السودان: تواصل التظاهرات… والبرهان يتعهد برعاية الانتقال الديمقراطي

عمار عوض
حجم الخط
0

الخرطوم ـ «القدس العربي»: تواصلت التظاهرات المطالبة بحكم مدني في السودان، الجمعة، فيما جدد رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، «الالتزام برعاية وحماية الانتقال في السودان».
ووصل إلى الخرطوم قطار عطبرة الذي يحمل أعدادا من المتظاهرين للمشاركة في مواكب (مظاهرات) دعم للحكم المدني، حسب قناة «الجزيرة».
وكان القطار تأخر عن اللحاق بمظاهرات أول أمس الخميس بسبب ما قال متظاهرون إنها أعمال تخريبية أعاقت وصوله في الوقت المناسب.
وخرج متظاهرون من عدة أحياء في الخرطوم في استقبال القطار
ووفق «الجزيرة» «لهذا القطار رمزية خاصة بالنسبة لثورة ديسمبر/كانون الأول 2019 التي أطاحت بنظام عمر البشير».
وأضافت أن هذ القطار يحمل الشعارات نفسها التي رفعتها المظاهرات التي خرجت في الخرطوم أمس الخميس، والتي تندد بمحاولات الانقلاب المتكررة وتطالب بإقامة حكم مدني وتكوين البرلمان والمحكمة الدستورية.
وتأتي تظاهرات الجمعة استكمالا لأخرى خرجت أول أمس في الخرطوم لدعم الحكم المدني للدولة، وذلك بعد تصاعد للتوتر بين المكونين العسكري والمدني في السلطة الانتقالية، بسبب انتقادات وجهتها قيادات عسكرية للقوى السياسية، على خلفية الإعلان عن إحباط محاولة انقلاب.

رسالة البرهان

وبعث رئيس السيادي، عبد الفتاح البرهان، برسالة خطية لكل من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيسة مجلس الأمن الدولي جيرالدين بيرن ناسون، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي، أطلعهم فيها على تطورات الأوضاع الراهنة في البلاد
وأكد في الرسالة «الالتزام الكامل برعاية وحماية الانتقال في السودان حتى الوصول لغاياته المنشودة عبر تنظيم انتخابات حرة ونزيهة تكون تعبيراَ صادقاَ عن إرادة وتطلعات الشعب السوداني».
وتابع: «سنعمل على منع أي محاولات لإعاقة مسار العملية الانتقالية من أي جهة» مؤكدا «حرصه وإيمانه بالتحول التحول الديمقراطي والحفاظ عليه، حتى تسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة، فضلاَ عن العمل على بناء سودان أمن ومستقر يعيش بسلام مع جيرانه ومحيطه الإقليمي والدولي، وينعم فيه شعبه بالحرية والعدالة والسلام، على النحو الذي عبرت عنه شعارات ثورة ديسمبر المجيدة».

إصلاح القطاع الأمني

وزاد «نؤكد عزمنا على إصلاح القطاع الأمني وهيكلة الأجهزة الأمنية، والعمل على ضمان قوات مسلحة مهنية تصون الأمن القومي للبلاد من العدوان الخارجي وتحمي خيارات الشعب المعبر عنها دستورياَ، مثلما انحازت إلى تطلعات المواطنين في ثورة ديسمبر، وتتقيد بالقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان».
وأضاف أن «عملية إصلاح القوات المسلحة ودمج مختلف فصائل العملية السلمية هي عملية شديدة التعقيد، لتعدد أطرافها الداخلية، بالإضافة إلى الشركاء الخارجيين، كما أن هنالك جهات لا تزال تنشط خارج العملية السلمية، كفصيل عبد الواحد محمد النور والحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو، وهي أطراف نحرص على إشراكها مستقبلا في ترتيبات الدمج».
وأوضح أن «بنود الوثيقة الدستورية، التي تحكم الشراكة الحالية بين العسكريين والمدنيين، ستجد منا كل الحرص والتمسك ببنودها التي توافق عليها شركاء الانتقال».

تنفيذ اتفاقية جوبا

وزاد: « نؤكد التزام الدولة بتنفيذ بنود اتفاقية جوبا للسلام، سيما تلك المتعلقة بالترتيبات الأمنية» مشيراً إلى «استعداد حكومة الفترة الانتقالية للانخراط الايجابي والبقاء في التفاوض مع الفصائل الأخرى التي لم تلحق بركب العملية السلمية بعد».
وجدد عزم الحكومة على «تعزيز حماية المدنيين في دارفور، لا سيما النساء والأطفال، وبشكل يضمن الكرامة الإنسانية وصيانة الحقوق التي تعهد بها السودان عند انضمامه للاتفاقات الدولية ذات الصلة».
وأضاف: «سنستمر في تنفيذ الخطة الوطنية لحماية المدنيين وتكوين ونشر القوات المشتركة المعنية التي تمثل أحد أهم الأولويات في دارفور، فضلاً عن جمع الأسلحة الصغيرة والخفيفة غير المصرح بها وتنفيذ برامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج» منوهاَ بـ«التحسن التدريجي الذي طرأ على الأوضاع في المنطقة بالرغم من بعض العثرات هنا وهنالك، بسبب تعقيدات الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتأثيرات التغير المناخي على مجمل الإقليم وشح الدعم المالي الدولي لإنفاذ بنود اتفاقية جوبا».
وتعهد بـ«المضي قدماً في وضع وتنفيذ برامج للعدالة الانتقالية والاستفادة من الإرث الدولي والإقليمي في هذا المجال» وزاد: «بما أن العدالة الجنائية هي عنصر مهم للعدالة الانتقالية فقد قمنا بإجراءات مشهودة في هذا الصدد، حيث عززنا التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، ونسعى لمساءلة كل من يثبت اقترافه للجرم في دارفور».

مجلس الوزراء يدعو لتمتين الشراكة بين المدنيين والعسكريين

وأكد «حرص السودان على حماية وتعزيز أوضاع حقوق الإنسان وسيادة حكم القانون» مشيراً إلى «الجهود المتواصلة لمكافحة كل أشكال التمييز على أساس الجنس أو اللون أو المعتقد».
وجدد «التزامه باستكمال هياكل السلطة الانتقالية، بقيام المجلس التشريعي وغيره من المفوضيات والآليات، رغم العقبات التي تقف أمام ذلك، فضلا عن اتخاذ الخطوات اللازمة لوضع دستور للبلاد يتأسس على كفالة الحريات الشخصية والسياسية والاقتصادية، وإعادة السلطة للمجتمع ليقرر في شؤون الحكم وعلاقة الدين بالدولة، وتأسيس نظام إداري يضمن صلاحيات إدارية ومالية وسياسية كبيرة للحكومات المحلية ودورا محدودا للسلطة المركزية يتحدد دستورياً».

تدابير ضرورية

وأشار إلى «الإجراءات الاقتصادية والمالية التي قامت بها الحكومة الانتقالية والتي تمثلت في تحرير سعر الصرف ورفع الدعم عن السلع الأساسية، والسعي لمعالجة ديون السودان الخارجية المتراكمة» مبيناَ أن «هذه التدابير كانت ضرورية ولا بد من القيام بها لإزالة التشوهات الموروثة في هيكل الاقتصاد السوداني، بالرغم من أن وقع هذه التدابير كان قاسيا على المواطنين، إلا أن نتائجها بدأت تثمر».
وإذ أعرب عن «شكره وتقديره للدول التي أسهمت في مؤتمرات الشراكة التي انعقدت بخصوص السودان» قال «نأمل أن تتواصل المساعي من أجل إعفاء الديون والمساهمة في برامج الحماية الاجتماعية التي تهدف لرفع العبء عن كاهل المواطنين الذين تأثروا بالمعالجات الاقتصادية».
وفي تطور نوعي كبير لجهة الأزمة بين طرفي الحكم في السودان، أصدر مجلس الوزراء بيانا يحوي توجيهات عمل الحكومة في الفترة المقبل.
كما دعا إلى «تمتين الشراكة بين المدنيين والعسكريين مع الدعوة لاجتماع عاجل لمجلس الوزراء والسيادة».
وحسب البيان الذي جرى توزيعه للإعلام في وقت مبكر من صباح أمس فقد « أصدر مجلس الوزراء وعملاً بأحكام المادة (16) من الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية لسنة 2019 وبناءً على ما دار في اجتماعه رقم (32) لسنة 2021 نصدر الموجهات الآتية: إدانة المحاولة الانقلابية الفاشلة التي هدفت لتقويض الفترة الانتقالية ومكتسبات ثورة ديسمبر المجيدة، والإشادة بالقوات المسلحة والقوات النظامية لكشفها المبكر لمخطط الانقلاب ودحره».
وشدد على «التحقيق الدقيق في المحاولة الانقلابية للوصول لكافة الجهات المشاركة والإسراع في تقديمهم للعدالة». وأكد على «أهمية وضرورة تحصين الفترة الانتقالية من خلال تقييم الفترة الماضية بشفافية ووضوح وبذل المزيد من الجهد لتوحيد قوي الثورة والحواضن السياسية وتمتين الشراكة بين العسكريين والمدنيين وإكمال مؤسسات الانتقال بما يحقق أهداف الفترة الانتقالية والاستحقاق الدستوري، وعقد اجتماع عاجل لمجلسي الوزراء والسيادة لمناقشة قضايا الوضع الراهن مع ضرورة التعامل الإعلامي الواعي لمواجهة الشائعات والإعلام المضاد في وسائل الإعلام المختلفة».

إصلاح مؤسسات الدولة

ومساء الخميس، تعهد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، خلال اجتماع دولي رفيع في الأمم المتحدة لدعم الانتقال المدني بالسودان، بإصلاح مؤسسات الدولة وعلى رأسها القطاع الأمني والعسكري.
ونظم الاجتماع ورعته دولة النرويج والسكرتير العام للأمم المتحدة، وخاطبه حمدوك، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، فضلا عن وزراء عدد من الدول الأوروبية والعربية ومتحدثين باسم الصين وكندا وروسيا واليابان.
وقدّم رئيس الوزراء خلال خطابه أولويات الحكومة الانتقالية، حيث أكّد على» أهمية توفير الموارد اللازمة لتطبيق اتفاق جوبا لسلام السودان والالتزام بما جاء فيه وفي الوثيقة الدستورية، من حيث إصلاح مؤسسات الدولة، وعلى رأسها القطاع الأمني والعسكري، وتنفيذ بند الترتيبات الأمنية، واستكمال عملية السلام مع الرفاق بالحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو والذي وقعت معه الحكومة اتفاقاً لإعلان المبادئ بداية هذا العام، وحركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور».
وقدم حسب بيان لمكتبه، تلخيصا ‘للإصلاحات الاقتصادية والتشريعية المهمة التي قامت بها الحكومة خلال العامين الماضيين بما يضمن حرية التعبير والفكر والضمير، وضمان سيادة حكم القانون والحوكمة الرشيدة وتعزيز الحريات الأساسية والمصادقة على عدد من الاتفاقيات الدولية المعنية بتعزيز حقوق الإنسان، مقرونةً مع الإصلاحات الاقتصادية القاسية والضرورية كما جاء في برنامج الإصلاح الاقتصادي الوطني والذي بدأ يؤتي نتائجه الإيجابية في استقرار سعر الصرف وانخفاض التضخم لأول مرة منذ عامين وانخفاض العجز التجاري بما يقارب المليار دولار».
وأقر بأن «الطريق مل يزال طويلاً، لكن هذه دلائل تشي بأننا نسير في الاتجاه الصحيح».

تحديات جديدة

وتناول كذلك «التحديات الجديدة التي تواجه السودان في ظل جائحة كورونا على كل المستويات، وكارثة الفيضانات وغيرها، ومع ذلك فإن أمام الحكومة أيضاً عددا من التحديات الداخلية منها إصلاح النظام المصرفي وصولاً للاستفادة من كل فوائد رفع اسم السودان من قوائم الدول الراعية للإرهاب، بالإضافة لإصلاح إيرادات الدولة والمالية العامة».
وكشف رئيس الوزراء عن «نية الحكومة الانضمام لاتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية» مبيناً كذلك أن «الحكومة قامت خلال الفترة الماضية بإصلاح وتعزيز بيئة الاستثمار لتكون مشجعة وجاذبة لرؤوس الأموال لتأتي للبلاد وتستثمر في وضع يكون مفيدا للمستثمر وللحكومة والبلد».
واتفق المتحدثون خلال كلماتهم على «دعم الحكومة الانتقالية التي يقودها مدنيون في مسيرة الانتقال المدني الديمقراطي» حيث «أدانوا واستنكروا بأشد العبارات المحاولة الانقلابية الفاشلة والتي كان الهدف منها إعادة الساعة للوراء، ولكن أجمع المتحدثون أن إرادة الشعب السوداني أثبتت مرة أخرى أنها مصممة للوصول بالبلد لديمقراطية كاملة».
أيضاً عبّر المتحدثون عن «دعمهم للحكومة الانتقالية الصارم في مسيرة الإصلاح الشامل التي تعمل فيها من حيث الاقتصاد أو مؤسسات الدولة المختلفة بما يُحسِّن مستوى الخدمات التي تُقدّم للمواطنين، وأيضاً عبروا عن دعمهم للسودان في تطبيق والالتزام بجميع بنود اتفاق جوبا لسلام السودان، داعين الأطراف خارج اتفاق السلام الحالي للانضمام لعملية السلام، كما عبروا عن دعمهم لمبادرة رئيس الوزراء (الأزمة الوطنية وقضايا الانتقال ـ الطريق إلى الأمام)».
وحثّ عدد من الأطراف الدولية على «ضرورة الإسراع في تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي بما يمثله من ضمانة لتوسيع قاعدة الانتقال المدني الديمقراطي، وبما يمثله من عامل إضافي لإنجاح التحول المدني الديمقراطي، وبقية مؤسسات الفترة الانتقالية حسب ما ورد في الوثيقة الدستورية واتفاقية جوبا لسلام السودان، وصولاً لانتخابات حرة ونزيهة».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية