الروائية المغربية بديعة الراضي: الكاتب صوت الحقيقة وصانع خرائط السلام

حوار: ماجدة أيت لكتاوي
حجم الخط
0

بعد روايات «حافية القدمين» و«غرباء المحيط» و«بيني وبين إيستير» أصدرت الأديبة والإعلامية المغربية بديعة الراضي روايتها الرابعة «يوميات زمن الحرب» التي تعتبرها فضاء إبداعيا تلتقي فيه الثنائيات المتعددة أهمها ثنائية الحياة والموت.
بديعة الراضي رئيسة «رابطة كاتبات المغرب» التي جرى انتخابها رئيسة لـ «رابطة كاتبات افريقيا» كما تشغل منصب مستشارة في «المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري» في المغرب، لم تكتفِ بالكتابة الروائية، بل قامت بتأليف العديد من المسرحيات، نذكر منها: «الجلاد» من إخراج المسرحي المغربي عبد المجيد فنيش، ومسرحية «رجل من الصحراء» و«امرأة» و»السيدة ميم» و»المحاكمة» عن نص للكاتبة العربية ليلى العثمان.
صحيفة «القدس العربي» التقت رئيسة «رابطة كاتبات المغرب» الحاصلة على إجازة (بكالوريوس) في اللغة والأدب العربي ودبلوم «الدراسات المعمقة في السَّرديات» عقب حفل توقيع روايتها «يوميات زمن الحرب» في المعرض الدولي للنشر والكتاب في الرباط في نسخته الـ29، وأجرت معها الحوار التالي:

□ أصدرت حديثا رواية «يوميات زمن الحرب» التي تحتل المرتبة الرابعة ضمن رصيدك الروائي الأدبي بعد رواية «بيني وبين إيستير» و«حافية القدمين» و«غرباء المحيط» هل من عوامل مشتركة بين الإصدارات الأربعة؟
ـ أعتبر روايتي الأخيرة «يوميات في زمن الحرب» رواية مختلفة عن سابقاتها، وهي تجربة تعتمد في آليات اشتغالها على كيفية استثمار المجال العلمي في الكتابة السردية وتطويعه، كي يكون وعاء يتسع لكل القضايا المجتمعية والوجودية والتاريخية والإنسانية، وفهم هذا الكل برؤية تعتمد قوتها من المعرفة والعلم بالشيء، قبل الخوض في الكتابة عنه. «يوميات زمن الحرب» هي الفضاء الإبداعي الذي تلتقي فيه الثنائيات المتعددة، أهمها ثنائية الحياة والموت، بين كاتب هنا وكاتب هناك يتبادلان الأدوار لإنتاج الرواية.

□ رواية «بيني وبين إيستير» أتت في قالب حواري بين الكاتبة والشخصية الرئيسية بأبعاد سياسية تلخص الصراع التاريخي بين الفلسطينيين والإسرائيليين. هل تعتقدين أن الأديب يمكنه التموقع في مواجهة آلة الحرب؟
ـ الأديب منخرط في القضايا كافة، لكن انخراطه ليس مباشرا، بل هو انخراط باللغة والفكر باعتبارهما عنصرين خاضعين للرغبة والقدرة والمعرفة والإرادة في ولوج فضاء متسع للتصورات كافة وحاضن لكل الحلول. والحرب في الرواية، ليست حربا عسكرية، إنها حرب نفسية تلتقي فيها دوافع الحرب والسؤال عن الماهية.

□ كيف يمكن للمثقف بوجه عام أن يلعب دورا إيجابيا في حالة الحرب؛ والحال اليوم أننا نتحدث عن الحرب في غزة وفلسطين؟
ـ الكاتب صوت الحقيقة والمدافع الشرس عن تجلياتها، والمنبه إلى كل التجاوزات والمترافع عن الأنْسَنة، إنه صوت الضمير الحي، وصانع خرائط السلام والساهر على وضع بنودها وترتيب آثارها على الإنسان والمجتمع في كل الضفاف.

□ نعود إلى روايتك الجديدة «يوميات في زمن الحرب» السرد يأخذنا إلى استحضار زوجك الراحل قبل قرابة عام، الصحافي والمسرحي رشيد جبوج وسيرته، هل كتبت الرواية تكريما لذكراه؟
ـ هذا سؤال مهم وجوهري، وأنا أتساءل مثلك من هو الكاتب، هل أنا بديعة الراضي، أم زوجي رشيد جبوج؟ كما أتساءل من منا ما زال حيا ومن مات بالفعل؟ كلانا موجودان في محطة واحدة في الحياة والموت، ولهذا كُتب هذا النص من إبداعنا كلينا، كاتبة هنا وهناك. وكاتب هنا وهناك. وتلك هي دوائر النص التي أعطت لمقولاته السردية فلسفة الوجود وقوة استحضار الذاكرة في الكتابة عن حرب ممتدة من ماضٍ إلى حاضر نحو مستقبل، بالوتيرة نفسها في العلاقة بين الضفاف، والسبب أن هذا العالم الذي ازدادت شراسته له قناعة أن الحاجة إلى السلام لا تلغيها الحاجة إلى الحرب من منظور ينتصر لأهمية وجود الشيء ونقيضه.

□ كيف يمكن للشجن والحزن أن يكونا محفزين للكتابة والإبداع الأدبي؟
ـ الحزن قائم فينا، ونحن من نختار أن ندخل إلى حفره للبحث في أدق تفاصيله، إنه يؤرقنا ككاتبات وكُتّاب، وهذا في حد ذاته اختيار يتحول إلى رغبة شديدة في هدم عالم وبناء آخر بعد مخاض ينتج ولادة ما، وهي الولادة التي لا تجد تفسيرا لمعالمها إلا عند قارئ جيد أو ناقد متمرس.

□ أنت على رأس «رابطة كاتبات المغرب» هل من السهل خلق تجمع للكاتبات النساء ولَمِّ شَملِهن؟
ـ ما حققته «رابطة كاتبات المغرب» من لمِّ شتات الكاتبات، حاجة ملحة لبناءٍ مؤسساتيّ قادر على استيعاب تصوراتنا في دعم الفعل الثقافي المغربي بلغة المؤنث.

□ ما رأيك فيما يسمى «الأدب النسائي» في الشعر والرواية والقصة والمسرح وغيرها؟ هل يمكن إخضاع الأدب لثنائية امرأة/ رجل؟
ـ مفهوم الأدب النسائي تقني يركز على أهمية الخصوصية، لكن بالنسبة لي فأنا أعتقد أن الإبداع فوق كل مسطرة تقنية للتحليل في خانة منهجية ما. فالإبداع لا يخضع لثنائية رجل وامرأة، بل يخضع لأهمية النص الإبداعي.

□ نأتي إلى «رابطة كاتبات افريقيا»؟ كيف عنَّت لكم الفكرة، وما الغاية من ورائها؟
ـ «رابطة كاتبات افريقيا» هي مشروع يدخل ضمن توجهات بلدي المغرب الذي يعتبر بوابة استراتيجية نحو افريقيا. ومن منطلق قناعتي بأن الثقافة هي البوابة الحقيقية لولوج العلاقات كافة، اقتصادية كانت أم اجتماعية أم تنموية، فقد اقترحت الفكرة على أخواتي في «رابطة كاتبات المغرب» وبالفعل كان هناك إجماع على أن هذا التوجه نحو افريقيا من منطلق التشارك سيعطي للرابطة دورها في المساهمة في التوجه جنوب ـ جنوب نحو شرق افريقيا وجنوبها وشمالها وغربها ووسطها. كانت البداية سنة 2022 وواصلنا العمل بجدية، رغم كل التحديات كي نكون اليوم في سفينة واحدة افريقية، يرأسها المغرب في شخصي المتواضع، وسنواصل الاشتغال على تقاسم التجربة المغربية مع المكاتب الافريقية بنَفَس تشاركي فاعل ومنتج.

□ الأديبة بديعة الراضي فاعلة سياسية كذلك، هل تخلق جدلية المثقفة/السياسية نوعا من الصدام؟
ـ للسياسة مجالها وللثقافة آلياتها، وبين السياسي والمثقف علاقة تعاون معرفي وعلمي ومجتمعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية