«السلام» الإسرائيلي ومعادلة التابع والمتبوع

حجم الخط
14

أدى إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتفاق الإمارات مع إسرائيل على إقامة علاقات كاملة، إلى «استرخاء» إماراتي واضح بحيث بدأت تتواتر إلى أسماعنا معلومات كانت «السياسة» تفرض تسريبها قطرة قطرة، فعلمنا عن زيارتين سريتين لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى أبو ظبي لكتابة بنود الاتفاق، وعن زيارات أيضا لمسؤولين أمنيين إماراتيين إلى إسرائيل، وصارت التحرّكات الأمنية والسياسية والاقتصادية بين أبو ظبي وتل أبيب تتسارع بشكل محموم، وما عاد هناك ضرورة للاستسرار والتخفّي وأشكال الباطنية التي كانت تسم علاقات التطبيع العربية عموما مع الدولة العبرية، فصار طبيعيا جدا أن يكون رئيس الموساد، يوسي كوهين، أوّل الزوار العلنيين، مستقبلا من مستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد، وأن تسرع الشركات الإماراتية لعقد الصفقات مع نظيرتها الإسرائيلية، وأن تدعو السلطات مواطنيها للحج إلى القدس الشريف!
رفعت الخطوة الإماراتية درجة حماس آخرين فسمعنا عن اقتراب إعلان البحرين وعُمان عن اعترافهما أيضا بإسرائيل، وسمعنا السياسي العراقي المطبّع مثال الألوسي يدعو الحكومة العراقية لاتفاقية مشابهة، كما وردت أنباء من موريتانيا بهذا الخصوص، وخرج المتحدث الرسمي باسم الخارجية السودانية حيدر بدوي للتصريح إلى قناة إماراتية بأن سلطات الخرطوم «تتطلع إلى اتفاق سلام مع إسرائيل» وسمعنا تصريحات من جهات سياسية أو عسكرية تموّلها الإمارات تؤيد الخطوة، كما فعل «المجلس الانتقالي» اليمني.
غير أن ردود الفعل المتحمسة للخطوة الإماراتية قابلتها ردود فعل أخرى، كان أبرزها موقف الكويت الرافض للتطبيع، وتأكيد رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيّد موقف تونس الثابت من الحق الفلسطيني، مجددا التأكيد على أنّ «هذا الحق ليس صفقة ولا بضاعة أو مجرد سهم في سوق تتقاذفها الأهواء والمصالح». كما أعلن حزب «قلب تونس» رفضه للخطوة، وقامت السلطات السودانية بإعفاء الناطق باسم وزارة خارجيتها، وكان لافتا إعلان السعودية، رفضها الالتحاق بركب أبو ظبي، وذلك بتصريح على لسان وزير خارجيتها فيصل بن فرحان، يتمسك فيه بـ«مبادرات السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية» وهو ما نتمنى أن يكون موقفا ثابتا، لا يتم التنصل منه لاحقا، وقامت تظاهرات في عدة بلدان عربية، ويبدو أن بعض الإماراتيين أو المحسوبين عليهم أخذتهم العزة بالإثم، كما حصل في الرباط أمس حيث قام عناصر الأمن الخاص بسفارة أبو ظبي في الرباط بالهجوم على وفد مغربي حزبي ونقابي وحقوقي مما استدعى حضور الشرطة.
توضّح الردود السالبة أو الموجبة على اتفاقية التطبيع الإماراتية على وجود خطين متناقضين على الأرض العربية، وأن خط التطبيع موجود بدرجات متفاوتة بين سلطات الأنظمة العربية، التي تعتمد تبريرات متشابهة ترتكز، في مجملها، على معادلة مصلحية تريد مقايضة الفلسطينيين وقضيتهم بإسرائيل وقوتها السياسية والاقتصادية ونفوذها الدولي.
يبدو الفلسطينيون في هذه المعادلة البائسة عبئا تاريخيا موروثا وفائضا عن الحاجة يمكن التخفف منه، وتظهر إسرائيل باعتبارها المركز الأمنيّ والعسكري ذائع الصيت في قدرته على تخطي الحدود والقوانين، وصاحبة الحول والطول في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا.
يضاف إلى ذلك، في حالة الإمارات، رغبة التماهي بالمتسلط، والتي شهدناها عبر التدخلات العسكرية ومحاولات احتلال بلدان مجاورة والسيطرة على نخبها السياسية، وفي هذا السيناريو يصبح التحالف مع إسرائيل، والعداء للفلسطينيين هو الوضع «الطبيعي» باستثناء أن على الإمارات، والمتشبهين البائسين بها، أن يقوموا أيضا بالتخلص من الهوية العربية الإسلامية لشعوبهم، وأن يتقبلوا وضع من يدور في الفلك الإسرائيلي، وبذلك تنقلب معادلة «الحليف» إلى معادلة «التابع والمتبوع».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول إبسا الشيخ - النرويج:

    تحياتي لقدسنا العزيزة علينا
    وشكرا ع المقال أكثر من رائع، هذه الأنظمة الإستبدادية بإستثناء بعض الأنظمة كانت تتآمر على شعبها أولا ثم هي اللي كانت ومازالت تكيد المكايد للشعب الفلسطيني وتتظاهر كأنها مع الحقوق الشعب الفلسطيني، لذالك فلتذهب هاي الأنظمة وشركتها المسمى بالجامعة الدول العربية إلى الجحيم،

  2. يقول الكروي داود النرويج:

    بسم الله الرحمن الرحيم
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ [الممتحنة:1]
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة:51]
    تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ ۝ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًاا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ۝ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا [المائدة:80-82]
    – يتبع لطفاً –

  3. يقول الكروي داود النرويج:

    بسم الله الرحمن الرحيم
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ۝ هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ۝ إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ [آل عمران:118-120]
    إلى من يدعم ما فعل بن زايد أقول: وماذا نفعل بكلام الله؟ ولا حول ولا قوة الا بالله

  4. يقول .Dinars.#TUN.:

    لا بد من اتباع منهجية جديدة للمقاومة الفلسطينية تخضع من خلالها القوى التي تدعم الوجود الإسرائيلي على أرض فلسطين وتجعل إسرائيل تخرج من فلسطين.
    أولا المصالحة الشاملة بين جميع الفلسطينيين.
    لا محالة أن المراقبة على ما يبدو من قبل الإحتلال نحو الفلسطينيين مشددة لتطور المنظومات الإلكترونية ومع ذلك فإن اتباع طرق اتصال بدائية بين الفلسطينيين دون شك تربك العدو الصهيوني إذا ما صدقت المصالحة.
    طمس عيون المحتل أمر حتمي لأنه ما أزمن إحتلال إلا لمعرفته بصغائر الأمور قبل عظائمها وما ساد إلا بعد تفرقة.
    السلام كلمة مبهمة أطلقت لتكون في المطلق لأنه لا سلام مع ضياع الحق.
    لا مفر من وحدة الفلسطينيين لأنها صخرة صماء يتكسر عليها المحتل الصهيوني.

  5. يقول احمد سالم:

    في عام 1977م قالوا للرئيس المصري الراحل أنور السادات : الإمارات قررت مقاطعة مصر ضحك ورد عليهم : ” هي مين الإمارات دي” ؟! هو كل واحد معه معزتين وخيمة على الخليج هيعمل فيها دولة ؟!!

    وبغرور طافح يحاول قادة الإمارات اختلاق تاريخ لا وجود له و صارت لديهم قناعة نبتت من الأوهام وترعرعت من الأكاذيب بأنهم كانوا سادة المنطقة وأن تأريخهم يزيد عن 120 ألف عام وأنهم اخترعوا الاختراعات وشادوا الحضارات

  6. يقول مازن ح- الولايات المتحدة:

    الإمارات هي من ذكرها صفي الدين الحلي بقوله:
    إن الزرازير لما قام قائمها توهمت أنها صارت شواهينا

  7. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم رأي القدس اليوم عنوانه («السلام» الإسرائيلي ومعادلة التابع والمتبوع)
    المرحوم الشيخ زايد ابن سلطان آل نهيان كان يأنف أن يكون له أي علاقة مع إسرائيل حتى وفاته عام ٢٠٠٤ .حيث خلفه ولي عهده خليفة رئيسا للدولة ،ونظرا لمرضه اصبح اخوه محمد بن زايد وليا للعهد والحاكم الفعلي لدولة الامارات والطامع أن يكون الرقم الصعب في العالم العربي الإسلامي بما تحت تصرفه من خزائن قارون الدولارية. وقاده طموحه الشاذ هذا إلى أن إسرائيل ،بنفوذها الاخطبوطي،هي التي ستجعله اهلا لهذا المركز اذا أجاد دور المحارب الشرس للصحوة الإسلامية وبذل الغالي والنفيس مع قوى الشد العكسي العربي لسحق بعبع اسرائيل (الإخوان المسلمين وأنصارهم )
    وتطبيع ابن زايد مع إسرائيل الخياني اسال لعاب كثيرين في عالمنا العربي للحاق به من أمثال صنيعته في اليمن (الانتقالي الجنوبي) وحكام البحرين وعُمان وموريتانيا والسودان (رغم التأكيد والنفي واعادة التأكيد) وغيرهم ممن يتشوقون لذلك وينتظرون (كر السبحة)
    حتى يلحقوا بركب الانبطاح لإسرائيل حماية لكراسيهم من السقوط.
    الشعوب الإسلامية ،خاصة العربية منها، لم تصحُ من صدمة اجهاض الربيع العربي
    وعندما تصحو ستكنس كل العملاء وعلى رأسهم ابن زايد.

  8. يقول سامح //الأردن:

    *مهما بالغ بعض حكام العرب الساقطين الفاسدين.
    في خياناتهم تبقى شعوبهم في واد آخر
    وهي براء مما يمكرون ويعبثون.
    حسبنا الله ونعم الوكيل فيهم.

  9. يقول تامر العربي:

    …يعني كما يقال .(من الاخر. )..كلمة حق يجب ان تقال …على العرب والمسلمين ان لا يقبلوا باي حل مع الصهاينة . لا سلام مقابل الارض . ولا سلام.بدون ارض. الحل الوحيد .هو انه لا حوار مع الكيان الغاصب .. فلسطين الطبيعية لنا .والقدس لنا .والى الان لم نجد على وجه المعمورة ان بلدا صغيرا او كبيرا .قويا او ضعيفا قبل ان (يهدي) ..قطعة من ارضه للمحتل . لنخجل من انفسنا قليلا ولعن الله هكذ ( سلام )

  10. يقول تاوناتي:

    لا يمكن للامارات إلا أن تكون تابعا لاسراءيل، لانها قايضت، ليس بفلسطين فهي ليست ملكا لها، لكن بالقيمة الوحيدة التي كانت تملكها ، “لا للتطبيع” . واليوم بعد ان سقطت هذه ” اللا” ماذا تبقى للامارات لتقايض به..
    مصير الامارات الان هو التبعية واستخدام اموالها في خدمة اسراءيل لشراء مطبعين آخرين ، هذه هي وظيفتها الجديدة، ولا تملك إلا الموافقة..
    نتنياهو كان واضحا واصدق من حكام الإمارات بنفيه أي اتفاق حول إلغاء الضم أو التوسط لدى أمريكا لشراء الاسلحة المتطورة.. هكذا يتعامل الغزات مع الخونة، بتعالي وترفع، ليعرف كل واحد مكانه..

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية