العراق: إرجاء التصويت على الحكومة… ونائب في تحالف «السيادة» يتحدث عن خلافات

مشرق ريسان
حجم الخط
0

بغداد ـ «القدس العربي»: أرجأت القوى السياسية الأساسية في البرلمان العراقي، عقد جلسة للتصويت على الحكومة كانت متوقعة السبت، كما أعلن نواب الجمعة، فيما تواصل الكتل السياسية مفاوضاتها بشأن تشكيلة الحكومة المقبلة.
وكان «ائتلاف إدارة الدولة» الذي أنشئ في الأشهر الأخيرة ويضمّ أبرز القوى الموجودة في البرلمان العراقي حالياً، قد أعلن الثلاثاء عزمه على عقد جلسة برلمانية السبت لمنح الثقة للحكومة التي يقوم محمد السوداني بتشكيلها.
لكن، لم تفضِ المفاوضات المتواصلة بين الكتل السياسية إلى حسم التشكيلة الوزارية المقبلة التي توزّع بين الكتل والطوائف والمكونات، أي السنة والشيعة والأكراد، على أساس المحاصصة كما تجري عليه العادة في العراق.
وقال النائب عن الحزب «الديمقراطي الكردستاني» شيروان دوبرداني لـ«فرانس برس» إن الجلسة «تأجلت لعدم توصل السوداني مع الكتل السياسية لتسمية الوزارات». وأضاف أنه «لم يحدد موعد الجلسة المقبلة».
ويشار إلى أن «إدارة الدولة» يضمّ الأحزاب الشيعية الموالية لإيران المنضوية في الإطار التنسيقي الذي يملك 138 نائباً من أصل 329، بالإضافة إلى تحالف «السيادة» السني بقيادة محمد الحلبوسي، فضلاً عن الحزبين الكرديين الكبيرين، «الاتحاد الوطني الكردستاني» والحزب «الديمقراطي الكردستاني».
دستورياً، أمام رئيس الحكومة المكلّف محمد السوداني 30 يوماً لتشكيل حكومة منذ تاريخ تكليفه، وقد بدأ بالفعل مفاوضات مع القوى السياسية منذ اختياره الأسبوع الماضي، لحسم توزيع المناصب في ما بينها.
النائب في تحالف «السيادة» ثابت العباسي، قال «ليست هناك جلسة السبت»، متحدثاً عن «خلافات»
فيما أوضح رئيس كتلة «الاتحاد الوطني الكردستاني» أن «كل كتلة ستقدم أكثر من مرشح للمنصب الوزاري المخصص لها، والاختيار سيكون لرئيس الوزراء المكلف». وأضاف «لم نبلغ حتى الآن بأي موعد للجلسة المقبلة».
وخوّل المكلّف بتشكيل الحكومة العراقية الجديد، محمد شياع السوداني، أمس، الكتل السياسية طرح مرشحيها لشغل الحقائب الوزارية في كابينته ‏المُنتظرة.‏
وذكر المكتب الإعلامي للسوداني في بيان صحافي، أنه «إشارة إلى بيان ‏الإطار التنسيقي، نؤكد أن الاتفاق بين الكتل السياسية المكونة للإطار ‏يتضمن منح الفرصة أمام كل كتلة لطرح مرشحيها لكل الوزارات، ويُترك ‏أمر اختيار المرشحين لشخص رئيس الوزراء المكلف بناءً على الكفاءة ‏والنزاهة والقدرة على إدارة الوزارة، وفقاً للأوزان الانتخابية لكل كتلة».‏
وكان «الإطار التنسيقي»، قد فوض، مساء أول، السوداني باختيار الوزارات التي تتعلق بوزن «الإطار» الانتخابي.‏
وقال الإطار في بيان «جرى خلال الاجتماع تفويض رئيس الوزراء المكلف باختيار الوزارات التي تتعلق بوزن الإطار الانتخابي بعد تقديم القوى السياسية قوائم بأعدادهم ونوابهم بتواقيع حية ومرشحين وحسب معايير رئيس الوزراء المكلف على طيف من الوزارات».
وأضاف: «وفوض الإطار التنسيقي، السوداني بالاختيار بين المرشحين أو اقتراح مرشحين جدد».
وأشار إلى أنه «من جهة أخرى تم تفويض رئيس الوزراء المكلف بتدوير الوزارات بين المكونات أو داخل المكون، واستثناء وزارات الداخلية والدفاع من المحاصصة وترشيح شخصيات مدنية أو عسكرية، بما يضمن تحقيق حكومة خدمة فاعلة تتفق مع البرنامج الوزاري».
وفي 13 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، انتخب البرلمان عبد اللطيف رشيد رئيساً للجمهورية، بعد حصوله على غالبية الأصوات في الجولة الثانية من عملية التصويت.
وفور فوزه بالمنصب الرئاسي، سلّم رشيد السوداني خطاب تكليفه بتشكيل حكومة جديدة في غضون 30 يوما، وفق ما ينص عليه دستور البلاد.

إنصاف «البصرة»

في الأثناء، طالبت النائب عن محافظة البصرة، زهرة البجاري، السوداني، بـ«إنصاف المحافظة» عبر منحها تمثيلا وزاريا في ‏حكومته المرتقبة.‏
وشددت، حسب بيان لمكتبها الإعلامي، على أهمية «الحضور ‏البصري في حكومة السوداني وذلك وفقا لاستحقاق المحافظة»، مطالبة ‏رئيس الحكومة المكلف بـ«منح أبناء البصرة وزارتي النقل والنفط لما تمثله ‏البصرة من أهمية اقتصادية واستراتيجية، الأمر الذي يعد دافعا مهما ‏للنهوض بواقعها».‏

السوداني يخول الكتل السياسية طرح مرشحيها لشغل الحقائب الوزارية

وأكدت البجاري، وهي نائبة عن «الإطار»، أن «أبناء ‏البصرة لديهم الكفاءات العلمية والقيادية لنجاح هذه الوزارات وخدمة الوطن ‏والارتقاء بها من أجل الخدمة والعمل»، مشيرة إلى «وجود عشرات الآلاف ‏من القيادات البصرية القادرة على التصدي للمسؤولية والنجاح بهذه ‏المهمة».‏
كما اعتبرت أن «وجود مؤشرات فساد وفشل في وزارة النفط من قبل ‏وزيرها الحالي المحسوب على البصرة لا يعني حرمان المحافظة من ‏استحقاقها الوطني باختيار وزراء منها للكابينة الوزارية»، حسب قولها.‏

رؤية حذرة

وطرح «معهد السلام الأمريكي» رؤية حذرة لتطورات المشهد السياسي الحالي في العراق، برغم ترحيب اللاعبين الإقليميين والدوليين بتقدم عملية تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، حيث لفت إلى فجوة الإحباط الشعبي العام المتزايدة بين الناس والنظام، وإلى التساؤلات حول ما يمكن أن يفعله زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الآن.
وذكر أن «مناسبتين حلت ذكراهما في العراق هذا الشهر، الاولى هي ذكرى تظاهرات إكتوبر/تشرين الأول قبل 3 سنوات، والذكرى الثانية مرور سنة على الانتخابات البرلمانية».
وتابع: «التظاهرات كانت انتفاضة للاحتجاج على فشل الحكومة العراقية والطبقة السياسية في تقديم الخدمات الأساسية وتأمين الوظائف ومكافحة الفساد وغيرها، وهو ما كان من بين نتائجها، الانتخابات المبكرة في أكتوبر/تشرين الاول 2021، والتي جاء بعدها جمود سياسي معرقل، ثم انسحاب الصدر في نهاية الأمر من العملية السياسية لفشله في تشكيل الحكومة».
وأوضح أن «في ظل سنة من الاضطرابات السياسية وبعد ثلاث سنوات من اندلاع التظاهرات، فإن معاناة العراقيين ظلت بدرجة كبيرة بلا علاج».
واستعاد التقرير محطات مرحلة ما بعد انتخابات تشرين/أكتوبر، وصولا إلى احتلال «المنطقة الخضراء» من جانب أنصار التيار الصدري والاشتباكات التي تلتها، ولفت إلى أن «السوداني يحاول الآن تشكيل الحكومة ويتفاوض مع القوى السياسية، ويضخ الثقة من خلال تصرفاته ورسائله، وترحيبه بمشاركة الصدريين في الحكومة، برغم أن ذلك ليس مرجحا».
وبين أن «الأطراف الإقليمية والدولية بما في ذلك، الولايات المتحدة والحلفاء الأوروبيون، رحبوا بتقدم عملية تشكيل الحكومة»، لكنه، اعتبر أن «ما تزال المخاوف إزاء ما قد يفعله الصدر بعد هذا موجودة»، متسائلا: «هل سيتحدى تشكيل الحكومة؟ هل سينتظر إلى أن تتشكل الحكومة ثم يتحداها؟ أم أنه سيمضي قدما ويركز على الانتخابات المقبلة؟».
وبالنسبة إلى السوداني، رأى التقرير أن «بعض الدبلوماسيين الأجانب اجتمعوا به بالفعل حتى قبل نيله التصويت على الثقة، وهي مؤشر على أن المجتمع الدولي متحمس إزاء فكرة تقدم جهود تشكل الحكومة».
ولفت إلى «أهمية أن يكون لرئيس الوزراء الكاريزما والإرادة وصفات شخصية أخرى»، لكنه، تابع أن «تاريخ العراق يظهر أن هناك خلطة من العوامل كإرادة الطبقة السياسية والبرلمان والبيروقراطية الحكومية والنفوذ الخارجي، هي ما يحدد نهاية الأمر نجاح أو فشل رئيس الوزراء وحكومته».
وبينما لم يستبعد التقرير، أن «تعرقل المصالح السياسية والمالية لأعضاء الائتلاف الداعم للسوداني ما هو مطلوب من إصلاحات اكثر مما قد يقوم به الصدريون أو اللاعبون الآخرون في السياسة»، إلا أنه أشار إلى أن «السوداني والإطار التنسيقي يتمتعون بفرصة ومسؤولية للوفاء بوعدهما بتشكيل حكومة خدمات وغيرها».

إحباط الناس

وواصل التقرير تعداد التحديات التي تواجه الوضع العراقي حاليا، قائلا إن «منذ أكثر من عقد من الزمن، يتزايد اتساع الفجوة بين العراقيين وبين الطبقة السياسية والدولة، وهو ما يمثل مشكلة استراتيجية أمام سلام العراق واستقراره»، مضيفا أن «إحباط الناس من الطبقة السياسية بسبب النقص في الخدمات والبطالة والفساد الممنهج والتدخل الأجنبي، استمر في التزايد». وأكد أن «المتظاهرين حققوا، بعض التغيير عام 2019 بدعم من آية المرجع الديني علي السيستاني»، مستدركاً بالقول: «العراقيون يواجهون ما يكفي من التحديات لجعلهم يشعرون بالاحباط العميق ازاء الطبقة السياسية والحكومة، واحتمال اندلاع احتجاجات شعبية».
وفي حين أشار إلى خروج تظاهرات مؤخرا لم تتعدَ إطار إحياء ذكرى احتجاج تشرين، لفت إلى أن 25 اكتوبر/تشرين الاول الحالي يشكل «موعد الذكرى السنوية المقبلة حيث من المرجح أن تستقطب بعض الناس نحو الشوارع»، مستبعداً أن «تعرقل هذه التظاهرات مسار تشكيل الحكومة، الا في حال بذل الصدر وأنصاره جهوداً لأجل ذلك».
وحث، الحكومة المقبلة ومجلس النواب على «تمرير الميزانية من أجل تعزيز الاقتصاد وضمان إيصال المواد الغذائية وتأمين الخدمات وخلق فرص العمل وعمليات الانفاق المهمة الأخرى، كتعويض المتضررين من حرب إرهاب داعش».
وشدد على ضرورة «إجراء انتخابات مجالس المحافظات لأنها تساعد كعامل أساسي في المؤسسات الديمقراطية والحكم، وتشكل فرصة من أجل انخراط الجمهور بشكل أكبر، خاصة بعد شعور عامة العراقيين بالغربة فيما بعد انتخابات 2018 و2021 وتشكيل الحكومة».
وختم أن «أمام السوداني والإطار التنسيقي الفرصة من أجل أن يطمئنوا العراقيين والمنطقة والمجتمع الدولي عبر تشكيل حكومة تشمل الجميع وتتضمن مناصب رئيسية للنساء والأقليات، والحكم بشكل تعاوني وتمرير ميزانية عادلة تحقق احتياجات الناس، ومن خلال كبح الجماعات المسلحة والتمسك بسيادة القانون ومكافحة الفساد والمضي في معالجة التداعيات الانسانية للصراع مع داعش، بما في ذلك عودة واعادة دمج العراقيين الموجودين في مخيم الهول في سوريا».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية