ما دامت عوامل التفتت والتشرذم والتشكك وعدم الثقة وسط القيادات والنخب السودانية لا تزال هي الأقوى والأشد أثرا والأسهل إثارة من عوامل التماسك والتضامن والتوحد، وما دام أي من هذه القيادات يتحدث بذات اللغة، ولكن كل على انفراد، عن أسباب هذا التشرذم وكيفية تلافيه، وعن القصور والعجز اللذين يضربان بقوة في جسد الفترة الانتقالية وكيفية التخلص منهما، ولكنا نسمع ضجيجا ولا نرى طحينا، وما دامت الاجتماعات المشتركة بين هذه القيادات والنخب، في أجهزة الدولة وفي حاضنتها المفترضة، شنّفت آذاننا بطنين عال عن المصفوفة وما أدراك ما المصفوفة التي غدت سرابا ووهما، وما دام معظمنا مقتنعا بأن التوقيع على ملفات السلام، إذا تم في العشرين من الشهر الجاري، سيكون خطوة إيجابية إلى الأمام، لكنه لن يحقق السلام المستدام، وما دام أهلنا في الأقاليم والولايات يجأرون بالشكوى من تأخر وصول الثورة إليهم رغم أن شرارتها انطلقت من هناك، وبعضهم يتهم المركز بالتلاعب في حصتهم من المواد التموينية فيمنع أو يؤخر وصولها إليهم، وما دامت الحكومة الانتقالية لم تستطع حتى اللحظة كبح جماح التضخم وغلاء الأسعار، واستعصى عليها، حتى الآن، حل لغز اختفاء الدواء من الصيدليات والإمدادات الطبية مما يهدد بتوطن الموت، ليس بسبب الكورونا وحدها، ومادام البعض لا يرى مشكلة في أن تنزلق البلاد إلى فخاخ تصادمات المحاور الخارجية، وما دام بعضنا لا يعطي نفسه مهلة ضرورية للتروي والتفكير، فيتسرع مناديا بإخفاء المحافير عن من يود مساعدتنا على الحفر، رافضا أو مشككا في أهداف ومرامي قرار مجلس الأمن رقم 2524، والقاضي بإنشاء «بعثة الأمم المتحدة المتكاملة للمساعدة في الفترة الانتقالية في السودان، يونيتامس»، تحت إشراف الحكومة السودانية، ودون وصاية من أي طرف كان، إقليمي أو من قادة المجتمع الدولي وعباقرة العلوم السياسية فيه..!، وما دام الفاعلون السياسيون يتجادلون ويتحاججون فيختلفون في تحديد من هو وما هو سبب كل ذلك الذي يشكل مظاهر الأزمة الراهنة في البلاد، هل هو تحالف قوى الحرية والتغيير المتهم بقصوره عن القيام بدور ومهام الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية؟ هل هو المكون العسكري أم المكون المدني أم حاصل جمعهما معا في مجلس السيادة؟، هل هو السلطة التنفيذية المتهمة بضعف الأداء وبعجزها عن مخاطبة الأولويات الأساسية في مهام الفترة الانتقالية؟، أم أن السبب هو الدولة العميقة، أو الدولة الموازية التي تتحرك بحرية دون رادع مفترض؟، أم أن كليهما، العميقة أو الموازية، هما مجرد خيال مآتة؟.. ما دام كل ذلك موجودا وتمور به ساحتنا السياسية اليوم، فإن ثورتنا المجيدة لم تتعد بعد المربع الأول، واستمرارها أسيرة هذا المربع، لن يحقق التغيير الذي ننشده جميعا. لكن الوصول بالتغيير إلى محطته المرجوة، يتطلب، وبالضرورة، توفر الإرادة والإدارة مجتمعتين معا، ويبدو أن لدينا نقصا في هذين العنصرين الرئيسيين.
الفترة الانتقالية الراهنة مهامها مصيرية لا تتحمل الفشل، وأن البديل كارثي بمعنى الكلمة، وأن من يحلم بانقلاب عسكري ينصّب نظاما يراه مخرجا، هو واهم تماما
ومع أن الفرق يبدو بسيطا في تبادل حرف الدال مع حرف الراء بين كلمتي إرادة وإدارة، إلا أنه كبير في المعنى، مع أن معنى كل منهما مكمل للآخر. فالإرادة هي الرغبة والثقة في القدرة، هي «الدينومو« المحرك والقوة الدافعة لحراك التغيير، هي العنصر الأهم في تأسيس الفعل السياسي بعيدا عن الانفعال، وهي الترياق الفعال ضد سموم الفشل والإحباط والخيبات، يتحصن بها الفاعلون السياسيون، ويستشعرون بها أهمية وجودهم وحيوية دورهم وإمكانية انتصارهم في معركة التغيير. أما الإدارة، فهي فن وعلم الكيف، وهي ضرورة حتمية، متممة ومكملة، لمشوار التغيير. فنحن، مهما امتلكنا من إرادة قوية وحقيقية، فهذا فقط نصف الطريق إلى التغيير، ولن نصل إلى نهاياته إلا بتوفر الإدارة الناجحة. وأعتقد أن الإرادة والإدارة توفرا في الحراك الشعبي إبان هبة كانون الأول- ديسمبر 2018، لذلك نجح في الوصول إلى النهايات الأولى، مربع «تسقط بس»، وسلمها إلى قيادة الفترة الانتقالية لمواصلة المسيرة إلى بقية المربعات. ومن الواضح أن الحراك الشعبي، لا يزال مستعصما بالعنصرين، مشكلا سدا منيعا، مدافعا وهجوميا، في وجه الفلول وقوى الردة.
أعتقد أن القيادة الثلاثية للفترة الانتقالية، السيادي والتنفيذي والجماهيري ممثلا في تحالف الحرية والتغيير وتجمع المهنيين، تحتاج إلى وقفة مراجعة وتقييم وتقويم، تبحث فيها إن كان هناك خلل في تواجد واستقرار عنصري الإرادة والإدارة في هذه القيادة. والهدف الرئيسي من المراجعة هذه، ليس لمجرد إبراء الذمة، ولا لصك تبريرات للإخفاقات، لن يقبلها الشارع، ولا لشخصنة القضايا وتحميل الوزر أو المسؤولية لهذا أو ذاك، وإنما بهدف تفريق أي شحنات سالبة، ساكنة في القيادة مجتمعة، والتزود بمحفزات وطاقة إيجابية تقوي من شأن الإرادة والإدارة، لتتبدى في مكاشفة شفافة مع الناس حول ما تم وما لم يتم ولماذا، وفي اتخاذ قرارات مدروسة لصالح المزيد من الكفاءة والفعالية، ولصالح إزالة المعوقات، ممارسة كانت أم أشخاصا ثبت تدني كفاءتهم. أعتقد سيكون مناسبا أن تشرع القيادة فورا في تنفيذ هذه المراجعة الضرورية، وربما سيكون ملائما أن يبدأ تنفيذ نتائجها مع ما سيترتب على توقيع اتفاق السلام المزمع من تدابير سياسية وتنظيمية وإدارية.
لن نمل تكرار القول بأن الفترة الانتقالية الراهنة مهامها مصيرية لا تتحمل الفشل، وأن البديل كارثي بمعنى الكلمة، وأن من يحلم بانقلاب عسكري ينصّب نظاما يراه مخرجا، هو واهم تماما، ولا يدري، أو ربما يدري، أنه لن ينصّب سوى حرب أهلية ضروس، وأن المسؤول الذي يظل فاغرا فاهه منتظرا الحلول لأزمات البلاد من خارجها دون أن تكون لحلوله هو القدح المعلى، هو مسؤول خَاذِل. فيا قيادات الفترة الانتقالية في مستوياتها الثلاثة، السيادي والتنفيذي والجماهيري، بوصلتكم دائما هي دماء الشهداء، زيت قناديل الثورة، فإما أن تكونوا على قدر المسؤولية، أو تكونوا!
كاتب سوداني
إصلاح النظام البيروقراطي، شيء مختلف، عمّا يبحث عنه أي مثقف/سياسي أو موظف في دولة الحداثة قبل أو أثناء أو بعد كورونا في عام 2020، هو تعليقي على ما ورد تحت عنوان (السودان: إرادة التغيير وإدارة التغيير)، والأهم هو لماذا؟!
بعد استلام الثنائي عمر البشير وحسن الترابي الحكم عام 1989، وتوسطهم لإخراج أبا صهيب (د عبدالرحمن السميط) من سجون صدام حسين في العراق بعد ضم الكويت في 2/8/1990،
قرّرنا الاستثمار في السودان، خلاصة تجربتي،
طالما المسؤول في السودان، أو أي نظام بيروقراطي، لا يعرف، معنى الالتزام، أو معنى الوقت، أو معنى الإنجاز في الموعد المتفق عليه في أي عقد تجاري/إقتصادي/قانوني، ولذلك أي استثمار سيكون مصيره الإفلاس، كما حصل معنا، وبسببنا أفلست ست مصارف/بنوك في وقتها،
الآن نحن نعرض، أتمتة التأمين الصحي، والبطاقة الضريبية، وهو مدخل مشروع صالح، من خلال أم الشركات، لرفع مستوى الدخل للجميع الإنسان والأسرة والشركة المُنتجة للمُنتجات الإنسانية في أي مجتمع، وبالتالي الدولة، من خلال الضرائب والرسوم والجمارك مقابل تحسين كفاءة وجودة أي خدمة من المفروض أن تقدمها أي دولة،
فهذا ليس ذكاء له علاقة بالذكاء الإنساني ولا بالذكاء الغريزي/الحيواني، بل هو ذكاء آلة/عالة على الفكر الأوربي لما قبل العولمة وأدواتها الإقتصادية بعد عام 1945، على الأقل من وجهة نظري،
كنموذج منافس لنموذج الأتمتة الصينية (طرق الحرير في الوصول إلى الدولة الذكية، بواسطة عمود الكهرباء كنقطة انطلاق للأتمتة)، ولكن بدون كهرباء، وبدون 5G، لن يمكن عمل أي أتمتة في أي دولة، قبل وأثناء وبعد كورونا في عام 2020.
صهيب صالح عبدالله،
صاحب ومسوّق تقنية مشروع صالح التايواني، لتكوين جيل، يستطيع منافسة الروبوت، على وظيفة في الحكومة الإليكترونية، قبل وأثناء وبعد عصر كورونا.??
??????