الخرطوم ـ «القدس العربي» : في لقاء يعتبر الأول من نوعه بعد سبع سنوات من القطيعة بين البلدين، التقى وزير الخارجية السوداني، علي الصادق، نظيره الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، أمس الخميس، على هامش اجتماع وزراء خارجية حركة عدم الانحياز.
وعلى خلفية الاعتداء على السفارة السعودية في طهران، أعلنت الحكومة السودانية في عام 2016 قطع العلاقات مع إيران.
وحسب بيان لوزارة الخارجية السودانية، فقد عبر الصادق عن تقديره للمساعدات الإنسانية التي قدمها الهلال الأحمر الإيراني للسودان خلال الأزمة الراهنة، مشيدا بإعادة العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران، واعتبر أن من شأن ذلك أن يعزز الأمن والاستقرار في المنطقة.
قادر على الحسم
واستعرض تطورات الأحداث الداخلية في السودان، مؤكداً أن الجيش قادر على حسم ما وصفه بـ «التمرد» في مدى زمني قصير. وبين أن «ما يؤخر الحسم العسكري في الوقت الراهن هو وجود قوات الدعم السريع داخل المرافق الحكومية ومنازل المواطنين، والجيش لا يرغب في انتهاج سياسة الأرض المحروقة في العاصمة وهدم كافة المباني التي يختبئون فيها».
في حين عبر الوزير الإيراني عن عميق أسفه لما آلت إليه الأوضاع في السودان، مشدداً على أن الحكومة الإيرانية تعتبر أن «ما يحدث شاناً داخلياً وأن الحل يجب أن يكون سودانياً دون أي تدخلات خارجية»
ووفق البيان «تباحث الطرفان حول إعادة العلاقات بين البلدين إلى سابق عهدها في أقرب وقت ممكن، بما يعود بالمنفعة للبلدين والاستفادة من فرص التعاون المشترك في شتى المجالات».
وقالت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية إن الجانبين «تباحثا حول آخر التطورات وعلى حل بعض سوء التفاهم بين البلدين وتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية بين طهران والخرطوم».
كذلك التقى الصادق نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، حيثُ أكد الجانبان على متانة العلاقات بين البلدين وأهمية تعزيزها بما يخدم مصالح شعبي الدولتين.
واتهم «الدعم السريع» بارتكاب جرائم وانتهاكات واسعة بحق المواطنين والممتلكات العامة والبعثات الدبلوماسية وخرق كافة اتفاقات الهدنة وحماية المدنيين التي تم التوقيع عليها في وقت سابق عبر منبر جدة التفاوضي.
أما نائب وزير الخارجية السعودي، فقد شدد على دعم الرياض للخرطوم خلال هذه الفترة الصعبة التي تمر بها، مؤكداً على مواصلة الجهود الدبلوماسية لتهدئة الأوضاع والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية.
وفي 3 يونيو/ حزيران الماضي، علقت الوساطة السعودية – الأمريكية، مباحثات جدة غير المباشرة، على خلفية عدم التزام الجانبين باتفاقات وقف إطلاق النار وفتح ممرات إنسانية.
لقاءات الصادق شملت كذلك نظيره الأوغندي أودونغو جيجي أبو بكر، حيث رحب وزير الخارجية السوداني بمبادرة الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) لحل الأزمة في بلاده «شريطة التشاور» مع حكومة بلاده.
وجدد الإعراب عن اعتراض الخرطوم على «رئاسة كينيا للجنة إيغاد الرباعية» بشأن السودان، معتبرا أن «نيروبي تسترشد في التعاطي مع الشأن السوداني بالمبادرات الدولية، الأمر الذي لا يخدم مبدأ الحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية».
إدانة أممية لاستخدام العنف الجنسي «كتكتيك في الحرب لإرهاب الناس»
فيما أكد وزير الخارجية الأوغندي على «دعم الرئيس (الأوغندي) يوري موسيفيني لمساعي حل الأزمة السودانية داخل البيت الأفريقي، وعدم فرض أي أجندة دون التشاور مع القيادة في السودان» وفقا للبيان.
والشهر الماضي أعلنت « إيغاد» خطة لحل الأزمة السودانية وعقد لقاء مباشر بين القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان وزعيم «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» إلا أنها لم تحرز تقدما واضحا على الأرض، بينما اعترضت الحكومة السودانية على رئاسة كينيا للجنة الرباعية التي شكلتها «إيغاد» لحل الأزمة السودانية، واتهمتها بعدم الحياد والانحياز لـ «الدعم السريع».
وبينما تتصاعد المعارك المتصاعدة منذ منتصف أبريل/ نيسان الماضي، يرتفع حجم الانتهاكات ضد المدنيين على نحو مريع.
وتسببت الحرب التي تمضي نحو شهرها الثالث، في مقتل نحو 1000 شخص في السودان على الأقل حسب رصد أولي قامت به نقابة الأطباء السودانيين، لم يشمل جميع الضحايا. في المقابل أكدت حكومة دارفور أن عدد القتلى في الإقليم الواقع غرب البلاد وحده تجاوز 1000 شخص. وقدرت جماعات عشائرية في الإقليم عدد الضحايا الذين سقطوا خلال المعارك هناك بأكثر من 5000.
وحسب آخر إحصائية لمنظمة «الهجرة الدولية» نهاية حزيران/ يونيو الماضي ارتفع عدد الفارين الحرب في السودان إلى أكثر من مليونين ونصف، حيث يقدر عدد النازحين داخلياً بنحو مليونين، بينما يصل عدد الذين عبروا الحدود إلى البلدان المجاور إلى حوالى ستمئة ألف سوداني.
وبلغ إجمالي عدد حالات الاعتداء الجنسي، منذ اندلاع الحرب الى 88 حالة، حسب إحصاءات وحدة «مكافحة العنف ضد المرأة والطفل السودانية».
ووصل عدد الاعتداءات في العاصمة الخرطوم الى (42) حالة، وفي مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور (25) حالة، بينما سجلت في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور (21) حالة عنف جنسي مرتبطة بالنزاع، وقيّدت معظم البلاغات في الخرطوم ضد قوات الدعم السريع، وأفادت جميع الناجيات في نيالا والجنينة بأن الاعتداءات كانت على يد قوات «الدعم».
تزايد العنف
وأبدى مسؤولون في الأمم المتحدة صدمتهم وإدانتهم لتزايد العنف القائم على النوع الاجتماعي في السودان، بما يتضمن العنف الجنسي المرتبط بالصراع ضد الفتيات والنساء النازحات واللاجئات «كتكتيك في الحرب لإرهاب الناس».
بيان صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، ومكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، ومنظمة اليونيسيف، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، ومنظمة الصحة العالمية، دعا إلى «الوقف الفوري للعنف القائم على النوع الاجتماعي وفتح تحقيقات فورية وشاملة ومحايدة ومستقلة بشأن الانتهاكات الجسيمة والإساءة لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي، ومحاسبة مرتكبي تلك الأفعالـ«.
وأكد على «ضرورة احترام جميع الأطراف التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان بهدف حماية المدنيين بمن فيهم الفتيات والنساء، وتوفير سبل آمنة للناجين للحصول على الرعاية الصحية، والسماح للعاملين في مجال الصحة بالوصول إلى المنشآت الصحية».