غزة ـ “القدس العربي”:لا يزال أخطر الأسرى الفلسطينيين مرضا، وأكثرهم شهرة، ناصر أبو حميد، يواجه وضعا صحيا خطيرا للغاية، بسبب تبعات إصابته بمرض السرطان، وما تعرض له من إهمال طبي، لا تزال آثاره ظاهرة على جسده النحيل، فيما حذر نادي الأسير من تزايد الإصابات في صفوف الأسرى بالأورام، خاصة ممن أمضوا فترات اعتقال طويلة في “سجون الجنوب”، وهي “النقب، وعسقلان، ونفحة”
وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، إن الحالة الصحية للمعتقل ناصر أبو حميد (49 عاما)، آخذة بالتدهور بشكل كبير، لافتة إلى أنه يمر حاليا في مرحلة غاية بالخطورة، حيث وصل وزنه الى 52 كيلوغراما، وخضع مؤخراً لجلستي علاج كيميائي، ومن المقرر أن يخضع للجلسة الثالثة الأسبوع المقبل.
وذكر محامي الهيئة كريم عجوة، أن أبو حميد يعاني من نقص في كريات الدم الحمراء نتيجة للعلاج والمرض، وعلى الرغم من حاجته للعلاج الكيميائي إلا أنه يسبب له الإرهاق الشديد، والهزال الدائم ويحد من قدرته على المشي، والتنفس، ودائما يلازمه أنبوب الأوكسجين.
وأوضح المحامي أن هذا الأسير موجود حالياً في “عيادة سجن الرملة”، حيث يرافقه شقيقه المعتقل محمد من أجل مساعدته والاهتمام به، مشيرا إلى أن عدد جلسات الكيميائي التي سيخضع لها ستكون بناء على وضعه الصحي.
وهذا الأسير الذي يمضي حكما بالمؤبد عدة مرات، واحد من بين خمسة أشقاء يمضون أحكاما مماثلة في سجون الاحتلال، وقد أصيب بمرض السرطان خلال الأسر، وتفاقم وضعه الصحي نتيجة الإهمال الطبي الذي تعرض له، وتأخر علاجه في بادئ الأمر، وتعرضه لخطأ طبي خلال رحلة العلاج الأولي، وقد وصلت حالته في وقت سابق لمرحلة الخطر الشديد، ومكث في غرفة العناية المكثفة في أحد المشافي الإسرائيلية لعدة أيام.
وحملت هيئة الأسرى حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياته، وطالبت المجتمع الدولي بكل تشكيلاته بـ “التدخل الفوري” للضغط من أجل الإفراج عنه ووقف مسلسل تصفيته، من خلال تركه فريسة لمرض السرطان.
ولوحظ مؤخرا أن عدد الأسرى المصابين بالأورام ارتفع، بما يدلل على ما يتلقاه الأسرى من معاملة سيئة في سجون الاحتلال. وقال نادي الأسير إن المعطيات التي ترد من السجون حول إصابات جديدة لأسرى بأورام وتفاقم وضع عدد منهم، تنذر بما هو أخطر. وتوقع أن تكون هناك حالات أخرى لم يتم تشخيصها.
وأكد أن هذا الوضع يلزم بجهود مضاعفة من كافة جهات الاختصاص لوضع حد للجريمة التي يتعرضون لها، وهي جريمة الإهمال الطبيّ، التي تتحوّل يوميا إلى أخطر أدوات القتل التي تستخدمها إدارة معتقلات الاحتلال بحقّ الأسرى.
وفي هذا الوقت يبلغ عدد الحالات في صفوف الأسرى المصابة بأورام وسرطان بدرجات مختلفة 23 أسيرا.
وأعلن نادي الأسير أنّ الفحوص الطبيّة التي خضع لها الأسير إياد نظير عمر (40 عاما) من مخيم جنين، أثبتت ظهور ورم جديد لديه خلف إحدى أذنيه، بالإضافة إلى ضعف في رئته اليسرى، وأنّ وضعه الصحيّ في تفاقم مستمر.
والأسير عمر معتقل منذ عام 2002، ومحكوم بالسّجن لمدة 24 عاما، وخلال سنوات اعتقاله فقد والديه وحرمه الاحتلال من وداعهما، كما حُرمت والدته من زيارته قبل وفاتها لمدة 10 سنوات.
وفي السياق، طرأ تدهور ملحوظ على الوضع الصحي للمعتقل شادي غوادرة (34 عاما) من بلدة بير الباشا التابعة لمدينة جنين، بعد إصابته بورم في الرئة، لم تحدد طبيعته حتّى الآن، في ظل مماطلة متعمدة من قبل إدارة السجون في إجراء الفحوص الطبية اللازم له.
وهذا الأسير الموجود في سجن “نفحة” أحد المعتقلين الجرحى والمرضى في سجون الاحتلال، وهو معتقل منذ عام 2003، ومحكوم بالسّجن مدى الحياة، ويعاني من مشاكل صحية مزمنة، جرّاء إصابة بليغة تعرض لها أثناء اعتقاله، حيث أُصيب بسبع رصاصات، وخضع لعدة عمليات جراحية خلالها، وتم استئصال جزء من معدته، وكان يبلغ من العمر في حينه 15 عاما.
وطالب نادي الأسير كافة جهات الاختصاص بالعمل الفوري وإلزام سلطات الاحتلال بتوفير العلاج اللازم له، قبل فوات الأوان.
ويوضح نادي الأسير، أنه من خلال المتابعة لتاريخ غالبية الحالات التي أُصيبت بالسرطان في السنوات القليلة الماضية، ومنها الأسير ناصر أبو حميد وغيره، فقد اُحتجزوا لفترات طويلة في سجون الجنوب وتحديدًا (النقب، وعسقلان، ونفحة)، وهذا الأمر يفتح العديد من التساؤلات حول الأسباب، مع التأكيد على أنّ بنية السجون وانتهاج إدارة سجون الاحتلال لسياسة قتل جديدة بحقّ المعتقلين عبر أدوات ممنهجة ليس بالضرورة أن تؤدي إلى القتل المباشر، كسياسة الإهمال الطبي (القتل البطيء)، التي شكّلت السبب الأساسي في استشهاد معتقلين في سجون الاحتلال خلال السنوات القليلة الماضية.
وكان عدد من الأسرى المصابين بالسرطان، قضوا في سجون الاحتلال، ومن بينهم الأسرى بسام السائح، والأسير سامي أبو دياك.
كذلك قضى الكثير من الأسرى المحررين بهذا المرض، بعد تحريرهم من السجون الإسرائيلية، وآخرهم إيهاب زيد الكيلاني، من نابلس، الذي قضى الشهر الماضي، متأثرا بمضاعفات إصابته بمرض السرطان، وذلك بعد أقل من شهر من تحرره من سجون الاحتلال.
ونقل على لسان عائلة الأسير المحرر، أن نجلها زيد استشهد نتيجة سياسة الإهمال الطبي الإسرائيلي المتعمد له، والتي مورست بحقه خلال وجوده في سجون الاحتلال مؤخرا.
وكان الكيلاني قد تحرر من سجون الاحتلال في منتصف شهر رمضان الماضي، وهو حامل لمرض السرطان الذي تفشى في كامل جسده، ليجد نفسه حبيس المشفى وأوجاع جسده.
والجدير ذكره أن عدد الأسرى المرضى بلغ نحو 600 أسير، من بينهم 200 أسير يعانون من أمراض مزمنة.
ويواصل الاحتلال اعتقال نحو 4500 أسير فلسطيني، ومن بين العدد الإجمالي هناك نساء وأطفال وكبار في السن، ويشكو جميعهم من سوء المعاملة، ومن تعرضهم للإهانة والتعذيب، فيما هناك العديد منهم محرومون من زيارة الأهل، ويقبع آخرون في زنازين عزل انفرادي.