السوداني يؤكد أن أغلب أموال «سرقة القرن» هُرّبت خارج العراق

مشرق ريسان
حجم الخط
0

بغداد ـ «القدس العربي» ـ ووكالات: استقبل رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق، القاضي فائق زيدان، الأربعاء، رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، و«بحثا الجهود المشتركة بين القضاء والحكومة في متابعة استرداد أموال الدولة «في قضية امانات الضرائب والقبض على المتهمين الهاربين»، حسب بيان مُقتضب.
يأتي ذلك بعد ساعات عن كشف السوداني تهريب نسبة كبيرة من أموال «سرقة القرن» خارج العراق، وإلى دول معلومة لديه، حسب قوله.
وقال في مؤتمر صحافي عقده عقب انتهاء جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، إن «إجراءاتنا ومتابعاتنا مستمرة في مجال مكافحة الفساد المالي والإداري، الذي أطلقنا عليه جائحة الفساد»، مبيناً أن «قسماً من هذه الإجراءات، هي إصلاحات إدارية لإعادة النظر بالمتصدين لهذا الملف، سواء أكان على صعيد المؤسسات الرقابية أم على الإدارات العامة وباقي الدرجات الخاصة في كل الوزارات».

ملفات الفساد

وأضاف: «فلسفتنا في التعامل مع ملفات الفساد مبنية على المصلحة العامة، المتمثلة باسترداد الأموال المنهوبة، سواء ما كان منها قبل 2003، أم التي سرقت بحكم الفساد. نحن مع أحكام القانون ومحاسبة المتورّطين، لكن الأهم من ذلك هو استرداد هذه الأموال وهي ملك للشعب».
وأشار إلى أن «العراق عضو في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وجرت المصادقة على ذلك بموجب القانون رقم 35 لسنة 2007، وهذا يمثل التزاماً. يعني أنها تلزم كل الدول، وستكون فقرة في العلاقة مع أي دولة فلدينا اتفاقية، والعراق عضو فيها. وهذه الاتفاقية فيها التزامات على دول العالم كافة، ربما نجمد أموالاً ونسيطر على الأرصدة، كل هذا يجري بموجب اتفاقية دولية. وهنا نتكلم عن الأموال والمدانين بموجب هذه الاتفاقية».
وأوضح أن «القانون رقم 9 لسنة 2012 المعدّل، الذي يدعم صندوق استرداد الأموال، هو أيضاً إطار تشريعي لمحاربة الفساد، لكن لو سألنا ماذا نُفذ من هذه الالتزامات والاتفاقيات؟ للأسف لا شيء. نحن نتجه إلى تفعيل هذه القوانين والاتفاقيات، ولدينا الوسائل والآليات».
في الملف الذي وصفه السوداني «سيئ الصيت» للأمانات الضريبية والجمركية، أفاد أنه «لا يعني شيئاً، أن هناك أربعة أو خمسة أشخاص متهمين موجودين في التوقيف، إننا نسعى إلى استعادة مبلغ 3.5 تريليون، والمعلومات الأولية لدينا أن نسبة كبيرة من هذه الأموال خارج العراق وفي دول محددة، وهذه الدول هي أعضاء في الاتفاقيات، وبيننا وبينهم علاقات ثنائية، ورغبة صادقة في دعم العراق. وواحدة من أوضح صور الدعم هي المساهمة في استعادة هذه الأموال من هؤلاء الفاسدين الذين سنتعقبهم في كل مكان ونسترجع الأموال».
وطرح موقع «المونيتور» الأمريكي، ثلاثة أسباب تجعل السوداني يضع محاربة الفساد على رأس أولوياته في بلد قال أنه «مهدد بانهيار هياكله»، متسائلا عما إذا كان سيحقق نجاحا في هذا الملف، مذكّرا في الوقت نفسه أن الرجل، كان من معارضي لجنة الأمن الديواني 29 لمكافحة الفساد التي أسسها سلفه في رئاسة الحكومة مصطفى الكاظمي.

الحكومة حلت لجاناً تحقيقية مختصة في دوافع سياسية وتحت غطاء قضائي

واستعاد التقرير، بداية مقتطفات من الخطاب الأول للسوداني أمام البرلمان، والذي رفع فيه شعار مكافحة الفساد ومحاسبة المتورطين، قائلا إن جائحة الفساد التي أصابت جوانب الحياة كافة «أكثر خطورة من فيروس كورونا»، وهو، «يقف خلف العديد من المشكلات الاقتصادية ويضعف هيبة الدولة وتفاقم الفقر والبطالة»، متوعدا بتطبيق «سياسات حازمة وإجراءات لمكافحة الفساد المستشري».
وسبق لوزير المالية السابق علي عبد الأمير علاوي أن أعلن أن أكثر من 250 مليار دولار جرى نهبها بين عامي 2003 و2020.
ووفق، التقرير، السوداني «تحرك سريعا في اتخاذ إجراءات ضد الفساد، حيث أقال رئيس هيئة استثمار بغداد وسلم ملفه إلى هيئة النزاهة للتحقيق في مزاعم فساد، إلى جانب اعفائه مدير عام التحقيقات في هيئة النزاهة من مسؤولياته بسبب فشله في القيام بإجراءات كافية حول قضايا ضريبية، وإحالته للقضاء لمحاسبته قانونيا».
وذكّر أن حكومة الكاظمي كانت، قد أعلنت في آب/ أغسطس الماضي عن وجود شبهات بقضية فساد كبيرة تصل إلى نحو 3 مليارات دولار في وزارة المالية، ما أدى إلى إقالة مدير عام.
وإضافة إلى ذلك، فإن السوداني في خطابه أمام البرلمان، دعا إلى فتح ملف تهريب النفط وكشف عن تورط جهة واحدة، من دون الكشف عن التفاصيل.
والى جانب هذه الإجراءات، السوداني أعلن عن تشكيل لجنة خاصة لمكافحة الفساد من أجل دعم هيئة النزاهة.
وبين التقرير أن هذه اللجنة تشبه «لجنة الأمن الديواني 29»، المعروفة بلجنة أبو رغيف، والتي كان سلفه الكاظمي قد قام بتأسيسها، وعارض السوداني وقتها تشكيلها.
ولفت التقرير إلى أن الكاظمي قد شكل لجنة مكافحة الفساد، وفق تفاهمات مع القضاء، وهي تمكنت من إنجاز بعض النتائج المرضية نسبيا، إلا أنه جرى حلها بدوافع سياسية، وتحت غطاء قضائي.
وتابع التقرير أن هذا الأمر يثير تساؤلات حول نجاح المحاولات مستقبلا من أجل تشكيل لجان مشابهة بغرض مكافحة الفساد.
وكانت الممثلة الخاصة للأمم المتحدة في العراق، جينين بلاسخارت، قالت مؤخرا، إن «الفساد هو التحدي الأكبر أمام العراق ويعرقل التطور والتنمية» في البلد، بينما كان علاوي، وزير المالية السابق، الذي استقال من منصبه في 16 آب/ أغسطس الماضي، أعرب عن صدمته في خطاب استقالته المطول من حجم التدهور خلال الأعوام الـ15 الماضية، واستيلاء أصحاب المصالح على مقدرات الدولة.
وحسب الموقع الأمريكي، فإن تصريح بلاسخارت، يعكس مدى قلق مسؤولي البعثات الدبلوماسية في العراق، من إنهيار هيكل الدولة القائم والذي أصبح هشا بدرجة كبيرة، في ظل سلسلة من الفضائح طالت سياسيين، وكبار المسؤولين.
والسوداني، تبعا للتقرير، وضع قضية الفساد في رأس لائحة أولوياته، لعدة أسباب.
الأول يتمثل، «بمسعى رئيس الحكومة الجديد «الحفاظ على المساندة الدولية التي تلقاها بعد تشكيل حكومته، التي ولدت، في ظل ظروف حرجة إقليميا ودوليا، هو يدرك أن ليس بمقدوره الحفاظ على الدعم الدولي، ما لم يتعامل مع الفساد ويحاسب قضائيا السياسيين الأكثر فسادا».

كسب الشعب

أما الثاني، فيتبدى بحاجة السوداني إلى أن «يقدم نتائج ملموسة وسريعة من أجل كسب الشعب العراقي، وهو محتاج أيضا إلى بناء قاعدة شعبية قبل انتخابات المحافظات المقررة في العام المقبل والانتخابات البرلمانية المفترضة بعد ثلاث سنوات، أو ربما حتى قبل ذلك».
والثالث، أن، السوداني يريد أن يطمئن السلطة الشيعية الأعلى في النجف والممثلة بالمرجع الديني السيد علي السيستاني، الى جانب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وفق التقرير الذي أشار إلى أنهما التزما الصمت حتى الآن.
الموقع بين أن الحكومات العراقية المتعاقبة كافة، كانت تدعو إلى ضرورة محاربة الفساد، ابتداء من نوري المالكي الذي حكم 8 سنوات (2006-2014) إلى حيدر العبادي (2014-2018) ثم عادل عبد المهدي الذي كان قد شكل المجلس الأعلى لمكافحة الفساد. والأخير عقد نحو 20 جلسة، لكن نتائج جهوده التي عرضت على القضاء، كانت مبهمة، خاصة فيما يتعلق بمصير المتهمين من وزراء ومحافظين ووكلاء وزارات.
وفي ظل هذه الظروف، فإن السوداني «يواجه العديد من التحديات الصعبة في حملته لمكافحة الفساد لأن الفساد يخترق بعمق جميع منظومات الإدارة والبيروقراطية للحكومة العراقية، ومن خلال شبكات المحسوبية والمحاصصة الحزبية»، حسب ما خلص له التقرير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية