عادت أحداث عديدة مرتبطة بالرياضة، مؤخرا، تذكيرنا مجددا بقوّة تأثير السياسة عليها، وهو أمر تحاول الجهات الرياضية، على مستويات العالم والبطولات بين الأمم، وحتى في الساحات المحلّية، إنكاره أحيانا، أو الاعتراف به ومعالجة آثاره السيئة على حيثيات التنافس الرياضيّ.
إضافة إلى المشاكل العديدة التي رافقت تأجيله، فقد حفل أولمبياد طوكيو الذي افتتح أمس بعد تأخير طال سنة، بعدد من الإشكاليات ذات الطابع السياسي كان آخرها إقالة مدير الحفل الفني للافتتاح على خلفية تعليقات كوميدية ألقاها عام 1998 حول «الهولوكوست» واستقالة ملحن لفقرة موسيقية بعد كشف مقابلة قديمة له أقر فيها بممارسة التنمر على المعاقين، وكان المدير الفني لحفلي افتتاح وختام الألعاب الأولمبية قد استقال أيضا قبل أشهر على خلفية تعليقات مهينة للنساء، كما استقال الرئيس السابق للجنة المنظمة بعد تعليقات مناهضة للنساء.
شكّلت المباراة النهائية لكأس الأمم الأوروبية، بين إنكلترا وإيطاليا، أيضا، رافعة لارتفاع منسوب العنصريّة بعد اساءات جسيمة طالت ثلاثة لاعبين سود من المنتخب الإنكليزي حيث اعتبر أنصار الفريق من البيض أن أولئك اللاعبين مسؤولون عن خسارة فريق بلادهم، وقد استثمرت تيارات اليمين المتطرّف العنصري هذه المشاعر وساهمت في تأجيج حملة الكراهية ضد السود والأقليات، كما لو أن اللاعبين تقصدوا إفشال منتخب بلادهم، أو أن لون بشرتهم هو سبب تلك النتيجة.
وكما أعطت بعض تيارات اليمين المتطرّف البريطانية طابعا سياسيا لهذه النتيجة الرياضية، فإن كتابا وهواة رياضة وناشطين أعربوا عن مواقف ذات طابع سياسي أيضا نحو هذا الحدث، حيث أشاد البعض بالنتيجة من مبدأ أن نجاح الفريق الإنكليزي كان سيعتبر نجاحا لدعاة الانفصال عن أوروبا، وتتويجا لخطّة «البريكزيت» التي قادها رئيس الوزراء البريطاني الحالي بوريس جونسون، وشركاه من اليمين المعادي لأوروبا، وكذلك للأقليات عموما، كما هو حال نايجل فراج، الزعيم السياسي اليميني الذي لعب دورا كبيرا في نجاح قرار الانفصال.
إحدى الظواهر الرياضية التي ستظل لفترة طويلة مجالا للنزاع والتداعيات السياسية في العالم هي حركة الجلوس على الركبة التي يقوم بها الرياضيون للتعبير عن تضامنهم مع حركة «حياة السود مهمّة». بهذه الحركة التي ابتكرها رياضيون للتعبير عن تضامنهم مع السود بعد حادثة مقتل جورج فلويد الشهيرة على يد الشرطة الأمريكية.
أثارت تلك الحركة غضب التيارات العنصريّة، وكان لافتا أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حاول لعب دور «كاسري الإضرابات» بتصريحاته العلنية ضد أولئك الرياضيين ومحاولة منعهم من القيام بتلك الحركة، وقد شهدنا بعد ذلك ردود فعل مشابهة من قبل الاتجاهات السياسية اليمينية والشعبوية التي تدلّ على عمق أثر العنصرية وضراوة المنافحين عنها، من أنصار ترامب العالميين، كحال رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، الذي أعرب صراحة عن تأييده لإشارات العنصرية التي يقوم بها أنصار منتخب بلاده كلما قام أعضاء ناد آخر بحركة التضامن مع السود.
تزيح هذه الوقائع أسطورة انفصال الرياضة عن السياسة، وتؤكد أن الرياضة هي جزء من النضال السياسي العامّ، وبعد عقود كانت التيارات السلطوية والشعبوية واليمينية تستخدم الرياضة لتثبيت أركان العنصرية والتمايزات الجندرية قرّر رياضيون كثر أخذ المبادرة والرد على أعداء الرياضة والشعوب.
لايجوز فصل السياسة عن الرياضة،المجتمع هي عبارة عن وحدة متكاملة،اذا حدث اي تغيير في احد اجزائه، اكيد ذلك يعكس اثر على باقي مكونات المنظومة الاجتماعية.