عواصم ـ وكالات :أعلن أمين عام حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أندرس فوغ راسموسن، الثلاثاء، أن الحلف سيرسل بعثة خبراء أمنيين إلى ليبيا لتقييم المجالات التي يمكن أن يقدم الناتو مساعدة أمنية فيها، استجابة لطلب من السلطات هناك فيما اكد السياسي الليبي الشيخ احمد الزبير الشريف السنوسي رئيس مجلس ‘اقليم برقة’ وجود دعم قوي لاعلان اقليم برقة اقليما فيدراليا. وعلى صعيد آخر دعت الحكومة النيجرية المجموعة الدولية الى مساعدة ليبيا على تثبيت استقرارها.
وقال راسموسن قبيل الجلسة الافتتاحية لاجتماع وزراء دفاع الناتو الذي يستمر يومين، إن ‘الحكومة الليبية طلبت الأسبوع الماضي مشورة الناتو في المجال الأمني.. ونحن تحركنا بسرعة للاستجابة لهذا الطلب’.
وأضاف أن فريقاً من الخبراء يتوقع أن يغادر بأقرب وقت ويقدم تقريراً إلى الناتو في نهاية حزيران/يونيو ‘لكي نقرر كيفية السير قدماً’.
وأشار إلى أنه إن اتخذ القرار بتقديم مشورة أمنية لليبيا، فإنها ستكون في المجالات التي لدى الناتو فيها خبرة مثل بناء المؤسسات الأمنية، مشدداً على أن ‘الأمر لا يتعلق بنشر قوات في ليبيا.. وإن كنا سنشارك بنشاطات تدريب فستكون خارج ليبيا’.
وأوضح أن الفريق سيقوم مع السلطات بتحديد المجالات التي يعتقد الليبيون أنهم بحاجة فيها إلى مشورة والتي يمكن للناتو أن يقدم إضافة في بناء المؤسسات الأمنية.
وقال راسموسن ‘أعتقد أن هذه طريقة مناسبة لمواصلة تعاوننا مع ليبيا بعد أن قمنا بعمل ناجح في حماية الشعب الليبي قبل عامين’.
وكان رئيس الوزراء الليبي علي زيدان، زار مقر الناتو الأسبوع الماضي، حيث طلب مساعدة الحلف، وجاء الطلب الليبي بعد انتشار المظاهر المسلحة في أنحاء ليبيا وارتفاع وتيرة اللجوء إلى العنف واستفحال الفوضى وسط مخاوف من لجوء متشددين إسلاميين من مالي إليها أيضاً.
من جهة اخرى دعت الحكومة النيجرية الثلاثاء المجموعة الدولية الى مساعدة ليبيا على تثبيت استقرارها في اعقاب اعتداءين انتحاريين في شمال النيجر نفذهما جهاديون اتوا من الجنوب الليبي كما تقول نيامي.
وقالت وزارة الخارجية في بيان نشرته صحيفة ‘الساحل’ الرسمية ‘عندما تؤكد سلطات النيجر في حديثها عن اعتداءات 23 ايار/مايو ان منفذيها اتوا من الاراضي الليبية، فهي لا تريد بالتأكيد الايحاء بأن السلطات الليبية تتحمل جزءا من المسؤولية فيها. بل بالعكس’.
واضاف البيان الذي يهدف الى التهدئة مع طرابلس ان ‘سلطات النيجر التي لا تريد ان تتهم السلطات الليبية الشقيقة، ترغب فقط في الاشارة الى المهمة التي تقع على عاتق المجموعة الدولية التي تقضي بمساعدة بلد شقيق على مواجهة وضع يشكل تهديدا حقيقيا لاستقراره في الوقت الراهن وفي المستقبل وكذلك لاستقرار جيرانه’. وقد شهدت العلاقات بين البلدين المتجاورين موجة من التوتر بعد الاعتداءين الانتحاريين اللذين اعلنت مسؤوليتها عنهما مجموعات جهادية واسفرا عن عشرين قتيلا في شمال النيجر.
واكد الرئيس النيجري محمد يوسف ان المهاجمين اتوا من الجنوب الليبي وانهم كانوا يعدون ايضا ل ‘هجوم’ على تشاد. ورد رئيس الوزراء الليبي علي زيدان على هذه ‘الادعاءات التي لا اساس لها’، لكن ليبيا اعلنت الاحد مجموعة من التدابير لتعزيز الامن في المناطق الجنوبية والحدودية.
وعلى صعيد آخرأكد السياسي الليبي الشيخ أحمد الزبير الشريف السنوسي رئيس ما يعرف شعبيا بـ’مجلس إقليم برقة’ وجود دعم قوي لما قام به مؤخرا من إعلان إقليم برقة شرق ليبيا إقليما فيدراليا.
وقال في تصريحات عبر الهاتف لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) في القاهرة :’كل أهل برقة معنا بما فيها من أحزاب ومنظمات مجتمع مدني باستثناء الإخوان المسلمين، ولكن هؤلاء شعبيتهم قليلة ببرقة’.
وأردف السنوسي الذي كان عضوا في المجلس الانتقالي الليبي السابق: ‘هم معترضون على خطوتنا لأنهم يريدون ويسعون للسيطرة على ليبيا بأكملها.. هم لم ينجحوا في سعيهم للسيطرة التامة على البلاد حتى الآن’.. قاموا بانقلاب في طرابلس أسموه محاصرة الوزارات والمؤتمر الوطني، والعالم كله شهد على ذلك ويعرفه جيدا’.
وأكد أن إعلان برقة إقليما فيدراليا لا يعني انسلاخ برقة من جسد الدولة الليبية وإنما يعني أن الإقليم سيتمتع بإدارة ذاتية خاصة لإدارة شؤونه مع وجود قوة شبه عسكرية لحماية وضبط الأمن به . وفي رده على تساؤل حول ما هو الجديد بإعلانه الأخير وبين ما سبق أن أعلنه في آذار/مارس من العام الماضي ، قال السنوسي :’في العام الماضي أعربنا فقط عن دعوتنا أو رغبتنا في أن يكون برقة إقليما اتحاديا ، وانتظرنا حينذاك رد الحكومة’.
وتابع :’واستمر الوضع على ما هو عليه حتى جاء الأول من حزيران/يونيو والذي احتفلنا فيه بالذكرى الرابعة والستين لاستقلال إقليم برقة عن إيطاليا عام 1949 ، واستغللنا الفرصة لإعلان برقة إقليما اتحاديا ضمن حدود الدولة الليبية ، وقلنا إن الإقليم سيدير شؤونه بنفسه بعد أن عجزت الدولة عن تأمين حمايته وصيانة كرامته.’
وأوضح :’لم نصمت طوال الفترة الماضية ، وإنما كنا نعمل على توعية شعبنا بالإقليم وتوضيح حقيقة الأمور لهم ، والآن أغلب أهل برقة مؤيدون لنا .. السلطة المركزية متمسكة بما يوجد تحت يديها من صلاحيات ، والنظام الفيدرالي الذي ندعو إليه يفتت هذه الصلاحيات ، ولذلك هناك تناقض بين الدولة البسيطة التي يريدون الاحتفاظ فيها بصلاحياتهم وبين الدولة المركبة التي نريدها وتضمن حقوقنا ‘.
ونفى السنوسي وجود أي محاولات من قبل حكومة علي زيدان للتحاور معه ، وقال :’كل ما تردد عن التحاور معنا غير حقيقي لا من قبل حكومة زيدان ولا الحكومتين السابقتين لها’ ، وجدد التأكيد :’طلبنا إجراء استفتاء ببرقة لإظهار مدى تأييد الشعب لنا ، ولا نزال مستعدين لإجراء هذا الاستفتاء وسنقبل برأي الشعب’.
وعبر السنوسي عن رفضه لقانون العزل السياسي ، مشددا على أن هذا القانون لن يعتد به في الإقليم ، موضحا :’نحن لا نعترف بقانون فرض بالقوة .. فقد كانت هناك حالة انقلاب بالعاصمة وتمت محاصرة المؤتمر والحكومة’.
وتابع :’رغم أننا لم نشارك في انتخابات المؤتمر الوطني إلا أننا رضينا بما جرى اعتقادا منا أن المؤتمر سيتخذ قراراته من قناعاته لا من خوفه ‘. وحول قيمة إجراء الاستفتاء بعد قيامه بإعلان برقة إقليم فيدراليا بالفعل ، قال :’طلبنا الحوار قبل الإعلان وتحديدا في شهر شباط/فبراير الماضي ، وتقدمنا بمذكرة بهذا الشأن للحكومة والمؤتمر الوطني ولكنهم تجاهلونا وقالوا إن عددنا قليل ولا معنى لنا .. وأنا أقول لهم : حتى لو كنا قليلين لماذا لا تأتون للتفاوض معي .. فثورة 17 شباط/فبراير أتاحت الفرصة لكل أبناء ليبيا للتعبير عن همومهم ومشاكلهم ، ومهمة المسؤولين هي أن يتفاهموا معهم قبل تفاقم الأوضاع ‘.
وأوضح السنوسي أن الأوراق والمعاملات الرسمية في الإقليم ستصدر ضمن إطار الدولة الليبية ، وأن برلمان الإقليم سيتكون من مجلسين ، مستبعدا أن يتم ذلك عن طريق الانتخاب في الوقت الراهن ، وقال :’في الوقت الحاضر سيتم اختيار الأعضاء من رؤساء القبائل ووجهاء الإقليم والنخب المتعلمة ثم بعد أن يستقر الوضع سيتم إجراء انتخابات’.
وحول توقعه لمدى استجابة السلطات الليبية لدعوته لإيداع ميزانية إقليم برقة في فرع مصرف ليبيا المركزي بمدينة بنغازي ، قال ‘نحن طلبنا وننتظر الرد .. ولكن حتى الآن لا يوجد رد رسمي .. كل ما عرفته أن المؤتمر الوطني يناقش الحدث ولكني لا أعرف لماذا توصل’.
أما فيما يتعلق بتأسيس قوة خاصة بالإقليم والتي أسماها السنوسي ‘قوة درع برقة’ ، فقد أوضح أنها ‘قوة شبه عسكرية مهامها حفظ الأمن بالإقليم ومساعدة الجيش والشرطة دون أن تلغي وجودهما .. وهذه ليست بدعة ، بل هي موجودة بعدد من الأنظمة العربية وغيرها ويطلق عليها قوة ردع أو الحرس الوطني أو الأمن الداخلي’.
ورفض السنوسي الإفصاح عن عدد تلك القوة، مكتفيا بالتأكيد على أنها تتألف ‘من ضباط وشباب خاضوا غمار ثورة 17 فبراير ، وهي وجاهزة للدفاع عن الإقليم وإن كانت لن تلجأ لحمل السلاح واستخدامه إلا إذا”ما تم الاعتداء عليها’. وألقى السنوسي باللوم والمسؤولية على الحكومة الليبية والمؤتمر الوطني حول ما يتردد بشأن تحول مناطق الحدود الليبية وخاصة بالجنوب لمناطق تهريب للسلاح وإيواء للعناصر المتطرفة، وقال : ‘هذا نتيجة عجز الحكومة والمؤتمر الوطني وعدم توجيه أي اهتمام من قبلهما للحدود حتى أصبحت الأخيرة مرتعا للعصابات والمتطرفين ‘.
وتابع : ‘وفي برقة لا توجد لدينا عناصر متطرفة ، والموجود فقط كتائب للثوار وميلشيات مسلحة وهؤلاء في أغلبهم أيدوا خطوتنا ونعمل على ضمهم لقوة درع برقة ليكونوا قوات نظامية قادرة على محو ظاهرة انتشار السلاح’.