السودان: تظاهرات جديدة ضد الانقلاب اليوم… وجدل حول مبادرة حزب الأمة

ميعاد مبارك
حجم الخط
0

الخرطوم ـ «القدس العربي»: في وقت تستعد فيه لجان المقاومة وتجمع المهنيين السودانيين لتظاهرة جديدة، اليوم الخميس، تتجه نحو القصر الرئاسي وسط الخرطوم، للمطالبة بإسقاط الانقلاب وتسليم السلطة للمدنيين، برز في الواجهة عدد من المبادرات لحل الأزمة التي يشهدها البلد خصوصا عقب استقالة رئيس الحكومة عبد الله حمدوك.
وحثّ وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، في تغريدة على حسابه في تويتر، أمس، أصحاب المصلحة في السودان على البدء بحوار فوري بتسهيلات ومعاونة دولية، مطالبا، السلطات الأمنية بالكف عن استخدام القوة المميتة ضد المتظاهرين والالتزام بإجراء تحقيق مستقل حول الانتهاكات التي حدثت.
وبدأ حزب «الأمة» تحركات عديدة لعرض مبادرته الموسومة باسم (خريطة الطريق لاستعادة الشرعية واستكمال المرحلة الانتقالية) التي تأسست على رفض الانقلاب، واعتبار الاتفاق السياسي الموقع في 21 نوفمبر/تشرين الثاني غير صالح للبناء عليه، باعتباره اتفاقا ثنائيا وشمولي الصبغة.
وقال المكتب السياسي لحزب الأمة القومي، إنه وجّه لجانه المكونة للاتصال بالقوى السياسية والثورية ولجان المقاومة، لطرح خريطة طريق استعادة الشرعية واستكمال الفترة الانتقالية، ولسرعة استكمال عملها توطئة لعقد اللقاء الجامع عبر مائدة مستديرة للتوافق حول خريطة طريق المستقبل الوطني.

«الطريق الوحيد»

وأكد في بيان، مساء الثلاثاء، أن الطريق الوحيد الذي يراه الحزب لخلاص البلاد وإنجاز مهام الفترة الانتقالية في الوقت المحدد، هو استئناف شرعية الوثيقة الدستورية كاملة دون نقص والتحول المباشر إلى الحكم المدني في كافة المؤسسات واستئناف مسار التحول الديمقراطي.
وشدد على أن المسؤولية التاريخية تحتم على كافة القوى المدنية الحية في الحراك الثوري، تجاوز كل أشكال الخلاف والتنازع، وأن تجتمع على مواقف ورؤى موحدة استجابة لمطالب الشعب والشارع الثوري، وشعارات الثورة السودانية: حرية، سلام وعدالة.
ورفض الحزب، في بيانه، ما سماها محاولات تمدد الانقلاب عبر أي سيناريو جديد في مؤسسات الدولة المدنية، مؤكدا على موقفه الواضح من دعم الحراك الثوري والتمسك بكامل مطالبه المشروعة والسعي لتحقيقها عبر العمل المشترك مع كافة مكونات الثورة.
وأدان البيان القتل واستخدام القوة المفرطة في مواجهة المتظاهرين السلميين، وحمّل كامل المسؤولية لقادة الانقلاب العسكري.
واعتبر استقالة حمدوك دليلا دامغا على فشل كل المناورات لتبرير الانقلاب الفاشل وتمرير أجندته العسكرية في الاستيلاء على السلطة بالقوة.
ويبدو أن القوى السياسية في السودان الموجودة داخل وخارج تحالف «قوى الحرية والتغيير» لا ترفض مبادرة حزب الأمة من حيث المبدأ، ولكن لديها بعض التحفظات والتساؤلات.
وأكد المتحدث الرسمي باسم الحزب الشيوعي، فتحي فضل لـ«القدس العربي» أنهم لا يرفضون من حيث المبدأ مبادرة حزب الأمة، وأي مبادرة أخرى لخلق اصطفاف ضد الانقلاب.
وأضاف: يجب أن تكون المبادرة وفق شروط أساسية، أبرزها الالتزام باللاءات الثلاث، لا شراكة، لا تفاوض، لا شرعية للعسكر، وأن تعمل من أجل السلطة المدنية الديمقراطية الكاملة، داعيا إلى ضرورة تقديم الأطراف المتحالفة في أي اصطفاف رافض للانقلاب ضمانات للالتزام بمواقفها المبدئية في الصدد.
وأوضح أنهم استلموا مبادرة حزب الأمة، أمس، وأنهم مع كل المبادرات وأي محاولة لجمع الصف، ولكن وفق مواقف الحزب المبدئية وشروطه السابق ذكرها.
وبين أن الحزب الشيوعي لا يمانع مناقشة خريطة حزب الأمة إذا كانت تفي بتلك الشروط، ولكن لديه موقف واضح من كل الأحزاب التي شاركت العسكريين الحكم خلال الفترة الماضية من الانتقال، ويعتبرها مسؤولة عن الأخطاء التي حدثت ولعبت دورا في التغيرات الخاطئة في السياسة الاقتصادية والخارجية بما فيها التوقيع على اتفاق ابراهام والتطبيع مع اسرائيل، فضلا عن اتفاق السلام.
وقال «يجب أن تعلن تلك الأحزاب تبرؤها وتطهرها من مواقفها القديمة لنتشارك معها تحالفا جديدا» مؤكدا أنهم لا يريدون إعادة تجربة قوى «الحرية والتغيير».

تحالف جديد

ويرى الحزب الشيوعي وجوب تكوين تحالف جديد أو اصطفاف يرتكز على لجان المقاومة وتجمع المهنيين واللجان المطلبية ومنظمات المجتمع المدني، باعتبارها القوى التي سارت في طريق النضال ومقاومة الحكم العسكري منذ البداية وحتى الآن وظلت ثابتة على مواقفها، مشيرا إلى أن بعض الأحزاب غيرت مواقفها بعد مشاركتها الحكم مع العسكريين.
وتابع: يجب أن يوضحوا مواقفهم السابقة والحالية، مطالباً حزب الأمة أيضا بإزالة اللبس حول موقفه الحقيقي، وهل هو الموقف المعلن للحزب أم موقف رئيس الحزب فضل الله برمة الذي ظل يدعو لعودة الشراكة مع العسكريين عقب الانقلاب.
ولفت إلى أن الحزب الشيوعي سبق وطرح مبادرة في أغسطس/آب الماضي، للانتقال الديمقراطي وبناء سلطة مدنية ديمقراطية كاملة وأنها أيضا مطروحة للنقاش.

بلينكن يطالب السلطات بالكفّ عن استخدام العنف ضد المحتجين

وأضاف: الحزب لا يفرض آراءه على أحد، ومبادرته مطروحة للحوار والنقاش وكذلك منفتح على نقاش المبادرات الأخرى للوصول لنقاط الخلاف والاتفاق.
وتابع: إذا كانت نقاط الخلاف ثانوية يمكن معالجتها لاحقا، لكن الحزب الشيوعي لن ينساق لنفس ما حدث من قبل من تحالف قوى الحرية والتغيير وتغيير المواقف بعد توافق الأحزاب على السلطة المدنية وصولا لشراكة تلك الأحزاب مع العسكريين.
وأكمل: لذا، حال تم التوافق على أي شكل من أشكال الاصطفاف للقوى الرافضة للانقلاب يجب أن تكون هناك ضمانات على أن ما يتم التوافق عليه، وهذا ملزم للجميع.
وأنهى الحزب الشيوعي علاقته بتحالف قوى الحرية والتغيير، بعد أشهر قليلة من تشكيل الحكومة الانتقالية في البلاد عام 2019.
في المقابل، ترى بعض مكونات قوى «الحرية والتغيير» التي أعلنت الشهر الماضي خريطة طريق لهزيمة الانقلاب أيضا، أن تعدد المبادرات غير مفيد إذا لم تتحول لاصطفاف وفعل سياسي.
وقال القيادي في «الحرية والتغيير» المتحدث الرسمي باسم حزب التجمع الاتحادي عمار حمودة لـ«القدس العربي» إن هناك العديد من المبادرات المطروحة لهزيمة الانقلاب وجميعها متقاربة إلى حد ما، وإن قوى الحرية والتغيير التي ينتمي لها حزب الأمة نفسه طرحت رؤيتها وخريطتها، وبالتالي الأجدى، إذا استجدت لحزب الأمة رؤية، عليه طرحها أمام المجلس المركزي ليتم التشاور حولها ودمج ما يتم التوافق عليه في رؤية قوى الحرية والتغيير المعلنة مسبقا.
وأضاف: المهم ليس الاجتهاد في وضع المبادرات، ولكن العمل على تكوين شكل توافقي جديد لجبهة مدنية ضخمة لمواجهة الانقلاب، والوصول لأكبر قدر من الإجماع لمناهضة استيلاء العسكريين على السلطة، الأمر الذي يحتاج لمزيد من العمل.
ورأى حمودة أن حزبه يعتقد أن الواقع يفرض ضرورة بناء تحالف حد أدنى محدد بهزيمة الانقلاب وإكمال المرحلة الانتقالية، بينما تتحدث قوى أخرى عن تحالف حد أعلى، مشدداً على أن التوافق على ميثاق ليس الأمر الأهم، ولكن هيكلة القوى المتوافقة والفعل السياسي الذي ينتج عن ذلك هو المطلوب.
ولفت إلى أن «الحرية والتغيير» شرعت في عمل دؤوب وسط المواطنين والنقابات ولجان المقاومة وحتى التكوينات الأخرى لبناء جبهة عريضة لمواجهة الانقلاب.
وأشار إلى أن التجمع الاتحادي يرحب بجميع المبادرات ومن باب أولى حزب الأمة الأقرب لهم، والموجود في المجلس المركزي للحرية والتغيير، لافتا إلى أن المشاورات مع حزب سياسي من أكثر الأحزاب انضباطا وتأسيسا من الناحية التنظيمية أفضل بالتأكيد، وسيسهل الطريق.
ونوه إلى أن حزب الأمة جزء من قوى «الحرية والتغيير» بمؤسساتها وشارك في التحضير لرؤية قوى الحرية والتغيير وخريطة الطريق التي وضعتها، مشيرا إلى أن الأفضل أن تضع كل الاطراف جهودها لتطوير مبادرة قوى الحرية والتغيير، لأن الوقت ليس وقت تميز لحزب معين، ولكن لتوحيد الجهود والأفكار بالتوافق الوطني وتحويل تلك الأفكار لممارسة عملية.
وأشار إلى ضرورة تغليب ما يتم العمل عليه بشكل جماعي، لافتا إلى أن رؤية الحرية والتغيير مطروحة لمزيد من الحوار وستطرح لكل مكونات وفصائل وتنظيمات الثورة الرافضة للانقلاب خارج الحرية والتغيير.

«تعزيز الوحدة»

أما القيادي في «الحرية والتغيير» المتحدث الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي، عادل خلف الله، فبين لـ«القدس العربي» أن صدور مبادرة حزب الأمة بالإضافة لعدد من المبادرات يدفع في اتجاه مزيد من الاجتهادات لفصائل من الحرية والتغيير، الأمر الذي قد لا يعزز الوحدة وخطوات بناء جبهة واسعة.
وشدد على أن المرحلة الحالية هي مرحلة اصطفاف من أجل الدولة المدنية، وأن القوى الموجودة الآن هي قوى الثورة الحية، مقابل قوى الانقلاب التي تعمل على الاستبداد وتحقيق مصالح ضيقة.
ورغم اعتباره تعدد المبادرات تضييعا للجهد، رأى خلف الله أن أي مبادرات تساعد في خلق اصطفاف وتتبلور برؤية تنظيمية لجبهة واسعة من أجل المقاومة السلمية وإسقاط الانقلاب مهمة ويمكن العمل عليها.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية