هناك سمات وصفات ومواصفات تمثل أحياناً نوعا من المقاييس والشروط للنجومية التي يسعى إليها كل ممثل وممثلة، حيث الموهبة وحدها لم تعد كافية للنجاح والانتشار والشهرة، ولأن المنافسة باتت على أشدها في مجتمع الشهرة والأضواء، فالسباق على تحسين الصورة العامة للشكل والمظهر واللياقة البدنية أصبح محموماً بغية الوصول إلى المستوى المثالي من وجهة نظر المتنافسين للحيلولة دون تفويت الفرصة للاحتفاظ بالنجاح والتربع على القمة.
ومن بين مظاهر الولع بهذه المسألة الإقبال الكبير على صالات “الجيم” لممارسة الرياضة التي أصبحت غير مقصورة على الشباب فقط، وإنما تشمل الآن الفتيات والسيدات. غير أن هناك محاولات للتنحيف عن طريق إجراء الجراحات الطبية لشفط الدهون الزائدة وتدبيس المعدة وخلافه، وهي جراحات انتشرت وارتبطت بالنساء في المقام الأول يقابلها لدى الرجال التدريبات الرياضية العنيفة وما يصاحبها من تعاطي بعض الفيتامينات والمكملات الغذائية للإسراع في تحقيق النتيجة المرجوة والمرضية.
وقد تسببت بعض الممارسات الرياضية الخاطئة في حدوث كوارث حقيقية أدت إلى حالات وفاة، والأمثلة في هذا الصدد واضحة وغير ملتبسة. فمنذ سنوات توفيت الفنانة سعاد نصر خلال عملية جراحية لشفط الدهون، وبعدها توفي الفنان ممدوح عبد العليم داخل صالة الجيم أثناء قيامه بممارسة الرياضة بتأثير أزمة قلبية مفاجئة، وأخيراً وقبل عدة شهور توفي الفنان الشاب هيثم أحمد زكي وجاء في تقرير الوفاة أنه تعرض لأزمة حادة نتيجة الإجهاد الشديد، فضلاً عن تناوله لبعض المكملات الغذائية بجرعات زائدة.
معايير المهنة
ورغم ما سببه موت الممثل الشاب من صدمة لجمهوره وزملائه إلا أن الظاهرة لا تزال قائمة، فلم تتغير قناعة النجوم والنجمات في ما يخص لجوئهم لوسائل التنحيف الصحية وغير الصحية، والتمادي في ذلك إلى حد الهوس، كونهم مشغولون بنجوميتهم وهم متأثرون بالثقافة الغربية التي ابتدعتها عارضات الأزياء اللائي يحرصن على رشاقتهن ويغالين في الخضوع للبرامج الغذائية والرياضية كي يصلن إلى المقياس العالمي المطلوب وفق معايير المهنة والتخصص.
وفي الوسط الفني المصري صار مفهوم النجومية مرتبطا تمام الارتباط بشكل الجسم والوزن، فالكثير من النجوم والنجمات فرضوا على أنفسهم نظاما غذائيا معينا وانضموا إلى منظومة كمال وجمال الأجسام لإحساسهم بالقلق من فقدان لياقتهم ونجوميتهم.
وأبرز هؤلاء منة شلبي وهند صبري ورانيا يوسف وغادة عادل وليلى علوي وناهد السباعي ووفاء عامر وهنا شيحا وأخريات كثيرات يتحاملن على أنفسهن منذ فترة طويلة كي يحافظن على جاذبيتهن وشكلهن على الشاشة.
ومن النجوم الرجال، يأتي في المقدمة ياسر جلال وأمير كرارة ومحمد رمضان وأحمد السقا وآسر يسن وماجد المصري وعمرو سعد، وهم من يتم الرهان عليهم في بطولات أفلام الأكشن كسوبر ستارز، ولهذا فإن الرياضة تعد من الأولويات الأساسية في حياتهم لأنها ترتبط بشكل مباشر بمستقبلهم ووجودهم الفني كله، فنجوميتهم ونوعية أدوارهم في المرحلة الحالية قائمة على اللياقة البدنية ومهارة القفز والجري والحركة.
ويختلف هذا المفهوم عن ما كان سائداً في فترات سابقة من عمر السينما المصرية التي كان أبطالها المشهورين في أدوار الأكشن كفريد شوقي ورشدي أباظة وأحمد رمزي، يستعينون في غالبية مغامراتهم الخطرة بـ”الدوبلير” الذي يقوم نيابة عنهم بالأداء العنيف إذا ما استلزم الأمر ذلك. ولو رجعنا إلى بعض الأفلام التجارية المنتمية للنوع الحركي، سنجد معظمها يقوم على استبدال البطل بشخص آخر مُدرب تكون مهمته تنفيذ المشاهد الصعبة، كالقفز من أعلى أو انقلاب سيارة أو ما شابه، وبناءً عليه لم يكن النجم في حاجة لتدريب نفسه على المواجهات العنيفة، فبالكاد كان يمارس الرياضة في حدودها الآمنة بعيداً عن أي مجازفة أو خطورة لضمان سلامته البدنية وتفادي المتوقع من الحوادث والمصادمات.
أما نجوم الجيل الحالي فتغلب عليهم روح المغامرة، حيث لا مجال أمامهم سوى الاجتهاد لتقديم النموذج المقنع للبطل الخارق، لا سيما في ظل تطور صناعة السينما وتقدم وسائل التصوير وتقنيات الإبهار وتغير الصورة التقليدية للعنف والمطاردات واقترابها بشكل حقيقي من الممارسات الواقعية التي تستأهل الاستعداد الفعلي من النجم باعتباره ورقة رابحة وجزءا رئيسيا من مكون الصناعة السينمائية.