السودان: اتهام للأمن بعرقلة ورش العدالة الانتقالية

ميعاد مبارك
حجم الخط
0

الخرطوم ـ «القدس العربي»: اتهم عضو اللجنة الوطنية العليا للمؤتمر القومي للعدالة الانتقالية صالح عمار، الجمعة، الأجهزة الأمنية و«حكومة الانقلاب» بعرقلة الورش الخاصة بالعدالة الانتقالية في عدد من أقاليم البلاد.
وأحال الاتفاق الإطاري الموقع في 5 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بين عدد من التنظيمات المدنية أبرزها «الحرية والتغيير والعسكر» وعدد من الحركات المسلحة، 5 قضايا أساسية للمرحلة النهائية من العملية السياسية، تضمنت الإصلاح الأمني والعسكري، والعدالة الانتقالية، وتفكيك النظام السابق، بالإضافة إلى تقييم اتفاق سلام جوبا، ووضع خريطة طريق لحل الأزمة في شرق السودان.
ومن المنتظر تضمين مخرجات وتوصيات الورش الخاصة بالقضايا الخمس في الاتفاق النهائي، الذي أعلنت أطراف العملية السياسية عزمها على توقيعه في أقرب وقت ممكن، تمهيدا لتشكيل حكومة انتقالية خلال شهر رمضان المقبل.
والخميس، بدأت أعمال المؤتمر القومي للعدالة الانتقالية في العاصمة السودانية الخرطوم، بعد انعقاد مجموعة من الورش في أقاليم البلاد المختلفة.
وقال صالح لـ «القدس العربي» إن الأجهزة الأمنية قامت بعرقلة إقامة ورش العدالة الانتقالية في الإقليمين الشمالي والشرقي، بينما عطلت الورشة الخاصة بإقليم النيل الأزرق لبعض الوقت، ثم عادت الورشة واستأنفت أعمالها.

اقتحام الورشة

وأشار إلى أن الورشة الخاصة بالإقليم الشمالي تم اقتحامها من قبل قوات نظامية، بعد فترة وجيزة من انطلاقها، وطالبت المنظمين بالتوقف والانفضاض، معللة ذلك بعدم اكتمال إجراءات انعقادها، دون توضيح الإجراء غير المكتمل.
وبخصوص ورشة العدالة في شرق السودان والتي كان من المقرر انعقادها في ولاية كسلا، وعلى الرغم من اكتمال كل الترتيبات لعقدها، وأهمها الحصول على تصديق إقامة الورشة وإخطار أجهزة الولاية والحصول على الموافقة من حكومتها، وبعد وصول المشاركين الذين فاق عددهم الـ60، الى ولاية كسلا، فوجئ المنظمون، قبل ساعات من انطلاق الورشة، بخطاب منشور في مواقع التواصل الإجتماعي، تلغي خلاله لجنة أمن الولاية الورشة، مبررة ذلك بـ«دواع أمنية» دون شرح تلك الدواعي، وفق صالح.
وبين أنه في اليوم المقرر لانعقاد الورشة، تواصلت لجنة أمن الولاية مع المنظمين وطلبت لقاءهم، وبعدها بيوم قامت القوات النظامية بمحاصرة القاعة التي كان من المقرر انعقاد الورشة فيها بعربات عسكرية مدججة بالأسلحة، على الرغم من تأكيد المنظمين على الالتزام بقرارات السلطات، والعمل على الوصول لتفاهمات معهم.
واعتبر ما حدث «خطة لتضييع الوقت» وأشار إلى أن المشاركين في ورشة كسلا أصروا على تقديم توصياتهم على الرغم من منع السلطات عقد الورشة.

توصياتها سيضمها في الاتفاق النهائي للتسوية السياسية

وبيّن أنهم عقدوا لقاءات ناقشوا خلالها قضايا العدالة والعدالة الانتقالية في شرق السودان، وتوصياتهم ستضمن في التوصيات الختامية لمؤتمر العدالة الانتقالية.
وأشار إلى أن توصيات شرق السودان ناقشت العدالة في عموم البلاد، فضلا عن تحقيق العدالة لضحايا الانتهاكات والأحداث الدامية في شرق السودان قبل وبعد ثورة ديسمبر/ كانون الأول 2018.
ورأى أن الورشة الخاصة بالعدالة والعدالة الانتقالية تختلف عن سابقاتها، لجهة أنها لم تنظم من قبل أطراف الاتفاق الإطاري، وإنما المجتمع المدني في عموم البلاد ممثلا في (التحالف المدني من أجل العدالة الانتقالية).
وتشكل هذا التحالف الذي يضم عددا كبيرا من المنظمات والمبادرات المهتمة بالعدالة، والعدالة الانتقالية، في عام 2019.
ووفق عمار «قضية العدالة الانتقالية هي الأكثر تعقيدا ضمن القضايا الخمس، لجهة تعلقها بانتهاكات عديدة تمت في أنحاء البلاد المختلفة، وطالت العديد من السودانيين، لذا من الصعب مناقشة الأمر في ورشة واحدة. كان لا بد من مشاركة أصحاب المصلحة في جميع أنحاء البلاد، والضحايا على امتداد السودان».
وبين أن «خطة العمل كانت تتضمن إقامة الورش في 6 أقاليم لضمان أوسع مشاركة لأصحاب المصلحة وبعدها يتم الانتقال لمؤتمر شامل في الخرطوم، الذي بدأ الخميس ويستمر حتى الإثنين المقبل» مشيرا إلى إنه «بالفعل تم إكمال أعمال 4 من الورش في الإقليم الأوسط ودارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان».
وحول المجموعات الممثلة لأصحاب المصلحة والتي رفض بعضها المشاركة في أعمال الورشة، لفت إلى أن «رفضهم للمشاركة جاء على خلفية رفضهم للاتفاق السياسي الإطاري وليس الورشة بشكل أساسي» مؤكدا أن «الورش الخاصة بالعدالة الانتقالية حظيت بمشاركة واسعة، وأن من الطبيعي أن يتخلف بعض المعنيين بالقضية».
وأضاف: «نحترم رأيهم ولكنهم أيضا مطالبون بطرح رؤيتهم» مشيرا إلى «إدراك المشاركين في ورشة العدالة الانتقالية أن تنفيذ مخرجاتها في المرحلة المقبلة، أمر معقد، إلا أنهم يعملون على وضع خريطة طريق ووضع نموذج سوداني للعدالة».

عملية شاقة

وأشار إلى أنهم «يعلمون أن طريق تحقيق العدالة الانتقالية عملية شاقة في ظل الظروف الراهنة، ولكنهم يريدون المضي في هذا الطريق الوعر الذي لا يرون غيره» مضيفا: «لا توجد ضمانات طالما الطرف الذي تريد محاسبته لا يزال ممسكا بمقاليد الدولة، لكن المبدأ أنه لا بد من المحاسبة حتى لو طال الزمن».
وكانت المنسقية العامة للنازحين واللاجئين وهيئة محامي دارفور ومجموعة من أسر ضحايا فض اعتصام القيادة العامة للقوات المسلحة في 3 يونيو/ حزيران 2019، قد رفضت المشاركة في الورش الخاصة بالعدالة الانتقالية.
وخلال مخاطبته افتتاح المؤتمر القومي «نحو بناء نموذج سوداني للعدالة والعدالة الانتقالية» الذي انطلقت أعماله الخميس، في مباني قاعة الصداقة في الخرطوم، أكد الممثل الخاص للاتحاد الأفريقي في السودان، السفير محمد بلعيش، والذي تحدث نيابة عن الآلية الدولية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وإيغاد أن «العدالة الانتقالية هي الورشة الأكثر أهمية وحساسية من بين القضايا الخمس الجوهرية المحددة في الاتفاق الإطاري»
ورأى أن «إطلاق عملية يملكها ويقودها أهل السودان لمعالجة جروح ومرارات الماضي لتحقيق المصالحة بين المجتمعات وبناء السلام أمر بالغ الأهمية، وأنه لا يمكن تحقيق استقرار طويل الأمد وديمقراطية في السودان من دون المساءلة والعدالة».
وشهد السودان خلال العقود الماضية صراعات وحروبا عديدة، أودت بحياة الآلاف وشردت الملايين، كما تسببت في انفصال جنوب السودان في عام 2011.
ويواجه الرئيس المعزول عمر البشير، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية ضمن عدد من أعضاء حكومته، اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في إقليم دارفور، بالإضافة إلى الانتهاكات الواسعة في أنحاء البلاد المختلفة. في وقت لا تزال الانتهاكات وقمع المتظاهرين متواصلين، منذ تولي المجلس العسكري السلطة في السودان، في أعقاب سقوط نظام البشير في أبريل/ نيسان 2019.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية