لا يبدو الصراع العربي الإسرائيلي يشبه بداياته الأولى.. فالتغيّرات التي شهدها العالم، بعد ما سمي بالربيع العربي وانتقال لغة المواجهة من الصراع العربي الصهيوني إلى الصراع العربي الإسرائيلي، إلى الصراع العربي العربي، إلى مرحلة أن من حقّ إسرائيل الدفاع عن نفسها، كما صرح وزير خارجية إحدى الدول العربية..
هذه الصراعات لم تكن وليدة أحداث تونس وعربة ابن مدينة سيدي بو زيد البو عزيزي.. ولم تكن حتى وليدة سقوط نظام صدام حسين في العراق، بعد احتلال أمريكا عام 2003، بل حتى قبل خريطة شرق أوسط جديد، التي تبنتها الإدارة الأمريكية، والتي أعلنت على لسان كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية وجو بايدن عضو مجلس الشيوخ الأمريكي، بل هو عميق بعمق التجارب العربية التي بدأت بإفشال الاحزاب القومية والعروبية، وما ناضلت من أجله ضد الاستعمار والتحرر والعواطف، ليكون على رأس كل دولة رئيس عربي، سواء كان عسكريا أو مدنيا تحوّل إلى قائد عسكري ميداني ليقود الحروب، التي تعزّز مكانته، ويكون التخطيط واقعا رهيبا ضد دولة إسرائيل، التي تجني الأرباح مع كل حرب تقام، ومع كل انتفاضة تحصل، لأن يليها الشعور بالخيبة من أن هذا الصراع لا ينفع، لتأتي الحكومات الإسلامية ما بعد التغييرات العربية في البنية الرئاسية، وأيضا تكون التجربة مريرة وتكون فاشلة، كما حصل في العراق ومصر وحتى تونس، وما أريد له الحصول في سوريا.
إن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن.. من المسؤول عن مخطط كهذا للوصول إلى فكرة ثقافية عامة في الوطن العربي، أن إسرائيل من حقها العيش والدفاع عن نفسها، وأن يكون العربي مضادا للعربي ليس من الجانب العسكري أو الروح الديمقراطية، أو التحول الاقتصادي، أو العولمة، أو أي تسمية أخرى، بل من جانب الأصل في الوجود والأحق بالقيادة والأنسب في التوجه؟ إن الإجابة هنا لا بد أن تكون هي، القوى العظمى التي تنامت وانفردت منذ انهيار المعسكر الاشتراكي أو الاتحاد السوفييتي وقبلها يوغوسلافيا، وتحييد الصين التي انتبهت إلى الحرب الاقتصادية.. وإذا ما كانت القوى العظمى أو الدولة العظمى الوحيدة، كما هو واضح في المرايا، هي التي تقود وتخطّط، والنقطة الدالة كمركز تفاعلي هي بريطانيا، حيث منبع الصهيونية العالمية، وليس أمريكا كما يتبادر إلى الذهن.. فأمريكا هي قبضة قوية وثور هائج يمكن أن (ينطح) دول الخزف العربي، والعالم الثالث، وقد تراجعت هذه التسمية منذ انهيار دول عدم الانحياز بعد أحداث عام 2003.
إذن ما هي الدول التي تنفذ هذا المخطط للوصول إلى الحاضر الراهن المفتّت للوحدة العربية، والحلم العربي الذي كان ينادي به القادة العرب، وأولهم وأقوى صوت فيهم هو صدام حسين، الذي كان يطرح هذا الشعار بقوة على حساب الشعب العراقي، الذي أدخله في حروب وأضاع الأرض والمستقبل.. رغم إنه كان جزءا من تنفيذ المخطط الذي بدأ باحتلال الكويت، ولم يحسن تطبيق اللعبة وينفلت من عقال قواعدها، حينما أراد التوسع لاحتلال بلدان عربية أخرى، فهاج الثور (البوشوي) نسبة إلى بوش الأب.. ليكون المخطط الأقوى منفذا بيد السعودية حصرا، فهي تدرك أن الكثير من البلدان معها وتصغي لها وتطيعها وتنفذ ما تريد، وهو الأمر الذي جعلها تعاقب قطر، لأنها لم تكن تريد الدخول في هذا المخطط الذي يجعل الصراع طائفيا، والذي بدأ فعلا منذ أحداث عام 1991 حين ثار الشعب العراقي، والمقولة الشهيرة لملك السعودية آنذاك للأب بوش (صدام السني الديكتاتوري ولا حاكم شيعي مرتبط بإيران) لأن تلك الانتفاضة كانت قد قلبت موازين القوى، التي استمر فيها التخطيط الأمريكي الإسرائيلي السعودي، ومن معها للوصول إلى لحظة عام 2003، وازاحة صدام حسين، ومن ثم البدء بمخطط الربيع العربي، وصعود اللوبي الإسلامي الذي تم موته في تونس، لأنها دولة ضعيفة اقتصاديا، وتصعيد وتيرته في مصر والسودان ومن ثم ليبيا، ومن ثم السيطرة على هذا الواقع ضد الإسلامي السياسي للوصول إلى اللحظة الراهنة، وهي أن يكون الصراع عربيا عربيا وإسلاميا إسلاميا، فيما إسرائيل هي الحامية لكل هذه الصراعات.
ترامب قال، لولا أمريكا لما بقيت السعودية أسبوعا واحدا، ما يعني تذكير الجانب السعودي أن عليه أن يبقى منفذا لمخططاتها
إن السعودية التي أرادت أن تكون قوة إسلامية، ولكن بوجه طائفي.. وقوة عربية بوجه عروبي.. وقوة مالية بوجه نفطي.. لم تكن تهتم للصراع العربي الصهيوني وتدرجاته، بقدر ما كانت تريد الوصول إلى المخطط المؤامرة، وهو عزل إسرائيل عن هذ الصراع، وجعل الشباب العربي يعادي كلّ ما له علاقة بالطائفية الإسلامية، وتوجيه السلاح إلى الداخل العربي.. فكانت تؤيد الاحتلال الامريكي للعراق، عبر استخدام أراضيها، لكنها وقفت بالضد من العراق، لأن الحكم لم يكن كما ارادت، بل اتهمته بالطائفية، والحقيقة ليست كذلك فهي لا تهتم للطائفة، بل تهتم بتنفيذ المخطط الصهيوني، وهو تحويل الصراع عنها وتوجيهه إلى الدول الإسلامية، وقد تمكنت بالفعل من الوصول إلى المخطط عبر عزل قطر، ومن ثم تركيا، وقبلهما العراق وسوريا ولبنان وأخيرا اليمن، الذي غرقت في مستنقعه لأكثر من خمس سنوات، والحرب مستمرة على أساس أن الصراع يبقى في توجه الدائرة العليا هو الخطر الإسرائيلي، الذي لولاها لما تنامى، وقد تمكن صدام حسين في حربه التي امتدت لثماني سنوات من إفشال إيران في تصدير شعار الثورة الإسلامية، وكان المخطط أن يبقى الصراع وتتحول إيران إلى غول وخوف يخيف الدول العربية.
يمكن لمس هذه الحقائق من الوثائق المسربة التي تقول، إن السعودية هي التي شاركت في صنع تنظيم «القاعدة» بمالها ضد ما يسمى المد الشيوعي في أفغانستان، والحقيقة هي لتفتيت الوحدة الإسلامية، ومن ثم صناعة التنظيم الأكثر قباحة بمالها أيضا، وهو تنظيم «داعش»، حيث كشفت الوثائق اليابانية من شركة تويوتا أن مئات السيارات الحديثة اشترتها السعودية وقادها أعضاء تنظيم «القاعدة» في العراق وسوريا، وأغلب أعضاء هذا التنظيم كان من السعوديين، خاصة الانتحاريين، قبل أن تتحول القيادة والتنفيذ إلى العراقيين المرتبطين بالتوجه ذاته، الذي صنعته السعودية وهو التوجه الطائفي.. وكان اخرها تصريح لمعارض عراقي مدعوم من السعودية في لقاء تلفزيوني حينما قال (نضع ايدينا بيد امريكا وإسرائيل والشيطان ضد ايران).
إن المخطط الإسرائيلي لم يزل قائما، والسعودية ماضية في تنفيذ الأجندات التي تقول إن عليها أن تكون هادئة مع لبنان وقافزة مع العراق ومدمرة مع اليمن وصامتة مع سوريا، وداعمة لأحداث ليبيا، ومطوقة لقطر ومطيعة لأمريكا.. فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب قال إنه لولا أمريكا لما بقيت السعودية أسبوعا واحدا، وهو ما يعني تذكير الجانب السعودي أن عليه أن يبقى منفذا لمخططاتها، وأن تتمكن إسرائيل من قتل الحلم الفلسطيني، والوصول إلى تطبيق مريح لصفقة القرن، وأن تصريح نتنياهو الأخير بأنه إذا ما فاز سيضم أراضي فلسطينية جديدة، هو واحدة من أوراق المخطط. وأن ضرب الحوثيين لمصفاة النفط السعودية بدون معرفة من أين انطلقت الطائرات أو الصواريخ، وكأن العالم التقني لا يعلم وليست لديه الخبرة في الكشف، وأن ما اعلنت عنه السعودية بعد أكثر من أسبوع من أن ايران هي التي وجهت الضربة، وأعطت الأدلة، وكأن إيران بهذا الغباء وهذه السذاجة وهي الدولة الأكثر براغماتية في العالم. إن ابتسامة محمد بن سلمان ستظل لعبة الطاعة الكبرى التي لا تستطيع أن تخفي دم خاشقجي.
كاتب عراقي
بعد حرب عالمية انسحب استعمار أوروبي عسكرياً من عالم ثالث لصالح أمريكا وروسيا واستمر حلب اقتصاده لكن بدأ عدد منها التحرر ومنها دول شرق أوسطية عربية فبلغت استثمارات صناديقها السيادية عدة تريليونات وحققت الإمارات والكويت نهضة تراكت عبر عقود وأطلقت مصر نهضة كبرى مع كشف حقول غاز تريليونية واحتفلت السعودية بتقدم مشروع نهضة عربي تريليوني متعدد أبعاد ينهي هيمنة الغرب ويقيم علاقات متوازنة مع الشرق ويتيح إقامة أوروبا جديدة بالشرق الأوسط بديلاً لأوروبا العجوز وبالمقابل تهدر إيران وتركيا مواردها على العدوان
*للأسف (السعودية) باعت نفسها اولا
للشيطان قبل أن تبيع العرب وتتخلى
عن (القدس) الشريف..
حسبنا الله ونعم الوكيل.
النظام السعودي على يقين ان السم الدي سقاه للاخرين فلا بد ان يرتوي منه ايضا دات يوم قريبا كان ام بعيد فكما يقال فكما تدين تدان.