من جديد، حزنت لرحيل مشروع صداقة حميمة لم يترك الزمن المجال لها لتنضج، ومرت الأيام.. بسرعة قط هارب. أتحدث عن حزني لرحيل النجمة المصرية الكبيرة ماجدة (الصباحي)… وأتقدم بالتعازي لابنتها غادة وللشعب المصري الحبيب.
كان ياما كان..
منذ عقود، كنت قد عدت من لندن وأنا أحلم بالاستقرار في بيروت، وكان نزار قباني قد عاد من إسبانيا يحمل الحلم ذاته، بل إنه بدأ بتأسيس دار للنشر في بيروت تحمل اسمه، وقلت له إنني أنجزت قبل عودتي إلى بيروت روايتي الأولى بعنوان «السقوط إلى القمة». اجتذبه العنوان، ولأنه عاشر كتاباتي منذ السطر الأول، قال إنه سينشرها عن منشوراته إلى جانب ديوان جديد له أذكر أن عنوانه كان (يوميات امرأة لا مبالية) وقام بنشر إعلان في «مجلة الآداب» على صفحة كاملة حول ذلك.
فاطمة السردوك، رائدة الصحافة النسائية في لبنان (مجلة شهرزاد)، قرأت الإعلان وأخبرت صديقتها النجمة ماجدة حول روايتي، وتحمست ماجدة مبدئياً لتحويل الرواية إلى فيلم، فقد كانت ممثلة ومنتجة، وهكذا التقينا.
اجتذبها عنوان الرواية!
وعرفتني فاطمة على النجمة السينمائية الكبيرة ماجدة، التي قالت إنها سمعت بروايتي «السقوط إلى القمة» من أخبار في الصحف بعدما أعلن نزار قباني أنه سيقوم بنشرها. وطلبت مني الاطلاع عليها، لأن العنوان اجتذبها وتفكر في تحويلها إلى فيلم سينمائي يحمل العنوان ذاته، وتقوم بتمثيلها.
لفتني في ماجدة أنها كانت تتصرف ببساطة دونما «ألاعيب النجومية» في ملبسها وزينة وجهها وحديثها. وشعرت بالمودة تتدفق بيننا.
السقوط إلى القمة.. سقطت في الضياع!
الفنانة ماجدة التقيتها مرات في بيروت، وفي إحدى الجلسات طلبت مني أن ألخص لها روايتي التي اجتذبها عنوانها.
قلت لها إن أي رواية لا يمكن تلخيصها، وإلا لما كتبتها! لكنني رويت لها بعض الأحداث وكيف أن صعود بعض الناس إلى قمة النجاح يعني أحياناً سقوطهم إنسانياً سراً.
وازدادت ماجدة حماسة، وقالت إنها ستتبنى الرواية سينمائياً، بل وتقوم بتكاليف الإنتاج. ونُشر الخبر في الصحف عن نيتها تحويل روايتي إلى فيلم من تمثيلها.
وكان عليّ إحضار الرواية لنزار الذي أعلن عن نشرها كباكورة، كما وأعلنت ماجدة عن نيتها تحويلها إلى فيلم. وطرت إلى لندن لإحضار الرواية حيث تركتها في عهدة أخي المقيم هناك يومئذ، فقد كنت أتدفق كتابة، وكان ما يسعدني هو أن أكتب، أما النشر فيأتي في الدرجة الثانية من الأهمية عندي. ولكنني لم أستطع العودة بالرواية إلى بيروت لنزار وماجدة، ولي أولاً (!) لأن الرواية سرقت مني في أحد المطارات في طريق العودة بها إلى بيروت.
خيبة السارق وخيبتي أيضاً!
كنت شابة صغيرة غير حذرة، ومررت بباريس وزيوريخ قبل العودة إلى بيروت، ونمت على مقعد في «المنطقة الحرة» في أحد المطارات؛ لأنهم أعلنوا عن تأخر إقلاع طائرتي. وحين استيقظت لم أجد الحقيبة. وأستطيع أن أتخيل خيبة أمل السارق حين وجد فيما بعد، أن الحقيبة مليئة بأوراق مكتوبة بلغة يجهلها على الأرجح، لا بالنقود كما كان يأمل.. وبخيبة أملي لأنني يومها خسرت فرصة رائعة لنشر الرواية وتحويلها إلى فيلم تمثله النجمة الكبيرة ماجدة.
أشهر رواية عربية غير منشورة!
جاذبية العنوان دفعت بالعديد من الشعراء والأدباء إلى استيحائه.. وهكذا قرأنا عناوين مثل «السقوط إلى أعلى».. و«الصعود إلى الهاوية» وعناوين أخرى استوحت عنواني وفعلت ما أفعله دائماً مع الخيبات: أتعلم درساً! ولم أعد بعدها أعلن عن إصدار كتاب أو عنوانه إلا بعد صدوره!
لكن خبر رحيل الرائعة ماجدة ذكرني بكل ما تقدم.. وذكرني بأن عليّ التواصل باستمرار مع الذين أحبهم وأقدرهم كي لا أندم بعد أن يختطفهم الموت.
ماجدة.. صاحبة شركة الإنتاج السينمائي
في سنوات شبابها، عبرت ماجدة عن قدرة الإنسانة العربية على إتقان مختلف العطاءات، كالتمثيل والإنتاج…
وهو ما قلته لفاطمة السردوك في جلسة لنا على شاطئ البحر البيروتي، وأضفت: صار في رصيدي أكثر من رواية منشورة، ما رأيك في أن نتصل بالنجمة ماجدة، فقد تنتج واحدة منها وربما تمثلها؟
قالت لي فاطمة: ماجدة اعتزلت التمثيل والإنتاج!
أحزنني أن الفنانة العربية تعتزل حين تغادر مرحلة الشباب، وماجدة اشتهرت بدور المراهقة الجميلة الصغيرة.
ولكن ماذا في أن تمثل دور الأم، بل والجدة أيضاً، وتتابع عملها في شركتها للإنتاج أياً كانت سنها ما دامت قادرة على العمل؟
المرأة العربية ورهاب الكهولة
لسبب ما، تعتزل معظم الممثلات العربيات حين يبلغن سن التقاعد، ولكن الحياة لا تتوقف مع مرحلة الصبا ومطلع الشباب. وكنت أحب أن أرى الكثير من الممثلات العربيات يقمن بأدوار تناسب أعمارهن، وهو ما نراه لدى الممثل الذكر أكثر من النساء؟
ولعل مجتمعنا يضع المرأة تحت المجهر، لا الرجل. كأنّ تقدم الرجل في السن أمر عادي، ولكنه كارثة (طبيعية) للجميلات!
في المقهى الباريسي.. هل هن جميلات؟!
قلت بسرور لرفاق المقهى من العرب المخضرمين: وهكذا تشكلت الوزارة اللبنانية برئاسة حسان دياب، وتضم 6 نساء. لم يسألني أحد عن كفاءاتهن، بل سألني بعفوية: هل هن جميلات؟
قلت له: ما علاقة شكلهن الخارجي بنجاحهن المهني؟
ضحك رفاق المقهى ولم أضحك. أعتقد أنه حان الوقت للمرأة العربية لتتمرد على حكاية جمالها، وبالتالي اعتزالها حين تبلغ سناً معينة.. وعليها أن تردد باستمرار عنوان قصة لي: الحياة بدأت للتو!
دون أفيشاج نحن سكان مدينة قديمة قدم الطرفان نعرف حينها أن الليلة ثمة فيلم مصري أو أمريكي ويستيرن.
من خلال غناء ينطلق عبر بوق لأم كلثوم يصل جميع الأحياء؛ عشية ؛ توقيت بث الفيلم معروف لدى الجميع عند التاسعة مساءا يكون معظم عشاق الأفلام قد اقتطع كل له تذكرة بخمسين مليما وقد أخذ مكانه داخل قاعة العرض وهي بناية كبيرة سقفها شاربونت.
تلك كانت من ذكريات أيام كان الفيلم العربي يمثل نافذة على عالم متناقض تماما مع الواقع.
لو سمحت ليبأن أتدخل قليلا في أسلوبها الجميل:
**** (ومرت الأيام.. بسرعة قط هارب)
**** (ومرت الأيام بطيئة على القلب.. لكنها مرت سريعة بسرعة قط هارب)
ما العبرة العميقة من هذا المقال؟
على المرأة أن لا تستقيل حين تكبر في السن، وأن شكلها ثانوي بالنسبة لنجاحها واستمراريتها في نجاحها
لاعمق.
الكهولة ، انها ضريبة الحياة التي يجب علينا كلنا دفعها عندما نصل اليها وأن نتقبلها بترحيب كما هي . أذكر سابقا في الثمانينات و ما قبلها كان هنالك مواصفات خاصة بجمال المرأة كي يمكن توظيفها كمضيفة طيران في الخطوط الجوية ، أيضا يتم توظيف الشابات الجميلات في البعض من البنوك الأوربية لجذب رجال الأعمال لإيداع أموالهم فيها، كذلك مقدمات البرامج التلفزيونية والمذيعات وفي الأعلانات وفي المحلات التجارية الضخمة ، أي بأختصار كل ما يجذب الزبائن و يزيد من الربح المادي . لكن منذ التسعينات ومع كثرة الهجرة وزيادة الوعي تغيرت هذه المفاهيم ولم يعد احد يعتمد على مقاييس الجمال الظاهر لغرض التوظيف بل يتطلب الخبرة والمهارة واتقان العمل .
أفانين كبة – كندا
السيدة غادة ؛ تحويل “رواية” إلى فيلم سهل جدا في الغرب خاصة إذا كان الجاه أو المال يتدخل ؛ هناك ابنة مراهقة لأحد روساء الوزراه كتبت “روايتها” الأولى خلال أيام وتحولت إلى فيلم حتى قبل أن تنشر ؛ وبعدها صارت “الروائية” المراهقة من أشهر ما يكون ؛
بالنسبة لعنوان روايتك المسروقة «السقوط إلى القمة» ؛ واضح أن الكثير من الكتاب العرب تجذبهم أشكال الطباق والضديد إلخ ؛ وهذه مسألة تراثية يعود تاريخها إلى المتنبي على الأقل ؛ ولكن ما لفت انتباهي هنا هو أن الجذب فعل فعله من مجرد قراءة العنوان دون الرواية مما يدل على سطحية من تأثر ممن تأثر ؛
على فكرة هناك “رواية” من الدرجة التاسعة عنوانها «سقوط القمة» Zenith Falling، للين ديفيس تروي فيها قصة امرأة هربت من زوجها وتزوجت مغني فرقة اسمها «القمة» Zenith، وسرعان ما تحول المغني إلى كارثة بالنسبة لها بسبب الإدمان على المخدرات فهربت الزوجة الهاربة إلى زوجها الأول (وانتهت “الرواية”) ؛ والعنوان نفسه مستوحى من المعنى العكسي لأغنية شعبية قديمة
ماجدة لم تكن مجرد ممثلة فقط هي منتجة وصاحبة مشروع فني متكامل ولأنها واحدة من الممثلاث القلائل المهتمين بالقراءة انتجت للسينما أفلام مأخوذة عن روايات مثل ( أنف وثلاثة عيون ) لاحسان عبد القدوس وألقت الضوء على مسيرة المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد من خلال فيلم “جميلة” الذي انتجته أيضا وطافت به العالم ورفضت أن تبيع أرشيفها السينمائي كما حدث مع أغلب كلاسكيات السينما المصرية التي لم تعد في حوزة مصر!
للأسف بعد سن ٤٠ تبدأ فرص الممثلة صاحبة الأدوار (الأولى) في أوطاننا تقل واسهمها تهبط بينما يحافظ الممثل الرجل على مكانته على الرغم من أن أكثر من نصف المجتمع خصوصا في الأحياء الفقيرة واماكن الصراع فيها نسب النساء المعيلات للأسر تتجاوز ٧٠% منهم الأم والجدة لكننا لا نرى قصصهن على الشاشة التي أصبحت تبحث عن ملكت الجمال وعارضات الأزياء!
هناك ازدواجية في المجتمع وحتى عند بعض الصحافة عندما تقوم ممثلة كبيرة بالتجربة والعمر بعمل عمليات التجميل تتعرض لهجوم بسبب تغير شكلها ويعتبره البعض تشويه وفي ذات الوقت تهاجم الفنانة التي تترك وجهها لزمن لتكبر مثل اي انسان طبيعي فتعنون الصحافة الشيخوخة تزحف على وجه الفنانة (… ) ويتداول الشامتين الصور على مواقع التواصل الإجتماعي في ظاهرة غريبة وكأنه من المعيب أن تكبر المرأة في العمر!
تحية حب لكل ممثلاتنا الكبار والفنانات اللواتي رفضن التجميل منى واصف ، رغدة ، سوسن بدر ( أنتن الجميلات ) ❤
اختي الكريمة ست الشام الحبيبة
دفعتني بعد قراءة المقال لأقرأ قصة حياة هذه الفنانة الكبيرة فوجدت أنها ناضلت من أجل ان تصل الى موقع مرموق في الفن السابع المصري. ورغم نجاحها اعتزلت في نهاية المطاف. ويذكرني عنوان روايتك ببيت لإبي نؤاس الماجن يقول: جاءني الشوق إلى أبي طوق فتدحرجت من أسفل إلى فوق.
ويذكرني ايضا بثري عربي كان صديقا لي او بالأحرى كان يستعين بي في الترجمة عندما كان يزور باريس ومنها نشأت الصداقة وكان مهووسا بلعب القمار في كازينوهات دوفيل وانجان ونيس.. وكان يخسر مبالغ مخيفة أمام عيني. حتى أنه بعد مدة سقط من قمة الغنى إلى شبه الفقر ومازال يصر على اللعب ببيع حاجياته وصدف ان الفنان الفرنسي المعروف داري كول المصاب بنفس مرض صاحبنا قد سقط من القمة بسبب لعب القمار..يتبع
فأصدر رواية يتحدث فيها عن مأساته بعنوان ” الفلامبور” وتعني ذاك الشخص الذي يراهن مراهنات كبيرة في القمار، فأشرت اليه لصديقي كي يقرأه عله يتعظ، فقال ارجو ان تترجمه لي، فقمت بالترجمة بطيبة خاطر مجانا وبعد أن قرأه وكأن سحرا قد مسه فأقلع عن اللعب وعاد يهتم بشركته من الصفر وكنت سعيدا ان انقذته
سيدتي الكريمة في بداية خجول لهذا الربيع الفصلي ابعث اليك بتحية حارة ولكل الطيبين من قرائك
صباح الخير سيدة غادة السمان .. ارجو ان تكوني بخير في الصباحات الباردة ..وان تكون شمس الشرق لا زالت تدفيء قلبك .. سيدتي انها ثقافة اللحم والتبرج في عالم التمثيل يندر ان تجدي ممثلة جمالها عادي يجب ان تكون جميلة او فوق الوسط .. وكان الممثلات يتقدمن لمسابقة ملكة جمال وليس لادوار تحتاج مواهب فنية عالية . انها النظرة الدونية للمرأة ان قيمتها محصورة في جمالها وهو جزء ذكوري متطرف في النظر الى المرأة ..انه اعلام التسليع وبعضه منحط لدرجة ان شهرة ممثلة غربا او شرقا وتحولها الى نجمة يعتمظ على حجم مؤخرتها التي تجتهد وتتفانى لاظاخارها هارية تخيلي ان تختصر قيمة انسان بروح ودم في مؤخرته يا للبشاعة!
طبعًا الجمال يزيد من قيمة المرأة كما يزيد من قيمة الرجل لان الانسان يحب الجمال
أكيد هناك قيم اخرى مثل الذكاء والعلم والثقافة ولكن الجمال مهم لا سيما للمرأة
صحيح اخي سنتيك، لكن القصة أن شخصية المرأة وهي نصف المجتمع بالجمال وفقط لخدمة الذكورية السائدة في المجتمع، وحتى هنا في الغرب الذي قطع أشواطاً طويلة في التحرر والتقدم مازالت المرأة لم تحصل على الإنصاف المطلوب واعتقد هنا بيت القصيد.
عذراً اقصد، ان شخصية المرأة تختصر بالجمال وفقط …
الى السيد اسامه
تغير التقاليد يحتاج الى وقت والمساواة في الغرب تقدمت أشواطًا
إنجيلا ميركل بعيدة عن الجمال وكذالك مارغريت ثاتشر
و مع كل مقال هنا لسيدة الأبجدية العربية، تعطي دفعة لقارئه و كأن حياته بدأت للتو.
انا برأيي في كل فجر او صباح يصحو فيه الإنسان من نومه، فكأني به تبدأ حياته للتو، ليس لأن الله حباه بفرصة اخرى في هذه الدنيا فحسب، و إنما من خلال مراكمته لكل تجاربه و خبراته و الاستفادة منها للإنطلاق من جديد في اتون هذه الدنيا.
.
سؤال إلى الأستاذة الكريمة غادة، ألم يكن بالإمكان محاولة إعادة كتابة الرواية التي سرقت من جديد؟
إذ لا شك أن الخطوط الرئيسية لها لا تزال هناك في تلافيف الذاكرة في حينه
.
يا حبذا تكرمنا الأستاذة غادة متفضلة بتجربتها حول هذه الجزئية بالذات
.
وهل ان الأمر متعلق بالصعوبة البالغة في استعادة الرواية نفسها؟
أم أن الأمر متعلق بمزاج الكاتب و ضيقه مما حصل وأدى إلى ضياع جهده ؟