السودان: البرهان يواصل هجومه على المدنيين… وعرمان يدعو للتصعيد

عمار عوض
حجم الخط
0

الخرطوم ـ «القدس العربي»: تصاعدت الخلافات من جديد بين العسكريين والمدنيين في السودان، حيث شن رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، الأحد، هجوما عنيفا على القوى المدنية،مجددا وصاية القوات المسلحة على السودان، رافضا الجلوس مع من وصفهم بـ«النشطاء» في وقت وصل فيه عضو مجلس السيادة، شمس الدين كباشي، على رأس وفد حكومي لمدينة بورتسودان، بعد إغلاق الميناء وخط أنابيب النفط من قبل قبائل البجا، احتجاجا على تهميشها في اتفاق السلام بين الحكومة والحركات المسلحة.

«لن ننقلب»

وقال البرهان إن «من يُروِّجون بأن الجيش سينقلب على ثورة ديسمبر سنلقمهم حجرا، نحن العسكريين أحرص على الانتقال الديمقراطي، وصولاً للانتخابات التي لا يريدها البعض، ليست لديهم رغبة في الانتخابات ولا انتهاء الفترة الانتقالية».
وتابع: «القوات المسلحة ملتزمة بأن لا تنقلب على ثورة ديسمبر».
وأضاف لدى مخاطبته فعاليات افتتاح الامتداد الجديد لمركز السودان للقلب أمس: «أنا بالقوات المسلحة منذ 41 عاماً، جبت كل أصقاع السودان وأصبت 6 إصابات، لا أتشرّف أن أجلس مع ناشط أو شخص يُشكِّك في ولائي للوطن، أو يقول إننا نخصم من رصيده الشعبي، وهو حديثٌ لم يكن يتوقّع أن يصدر من شخص مسؤول في الدولة».
أشار إلى أن «القوات المسلحة حريصة أشد الحرص على الانتقال للمرحلة الديمقراطية، وملتزمة بعدم السماح بالانقلاب على الثورة». وأوضح أن «المؤسسة العسكرية ليست مؤسسة حزبية» مضيفاً في الوقت عينه أنها «وصية على أمن الشعب السوداني».
وفي سياق تناوله للتطورات الحاصلة شرق البلاد، قال البرهان إن «قضية شرق السودان سياسية، ولا علاقة لها بالقوات النظامية».
وفي سياق آخر، ثمن البرهان «دور القوات المسلحة في التصدي للهجوم على الفشقة».
وفي وقت سابق الأحد، أعلن الجيش السوداني التصدي لمحاولة توغل جديدة لقوات إثيوبية في منطقة الفشقة شرقي البلاد، وإجبارها على التراجع.
وأعلن الجيش السوداني عن إحباط محاولة انقلابية تقف وراءها عناصر عسكرية، الثلاثاء، قبل أن يعتبر نائب رئيس «مجلس السيادة» السوداني محمد حمدان دقلو (حميدتي) في تصريحات له في اليوم التالي، أن «أسباب الانقلابات العسكرية هم السياسيون الذين أهملوا خدمات المواطن وانشغلوا بالكراسي وتقسيم السلطة».
ومساء الجمعة، قال عضو مجلس السيادة، محمد الفكي سليمان، إن «الحرية والتغيير لن تسمح للمكون العسكري بإدخال قوى جديدة لإحداث تغيير في الموازنات السياسية لحكومة الانتقال» كما تحدث عن أن» العسكريين في السلطة ليسوا أوصياء على الشعب السوداني».

«لن نجلس معهم»

«حميدتي» كرر في تصريحات جديدة، انتقاداته الحادة للمدنيين، وقال إن الانقلاب يستهدف العسكريين، واعتبر الحديث عن دعم السيولة الأمنية لتسهيل الانقلاب «نفاقا».
ونفى أن «يكون مسعى العسكريين الانقلاب على السلطة عبر السيولة الأمنية».
وأكد أن هنالك ترويجاً بأننا نسعى لعمل انقلاب، وأشار إلى أن الترويج بوقوف العسكريين «وراء الانقلاب محاولة لاستعطاف الشعب السوداني والمجتمع الدولي» منتقداً الحديث عن أن «العسكريين خصموا من الرصيد السياسي للمدنيين في السلطة». وأقسم أنه لن يجلس معهم في اجتماع إلا بالوفاق.

سحب حراسات

وقال مصدر حكومي سوداني، الأحد، إن «المكون العسكري في مجلس السيادة علق جميع الاجتماعات مع المكون المدني» في ظل توتر بين القيادات المدنية والعسكرية التي تقود الفترة الانتقالية.
وأضاف المصدر، طالبا عدم نشر اسمه، ‎»هناك أنباء عن سحب حراسات (أمنية وعسكرية) وزراء الحكومة الانتقالية في ظل الأجواء المشحونة».
كما أبدت «لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد» في السودان، الأحد، استغرابها من صدور تعليمات للقوات المشتركة التي تحرس الأصول والعقارات المستردة بالانسحاب وإخلائها فورا.
وقالت اللجنة (حكومية) في بيان: «في خطوة غريبة صدرت تعليمات للقوات المشتركة التي تحرس الأصول والعقارات المستردة بالانسحاب وإخلائها فورا» دون أن توضح الجهة التي أصدرت التعليمات.

أعلن رفضه الجلوس مع «النشطاء»… ووفد حكومي يزور شرق البلاد

وتابعت: «عليه ندعو كل الثوار للتوجه فورا إلى لجنة التفكيك، وذلك للاتفاق على كيفية تأمين هذه المقرات». وفي 10 ديسمبر/كانون الأول 2019 أصدر البرهان قرارا بتشكيل لجنة «لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد» لإنهاء سيطرة رموز نظام الرئيس المعزول عمر البشير على مفاصل الدولة، ومحاربة الفساد، واسترداد الأموال المنهوبة، لكن معارضين يرون أنها «لجنة سياسية تشكلت بغرض الانتقام من رموز النظام السابق».
ومنذ تأسيسها، استردت اللجنة مئات الشركات والمصانع والمزارع من أنصار النظام السابق، إلا أن تلك الأصول لم تُسلم حتى الآن إلى الشركة القابضة المُكلفة بإدارتها.
ولا يزال الغموض يلف القرار الذي أعلنت عنه «لجنة إزالة التمكين» في ظل عدم صدور توضيح من أي جهة رسمية بخصوصه.

تصعيد بهدف الحل

في الموازاة، دعا ياسر عرمان، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، عبد الله حمدوك إلى «تصعيد العمل الجماهيري وخروج الملايين لحل الضائقة الاقتصادية والمالية بإجراءات جديدة».
وأوضح أن «هنالك خطوات جديدة على طريق تجويع الشعب وتهديد أمنه وإنهاء الفترة الانتقالية بما تسمى بالانتخابات المبكرة، وهي انتخابات على نسق ما جرى أيام البشير؛ استخدام السيطرة والمال لضمان النتائج».
وتابع :»الفيديو الذي يتحدث باسم المجاهدين في غرب كردفان، ومخطط وقف البترول، هو جزء من مخطط لخنق الشعب قبل الحكومة».
وأضاف: «وقف تصدير البترول وخط الأنابيب ووقف ميناء بشائر سيؤدي إلى خسائر اقتصادية كبرى لا يتحملها السودان فحسب بل دولة جنوب السودان أيضا، وسيوقف مباشرة شحن حوالى 600 ألف برميل من النفط، وإلغاء عقود مسبقة، واتفاقيات دولية، وستترتب عليه عقوبات قانونية، وأضرار فنية باهظة التكاليف في الخط الناقل للبترول ربما تتجاوز أكثر من مليار دولار أمريكي».

إجراءات جديدة

واعتبر أن «هذا يضر بالاستثمار والاقتصاد والانفتاح الذي أحدثته الثورة، ويؤدي إلى مجاعة في المدن والريف، بالتزامن مع اعتداء العصابات على المواطنين، ويرمي لخنق الثورة وقتلها».
وواصل: «المطلوب هو تصعيد العمل الجماهيري وخروج الملايين لحل الضائقة الاقتصادية والمالية بإجراءات جديدة».
وطالب بأن «تكون الحكومة المدنية هي التي تدير كافة الموارد الاقتصادية وجميع الصادرات من ذهب وبترول وصادرات زراعية وحيوانية، وتوجيهها لحل الضائقة المعيشية».
وزاد: «يجري الحديث الآن عن أن إنتاج الذهب بلغ 200 طن في العام وهي تساوي مليارات الدولارات وكافية لحل الازمة المعيشية» إلى جانب أن «الحكومة المدنية تدير جهازي الشرطة والمخابرات وتجند آلاف الشباب الذين شاركوا في الثورة في هذه الأجهزة، مع إصلاح وتطوير المنظومة العسكرية والأمنية وبناء الجيش الواحد المهني وتنفيذ الترتيبات الأمنية».
إلى ذلك، وصل إلى مدينة بورتسودان، وفد حكومي عالي المستوى يضم وزراء الخارجية والداخلية والنقل والنفط، برئاسة عضو مجلس السيادة الفريق شمس الدين كباشي.
وأشاد كباشي بـ«التعامل الحكيم للجنة أمن ولاية البحر الأحمر مع الحراك الأهلي الذى يتبناه المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة» مثمنا نجاحها في «كسب ثقة كل الأطراف وقدرتها الكبيرة على التنسيق المشترك بين وحداتها لحماية المؤسسات الاستراتيجية للدولة».
وأكد لدى ترؤسه اجتماع لجنة أمن الولاية في فندق كورال في مدينة بورتسودان بحضور الوفد الوزاري ووالي ولاية البحر الأحمر عبدالله شنقراي أوهاج على أن «الأوضاع بشرق السودان تحتاج إلى التعامل معها بحكمة» ممتدحا «التناغم بين أجهزة حكومة ولاية البحر الأحمر وحسن إدارتها للأزمة الحالية خاصة لما لها من تداعيات كبيرة على كل السودان».
وأشار بيان صادر من إعلام القصر الرئاسي إلى أن «والي ولاية البحر الأحمر رحب بزيارة الوفد الاتحادي للولاية، وعبر عن تفاؤله بأن تكون الزيارة بداية يعم بعدها السلام والوئام». وأضاف «قدم أعضاء لجنة أمن الولاية خلال الاجتماع تنويرا ضافيا للوفد الاتحادي الزائر شمل مجمل الأوضاع الأمنية في الولاية، أكدوا خلاله على سلمية الحراك الأهلي الذي تقوده نظارات البجا والعموديات المستقلة، حيث لم تشهد محاضر الشرطة أي بلاغ جنائي حتى الآن».
وحسب المصدر ذاته «أدكد الاجتماع على ضرورة التوصل لحل نهائي يعالج جذور المشكلة الحالية وفق مقاربة شاملة تخاطب مخاوف ومشاغل جميع الأطراف».
ومنذ 21 أغسطس/آب 2019، يعيش السودان فترة انتقالية تستمر 53 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق سلام، في 3 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وتدير البلاد خلال الفترة الانتقالية حكومة مدنية، ومجلس سيادة (بمثابة الرئاسة) مكون من 14 عضوا؛ 5 عسكريين و3 من الحركات المسلحة و6 مدنيين.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية