السودان: تطبيع بالترويع وآخر بالتسريع!

حجم الخط
13

بعد حديث قناة «آي 24» و«جيروزاليم بوست» الإسرائيليتين عن استعداد السودان للتطبيع قريبا، ونفي مصدر من «مجلس السيادة» لذلك، أكد مصدران حكوميان سودانيان «رفيعا المستوى» لقناة «سي إن إن» الأمريكية أن مجلس الوزراء السوداني يجتمع حاليا لتقرير ما إذا كان سيتم تطبيع للعلاقات مع إسرائيل بعد أن أعطت الولايات المتحدة الأمريكية إنذارا للسودان للتوصل إلى اتفاق.
يشير هذا الخبر إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قررت استخدام أسلوب الترويع والإرهاب لحكومة السودان، وبذلك تم استبدال سياسة العصا بعد أن شك السودانيون بسياسة الجزرة التي طرحت تخفيف ديون السودان، وتقديم 600 مليون دولار من المساعدات الغذائية والدوائية، أما الباقي فكلها وعود ومنها: عقد اجتماع لنادي باريس لإلغاء 3 مليارات دولار من الديون المستحقة على السودان في اجتماعه بعد سنة من الآن (أكتوبر/تشرين الأول 2012) وكذلك الوعد بإزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
أدى الطرح الأمريكي إلى ما يشبه الانقسام ضمن النخبة العسكرية والسياسية السودانية، وكان العسكر، وعلى رأسهم عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي) هم المتحمسون، فيما حاول المدنيون إبعاد المسؤولية عن أنفسهم بالقول إن الحكومة الانتقالية ليست مخوّلة بالبت في موضوع بهذا الحجم سياسيا.
كان طبيعيا أن يهب بعض رجال الأعمال والساسة والإعلاميين المتحمسين «طبيعيا» للتطبيع إلى نجدة العسكر، وتبدو مبادرة رجل الأعمال أبو القاسم برطم أحد أهم الأمثلة على الجانب الآخر من المعادلة، التي يبدو فيها هؤلاء أكثر استعجالا للتطبيع مع إسرائيل، من دون حاجة لإنذار أمريكي، أو حتى للوعد بتخفيف الديون وما إلى ذلك، فدوافع هذه النخب لا تتطابق بالضرورة مع مصالح عموم السودانيين، وهي مستعدة للدفاع عن مصالح أمريكا وإسرائيل بدعاوى ظريفة من قبيل «كسر الحاجز النفسي الذي خلقه أصحاب الفكر الإسلامي أو اليساري أو القومي العربي» على حد ما يقول برطم.
الأطروحة الأساسية التي يرفعها أصحاب سياسة التسريع لإقناع مواطنيهم السودانيين بما يفعلونه هي إيهام السودانيين بأن التطبيع هو الحل لمشاكل الاقتصاد السوداني الذي يعاني من أزمة طاحنة، فالتطبيع، بالنسبة لهم، سيفتح السودان لأموال الاستثمار الغربي، والطريق إلى ذلك هو نيل رضا إسرائيل، فلمواطني هذه الدولة، كما يقول برطم «تأثير كبير على الاقتصاد الغربي في أوروبا والولايات المتحدة».
يقوم ناقد الفكر السياسي الإسلامي والقومي واليساري بتقديم فكر سياسي جديد يدور حول الخضوع لإسرائيل التي ستنعم عليه، وعلى السودان، بالخيرات وتقنع أصحاب المليارات في العالم بالسفر زرافات ووحدانا إلى بلاده لإنقاذ اقتصادها كتعبير عن الامتنان لموقفه التطبيعي من إسرائيل.
يتجاهل برطم ببساطة أن هذا «الفكر» الذي يطرحه سبق لسلطات دول عربية، مثل مصر، التي سافر رئيسها الأسبق محمد أنور السادات إلى إسرائيل وبدأ مسارا تفاوضيا أدى لاتفاقات كامب ديفيد الشهيرة، وأن الأخير، كان من منظري فكر «الانفتاح» وأن هذا «الانفتاح» أفضى بالمصريين إلى الثورة عام 2011، كما أدى إلى انقلاب عسكري وثورة مضادة عام 2013، وإذا كان السودانيون، قد ناضلوا عشرات السنوات للقيام بثورتهم التي أفضت إلى الحكومة الانتقالية الحالية، يطمحون لمسار يوصلهم إلى الانسداد السياسي والتدهور الاقتصادي الحاصلين في مصر، فلماذا ثاروا أصلا؟

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    قمة اللاءات الثلاثة أو قمة الخرطوم هي مؤتمر القمة الرابع الخاص بجامعة الدولة العربية، عقدت القمة في العاصمة السودانية الخرطوم في 29 أغسطس 1967 على خلفية هزيمة عام 1967 أو ما عرف بالنكسة. وقد عرفت القمة باسم قمة اللاءات الثلاثة حيث خرجت القمة بإصرار على التمسك بالثوابت من خلال لاءات ثلاثة: لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع العدو الصهيوني قبل أن يعود الحق لأصحابه. حضرت كل الدول العربية المؤتمر باستثناء سوريا. – الويكيبيديا –

  2. يقول الكروي داود النرويج:

    السياسة فن الممكن!
    لكن الإنبطاح ليس فناً على الإطلاق!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  3. يقول ابو عبدالله:

    لينبطح من ينبطح ، وليهادن من يهادن …يكفي المسجد الاقصى الشريف وحماته الشرفاء قول الله سبحانه وتعالى ، واعدا اياهم بالنصر على اعدائهم واعدائه ” فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7)صدق الله العظيم.. سورة الاسراء.

  4. يقول أحمد سالم:

    بعد غزو العراق والإطاحة بصدام حسين بضغط من اللوبي الصهيوني الاسرائيلي بقيادة جورج بوش وديك تشيني وتوني بلير والغباء العربي ومليارات دول الخليج، وعدوا الشعب العراقي ان يصبح العراق جنة وواحة الديموقراطية في الشرق الاوسط. النتيجة كما يعلم الجميع خراب ودمار وفساد وقتل على الهوية وتفتيت للنسيج العراقي حتى اصبح الجميع شيعة وسنة يترحمون على ايام صدام ويحلمون بعودة الوضع ولو بنسبة %10 مما كان عليه الوضع قبل غزو العراق.
    ونفس الشيء تقريبا حدث ومازال يحدث في السودان بعد تقسيمه الى شمال وجنوب والنتيجة كارثة انسانية ونهب وسلب من قبل عصابات ممولة من الخارج وباعتراف الأمم المتحدة على تردي الوضع الانساني في الجنوب.
    يبدو ان حكام السودان مصممون على استنساخ التجربة العراقية وجنوب السودان مقابل المليارات من الدولارات في الخارج كعمولة على فتح السفارة الاسرائلية في الخرطوم والاستيلاء على ثروات البلاد التي لا تعد ولا تحصى وتسيل لعاب الصهيونية لها كما سالت للبترول العربي الذي سار الان خدمة للمشاريع الصهيونية في المنطقة.

  5. يقول أحمد سالم:

    بعد غزو العراق والإطاحة بصدام حسين بضغط من اللوبي الصهيوني الاسرائيلي بقيادة جورج بوش وديك تشيني وتوني بلير والغباء العربي ومليارات دول الخليج، وعدوا الشعب العراقي ان يصبح العراق جنة وواحة الديموقراطية في الشرق الاوسط. النتيجة كما يعلم الجميع خراب ودمار وفساد وقتل على الهوية وتفتيت للنسيج العراقي حتى اصبح الجميع شيعة وسنة يترحمون على ايام صدام ويحلمون بعودة الوضع ولو بنسبة %10 مما كان عليه الوضع قبل غزو العراق.
    ونفس الشيء تقريبا حدث ومازال يحدث في السودان بعد تقسيمه الى شمال وجنوب والنتيجة كارثة انسانية ونهب وسلب من قبل عصابات ممولة من الخارج وباعتراف الأمم المتحدة على تردي الوضع الانساني في الجنوب.
    يبدو ان حكام السودان مصممون على استنساخ التجربة العراقية وجنوب السودان مقابل المليارات من الدولارات في الخارج كعمولة على فتح السفارة الاسرائلية في الخرطوم والاستيلاء على ثروات البلاد التي لا تعد ولا تحصى وتسيل لعاب الصهيونية لها كما سالت للبترول العربي الذي سار الان خدمة للمشاريع الصهيونية في المنطقة.

  6. يقول القارئ:

    اجهرْ برأيك لا يأخذك ترويعُ / لا ينفعُ الصوتُ إلاّ وهوَ مَسموعُ
    الريفُ في الغْربِ مرفوعٌ له علمٌ / فهل لِواؤُك يا ابن الشرق مرفوعُ
    ويْحَ الفِرنجةِ ماذا في حلومهمُ / في الرأي خُرقٌ وفي الأعمال تضيْيعُ
    عَدَوْا على الشرق والتفريقُ عُدتُهم / فكان مما جنوا للشرق تجميعُ
    كمْ واعدونا، فإغراءٌ وتمنيةٌ / وخادعونا، فتفزيعٌ وتطميعُ
    الظلمْ في عُرفهم عدلٌ ومرحمةٌ / والأمر بالباطلِ المنبوذِ تَشريعُ
    شران لا تَحملُ الأقوامُ عِبأهما / سياسةُ الأخذ بالإرهاق، والجوعُ
    قد ينطلي الكذبُ الممقوتُ آونةً / وينجلي فإذا البُهتانُ مقشوعُ
    انظر الى القومِ لا حولٌ ولا عضدٌ / ثاروا على البغي ماهابوا ولا ريعوا
    أُباةُ ضيمِ، مقاديمٌ اذا استعرتْ / لظى نِضالٍ، مناجيدٌ، مَساريعُ
    سيموا الأذاة فلم يحنوا رِقابهمُ / ذُلاَ، ولا استسلموا والأنفُ مجدوعُ
    وهل يُطاقُ وللآلام تزجيةٌ / عبءُ الحياة وللغصاتِ تجريعُ
    وهل تنامُ وللأكبادِ تصليةٌ / عيْنُ المضيم وللأوصال تقطيعُ؟
    إن الشعوبَ اذا ما اسُتنفرتْ نَفَرتْ / إلى الحياة وَرأبُ الرفقِ مصدْوعُ
    / خير الدين الزركلي

  7. يقول ثائر المقدسي:

    (وعلى رأسهم عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي) هم المتحمسون، فيما حاول المدنيون إبعاد المسؤولية عن أنفسهم بالقول إن الحكومة الانتقالية ليست مخوّلة بالبت في موضوع بهذا الحجم سياسيا)…
    هذا التحمُّس من طرف عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو ليس وليد هذا الأوان على الإطلاق… هذا التحمُّس يعود بالزمان، على أدنى تخمين، إلى تلك الاجتماعات السرية بين كل من (العبد الفتاحين: البرهان والسيسي)، من جهة، وبين محمد حمدان دقلو وكل من (المحمدين: بن سلمان وبن زايد)، من جهة أخرى… حتى قبل ذلك الاتفاق المشؤوم الذي تم توقيعه بين القيادتين العسكرية والمدنية لوأد الثورة الشعبية في السودان حتى قبل أن تكتمل في نفوس الثائرات والثائرين… !!!

    1. يقول السائح اللبناني - بيروت:

      أحيي أخي الكريم ثائر المقدسي من صميم الفؤاد ،
      دائما متميز بالتعليق الثاقب وقول الحق الساطع !!؟
      تحيتي ومودتي

  8. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم رأي القدس اليوم عنوانه:
    (السودان: تطبيع بالترويع وآخر بالتسريع!)
    ترامب يريد أن يرجع إلى البيت الأبيض لفترة رئاسية أخرى بأي وسيلة مهما بلغت درجة خستها ولاانسانيتها وبلطجتها وهو مقتنع بأن لوبيات نتنياهو في اوساط الشعب الأمريكي هي الأقدر على حمله إلى هناك . اظهار عشق وتوق النخب الحاكمة في ابو ظبي والمنامة للتطبيع الانبطاحي مع إسرائيل لم يكن كافيا لهذا الغرض الخبيث .
    تركيع السودان وبما له من ثقل جغرافي وسكاني سيكون افعل واثقل في ميزان زحف ترامب إلى البيت الأبيض. ولذلك فإن الانذار شديد اللهجة للسودان بالاسراع في اللحاق بركب التطبيع قبل بدء الانتخابات الأمريكية لا رجعة فيه وأن المجلس العسكري السوداني الحاكم يشاطر ترامب في ذلك ،ومحاولة الحكومة السودانية التملص قد لا تجدي نفعا نظرا لحالة الانهيار الاقتصادي والسياسي بالإضافة إلى الفساد المعشش في رموز الدولة العميقةوعسكرها بقيادة البرهان وحميدتي.(كان طبيعيا أن يهب بعض رجال الأعمال والساسة والإعلاميين المتحمسين «طبيعيا» للتطبيع إلى نجدة العسكر، وتبدو مبادرة رجل الأعمال أبو القاسم برطم أحد أهم الأمثلة على الجانب الآخر من المعادلة، التي يبدو فيها هؤلاء أكثر استعجالا للتطبيع مع إسرائيل، من دون حاجة لإنذار أمريكي)

  9. يقول سوري:

    اسرائيل لن تقدم شيئا للعرب المهرولين سوى انها ستمتص خيراتهم وتهيمن عليهم وامريكا لم تفد العرب يوما بل العكس تدعم ديكتاتوريهم وهاهو ترامب داد يقول عن السيسي : ديكتاتوري المفضل. كفاكم هرولة ايها الاعاريب خذلتونا

  10. يقول م. محمد جبرؤوتي:

    بسم الله الرحمن الرحيم. إذا الشعب المصري استيقظ واستيقظ معه الشعب الأردني سيصبح بإمكانهم إسقاط كل دوائر الشر : الاستبداد ، الصهيونية ، الشر الاقليمي، وشر الإمبراطوريات الشرسة..قلب موازين القوى وعودة العز للمسلمين يحتاج لثقة بالله ، نخوة، أنفاق ، وهمة عالية، أضعف الإيمان الآن هو أن تجتمع ورشة عمل لوضع خطة الاجتياح إسرائيل وما في إسرائيل من غنائم عسكرية واقتصادية كاف للسيطرة على العالم.

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية