إسطنبول – “القدس العربي”:
يحاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على عجل إعادة تنظيم استراتيجية حملته الانتخابية التي يقول مقربون إنها حذفت تماماً ويتم كتابتها من جديد مع المتغير الأكبر الذي عصف بالبلاد وهو الزلزال المدمر الذي خلف أكثر من 47 ألف قتيل وملايين المشردين.
وبحسب المعلن حتى الآن، فإن الحملة الانتخابية لأردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم سوف يتم إعادة كتابتها من الصفر على أن تكون حملة ترتكز بدرجة أساسية على تقديم الإغاثة لمنكوبي الزلزال وإعادة بناء المناطق المدمرة وهو أكبر مشروع إعمار وبناء مساكن في تاريخ الجمهورية يعد أردوغان بإنهائه خلال فترة زمنية قياسية، كما ستتركز الحملة ميدانياً من المحافظات العشر المتضررة من الزلزال.
والجمعة، وقع أردوغان رسمياً على مرسوم رئاسي يقضي بإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في الرابع عشر من مايو/أيار المقبل وهو ما كان بمثابة إعلان رسمي بدخول البلاد أجواء الانتخابات التي ثارت شكوك واسعة حول إمكانية إجرائها في موعدها وذلك عقب الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد.
ولا يتوقع أن تشهد استراتيجية الحملة الانتخابية للمعارضة تغيراً كبيراً في ظل الاتفاق على خطوط عريضة منذ سنوات تتعلق بالتعهد بإعادة البلاد إلى النظام البرلماني المعزز عقب إنهاء النظام الرئاسي، وإنهاء حكم أردوغان الذي تتهمه المعارضة بالترهل وسط تراجع في مستوى الحريات، إلى جانب التركيز الأساسي على الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها البلاد، يضاف إليها التركيز على ما تقول إنه فشل حكومي في التعامل مع الزلزال من حيث تأخر عمليات الإغاثة الأولية ولاحقاً توفير المنازل والخيام المؤقتة وصولاً إلى عمليات إعادة البناء.
لكن في المقابل، وقبيل شهرين فقط على إجراء الانتخابات، يجد حزب العدالة والتنمية والتحالف الحاكم نفسه أمام تحدي بناء استراتيجية شاملة وجديدة للحملة الانتخابية حيث يتوقع أن الحملة السابقة التي استغرق الإعداد لها سنوات طويلة لن تعود صالحة عقب كارثة الزلزال وبالتالي فإن الحزب سيعمل على بناء حملة انتخابية جديدة يفترض أن يكون بدأ تطبيقها بالفعل وهو يفرض تحديات أكبر على أردوغان وحزبه.
وبحسب التقديرات الأولية، فإن الحملة الانتخابية سوف ترتكز بدرجة كبيرة جداً على كارثة الزلزال حيث لن يتضمن الحملة وسائل الدعاية التقليدية التي اتبعها الحزب طوال العقدين الماضيين والتي كان ينجح من خلالها في الفوز بالانتخابات على مدار العشرين عاماً الماضية، وهو ما يفرض عليه اليوم تجريب استراتيجية جديدة مختلفة الأمر الذي يحمل في طياته أيضاً مزيدا من التحديات والمخاطر.
وبعيداً عن الأغاني الانتخابية ومراكز تسجيل الناخبين وتوزيع المنشورات وتعليق صور المرشحين، يتوقع أن تنطلق الحملة من المناطق المنكوبة بالزلزال وبشكل بسيط مع إظهار التضامن الكامل مع المنكوبين وتجنب الأغاني والمصروفات غير المهمة تجنباً لاتهام الحزب بالإسراف للفوز بالانتخابات بدلاً من صرف هذه الميزانيات في تلبية الاحتياجات العاجلة للمنكوبين من الزلزال.
وانطلاقاً من هذه القاعدة سوف يتركز وجود أردوغان وكبار قادة الحزب ومرشحيه في المناطق المنكوبة عبر تكثيف الجولات على المشردين في مناطق الإيواء المؤقتة والاستماع لهم والعمل على تلبية مطالبهم في أسرع وقت ممكن، إلى جانب البدء بخطوات عملية لتأكيد جدية الحكومة في تطبيق الوعود بإعادة بناء جميع المنازل المدمرة خلال أقل من عام واحد فقط.
ولتحقيق هذا الوعد، سيعمل أردوغان على استنفار كافة الجهات الرسمية والخاصة المعنية بملف البناء وإعادة الإعمار وتخصيص مليارات الدولارات للبدء فعلياً في وضع حجر الأساس بعملية إعادة بناء كافة البيوت المدمرة وهو تحد كبير بحجم الدمار الذي خلفه الزلزال والذي دمر بالفعل مئات آلاف الوحدات السكنية التي تتطلب إعادة بنائها خلال عام واحد كما يعد أردوغان جهوداً استثنائية كبيرة جداً.
وقال أردوغان: “تركيا ليس لديها وقت تضيعه ولا يمكن أن تشتت انتباهها أو تهدر طاقتها بلا فائدة”، وأضاف: “نريد أن نجعل 14 أيار/مايو موعدا يمحو أثر الدمار الذي حدث في السادس من شباط/فبراير”، معلنا أن شعار حملته سيكون “الآن، من أجل تركيا”.
وأضاف أردوغان: “أجندة حملتنا ستركز أساسا على الجهود لتضميد الجراح والتعويض عن الأضرار الاقتصادية والاجتماعية التي سببها الزلزال”. وشدد على أن “تركيا لا تستطيع مواجهة مستقبلها بثقة دون تجاوز الدمار الذي خلفه زلزال السادس من شباط/فبراير وتعويض خسائرها الاقتصادية والاجتماعية والنفسية”.
كما أعلن أردوغان عن مبادرة بأن يعلن أي مرشح للبرلمان من حزبه العدالة والتنمية، عن المبلغ الذي ينوي التبرع به لصالح الضحايا، في حين اقترح حليفه دولت بهتشيلي زعيم حزب الحركة القومية عن مبادرة مشابهة تتعلق بتقديم المرشحين تبرعات كبيرة للمتضررين من الزلزال.
وكان أردوغان قد اعتذر عن تأخر الاستجابة السريعة للزلزال من قبل الجهات الرسمية مبرراً ما حصل بسبب ضخامة الزلزال وقوته التدميرية، وقد وعد بإعادة بناء كافة الوحدات السكنية المدمرة خلال عام واحد فقط كما بدأ بإقالات محدودة لشخصيات حكومية محلية متهمة بالتقصير في مواجهة آثار الزلزال، كما شن حملة اعتقالات واسعة بحق مهندسين ومتعهدين متهمين بالفساد في بناء وحدات سكنية تدمرت في الزلزال.
والأحد، زار أردوغان برفقة حليفه بهتشيلي المناطق المنكوبة في ولاية هاطاي وتجولا في عدد من مناطق الإيواء المؤقتة وقدما وعوداً للمتضررين بتحسين ظروف الإقامة المؤقتة بإقامة بيوت من الكونتينر قريباً بالتزامن مع العمل فعلياً في إعادة إعماء المنازل في أسرع وقت ممكن.