الخرطوم ـ «القدس العربي»: قال رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، عبد الفتاح البرهان، الإثنين، إنه لا حل للوضع الراهن إلا بحل الحكومة» مطالباً بـ«الإسراع في تشكيل المحكمة الدستورية وتعيين رئيس قضاة مستقل» وذلك في أحدث تطورات الأزمة السياسية بين العسكريين والمدنيين في السودان، وتزامناً مع تجدد الاتهامات بين قطبي قوى «الحرية والتغيير» صدور تلميحات عن الأمين العام لحزب «الأمة» الواثق البرير، عن حدوث توافق وتقدم في الحديث مع العسكريين لتجاوز الأزمة.
وطالب البرهان، في كلمة أمام قادة الجيش من ضباط وجنود في منطقة بحري العسكرية شمال الخرطوم، بـ«تشكيل برلمان يمثل كل الشعب» كما طالب بـ«توسيع قاعدة الأحزاب السياسية في الحكومة الانتقالية».
وجدد، حسب ما نقل عنه إعلام مجلس السيادة، حرصه على «التوصل لتوافق وطني وتوسيع قاعدة المشاركة، وذلك باشراك كل القوى الثورية والوطنية عدا حزب المؤتمر الوطني المحلول».
وأضاف: «القوات المسلحة ستحمي الفترة الانتقالية حتى الوصول إلى انتخابات حرة ونزيهة يختار فيها الشعب السوداني من يحكمه».
«إشغال الرأي العام»
وأشار إلى «محاولات إقصاء القوات المسلحة من المشهد الانتقالي، بما في ذلك ما يخصها طبقاً لما ورد في الوثيقة الدستورية».
وقال «إن بعض القوى السياسية تحاول أن تشغل الرأي العام بافتعال مشاكل مع القوات المسلحة والدعم السريع والتشكيك في وطنتيها، والزج بها في معضلات تعيق الانتقال السياسي، تسببت فيها هذه القوى برفضها الحوار ومشاركة الآخر».
وأكد أن «قيادة الأجهزة الأمنية والعسكرية ليست مكاناً للمزايدة السياسية، ولن تخضع للمحاصصات الجارية حالياً، ومن يقرر بشأنها هو من يختاره الشعب عن طريق الانتخابات».
وحيا البرهان «أفراد القوات المسلحة والدعم السريع المرابطين في ثغور الوطن» مشيداً بـ«التضحيات الكبيرة التي تقوم بها القوات المسلحة وقوات الدعم السريع والقوات النظامية الأخرى رغم الظروف التي تمر بها البلاد» مؤكداً «اهتمام القيادة العامة بتحسين وضع الفرد العسكري المعيشي وبيئة العمل».
وأكد مصدر عسكري نافذ لـ«القدس العربي» ما تناقلته صحف الخرطوم عن انعقاد اجتماع للمرة الأولى جمع أعضاء مجلس السيادة من العسكريين ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك».
وقال، دون كشف هويته: «نعم، كان هناك اجتماع مطول أول أمس بين القادة العسكريين من أعضاء مجلس السيادة مع رئيس الوزراء، وتم إبلاغه بوضوح برؤيتنا لحل الأزمة الواقعة في البلاد الآن، وتشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة، وهو ما قاله القائد العام رئيس مجلس السيادة اليوم (أمس) لقواتنا في منطقة بحري».
الالتزام بنصوص الدستورية
وتابع: «أكدوا له الالتزام بنصوص الوثيقة الدستورية وصولاً للانتخابات الحرة والنزيهة، وفي تقديري أن تشكيل حكومة كفاءات مستقلة ستجعل رئيس الوزراء متحرراً من قيود الحرية والتغيير ونظرتهم الاستعلائية له، كما أن الوزراء المستقلين لن يكونوا مشغولين بالمعارك السياسية بقدر ما سيكونون مشغولين بتنفيذ رؤية رئيس الوزراء في الجهاز التنفيذي، ما يجعله أكثر استقراراً، لكن الخيار لرئيس الوزراء في الأول والأخير».
وكانت صحف صدرت في الخرطوم، قالت أمس: «انتهى في وقت متأخر من ليل الأحد، اجتماع مغلق بين البرهان وحمدوك وأعضاء المكون العسكري بمجلس السيادة، والذي عقد ببيت الضيافة واستمر لأكثر من ساعتين».
وناقش الاجتماع، حسب مصدر مطلع لموقع «سودان برس» أزمة شركاء الحكومة الانتقالية، وتداعيات الخلاف على الوضع الاقتصادي والسياسي والأمني.
وخرج الاجتماع، حسب المصدر، بـ«مؤشرات إيجابية لإنهاء الأزمة بين المكونين المدني والعسكري، والالتزام بالوثيقة الدستورية، والتأكيد ضرورة لم الشمل والتوافق الوطني».
ووفقاً للمصدر «توصل الاجتماع إلى توافق بين الأطراف لتجاوز الأزمة الراهنة بين الشركاء والانتقال إلى معالجة القضايا الراهنة».
وكان عضو في المجلس المركزي لقوى «الحرية والتغيير» أمين عام حزب الأمة القومي، الواثق البرير، قال إن هناك «مؤشرات مرونة» من أطراف حكومة الانتقال لحل الأزمة السياسية.
وتفجرت أزمة سياسية بين شركاء الحكم الانتقالي، نتيجة مواقف الأطراف حول انقلاب عسكري فاشل جرى في 21 سبتمبر/ أيلول الفائت، وهي أزمة قادت لتعطل عمل مجالس السيادة والأمن والدفاع والبرلمان المؤقت، بعد تراشق كلامي بين قيادات في مجلس السيادة.
طالب بـ«الإسراع في تشكيل المحكمة الدستورية وتعيين رئيس قضاة مستقل»
وقال البرير، لـ «سودان تربيون» الأحد؛ إن «هناك مؤشرات مرونة من كل الأطراف للجلوس في حوار جاد يفضي إلى حل الأزمة السياسية».
وأشار إلى أن آلية إنفاذ مبادرة رئيس الوزراء «الأزمة الوطنية وقضايا الانتقال ـ الطريق إلى الأمام» أبلغتهم بوجود «مرونة من المكون العسكري لإنهاء الأزمة».
وأعلنت الآلية عن توسطها بين شركاء الحكومة العسكرية والمدنية، حيث عقدت لقاءات مع الطرفين اللذين يبدو أنهما تخليا عن التصعيد الإعلامي.
وبشأن إعلان «الحرية والتغير» عدم قبولها لأي وساطة لحل الأزمة، بين البرير أن «الائتلاف الحاكم منفتح على أي حلول وحوار، ودون حوار لا تستطيع إخراج البلاد إلى بر الأمان».
والخميس، أعلن المتحدث باسم تحالف «الحرية والتغيير» جعفر حسن، عن رفضهم أي وساطة لإنهاء الأزمة السياسية الناشبة مع العسكريين، وقال إن تركيز النقاش يجب أن يكون حول استحقاقات الأطراف الحاكمة الواردة في الوثيقة الدستورية.
ووفق، البرير، المكتب السياسي لحزب الأمة القومي قرر التوسط بين طرفي الحكومة، وشكّل لجنة تعمل على وضع رؤية واضحة لم تفرغ منها حتى الآن.
وانتقد في سياق آخر، بيان الحزب الشيوعي الذي اعتبر الأزمة السياسية بين أطراف حكومة الانتقال «صراعاً حول الاحتفاظ بالمواقع في مؤسسات الدولة».
وقال: «الأزمة السياسية هي صراع بين تحول مدني للدولة ومحاولات عرقلة التحول الديمقراطي».
وأشار إلى أن دعوة الحزب الشيوعي لإسقاط حكومة الانتقال دون طرح بدائل وحلول للقضايا هو «نوع من الانسحاب، والحزب الشيوعي فضل الابتعاد عن الحوار في قضايا الشعب».
والسبت، قال الحزب «الشيوعي» إن طبيعة الصراع الذي يدور بين المكون العسكري والمدني في الحكومة «لا علاقة له بمطالب جماهير الشعب، ولا بأهداف الثورة، وإنما هو صراع حول الاحتفاظ بالمواقع التي توفرت في مؤسسات الدولة».
«نشاط انقلابي»
وفي الأثناء، وجه الناطق الرسمي، باسم حزب البعث العربي الاشتراكي، والقيادي في قوى إعلان «الحرية والتغيير» عادل خلف الله، انتقادات لاذعة لكل من البرهان، ونائبه الفريق محمد حمدان دقلو «حميدتي» واعتبر ما يقومان به من «تعطيل لاجتماعات لأهم مؤسسات الحكم الانتقالي، مثل مجالس السيادي والأمن والدفاع والمجلس الأعلى للسلام والشركاء والاجتماع المشترك بين مجلسي السيادة والوزراء، نشاطاً انقلابياً يلهث وراء غطاء سياسي اجتماعي».
وحمل خلف الله، البرهان ونائبه مسؤولية «تبعات ما ينجم عن تعطيل تلك المؤسسات، وتعريض استقرار البلاد ووحدتها وسلامة أراضيها للخطر، إضافة إلى تداعياته الاقتصادية والاجتماعية». وشدد على «أهمية مباشرة تلك المؤسسات أعمالها لضبط الأمن وإنفاذ حكم القانون، ودوران حركة الاقتصاد والاستجابة لمطالب الشعب التي جددها في مليونيات 30 سبتمبر».
وطالب خلف الله، حمدوك بـ«التدخل وفق الوثيقة الدستورية لتصحيح ما يقوم به البرهان ونائبه، وتمددهما في ملفات وصلاحيات ليست من اختصاصهما، كالعلاقات الخارجية والاقتصاد والسلام. وقال إن حل الأزمة الماثلة وإيقاف النزوع الانقلابي يكمن في الاحتكام للوثيقة الدستورية التي أقسم رئيس مجلس السيادة ونائبه بالالتزام بها».