السعودية تبدأ أولي الخطوات علي طريق الاصلاح
علي الرغم من غياب مبادرات حكومية كبيرة مباشرةالسعودية تبدأ أولي الخطوات علي طريق الاصلاحالرياض ـ من اندرو هاموند:يبدو ان السعودية المحافظة بدأت ببطء ولكن بثقة تخفف القيود المفروضة علي المجتمع علي الرغم من غياب مبادرات حكومية كبيرة فيما يتعلق بالاصلاح السياسي.واعتلي الملك عبد الله وهو من انصار الاصلاح الحذر العرش العام الماضي لكن لم تتخذ خطوات للتخفيف من سلطات الحكم الملكي المطلق او تحويل مجلس الشوري الي ما يشبه برلمان حقيقي او تعزيز حقوق المرأة.ومع ذلك يشير المراقبون الي مجموعة من الخطوات الصغيرة التي اذا أخذت في مجملها تشكل دليلا علي ظهور مناخ سياسي جديد في بلاد مازالت المؤسسة الدينية القوية فيه مطلقة اليد في فرض المذهب الوهابي السني المتشدد. وحكمت الاسرة المالكة هذه المملكة الصحراوية بتنسيق وثيق مع رجال الدين المتشددين منذ تأسيسها في قلب شبه الجزيرة العربية عام 1932.ويقول المحللون ان الاسرة الحاكمة تريد الاصلاح لكنها قلقة من اغضاب حلفائها من رجال الدين. وقال الملك أثناء زيارة سلطت عليها الاضواء لاسيا الشهر الماضي ان المملكة تتقدم علي طريق الاصلاح خطوة بخطوة دون اسراع وبخطوات ثابتة.وتولي العديد من السعوديين العاديين مقاليد أمورهم بأيديهم. وحظيوا بموافقة ضمنية أو صريحة من الحكومة التي تخشي من اضطرابات اجتماعية بسبب ارتفاع معدلات البطالة في المملكة التي يقطنها 24 مليون منهم ستة ملايين أجنبي.فانتخبت بعض النساء في مجالس ادارة شركات ومنظمات مهنية اصبحت تتحول بالتدريج الي كيانات أكثر استقلالية عن وزارت الحكومة.وشجعت السلطات المرأة علي النشاط الاقتصادي. فالكثيرات يستثمرن في سوق الاسهم المزدهرة مستفيدات من حقوق جديدة بان يكون لهن بطاقات هوية منفصلة.وسعي رجال الدين دون جدوي لتحجيم مثل هذه المبادرات التي جاءت مع ثورة تكنولوجيا المعلومات في العالم. ويدفع بعض المسلمين بان السعودية راعية الحرمين الشريفين ستظل محصنة ضد تيارات التحرر باعتبارها نوع من المدينة الفاضلة الاسلامية حيث يجب ان تسخر التكنولوجيا الحديثة لخدمة القواعد الثابتة للاخلاقيات العامة. وأجهزة الهاتف المحمول ذات الكاميرات محظورة لانها يمكن ان تستخدم في توزيع صور النساء وهن غير مرتديات الحجاب في المدارس أو الافراح. وتراقب الانترنت بصرامة لكن العديد من الشبان يتمكنون من التحايل علي الخدمة التي تتيحها الحكومة.واجتذبت الحكومة رجال الدين لصفها في حربها الدعائية علي المتشددين الاسلاميين الذين شنوا حملة في عام 2003 لاسقاط الملكية المتحالفة مع الولايات المتحدة في أكبر دولة منتج للنفط في العالم. لكن حملة التمرد المحدودة فقدت قوة دفعها بدرجة كبيرة.وقال دبلوماسي غربي واصفا نظام الحكم بانه من القرن الثامن عشر ان الملك عبد الله يدرك فعليا ان بلاده تخلفت. المناخ تحسن بعض الشيء والناس تتحدث عن أمور بطريقة لم تكن تحدث من قبل .وأضاف لكن أعضاء كبارا في الاسرة الحاكمة يخشون من فقد قاعدة تأييدهم (بين رجال الدين) .وضجت وسائل الاعلام بمناقشات الاصلاح التي قمعت في الاعوام الثلاثة الماضية بعد ان أزال رؤساء التحرير القلقون الاصوات المطالبة بالتحرر خوفا من اقلاق رجال الدين أثناء التحضير لحرب العراق عام 2003.وكتب حسين شبكشي مقدم البرامج التلفزيونية الاصلاحي في صحيفة سعودية في الفترة الاخيرة يقول ان هناك صحوة سعودية الان والسعوديون يكتشفون شعورا بالانتماء لدولة ولهوية لها حقوق كما عليها واجبات. ويشير المراقبون الي تحول سلوكي علي مر الاجيال.وقال سلطان وهو صحافي (30 عاما) لرويترز اشعر بتفاؤل الان تجاه المستقبل. الاقتصاد من المقرر ان ينمو بشكل لم يسبق له مثيل والناس سعداء بالملك. هناك قدر من حرية التعبير والصحف أصبحت أكثر جرأة .وقال فيصل (37 عاما) وهو موظف حكومي كل شيء تغير منذ تولي الملك الجديد السلطة. الملك لا يعارض الانفتاح لكننا مجتمع منغلق بشكل عام لذلك يجب ان نتقدم ببطء .وأضاف السياسة الدينية خفت بعض الشيء في الاشهر السبعة الماضية. من قبل اذا كنت رجلا ما كان يمكنك اطالة شعرك والان أصبحنا نري الكثيرين من حولنا يفعلون ذلك . وقال حسن بن عيسي الملا رئيس لجنة المحامين بغرفة الرياض ان هناك خطوات جارية ليكون بالمملكة نقابة محامين مستقلة يمكنها الحد من النفوذ السياسي وتؤدي الي تنظيم القضاء. وأضاف انه ليس هناك في الوقت الراهن أسس لاستئناف حكم اصدرته المحكمة العليا دون تنظيم القوانين خاصة فيما يتعلق بالقوانين المدنية والجنائية والاحوال الشخصية. ومن المتوقع ان يفتح انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية في كانون الاول (ديسمبر) الماضي الاقتصاد المزدهر علي العالم الخارجي علي الرغم من مخاوف رجال الدين من عواقب ذلك. وتريد الحكومة تشجيع الاستثمار الاجنبي لتنويع مصادر الدخل في الاقتصاد المعتمد علي النفط. وقال مصرفي امريكي هناك رغبة في فتح الاسواق أمام المستثمرين الاجانب… ومنذ وصولك الي المطار يبدو واضحا ان هناك اتفاقا علي عدم مضايقة الغربيين .وأثارت الروائية السعودية الشابة رجاء الصانع جدلا كبيرا في الفترة الاخيرة بروايتها (بنات الرياض) حول المبادئ الاخلاقية السعودية المتشددة فكشفت الرواية حقل الغام من القواعد الدينية المتعلقة بالجنس والزواج والتمييز الطبقي الذي يحرم العديد من النساء من السعادة. ويطالب المجتمع السعودي المرأة ان تكون مغطاة تماما وبرفقة قريب ذكر في الاماكن العامة.والاختلاط بين الرجال والنساء غير المتزوجين ممنوع في السعودية وتمنع النساء من قيادة السيارات. وقال الكاتب تركي الحمد انه يتعين الحديث في مثل هذه الامور فالمبالغة في الانعزال ليس أمرا طبيعيا وعاجلا أو اجلا ستنهار العزلة من تلقاء نفسها. وتابع انها بدأت تنكسر بالفعل وهذه الرواية وغيرها دليل علي ذلك. (رويترز)