السودان: اتهامات لـ«قادة الانقلاب» بـ«خلق الفتن» و«إيجاد مبررات للعنف»

ميعاد مبارك
حجم الخط
0

الخرطوم ـ «القدس العربي»: اتهمت قوى «الحرية والتغيير» في السودان، الجمعة، قادة الانقلاب بنشر المعلومات المغلوطة لخلق الفتن حول سلمية الثورة، مشددة على أن التظاهرات ظلت سلمية منذ انطلاقتها في العام 2018 ولن تحيد عن ذلك. اتهامات «الحرية والتغير» جاءت بعد يوم على إعلان، وزارة الداخلية الخميس عن مقتل عميد في الشرطة، أثناء قيامه بـ«مهام حماية» تظاهرة 13 يناير/كانون الثاني، وبعدها بساعات قالت إنها ألقت القبض على الجاني، دون إيضاح هويته أو ملابسات الحادثة.
ورغم عدم إيضاح الشرطة تفاصيل الحادثة وهوية الفاعل، اتهم مستشار قائد الجيش الطاهر أبو هاجة، المتظاهرين بـ«الخروج عن السلمية». وقال، في تعميم صحافي أمس، إن «ما يحدث خروج صارخ عن السلمية، وإن من يقومون بالقتل ليسوا طالبي سلمية أو حرية، وإنما مدفوعون دفعا لحريق هذا البلد وتمزيقه».

«لا قيمة للحرية»

وأضاف أن «الذين يتحدثون عن اللاءات، لا شراكة لا تفاوض لا شرعية، مغرر بهم للعمل من حيث لا يعلمون ضد الوطن وضد الديمقراطية وضد استقرار الفترة الانتقالية، هدفهم تأجيج الفتن وتصوير القوات المسلحة والمنظومة الأمنية بهتانا بأنها عدو الشعب هروبا من الانتخابات والاحتكام لرأي الشعب عبر صناديق الاقتراع وليس الحشد والتظاهر».
وأكمل أن «استهداف القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى، استهداف للأمن الوطني ولوحدة السودان، ولا يمكن السماح باستمرار الفوضى، الفوضى التي تريد أن تمزق البلاد، حالنا يحتاج لوقفة جادة» مشددا على «عدم وجود منطقة وسط بين الجنة والنار، وأن لا قيمة للحرية إذا كانت ثمارها موتا ودماءً وخرابا» على حد قوله.
وأعلنت وزارة الداخلية مساء الخميس إلقاء القبض على قاتل العميد علي بريمة حماد، وإصابة عدد من منسوبي الشرطة، مشيرة إلى أنه قتل أثناء تأدية واجبه في حماية مواكب المتظاهرين الخميس جوار معمل أستاك في شارع القصر.
وأيضاً، دعا جهاز المخابرات العامة، الذي أعاد إليه قائد الجيش مؤخرا سلطات الاعتقال والتحقيق، كافة المواطنين، إلى الالتزام بالتعبير السلمي، وفق ما كفله الدستور والقانون وتفويت الفرصة على المخربين والخارجين على القانون، حسب بيان رسمي.
وقال المكتب الصحافي للشرطة إن القاتل أقر بارتكاب الجريمة وإصابة آخرين من منسوبي الشرطة، بالأذى الجسيم وجاري تعقب وقبض بقية المتهمين.
قوى «الحرية والتغيير» اتهمت، في المقابل، قادة الانقلاب بنشر المعلومات المغلوطة لخلق الفتن حول سلمية الثورة، مشددة على أن التظاهرات ظلت سلمية منذ انطلاقتها في العام 2018 ولن تحيد عن ذلك. ونددت المتحدثة باسم قوى «الحرية والتغيير» سلمى نور، باستخدام القوة القاتلة في مواجهة التظاهرات السلمية، مشيرة إلى استخدام الأجهزة الأمنية الأسلحة الثقيلة في مواجهة التظاهرات، والتصويب المباشر لعبوات الغاز المسيل للدموع في الرأس والعنق والصدر، مؤكدة أنها لم تعد تستخدم لتفريغ التظاهرات، ولكن لقتل المتظاهرين. وأكدت، خلال مخاطبتها المؤتمر الصحافي لـ«الحرية والتغيير» أمس في مباني حزب «المؤتمر السوداني» أن الحرية والتغيير «تقف في صف واحد مع الشعب السوداني ضد الانقلاب» مشددة على رفض تلويح قادة الانقلاب، بما أسمته، مبدأ نحن أو الفوضى. وقالت: «لن ينجح من يريد النيل من سلمية الثورة السودانية، ولن تقبل قوى الحرية والتغيير بأي مكائد من القوات النظامية للنيل من سلمية التظاهرات». ودعت، القوات المسلحة، لعدم التورط في مجازر قادة الانقلاب ضد المتظاهرين.

جبهة ضد الانقلاب

القيادي في قوى «الحرية والتغيير» وجدي صالح، استنكر، خلال مخاطبته المؤتمر الصحافي، استخدام القوات المسلحة، للأسلحة، لاسيما المتحركات والطائرات التي تستعمل في مواجهة الثوار، مشيرا إلى إصابة 59 شخصا بالرصاص و(الدوشكا) في تظاهرات الخميس. وقال إن قوى الحرية والتغيير «منخرطة في اجتماعات مع قوى الثورة بما فيها لجان المقاومة وصولا لتكوين جبهة عريضة، لهزيمة الانقلاب».
وأضاف: الخطاب الذي يتم الترويج له من قبل العسكريين بأننا أمام خيارين إما قبول الانقلاب أو الفوضى، مرفوض وكذلك الأمر بالنسبة للتخويف بما ستؤول له البلاد، مؤكدا أنهم لن يستسلموا وسيواصلون استخدام كل الوسائل السلمية لهزيمة الانقلاب.
وطالب بتكوين لجنة دولية مستقلة للتحقيق في الجرائم والانتهاكات التي حدثت ضد المتظاهرين، مشيرا إلى أنهم لا يثقون في إمكانية قيام لجنة داخلية بالتحقيق.
وندد، بسقوط 64 قتيلا وأكثر من 2000 جريح خلال التظاهرات التي انطلقت منذ انقلاب قائد الجيش في الخامس والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، على الحكومة الانتقالية في السودان، قبل أيام من موعد تسليم السلطة للمدنيين.

«لغة العنف»

في السياق، قال وزير شؤون مجلس الوزراء السابق، خالد عمر، في حسابه على فيسبوك، إن «سلطة الانقلاب تريد أن تسود لغة العنف لتسحب المعركة إلى الميدان الذي تجيد التحرك فيه، لكن هيهات، سيهزمهم شعب السودان الحر بالسلمية وتمسكه بوحدته وغاياته في الحكم المدني الديمقراطي الكامل غير المنقوص».
وكذلك، أكد رئيس حزب المؤتمر السوداني، عمر الدقير، أن القمع الوحشي الذي قوبلت به مليونية 13 يناير/كانون الثاني، «يؤكد أن الترحيب الذي أعلنته السلطة الانقلابية قبل يومين باعتزام البعثة الأممية بدء عملية سياسية لحل الأزمة، هو ترحيب زائف يفتقد للصدقية، ويفرض على قوى الثورة التعجيل بمهمة الانتظام في جبهة عريضة موحدة برؤية مشتركة لهزيمة الانقلاب، عبر تصعيد المقاومة السلمية وتنويع وسائلها».
وزاد، في منشور على حسابه في فيسبوك: «لا تزال السلطة الانقلابية تصر على الاستمرار في مواجهة مقاوميها السلميين بالقمع المفرط، وكأن كيمياءها اللعينة تحول الدم إلى ماء، وتجعلها تسترخص سفكه دون وازع». وأكد على أن «سر انتصار الثورة السودانية يكمن في وحدة قواها وسلمية حراكها رغم لوثة العنف في مواجهتها، مشددا على أن «ثنائية الوحدة والسلمية هي التي ستدفن السلطة الانقلابية» على حد قوله. وأضاف: «مثلما ظل المطلب المحروس بعزم الثوار هو إنفاذ العدالة بالكشف عن المشاركين في قتل الشهداء ومحاسبتهم، تستدعي العدالة التحقيق النزيه لكشف ملابسات مقتل العميد بريمة ومحاسبة الجناة».
وندد حزب الأمة القومي، في بيان الخميس، بمواجهة قوات الانقلاب للمواكب السلمية بالعنف المفرط والذي أدى إلى مقتل متظاهر في مدينة بحري وسقوط العشرات من الجرحى، عطفا على حملة اعتقالات واسعة النطاق استهدفت الناشطين في لجان المقاومة والقوى السياسية وضرب وإلحاق الأذى والتعذيب الذي طال أعدادا كبيرة.
واستنكر، تواصل الانتهاكات الممنهجة ضد المؤسسات الإعلامية من اقتحام للمؤسسات واعتقال وضرب وتنكيل للصحافيين.

تطور خطير

وحسب بيان للحزب «شاهدنا الخميس تطورا لافتا وخطيرا بتعرض أحد قادة الشرطة للطعن بسكين مما أودى بحياته» وأضاف أن «حزب الأمة القومي إزاء بسالة مواكب الخميس والعنف الذي صاحبها، يؤكد رفضه لاستخدام العنف في مواجهة التظاهرات السلمية ويحذر الانقلابيين من مغبة استمرارهم في تلك الانتهاكات، لأنها لن توقف المد الثوري بل ستزيد أثمان وتركة الانقلابيين».
وطالب، الأجهزة العدلية، بـالتحقيق الشفاف والكشف عن الجناة الذين قتلوا الثوار وتقديمهم للمحاكمة العادلة، وكذلك الكشف عن قاتل ضابط الشرطة وتحديد دوافع القتل للرأي العام، وإلا سيكون التساؤل حول التواطؤ في تحقيق العدالة والمخطط في جر البلاد للعنف والفوضى، حسب البيان.

مستشار البرهان أكد «خروج التظاهرات عن السلمية» عقب مقتل عميد في الشرطة

ودعا «الثوار لأخذ الحيطة والحذر واليقظة والتحسب لمحاولات استهداف الثوار وتشويه الثورة ووصمها بالعنف لشرعنة استخدام القوة المفرط ضد الثوار السلميين» مشددا على أن «الانقلاب أدخل البلاد في نفق مظلم وفي منعطف خطير، لن تخرج منه إلا بمواصلة المقاومة السلمية وتنوع وسائلها وبإدارة حوار سياسي حقيقي بين قوى الثورة والتغيير بغية الاتفاق على المشروع الوطني الديمقراطي».
المتحدث الرسمي باسم تنسيقيات لجان مقاومة مدينة الخرطوم، عثمان أحمد، قال لـ«القدس العربي» إن «من قتل العميد، هو من يسعى إلى تحريض القوات النظامية إلى بذل المزيد من العنف والقمع، ومن سعى ويسعى دائماً إلى الطعن في سلمية الثورة ليجد مبررات للعنف» مشيرا إلى أن «المسؤول عن الحادثة هو من يقع على عاتقه تأمين التظاهرات، ولكنه بالمقابل يترك السيارات العسكرية تعبث وسط العاصمة دون لوحات، ليخفي ما يمكن إخفاؤه من الجرائم، ومن يقوم بقطع الإنترنت والاتصالات ويستهدف الصحافيين والإعلاميين والكاميرات التي تعمل في تغطية الفظائع».
كما أكدت، تنسيقة لجان مقاومة «الشجرة الحمداب» في الخرطوم في بيان أمس، أن «حديث مستشار قائد الانقلاب عن استهداف الأمن الوطني وأن لا حاجة للحرية ثمارها الموت والخراب وأنهم لن يسمحوا بالفوضى بعد الآن يشير إلى أن قادة الانقلاب كانوا في انتظار هذا الفعل، مقتل الضابط، لتتم عملية شرعنة القمع والقتل والدهس والاعتقالات».
وأضاف البيان: «ظللنا منذ اليوم الأول للثورة ننادي بتحقيق العدالة لأنها تحفظ حقوق الجميع، مطالبين بالتحقيق في كل الجرائم والانتهاكات ضد المتظاهرين ومقتل العميد أيضا، بكل شفافية». وزاد البيان أن حادثة مقتل العميد، «تعيد إلى الأذهان مشاهد الميليشيات التي أصبحت في قلب العاصمة بلا رقيب ولا حسيب واختلاط الحابل بالنابل من قوات نظامية (جيش، شرطة، جهاز مخابرات) فضلا عن الدعم السريع والحركات المسلحة، مشيرة إلى أنها نفذت مجتمعة يوم الخميس أبشع أساليب القمع ضد الثوار السلميين في محيط القصر الرئاسي».

«جيش وطني»

وجددت اللجان «الدعوة لتكوين جيش وطني مهني قائم فقط على القومية وبعيدا عن كل الأحزاب والألوان والقبلية». وأكدت أن «حادثة مقتل العميد تجعلهم يتمسكون بمواصلة الحراك السلمي حتى إسقاط الانقلابيين ومن معهم وتحقيق الدولة المدنية وشعارات الثورة».
وشدد بيان لجان المقاومة على أن «العدالة يجب أن تطبق على الجميع». وأضاف: نتمنى بمثل سرعة القبض على قاتل العميد واعترافه (على حد بيان الشرطة) أن يتم القبض على منفذي كل جرائم القتل والنهب والسرقة والاعتداء منذ انطلاقة الثورة السودانية في العام2018، مرورا بجريمة فض الاعتصام وتظاهرات ما بعد انقلاب قائد الجيش، مؤكدين على أن الدم السوداني سواء».

حادث «غامض»

ورأى الصحافي والمحلل السياسي، ماجد محمد علي، في حديث لـ«القدس العربي» أن «ما نشر عن حادثة مقتل الضابط رسميا، غامض ولا يفي بالمعايير التي تحكم التحقيقات الجنائية المهنية حتى بالنسبة لشرطة السودان». ولفت إلى أن «توقيت الإعلان عنها يشي بأن هناك جهة ترغب في دمغ الثوار بالعنف والانحراف عن المسار السلمي».
وحسب ماجد «المستفيد، بناء على المعطيات الراهنة، من دمغ الثورة بعدم السلمية، هو من فشل في إيقاف المواكب السلمية المتلاحقة منذ الانقلاب، والتي عرت أمام العالم، بسلميتها، دعاة العنف وصناعه ومناهجهم المختلفة».
ولفت إلى أن «السيناريوهات التي سبق واستخدمت في الخارج، لجر بعض الدول للفوضى غالبا لن تنجح في مواجهة الشعب السوداني المعروف بالسلمية وبثوراته البيضاء».
وأضاف: «لا يوجد في تاريخ السودان ما يدعم السيناريو الذي يروج له قادة الانقلاب، ولن يسمح الوعي المتنامي الآن بين الشباب بمخططات جر البلاد إلى هذا الفخ».
المحلل السياسي، أنور سليمان، قال لـ «القدس العربي» إن «لجهاز الشرطة والأمن ومنذ ما قبل سقوط نظام المؤتمر الوطني، سوابق في تلفيق التهم وتضليل الرأي العام وليس هناك ما يشير إلى تغيير في نهج تلك الأجهزة وأساليبها» مشيرا إلى أن «خبر مقتل ضابط الشرطة يثير شكوكا لها ما يبررها». ولم يستبعد، أن «تكون السلطة، تحاول أن تستغل هذا الحادث لتحسين موقفها خصوصاً وأن حراك الشارع قد حاصرها وأصبح مهددا حقيقيا لها وهي تريد عبر تلك الحادثة وصم التظاهرات بالعنف تقليل التأييد الشعبي للتظاهرات».
وأكد أن «حادثة كهذه تؤخذ بقدر ظروفها وملابساتها وإنها، على الأرجح، حادثة معزولة وتعكس سلوكا فرديا ولا تعكس سلوكا جماعيا، وإن من الواجب انتظار نتائج التحقيق لتكشف ملابساتها وتزيل غموضها وتوضح دوافع من أقدم عليها».

«السلمية أقوى»

وأضاف: «الثورة التي استمرت سلمية منذ انطلاقها في ديسمبر/كانون الأول 2018 حتى اليوم، لن تنحرف مطلقاً إلى ثورة مسلحة أو عمل عنيف، لعدة أسباب أبرزها أن الثوار يعرفون جيداً أن السلمية هي التي مكنتهم من تحقيق هدف إسقاط حكم البشير والمؤتمر الوطني، وهي التي ستمكنهم من تحقيق أي هدف في المستقبل، فضلا عن إدراكهم أيضاً أن سلاح السلمية أقوى، لذا لم يجنحوا للعنف رغم كل القمع والبطش والتنكيل الذي نالوه على يد النظام السابق، ثم على يد حكم المجلس العسكري الانتقالي (اللجنة الأمنية العليا لنظام البشير) فضلا عن معرفة الثوار أيضاً أن السلمية هي التي كفلت لهم أكبر مشاركة شعبية وأكبر حاضنة» مشيرا إلى أن «الأسر تدعم الثورة وتقف مع أبنائها قلباً وقالباً، وأيضا مختلف الفئات الشعبية توحدت والتفت حول شعارات الثورة السلمية».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية