ترغب أنقرة في الحصول على اعتراف بغداد بأن الحزب «منظمة إرهابية» أسوة بقرارها وقرارات مشابهة اتخذتها واشنطن وعواصم أوروبية، غير أن العراق يكتفي- حتى الآن- بـ«حظر الحزب».
بغداد ـ «القدس العربي»: توصّل المسؤولون العراقيون والأتراك، مؤخراً، إلى اتفاق أمني ـ عسكري مشترك يضيّق الخناق على مسلحي حزب العمال الكردستاني، المنتشرين في إقليم كردستان شمالي العراق، فضلاً عن مواجهة خطر تنظيم «الدولة الإسلامية» مؤكدين إن تواجد مسلحي الحزب الذي تعدّه تركيا منظمة «إرهابية» في مناطق قنديل وسنجار ومخمور، تشكّل تهديداً للعراقيين ومسيرتهم الديمقراطية، ونجح الفريقان في الاتفاق على تحويل معسكر يقطنه جنود أتراك في نينوى إلى «معسكر تدريبي» يخضع لسلطة القوات العراقية.
ونهاية الأسبوع الماضي، أجرى وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، برفقة رئيس «الحشد» فالح الفياض، ووزير الدفاع ثابت العباسي، وعدد من المسؤولين في الحكومة الاتحادية والإقليم، زيارة إلى العاصمة التركية أنقرة.
الزيارة ركّزت على الملف الأمني والعسكري المشترك بين البلدين، فضلاً عن بحث بنود اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُبرمة بين البلدين، إبان زيارة الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان إلى العراق في نيسان/أبريل الماضي.
ويتفق المسؤولون العراقيون والأتراك على الخطورة التي يشكّلها حزب العمال الكردستاني «بي كي كي» على العراق وتركيا.
وكشف الوزير العراقي أثناء مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي هاكان فيدان، عن التوصل إلى تفاهم حول تحويل معسكر بعشيقة (42 كم شمال شرق الموصل) إلى «معسكر تدريبي» وأن «المسؤولية الكاملة ستقع على عاتق القوات المسلحة العراقية».
وبعد بضعة أشهر من سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية» على مساحة تقدر بثلث مساحة العراق صيف 2014 سيطرت القوات التركية على المعسكر المعروف أيضاً بـ«زليكان» بذريعة المشاركة في العمليات العسكرية ضد التنظيم، غير أن ذلك لم يرق للفصائل العراقية والقوى السياسية الشيعية الداعمة لها.
وتعرض المعسكر إلى عددٍ من الهجمات كان أشدها بين العامين 2021-2022 عندما جرى استهدافه خمّس مرات على الأقل بأكثر من 20 صاروخاً.
ووفق الوزير حسين، فإن لقاءه بنظيره التركي تناول «موضوع تواجد عناصر حزب العمال الكردستاني في قنديل، مخمور، وسنجار» مؤكداً «خطورة هذا التواجد على المسيرة الديمقراطية والمجتمع العراقي».
وأشار إلى أن «المجلس الوزاري للأمن الوطني قرر وضع حزب العمال في قائمة الأحزاب المحظورة، كما قررت الهيئة القضائية للانتخابات في العراق حل ثلاثة أحزاب سياسية لارتباطها بحزب العمال» منوهاً إلى «اتخاذ الحكومة قرارات سياسية وحكومية تجاه هذا الموضوع، مؤكدة على أن أنشطة هذه المنظمات غير مقبولة داخل العراق».
وترغب أنقرة في الحصول على اعتراف بغداد بأن الحزب «منظمة إرهابية» أسوة بقرارها وقرارات مشابهة اتخذتها واشنطن وعواصم أوروبية، غير أن العراق يكتفي- حتى الآن- بـ«حظر الحزب».
وأفلحت الزيارة الأخيرة للوفد العراقي إلى تركيا، في توقيع وزراء دفاع البلدين على «مذكرة التفاهم حول التعاون العسكري والأمني».
ويذكر حسين خلال المؤتمر، أن «هذه الاتفاقية هي الأولى من نوعها بين العراق وتركيا» مؤكداً في الوقت عينه «التزام العراق بدستوره، وأن أي تحرك على أراضي العراق ضد أي دولة أخرى يعتبر خرقاً للدستور».
وأقرّ الوزير العراقي بأن «المنظمات الإرهابية تشكل تهديداً للمجتمع العراقي» في إشارة غير مباشرة إلى «الكردستاني».
ووفق مصادر صحافية تركية، فإن بغداد وأنقرة اتفقتا على إنشاء مركزين مشتركين للتنسيق الأمني وللتدريب والتعاون بهدف محاربة «الإرهاب».
وكشفت عن اتفاق تركي ـ عراقي على «إنشاء مركز مشترك للتنسيق الأمني في بغداد، ومركز مشترك للتدريب والتعاون في مدينة بعشيقة شمالي العراق» مشيرة إلى إن المركزين «سيمكنان البلدين من العمل معا في مجال مكافحة الإرهاب، وخصوصا حزب العمال الكردستاني» حسب «الأناضول».
في مقابل ذلك، يعوّل وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، على «الأهمية التاريخية» لمذكرة التفاهم المُبرمة مع العراق.
وقال في المؤتمر، إن أنقرة وبغداد أحرزتا تقدما كبيرا لتجسيد إرادة قائدي البلدين، مشيرا إلى «ازدياد الوعي بشأن تنظيم (بي كي كي) الإرهابي في العراق».
وأعرب فيدان عن اعتقاده بأن «مراكز التنسيق والتدريب المشتركة المنصوص عليها في الاتفاقية ستنقل التعاون إلى مستوى أعلى» لافتا إلى أهمية «تعزيز وحدة التفاهم بخطوات ملموسة على الأرض بشأن محاربة الإرهاب».
وذكر فيدان، أنهم ناقشوا مع الوفد العراقي «محاربة الإرهاب، وأنهم رحبوا بقرار الجانب العراقي إغلاق 3 أحزاب تابعة لتنظيم (بي كي كي) الإرهابي».
وأوضح أنهم «مستمرون في تنفيذ القرارات المتخذة على المستوى الاستراتيجي من أجل مأسسة العلاقات التاريخية مع العراق».
وأضاف أنه «في الفترة الأخيرة جرى تكثيف الاتصالات المتبادلة على المستويين السياسي والفني بهدف تعزيز العلاقات».
وأكد فيدان، أن «المسار الإيجابي بين البلدين توج بالزيارة التاريخية للرئيس رجب طيب أردوغان إلى العراق، في أبريل/نسيان الماضي».
وحول مكافحة «الإرهاب» شدد فيدان، على أهمية «إعلان العراق تنظيم (بي كي كي) الإرهابي؛ أولا على أنه تهديد مشترك، ومن ثم إعلانه منظمة محظورة»، مؤكداً بحثه مع نظيره العراقي «بشكل موسع القضايا الأمنية والعسكرية والاستخباراتية وخاصة الحرب ضد تنظيم (بي كي كي)».
وفي 6 أغسطس/آب الجاري، أعلن مجلس القضاء الأعلى العراقي حظر أنشطة ما يسمى أحزاب «الحرية والديمقراطية الإيزيدية» و«جبهة النضال الديمقراطي» و«حرية مجتمع كردستان/ تفكري آزادي» المرتبطة بـ«بي كي كي» ومصادرة ممتلكاتها.
وفي 23 يوليو/تموز الماضي، أصدرت الحكومة العراقية تعليمات باعتماد «بي كي كي» «تنظيما محظورا» في المراسلات الرسمية.
وفي وقت سابق من الاسبوع الماضي، قال وزير الدفاع التركي، يشار غولر، لـ«رويترز» إن »الخطوات التي اتخذتها تركيا والعراق في الآونة الأخيرة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب تمثل نقطة تحول» مضيفا أن «العمل الفني الخاص بإنشاء مركز عمليات مشترك للمنطقة مستمر».
الوزير التركي ذكر أيضاً إن «العمليات التركية عبر الحدود في شمال العراق ستستمر حتى يتم محو اسم الإرهاب من هذه المنطقة» مبيناً أن «أنقرة تتوقع من بغداد تصنيف حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية في أقرب وقت ممكن».
وفي العاصمة العراقية بغداد، انتقد عضو تحالف «الفتح» المنضوي في «الاطار التنسيقي» الشيعي، علي حسين، ما وصفه «صمت» وزير الخارجية فؤاد حسين إزاء الانتهاكات والاعتداءات التي يتعرض لها العراق من تركيا والقوات الامريكية.
وقال حسين الذي ينتمي لتحالف يتزعمه هادي العامري، ان «وزير الخارجية يقدم انتماءه للإقليم على عمله في الوزارة، باعتباره تابعا للحزب الديمقراطي الكردستاني» حسب رأيه.
وأضاف في تصريحات صحافية لمواقع إخبارية مقربة من «الإطار» والفصائل، ان «وزير الخارجية لم يخرج بأي تصريحات تجاه التهديدات التي يتعرض لها العراق، ان كانت تركية أو أمريكية» لافتاً إلى إن «هناك تواطؤاً واضحاً من قبل بعض الأطراف إزاء هذه الانتهاكات التي يتعرض لها العراق».