السودان: تضامن سياسي مع الجيش بعد معارك مع قوات وميليشيات إثيوبية

عمار عوض
حجم الخط
0

الخرطوم – «القدس العربي»: تصاعد التوتر، أمس الخميس، بين السودان وإثيوبيا، بعد مقتل ضابط برتبة رفيعة و3 جنود وجرح 14 في معارك بين الجيش السوداني، وقوات نظامية وميليشيات إثيوبية، وقعت الثلاثاء، حيث أرسلت الخرطوم تعزيزات عسكرية، إلى مناطق حدودية.
وصل إلى ولاية القضارف القائد العام للقوات المسلحة السودانية الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، يرافقه الفريق أول محمد عثمان الحسين، رئيس الأركان المشتركة، وقيادات من الجيش. وكان في استقبالهم في مقر الفرقة الثانية مشاة في القضارف، اللواء ركن أحمدان محمد خير قائد المنطقة العسكرية الشرقية، واللواء ركن الطيب جعفر، قائد الفريقة الثانية مشاة.
وتلقى البرهان تنويراً حول تقدم الجيش وتمركز القوات والانتشار بالشريط الحدودي في أعقاب الهجوم الإثيوبي على القوات السودانية في منطقة أبو طيور في محلية القريشة في ولاية القضارف.
شهود عيان في منطقة القريشة أفادو لـ”القدس العربي” أن “أصوات المدفعية الإثيوبية تسمع على نحو متقطع بشكل واضح داخل المدينة”.
وأعلن الجيش السوداني في وقت مبكر من صباح الخميس، حالة التأهب القصوى في ظل استمرار التعزيزات العسكرية على طول الشريط الحدودي.

«رد أي عدوان»

وأعلن مجلس الوزراء، في بيان مساء الأربعاء، دعمه ووقوفه مع القوات المسلحة، مؤكداً، “ثقته في قدرتها على حماية حدود البلاد ورد أي عدوان”، وتابع “نشد على أيادي القيادات العسكرية ونلقي بالتحية للجنود الأشاوس الذين يستحقون تقديم كل دعم ممكن، وما الملمات إلا لحظة نستبين فيها آصرة الوطنية ووشيجة التراب”.
ووفق بيانه، فقد ظل المجلس “يتابع بحرص واهتمام الأحداث في دولة إثيوبيا والتي بدأت منذ ما يقارب الأسابيع الستة”، وأضاف “استقبلت بلادنا الآلاف من اللاجئين الفارين عبر الحدود الشرقية، وأفاض شعبنا من كرمه المعلوم رغم الظروف الاقتصادية القاسية والقدرات المحدودة”.
وزاد:” مساء الثلاثاء، وأثناء عودة قواتنا من تمشيط المنطقة حول جبل أبو طيور داخل أراضينا، تعرضت لكمين من بعض القوات والميليشيات الإثيوبية داخل الأراضي السودانية، ونتيجة لذلك حدثت خسائر في الأرواح والمعدات”.

«حتى آخر جندي»

وفي تعليقها على الحادثة، أكدت القوات المسلحة، في بيان، أنها “ستظل على العهد حامية لتراب الوطن وشعبه وقادرة على حسم أي تحركات معادية داخل حدودنا، ولن تسمح بغزو أراضيها وستدافع مع شعبها حتى آخر جندي”.
وتابع البيان: “القوات المسلحة ظلت ترصد وتتابع الأحداث الجارية في دولة أثيوبيا وما ترتب عليها من أثار على السودان تمثلت في تدفق اللاجئين الإثيوبيين إلى داخل الأراضي السودانية وحالة عدم الاستقرار في الشريط الحدودي بين البلدين”.
وأكد أن “القوات المسلحة اتخذت حيال الوضع على الحدود عدد من الإجراءات كان من بينها السماح للاجئين الإثيوبيين وإفساح المجال للمنظمات الإنسانية للقيام بدورها تجاههم”.
وكان المشاركون في اجتماع مجلس شركاء الحكم في السودان (المكون العسكري والحرية والتغيير والجبهة الثورية ومجلس الوزراء) تلقوا تنويراً من رئيس مجلس السيادة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، حسب البيان الصادر عن المجلس، وتلت التنوير، مريم الصادق المهدي الناطق باسم مجلس الشركاء المكون حديثا.
وأكدت المهدي أن “الجميع أكدوا وقوفهم مع القوات المسلحة لحماية الحدود”.
وقالت : “بدأ الاجتماع بتحية ثورة ديسمبر المجيدة والترحم على أرواح الشهداء وتحية الشباب والنساء والرجال الذين فجروها، ووصلنا، تنوير من رئيس مجلس السيادة الانتقالي حول الأحداث التي جرت في الحدود شرق البلاد والهجوم على القوات المسلحة من قبل قوات إثيوبية”.
وبينت أن “الجميع أكدوا وقوفهم وراء القوات المسلحة لتقوم بحماية حدود البلاد وحفظ سيادتها”.
حزب الأمة القومي (كان يرأسه الراحل الصادق المهدي)، أكد أيضاً “وقوفه إلى جانب القوات المسلحة في خندق واحد دفاعنا عن الأرض والعرض وحماية لحدودنا وترابنا الوطني”.
وقال الحزب في بيان صدر باسم القطاع السياسي أن حزب “الأمة”، “سبق وأن أعرب عن قلقه العميق إزاء الأحداث التي دارت في إقليم تغراي في إثيوبيا، وإعلان السودان إغلاق الحدود “.
وقال “على الرغم من ذلك، سمحت القوات المسلحة بتدفقات للاجئين إلى داخل الحدود السودانية وإفساح المجال أمام المنظمات الإنسانية لتقوم بدورها. الشريط الحدودي مع إثيوبيا ظل طيلة عهد النظام المباد يشهد تفلتات من ميليشيات إثيوبية تغض السلطات الإثيوبية النظر عن أنشطتها حتى وصل بها الأمر إلى احتلال أجزاء واسعة من الفشقة الصغرى والكبرى وجبل حلاوة”.
وتابع: “بعد ثورة ديسمبر المجيدة استطاعت القوات المسلحة بسط سيطرتها على أجزاء كبيرة وتحريرها من سيطرة الميليشيات الإثيوبية المتفلتة وعند وقوع الأحداث الأخيرة في إقليم تغراي وأعادت القوات المسلحة انتشارها على طول الشريط الحدودي حتى لا يستغل طرف من الأطراف المتصارعة الأراضي السودانية، مما عرض قواتنا المسلحة لعدد أكثر من الكمائن، وقد تصدت للمعتدين ببسالة ورباطة جأش احتسبت عدد من الشهداء والجرحي وبعض المركبات”.
وأضاف ” أننا في حزب الأمة نترحم على أرواح الشهداء ونسأل الله أن يشفي الجرحى والمصابين ونعلن وقوفنا الي جانب القوات المسلحة في خندق واحد دفاعنا عن الأرض والعرض وحماية لحدودنا وترابنا الوطني”.

«غدر واعتداء»

كذلك، أعلنت الجبهة الثورية، وتضم 10 من تنظيمات الكفاح المسلح، ووقعت اتفاق سلام مع الحكومة الانتقالية شهر أكتوبر الماضي في جوبا، إدانتها لـ”لاعتداءات الإثيوبية ودعمها الكامل للقوات المسلحة”، في بيان رسمي للناطق الرسمي باسمها أسامة سعيد.
والأخير، قال “الجبهة الثورية تتابع باهتمام بالغ تطور الأوضاع الأمنية في الجارة إثيوبيا وما ترتب عليها من آثار على السودان من حيث تدفق اللاجئين على ولايات شرق السودان وعدم استقرار الأحوال الأمنية على الشريط الحدودي بين البلدين”.
وتابع ” ندين بأغلظ العبارات، حوادث الغدر والاعتداء التي قامت بها القوات والميليشيات الأثيوبية ضد القوات المسلحة السودانية وآخرها الكمين الذي تعرضت له قواتنا في منطقة أبو طيور من قبل الميليشيات والقوات الإثيوبية والذي تسبب في خسائر في الأرواح والمعدات”.
وزاد: “الجبهة الثورية تؤكد دعمها اللامحدود للقوات المسلحة في تصديها للعدوان وفي حمايتها للأرض والعرض وتؤكد وقوفها معها في خندق واحد من أجل حماية سيادة السودان ارضاً وشعباً”.
مصدر عسكري رجح، في حديث مع “القدس العربي”، استمرار هذه المناوشات لفترات طويلة. وقال، دون كشف هويته، “لن تقف هذه المناوشات قريبا لأن القوات المسلحة عازمة على استرداد كل الاراضي السودانية في الفشقة الصغرى والكبرى التي تسيطر عليها قوات وميليشيات تابعة لجنرالات وحكومة إقليم الأمهرا المجاور، التي من واضح أنها خارج سيطرة الحكومة في أديس أبابا بقيادة أبي أحمد الذي تلقى دعماً من الأمهرا في حربه ضد خصومه التقليدين التيغراي، وهذا واضح من هجوم هذه القوات علينا، رغم تعهد ابي أحمد لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك بعقد اجتماع هذا الأسبوع في الخرطوم لمواصلة تنفيذ القرار المتفق عليه للترسيم النهائي بين البلدين هذا الشهر”.
وتابع: “أبي أحمد يخشى الأمهرا كثيراً، الذين هم من الداعمين الرئيسين له في حرب تيغراي، هو يعلم أن التيغراي خرجوا على سلطته بعد تنازله عن منطقة بادمي الحدودية المتنازع عليها مع خصومهم في أرتريا، وإن سلّم السودان الأراضي الخصبة التي سيطر عليها الأمهرا عبر وضع اليد منذ 25 عاماً، فإنهم لا محالة سيخرجون عن سلطته أيضاً، لذا هو لا يستطيع ردعهم أو لجمهم، وهذا ما يعلمه قادتنا جيدا. وعليه، من الأفضل، تدخل طرف دولي ثالث لفرض ترسيم الحدود بشكل متوافق عليه وإلا فإن هذه العمليات ستستمر من جانبنا لا محالة”.

تمدد الميليشيات

ويتمدد نشاط الميليشيات الأثيوبية داخل الأراضي السودانية منذ تسعينيات القرن الماضي، حيث تعمد إلى الاستيلاء على ألاف الأفدنة الخصبة وزراعتها سيما في منطقتي الفشقة الكبرى والصغرى التي تقدر مساحتهما بست آلاف كيلو متر.
وتسمى هذه المنطقة في اتفاقيات الحدود بين السودان وإثيوبيا بالقطاع الأوسط وتقع على الحدود الشرقية السودانية عند تقاطع خور الرويان مع نهر ستيت وحتى تقاطع نهر عطبرة مع الحدود الأثيوبية في منطقة بلشورة بطول 168 كيلومتر مع أثيوبيا.
ويحد المنطقة ذاتها شمالا نهر ستيت حتى التقائه بنهر عطبرة قرب مدينة الشواك كبرى مدن محلية الفشقة، ومن الغرب والجنوب نهر عطبرة وتسمى الفشقة الكبرى وهي من أكبر الأراضي الزراعية الخصبة وتقدر بنحو 750 ألف فدان يستغل منها المزارعين السودانيين نحو 320 ألف فدان.
وتقع الفشقة الصغرى جنوب نهر بإسلام وهي أراضي زراعية لكنها تكثر فيها المرتفعات وتقدر المساحة الصالحة للزراعة فيها بنحو 500 ألف فدان المستغل منها بواسطة المزارعين السودانيين نحو 63545 ألف فدان.
وأدت العمليات العسكرية المستمرة بواسطة الميليشيات الأثيوبية المسلحة والجيش إلى تغول واستيطان المزارعين الأثيوبيين واستغلال مساحة 310 ألف فدان بجانب 411 ألف فدان في الفشقة الصغرى.
وتمددت الميليشيات المسلحة حتى منطقة اللكدي والقضيمة في الفشقة الكبرى التي يوجد بها معسكر للقوات السودانية كما أن هناك معسكر للميليشيات الأثيوبية داخل عمق الأراضي السودانية. وتمكنت مؤخرا القوات المسلحة المتمركزة في منطقة أم براكيت الواقعة منتصف الفشقة الكبرى من تأمين وحماية أكبر المشاريع لصالح المزارعين السودانيين.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية