السطو على الماء!

حجم الخط
0

قررت سلطة المياه أن تقلل كمية ماء البحر المُحلى التي ستُنتج في السنة القادمة بـ 150 مليون متر مكعب. ولم يحب منتجو الماء المحلى هذا القرار وكذلك ايضا من يشكون من أن ثمن الماء مرتفع جدا وينبغي خفضه لأن الماء المحلى أكثر تكلفة، والتقليل من استعماله يوجب خفض سعر الماء.
فهل سعر الماء مرتفع جدا؟ لا يوجد جواب سهل عن هذا السؤال. ما هو السعر المناسب للماء؟ اذا كان يفترض أن يعبر السعر عن تكاليف الاستخراج والتحلية والنقل في الأنابيب والتوزيع، فمن المنطق أن نفرض أن السعر الحالي يدور حول هذه الغاية، بشرط ألا تربح السلطات المحلية التي هي مالكة اتحادات الماء أرباحا من تلك الاتحادات. بيد أن النظر عن طريق التكاليف يُخطيء الامر. والامر هو أن المقياس الأصح وإن لم يكن الوحيد لسعر الماء هو ارتفاع سطح الماء في بحيرة طبرية. فاذا كانت بحيرة طبرية وسائر أحواض الماء ممتلئة في نهاية آذار فان ذلك يعني أن السعر لا بأس به، نسبيا.
إن ما يحدث للماء في منطقتنا هو سطو على أولاد. ويمكن أن يُزعم أن هذا ما ينبغي أن يكون، فنحن نُربيهم، فليدفعوا اذا، فنحن نشرب ماءا رخيصا من بحيرة طبرية وليختنقوا هم بماء بحر مُحلى باهظ الكلفة. وليس من الفضول أن نذكر أنه كانت وما زالت توجد سياسة لحكومات اسرائيل المتعاقبة. وحينما ركّعنا بحيرة طبرية فقط بدأوا يُحلون ماء البحر ويرفعون سعره.
إن حساب سعر الماء بحسب مقياس ارتفاع الماء جزئي. وقد نسينا أنه كان يوجد ذات مرة ماء في الاردن الجنوبي، وكان كما تقول كتب التاريخ يجري الى البحر الميت. وأصبح السطو على الماء يحرم البحر الميت منذ سنوات من مصدر حياته. والذي يبحث عن تفسير لكون الدولة تنفق مليارات على علاج الأملاح التي تتجمع بالقرب من فنادق البحر الميت، والذي يبحث عن تفسير لتزايد عدد الهوات المبتلعة هناك، والذي يبحث عن تفسير لكون البحر يتحول بالتدريج الى مستنقع آسن فان السطو على الماء هو التفسير. ولهذا فان بحيرة طبرية المليئة ليست مقياسا كافيا لسعر الماء. يجب أن تكون بحيرة طبرية مملوءة في نهاية الشتاء بعد أن يُفتح السد وتجري مئات ملايين الأمتار المكعبة من الماء الى الجنوب.
وهو شيء يعيدنا الى سلطة المياه والى استقرار رأيها على مضاءلة تحلية ماء البحر. إن منتجي الماء رتبوا أمورهم. والعقود معهم هي من نوع ‘خُذ أو إدفع’، وفي عقد كهذا يدفع المشتري سلطة المياه الى المنتج سواء أخذ ماءا أم لا. إن الدفع غير متساوٍ في الحقيقة ومن هنا يأتي تباكي المنتجين، لكنهم لا يخسرون بل يربحون أقل، وذلك غير خطير.
ولم يكن ذلك ليكون فظيعا لولا السطو على الماء. إننا ندفع الى المنتجين حتى حينما لا يُنتجون. وماذا عن بحيرة طبرية؟ وماذا عن حوض الجبل؟ وماذا عن الحوض الساحلي؟ إن الشيء المطلوب هو الغاء قرار الاقتطاع من كمية ماء البحر المحلى الذي تشتريه سلطة المياه، وأن تُترك مصانع تحلية البحر لتعمل بكامل قدرتها الانتاجية لتزودنا بماء للشرب والاستحمام (إن أكثر الماء في الزراعة هو ماء مجاري جرت عليه عملية تصفية). وأن يُرفع اذا احتيج الى ذلك السعر على المستهلك وألا يُسحب الماء في مقابل ذلك من بحيرة طبرية وأن يُترك سطحها ليرتفع وأن يُفتح السد وأن يُقدَّم للبحر الميت إنعاش بماء حي يحتاج إليه جدا.

يديعوت 19/11/2013

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية