الرياضة أداة للسلام أم للبلطجة القوميّة والعنف؟

حجم الخط
10

تنظم فرنسا مسابقة «يورو 2016» لكرة القدم هذا العام والبلاد في ظروف صعبة، فالفرنسيون يتظاهرون في شوارع باريس احتجاجاً على إصلاحات قررتها السلطات على قانون العمل، والبلاد ما تنفك تتعرض لهجمات إرهابية تهزّ أركانها منذ حادثة «شارلي إيبدو» وصولاً إلى مقتل قائد في الشرطة وصديقته بسكين الاثنين الماضي، ولكنّ كأس الاضطرابات الاجتماعية والأمنية فاضت مع الاشتباكات التي اشتعلت بين مؤيدي فرق كرة القدم وخصوصاً الروس والانكليز الذين خاضوا حروب شوارع على مدى يومين خلّفت الكثير من الإصابات بين صفوف الإنكليز إضافة إلى التخريب الذي تعرضت له بعض الشوارع في مدينة مرسيليا حيث تقام البطولة.
ورغم الرؤية العامّة التي تعتمدها المؤسسات العالمية، كاللجنة الأولمبية الدولية، التي تحاول إبعاد السياسة والآراء الشخصية عنها فإن هذا الطابع الجماهيري الكبير للرياضة جعل من الصعب دائماً منع استخدامها كأداة للتأثير السياسي والاجتماعي والدبلوماسي، وقد تم ذلك أحياناً بطرق خلّفت آثاراً إيجابية كبيرة كما جرى مع العزل الرياضي الدولي الذي تعرّضت له جنوب إفريقيا أثناء الحكم العنصري (كما حصل في أولمبياد عام 1964)، والذي ساهم بقوة في إجبار سلطاتها على التغيير وكان حضور الزعيم الإفريقي الأسود نلسون مانديلا لافتتاح بطولة العالم في رياضة الركبي عام 1995 التي جرت في تلك البلاد بعد انتخابه رئيساً علامة بارزة على إنجاز سياسيّ ـ رياضيّ شاهق في تاريخ الإنسانية الحديث.
يعتبر ما حدث في جنوب إفريقيا، وكذلك مع الملاكم محمد علي الذي رحل مؤخرا والذي تحدّى المؤسستين العسكرية والقانونية في أمريكا برفض تجنيده في فيتنام، مثالان ساطعان على مواجهة العنصرية والجبروت العسكري والسياسي بالرياضة، وهناك أمثلة أخرى لاستخدام الرياضة في السياسة كما حصل في أولمبياد موسكو عام 1980 الذي جاء بعد اجتياح الروس لأفغانستان، ومثال أولمبياد برلين عام 1936 الذي استخدمته ألمانيا النازية للدعاية لقوّتها، وهما مثالان معاكسان لاستخدام الرياضة في خدمة دعاوى التفوّق العنصريّ والغطرسة العسكرية.
السلطات السياسية الفرنسية حاولت مجابهة المدّ البلطجيّ الأخير في مرسيليا، لكنها تعرضت لانتقادات حول أسلوب التعامل مع جماهير الفرق من «الهوليغنز» الإنكليز و»الألترا» الروس، فيما قرّر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم معاقبة روسيا بالإيقاف مع وقف التنفيذ، ما يعني أنها ستستبعد عن البطولة بشكل مؤكد في حال تسبب جمهورها بأعمال شغب جديدة، وكذلك إبعاد بعض المشجعين الروس لتهديدهم النظام العام واحتجاز بعضهم تمهيداً لطردهم.
في الرياضات كافّة يؤدي التنافس بين اللاعبين إلى تجاوز الفروقات الماديّة والعرقية والقومية، وفي بلادنا العربية اعتدنا أن ينقسم متابعو اللعبة الأشهر، كرة القدم، إلى مؤيدين للبرازيل وإيطاليا وألمانيا وانكلترا وفرنسا وغيرها من الأمم الأخرى في شكل من أشكال الخروج من التعصّب الوطني والقومي والطائفي الذي يفصل بين مكوّنات المجتمع الواحد، كما يهتم كثيرون باللعب النظيف الجميل بغضّ النظر من أي قوميّة جاء، ولكنّ العواطف الرياضية تتراكب أحياناً على الاختلافات الاجتماعية والسياسية كما يحصل في لبنان والأردن وفلسطين، أو تكون مبرّرا لانفلات الغرائز عندما يتلاقى بلدان عربيان، كما حصل مرة بين الجزائر ومصر، وهي أحياناً خزّان تصريف للخيبات السياسية العامّة التي تحتسب على السلطات التي تحكم البلد أو على أطراف أخرى.
في ذلك كلّه يصعب فرز الأسس التي قامت عليها الرياضة من الإحباطات والآمال التي تجد معبّراً كاشفاً لها في نجاحات الفرق وهزائمها، فالرياضة، بصراحة، لا يمكن فصلها عن السياسة، وهي قد تستخدم للصالح العامّ كما قد تستخدم لإفراغ غرائز الجماهير وحرفها عن قضاياها الأساسية.

الرياضة أداة للسلام أم للبلطجة القوميّة والعنف؟

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    قديماً كان يقال عن الشخص الجيد أنه صاحب أخلاق رياضية – أي يتقبل الخسارة بروح رياضية
    أما الآن فهاهي الأخلاق الرياضية بالحضيض وخسرت ذاك الشرف الرفيع
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم.رأي القدس اليوم عنوانه(الرياضة أداة للسلام أم للبلطجة القوميّة والعنف؟)
    الرياضة في مفهومها الحضاري هي جسر للسلام والمحبة بين الشعوب وليست للبلطجة وللحرص الشديد على الغلبة والتفوق . هذا الحرص الوحشي على الغلبة كثيرا ما يقود الى مشاحنت وشحناء وبغضاء بين انصار الفرق المختلفة وخصوصا عندما تدخل الشللية السياسية او الجهوية او القومية على الخط وقد ( تكون مبرّرا لانفلات الغرائز عندما يتلاقى بلدان عربيان، كما حصل مرة بين الجزائر ومصر، وهي أحياناً خزّان تصريف للخيبات السياسية العامّة التي تحتسب على السلطات التي تحكم البلد أو على أطراف أخرى.)والرياضة وخصوصا كرة القدم ومبارياتها الاكثر اثارة والتي (قد تستخدم لإفراغ غرائز الجماهير وحرفها عن قضاياها الأساسية.)
    الروح الرياضية تختفي عند اكثر مشجعي الفرق الرياضية وهذا مرض عضال لا يشفي منه الا التسامح والاخلاق الحميدة
    .وعلينا ان لا ننسى ان الرياضة ودرتها كرة القدم هي من مفرزات بروتوكولات حكماء صهيون والتي وجهتها مع الفن الهابط لتكونا من ادوات الهدم والتعصب المقيت في المجتمعات البشرية بدل ان تكونا ادوات بناء وتعمير وتسامح في هذه المجتمعات

  3. يقول Hassan:

    تعفنت الرياضة منذ أن أصبح ” الإحتراف ” هو السائد. النوادي الرياضية هي عبارة عن شركات يجب أن تكون مربحة. الرياضة انجرت عنها النخاسة دون أن تحرك ساكنا تلك الهيآت التي تدعي حقوق الإنسان. بحيث يُباع ويُشترى اللاعب حسب مزاد ومن تلقاء نفسه من أجل حفنة نقود يعتقد أن في المال السعادة. أما عنالمشجعين فهم مازالوا يعتقدون بغيرتهم على ناديم. فترى وتسمع منهم العجب العجاب. واستغفالهم ذاك إنما يخدم صاحب الشركة أي النادي. وأما عن الحكم فهو مُهرسل في كل مباراة ولا يسمع إلا السب والعن والقذف وشتى أنواع الشتائم وقد يتعرض للعنف البدني فتستغرب ماذا يجني من هكذا ” نشاط ” تلك هي الرياضة إنها رياضة حركة المال المدعوم بالرهانات التي أفلست أشخاص وأثرى منها أفراد قلائل.

  4. يقول سامح // الاردن:

    * المفروض ان تكون ( الرياضة ) في واد
    و ( السياسة ) في واد اخر..؟؟
    * الرياضة : أداة للسلام والمحبة والتسلية.
    أما السياسة فهي اللف والدوران والكذب
    ع الشعوب ..؟؟
    * سلام

  5. يقول حرف جر:

    شخصيا ضد طرد أي من الفريقين و أين من المشجعين و ذلك حتى نرى مسلسل الهجمات و التقاتل الهمجي لأجل لا شيء بين الطرفين إلى النهاية .

  6. يقول محمد حاج:

    أصبحت الرياضة شيئا فشيئا مثل السياسة، فساد ورشى وأحزاب وتكتلات وتلاعب بالنتائج .

  7. يقول عبد الكريم البيضاوي . السويد:

    ليس المشكل في الرياضة نفسها ربما , هي فقط ساحة فقط لتفريغ الشحونات الإجتماعية في الدول المعنية. رياضة كرة القدم بالخصوص تجمع كل عوامل العنف . الرياضة الشعبية ـ كما تسمى ـ لاتحتاج لمال ولا معدات غالية الثمن لمزاولتها, جمهورها شباب والشباب من أصله ثوري , هرمونات ذكورية تتطاير في الهواء.
    عكس الصورة في الرياضات الأخرى, أعمال عنف قليلة جدا أو منعدمة في رياضات كرة اليد , وكرة الطائرة مثلا, هي كذلك رياضات جماعية. أما في الرياضات الفردية للفئات الميسورة كالغولف والمضرب ( التينيس ) فيصبح الأمر من المعجزات.
    أظن السبب يكمن في المجتمعات التي يأتي منها الشباب, ولو كانت كرة القدم.

  8. يقول بلحرمة محمد المغرب:

    لم تعد الرياضة بكل اسف بدلك المستوى الراقي وبتلك الطريقة المثلى ودلك المفهوم الساطع لمد الجسور بين الشعوب لغرس اواصر الاخوة والمحبة والمساواة والتعارف ونشر ثقافة السلام ونبد كل عوامل الفرقة والكراهية والعنصرية فهده القيم والاخلاق السامية التي كان من المفروض ان نراها اثناء التظاهرات الرياضية الكبرى اندثرت وانقرضت وافل نجمها وحل محلها التعصب والبلطجة وكل ما من شانه ان يحرف الرياضة عن مسارها الايجابي وهده السلبيات لم نرصدها فقط في صفوف المشجعين او الدين يتقمصون هده الصفة بل امتدت الى صفوف اللاعبين والطاقم التقني للفرق فسمعنا عن تلاسنات عنصرية بين ن يفترض فيهم ان يكونوا القدوة والمثال الاعلى لمحبيهم ومشجعيهم كما لم تسلم الرياضة من ملوثات السياسة والسياسيين والفساد المستشري في اكبر مؤسسة لكرة القدم وهي الفيفا واعمال البزنس التي تطالها كما اضحت وسيلة للشركات الكبرى والفضائيات الرياضية لزيادة ارباحها الباهضة على حساب الفقراء كما نرى مند عدة سنوات حرمانهم من تتبع التظاهرات الرياضية الكبرى مثل كاس العالم وكؤوس القارات الا بواسطة المال. الحديث طويل في هدا الموضوع فما نشاهده لا يبشر بالخير ويدعو للقلق على مستقبل الرياضة وخاصة كرة القدم الم يتم تدارك الامر وترك الرياضة بعيدة عن الخلافات السياسية واختيار الرياضيين المناسبين بكل دقة لرئاسة الفيفا واقصاء الفاسدين وابعادهم بالمرة عن عالم الرياضة ولجم جشع الشركات والفضائيات الدين يستغلون هده التظاهرات الكبرى لزيادة ارباحهم والحد من حالات تنقل اللاعبين مقابل مبالغ خيالية لا معنى لها.

  9. يقول احمد الجبالي:

    لا الدولة الحديثة ولا الحداثة نفسها استطاعت ان تخفي الميول السادية للعنصر الأوروبي والتي بدت واضحة في طريقة تعامله مع يهود أوروبا ومع غيره من الأوروبيين أثناء الحربين العالميتين الأولى والثانية. ثم ان العنصر الأوروبي يعيش منذ عام 1945 وحتى الآن فترة هي الأطول في تاريخه التي يسود فيها السلام وهو الذي اعتاد التخلص من فائض السادية لديه من خلال ارتكاب الفظائع ضد أعداء صنعهم هو في مخيلته في حروب عبثية لا طائل منها . تطوع الكثير من الشباب الأوروبي للانخراط كمحاربين في صفوف الجيش الإسرائيلي وفي صفوف الفصائل الكردية فيه إشارة على ان العنصر الأوروبي بحاجة دائمة الى أعداء وبالتالي للحروب وإلا تحولت لديه الخصوم وحتى الرياضية منها الى أعداء عليه مقارعتهم .

    1. يقول حرف جر:

      كلامك صحيح و أثمنه كثيرا و السبب هؤلاء قوم يأكلون لحوم الخنازير بكثرة و لذلك تطبعوا بطباعهم و الخنازير إذا تركت يوما أو يومين تأكل بعضها البعض و بداية بصغارها .

إشترك في قائمتنا البريدية