجاح انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل شهرين من نهاية الولاية الحالية بموجب المادة 73 من الدستور، رئيس يكون على مستوى تحدي النهوض بلبنان. وفي المقابل، على الحكومة الإسراع في إجراء الإصلاحات المالية والاقتصادية، لأن سرعة الانهيار تفوق بكثير بطء الإصلاحات. أسطع مثال على بطء الإصلاحات مشروع الكابيتال كونترول الذي يحاولون تمريره بعدما فرغت صناديق المصارف، فيما كان عليهم اعتماده لدى بدء الأزمة النقدية سنة 2019. بقطع النظر عن طريقة تأليف اللجنة التنظيمية بحيث تنأى عن التسييس والمذهبية وتفتيت صلاحية حاكمية مصرف لبنان”.
ولم يوفر البطريرك السلك القضائي من انتقاداته، حيث قال “تزداد الشبهات حول مسار القضاء في لبنان الذي أصبح بجزء منه أداة في يد السلطة السياسية تستخدمها ضد العدالة”، وسأل “هل نحن أمام مكافحة الفساد أم أمام مكافحة الأخصام السياسيين؟ كيف للسلطة القضائية ألا تحسم بعد مصير التحقيق في تفجير مرفأ بيروت؟ ولماذا لم تبت بعد بصلاحية قاضي التحقيق العدلي ليستكمل تحقيقاته في هذا الشأن؟ ولماذا يمتنع التفتيش القضائي عن توضيح ملفات القضاة المحالين عليه؟ ولماذا الادعاء التمييزي العام لا ينفذ القرارات التي يصدرها؟ في الحقيقة لم نشهد في أي زمن سابق هذا الاضطراب في عمل القضاء وهذه التبعية للمنظومة السياسية، وهذا التردد لدى الهرمية القضائية في وضع حد لهذه الظاهرة الفوضوية”.